الإثنين 6 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إسرائيل·· من دير ياسين إلى التطبيع المجاني

14 ابريل 2007 02:30
أحمد خضر: منذ أن صعدت الولايات المتحدة الأميركية كأقوى دولة في العالم، وبدأت تفرض نفسها كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط والعالم أجمع مع نهاية الحرب العالمية الثانية، أخذت إسرائيل تبحث لها عن حليف قوي، وهو الولايات المتحدة تحديداً من أجل حمايتها، مقابل الخدمات التي تقدمها لهذا الحليف لتأمين مصالحه الاستراتيجية في المنطقة، وقد نجحت إسرائيل في ذلك، بمعنى أن احتضان إسرائيل ومساندتها، واعتبارها الحليف الاستراتيجي ظل من مسلمات السياسة الأميركية، وهذه السياسة، ليست قضية حزبية، أو تصاغ في تل أبيب، ولكنها قضية مصالح استراتيجية ومنطلقات كبرى تستند إلى مرتكزات ثابتة في بلد هو الأقوى في عالم اليوم، حيث تتحكم فيه العديد من مراكز القوى الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والسياسية المختلفة، التي تضمن مصلحة أميركا وتشكل محصلتها في النهاية السياسة الخارجية بعيداً عن كل أشكال التشابك الانتخابي، أو العرض الشخصاني للعملية الديمقراطية، ذلك أن الإطار المشترك الذي يجمع كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري هو البرجماتية، أو المصالح العليا للولايات المتحدة، ولذلك قد ينجم الخلاف بينهما في حدود اللعبة الديمقراطية من أجل الحفاظ على تلك السياسات، أو تطويرها، وليس تجاوزها أو الانقلاب عليها وتغييرها، باعتبار أن أميركا دولة مؤسسات، ومن أكبر الديمقراطيات في العالم· المصالح الأميركية إن السياسة الأميركية في منطقتنا العربية تتمحور حول ثلاث مصالح استراتيجية هي المحافظة على أمن إسرائيل، والمحافظة على تدفق النفط، وتأمين الأسواق للشركات والبضائع الأميركية، وهذه السياسة برمتها تستند على قاعدة تحقيق هذه الإنجازات بغض النظر عن الأساليب أو الوسائل التي تستخدم في سبيل ذلك سياسية كانت أم عسكرية، فعلى الصعيد السياسي على سبيل المثال فإن أميركا لا تتورع في استخدام حق النقض (الفيتو) في وجه أي قرار يدين إسرائيل، كما أن واشنطن على استعداد لاستخدام القوة العسكرية لتأمين مصالحها، والإبقاء على الجوائز السياسية الكبرى في المنطقة، حتى لو جوبهت بمعارضة معظم دول العالم· الأثرياء وعشاق الكرة وكما هو معروف فإن الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه بوش يمثل المحافظين وطبقة الأثرياء وعشاق الكرة والكاوبوي، وهؤلاء يطمحون لأن يزيدوا ثراء وقوة على حساب الطبقة الوسطى والفقراء، لذا فإن بوش يركز دائماً على إقناع الشعب الأميركي الذي ينتمي إلى مختلف الشرائح الاجتماعية بأن العديد من الإنجازات قد تحققت عبر احتلال العراق ومنها: 1ـ توجه بعض الأنظمة لإحداث نوع من الإصلاحات الديمقراطية، بعد أن وجه لها سهام النقد· 2ـ قبول الجانب العراقي بالمزيد من التنازلات لصالح الشركات الأميركية، الذي أصبح حكراً على هذه الشركات، أو الدول الأخرى الصديقة· 3 ـ محاربة الإرهاب في قواعده تحت شعار المحافظة على أمن الولايات المتحدة ومصالحها· 4 ـ سقوط نظام صدام حسين، وتخلي ليبيا عن برنامجها النووي· أما الأهداف الموجودة على أجندة الرئيس بوش، والتي تعبر عنها وزيرة خارجيته الجديدة ''كوندوليزا رايس'' فيما يخص منطقة الشرق الأوسط، فإنها تتمثل في إيجاد نوع من السلام يقوم على أساس دولتين، والذي ترى رايس بوجود فرصة لتحقيقه، يؤدي إلى إنهاء المقاطعة العربية ضد إسرائيل، وبالتالي تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، حيث طرح بوش خارطة الطريق، والتي تتضمن أول مناداة من قبل رئيس أميركي بدولة للفلسطينيين إلى جانب إسرائيل بحلول عام ،2005 تطورت فيما بعد إلى تواريخ جديدة، وهي بالمناسبة غير واردة ما دامت إسرائيل لا تعترف بالحق المشروع للفلسطينيين، وتصر على سياسة العصا الغليظة لإجبارهم على الاستسلام، والقبول بكيان هزيل حسب المقاييس الإسرائيلية، يرسمه جدار الفصل العنصري وهو ما يرفضه الفلسطينيون· ورغم وجود بعض الاختراقات عند بعض الدول العربية من خلال إقامة قنوات حوار مع الإسرائيليين، وإيجاد أشكال من التطبيع والعلاقات السياسية والاقتصادية قبل تحقيق السلام الشامل، فإن ما ينبغي على الجانب العربي التمسك به دائماً هو أن القضية الفلسطينية هي أساس النزاع العربي ـ الإسرائيلي، ولابد من معالجة هذه القضية وإيجاد حل عادل لها كي يتسنى تحقيق السلام الشامل وفق المبادرة العربية للسلام· الابن المدلل ويتضح من خلال السياسة الإسرائيلية أن الزعماء الإسرائيليين يسعون عملياً إلى المناورة، والإبقاء على الأزمة وتحميل مسؤولية عدم حلها للفلسطينيين، وإسرائيل تقوم على تثبيت الوضع الراهن تحت عنوان تسوية ما يعطلها الفلسطينيون بسبب حركة حماس، وهذه الأكذوبة صدقها الغرب سواء في أوروبا أو أميركا، وهو ما يعني عملياً تحطيم أي أمل في الحل والسلام العادل والشامل، هذا السلام الذي يتناسب مع التوجهات العربية الذي تعتبره خياراً استراتيجياً، وليس بالشروط والإملاءات الإسرائيلية· ذلك أن مواجهة مشاكل الأمة يكون بموقف نابع من القناعات والمصلحة العربية، ومن المؤسف أنه انتعشت في الفترة الأخيرة الأحزاب والتيارات الانفصالية التي تعلن عن نفسها في أكثر من مكان فوق الأرض العربية أنها من أصول غير عربية، بل إن التدخلات الأجنبية تدفع إلى شرذمة القطر العربي الواحد، وتجزئته، بعد إذكاء الطائفية، أو القومية· الربح والخسارة إن إسرائيل تسعى إلى مضاعفة مكاسبها إلى حدها الأقصى كلما شعرت أن العرب جادون في البحث عن السلام، من أجل التطبيع المجاني واستلاب الأرض، وبالتالي محاربة أية محاولات للاعتراف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وسرقة القدس كقضية سيادية والإبقاء على التفوق الإسرائيلي النوعي في الشرق الأوسط· وهكذا فإن قانون الربح والخسارة هو الذي يحكم السياسة الإسرائيلية، تحت شعار ميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة)، لذا لا عجب إذا كان سلوك إسرائيل وطابعها هو الإجرام منذ عام ،1948 أو كان زعماء العصابات مثل الهاغانا، وشتيرن، والذين قاموا بتأسيس إسرائيل أكبر الإرهابيين في التاريخ أمثال بن غوريون، وشامير، وبيغن الذي ارتكب مذبحة دير ياسين التي تمر ذكراها الستون هذه الأيام، وتلاميذهم ارتكبوا مجزرة جنين وجنوب لبنان والمجازر اليومية في الضفة الغربية وغزة· لكن هل تستسلم الشعوب لقدرها حيث تتقاذفها الريح كأنها كرة من المطاط ؟ وهل تؤدي المصافحة الحارة بين المعتدي والمعتدى عليه إلى أن يتحرر الضمير المثقل بالجرائم والأحقاد من عقده النفسية والتاريخية، ويعترف بجزء ولو يسير من الحق ويعيده إلى أصحابه من أجل أن يسود السلام، وتتحقق الأهداف المنشودة بوضع حد لسفك الدماء ؟ إنها لحظة مبكية مضحكة معاً، حيث تتعالى إسرائيل عن الحديث مع الفلسطينيين تحت شروط أو هى من خيط العنكبوت، والهدف واضح بطبيعة الحال وهو التهرب من استحقاقات السلام، فليس كل ما يلمع ذهباً، إذ أن إسرائيل التي صورت نفسها على أنها واحة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، أصبحت أكبر خطر يهدد السلام· رصاصات قاتلة إسرائيل التي مات رئيس وزرائها رابين برصاصات قاتلة من المستوطنين، وجاء بعده باراك الذي كان يعد الفلسطينيين بدولة وبتحقيق السلام معهم لم يتمكن من ذلك لأن هذه هي عقلية اليهودي الانتهازية الخرافية المنغلقة المتعصبة، وكذلك شارون ونتنياهو وشامير وأولمرت، أي أن حزب العمل والليكود لم يكونا على استعداد للقبول بالحلول الوسط مع الفلسطينيين، بقدر ما أثخنا بنادقهم ودباباتهم وطائراتهم في جراح الفلسطينيين، وأذاقوهم الموت والعذاب، وهدموا بيوتهم واقتلعوا مزارعهم، وما زالت إسرائيل التي تحتجز الشعب الفلسطيني في السجون وخلف الجدار العازل تصور نفسها على أنها داعية سلام، وأم رؤوم للفلسطينيين الذين تقدم لبعضهم قطعة شيكولاتة مسمومة وهي تحتفل بتحقيق الحلم الصهيوني في السيطرة على فلسطين فيما تعاقب الآخرين بإطلاق الرصاص·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©