السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الأميركية... انتصار الصوت اللاتيني

11 نوفمبر 2012
شكل إعادة انتخاب أوباما رئيساً لولاية ثانية نصراً كبيراً للأميركيين من أصول لاتينية، وهو نصر سيؤثر مستقبلاً على الانتخابات الرئاسية الأميركية ويغير من حساباتها، فالهامش الكبير من أصوات الناخبين اللاتين الذي أحرزه أوباما في الانتخابات الأخيرة بنسبة 71 في المئة مقابل 27 في المئة لرومني يعني أنه لن يكون بمقدور مرشح للرئاسة الأميركية أن يدير ظهره لصوت الناخبين من أصول لاتينية في المستقبل، أو تبني أجندة لا تحظى بالشعبية في أوساطهم كما فعل ذلك المرشح الجمهوري ميت رومني خلال حملته الانتخابية. أما رومني فسيدخل التاريخ باعتباره المرشح الرئاسي الذي حصل على النسبة الأقل من أصوات اللاتين في الانتخابات الأميركية خلال السنوات الأخيرة، فحسب استطلاعات الرأي التي أجريت عقب إدلاء الناخبين بأصواتهم حصل رومني على 27 في المئة من أصوات اللاتين وهو أقل مما حصل عليه بوش الإبن الذي نال في انتخابات 2000 نسبة 35 في المئة من أصواتهم، أو تلك التي حصل عليها في ولايته الثانية في حدود 40 في المئة، بل حتى نسبة أصوات المرشح “الجمهوري” جون ماكين في انتخابات 2008 التي وصلت نسبتها إلى 31 في المئة من أصوات اللاتين. والحقيقة أن الأداء الكارثي لـ”رومني” مع الصوت اللاتيني والتي يمكن اعتبارها أحد العوامل الحاسمة في هزيمته ليس غريباً، فسواء تعلق الأمر بقضايا الهجرة، أو الرعاية الصحية، أو الضرائب، أو التعليم، أو حتى مراقبة الأسلحة النارية انحاز رومني كلياً إلى معسكر اليمين المتطرف داخل الحزب “الجمهوري”، بمن فيهم أصحاب المواقف والآراء العنصرية والمناهضة للمهاجرين. ومع أن الهجرة لم تتصدر اهتمامات اللاتين كغيرهم من الأميركيين، إلا أنها اكتست أهمية كبيرة، فالعديد من الأميركيين من أصول لاتينية يعرفون في حياتهم اليومية مهاجرين غير قانونيين يعملون بجد ويكدون لإعالة أسرهم، لذا عندما أيد رومني القانون الذي سنته ولاية أريزونا القاضي بتوقيف المهاجرين المحتملين وتفتيشهم أعرب الأميركيون من أصول لاتينية عن تخوفهم من أن يتعرضوا للمضايقات بصرف النظر عن سلامة أوراقهم، ولم تكن سياسات رومني المنحازة لليمين هي فقط من أغضب اللاتين، بل كانت أيضاً نبرته المتعالية وإحالاته المتكررة على “الأغراب غير الشرعيين”، لا سيما خلال الانتخابات التمهيدية للحزب “الجمهوري”، وهو ما ترك مرارة واضحة في نفوس الناخبين من أصول لاتينية. فقد اعتقد رومني أنه قادر على كسب الانتخابات دون الصوت اللاتيني، بحيث اعتمدت حملته الانتخابية في حساباتها على أن الاقتصاد دخل مرحلة من التدهور ستجند أصوات الناخبين البيض لصالح رومني كما عولت الحملة على مشاركة ضعيفة للناخبين من أصول لاتينية، وهي العوامل التي اعتقد استراتيجيو حملة رومني كفيلة بضمان فوزه في الانتخابات. لكن هذه الاستراتيجية أثبتت خطأها، فالاقتصاد لم يسوء بالدرجة التي توقعها “الجمهوريون”، كما أن اللاتين توجهوا بكثافة إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، وفي هذا السياق قال “سيرجيو بينديكسن” المهتم بأصوات اللاتين إن نسبتهم من إجمالي الناخبين الأميركيين وصلت إلى 10 في المئة، مسجلة بذلك رقماً قياسياً مقارنة بالانتخابات السابقة. ولا ننس أن هذه النسبة مرشحة للتصاعد في السنوات المقبلة إذا ما أُقر قانون جديد للهجرة، فضلاً عن استمرار تدفق المهاجرين الشرعيين واحتمال ضم بورتوريكو كولاية أميركية يحق لمواطنيها المشاركة في الانتخابات الأميركية، والأكثر من ذلك أن الانتخابات الأخيرة لم تكتف بتأكيد دور صوت الناخب اللاتيني في ولايات حاسمة مثل فلوريدا وكلورادو ونيفادا، بل أيضاً عززت حضوره داخل الكونجرس بعدما صعد عدد الأعضاء اللاتين من 24 إلى 28 عضواً في مجلس النواب، ومن عضوين إلى ثلاثة في مجلس الشيوخ، وهو ما عبر عنه “جاري سيجورا”، مدير أحد مراكز استطلاعات الرأي قائلاً “نحن أمام لحظة مفصلية في الانتخابات الأميركية، إذ إنها المرة الأولى التي يكتسب فيها الصوت اللاتيني صفة الحسم”. والخلاصة أن أوباما ظفر بنسبة كبيرة من أصوات اللاتين لأن رومني انحرف كثيراً ناحية اليمين المتشدد وتبنى مواقفهم في أغلب القضايا التي تهم الأميركيين من أصول إسبانية. لذا يتعين على الحزب الجمهوري استخلاص الدرس من الانتخابات الأخيرة والانتقال إلى الوسط، وإلا سيقول وداعاً للبيت الأبيض لسنوات طويلة، فببلوغ 50 ألف لاتيني سن التصويت المتمثل في 18 سنة كل شهر تحول الناخبين من أصول لاتينية إلى قوة سياسية معتبرة في الانتخابات الأميركية يتعين الانتباه إليها. وسواء استمر اللاتين على وفائهم للحزب الديمقراطي، أو وزعوا أصواتهم على الحزبين فقد دشنوا في الانتخابات الأخيرة دخولهم الوازن للساحة السياسية الأميركية، وربما تكون انتخابات 2012 آخر استحقاقات رئاسية يدير فيها حزب من الأحزاب ظهره للصوت اللاتيني، أو يرفض فيها منظمو الحملات الانتخابية تعيين صحفي لاتيني لإيصال رسالة الرئيس إلى الأميركيين من أصول لاتينية. وأخيراً يبدو أن العملاق اللاتيني الذي اعتقد البعض أنه في حالة سبات دائمة قد انتفض لتوه، وهو ما سيفيد اللاتين وأميركا اللاتينية كما الولايات المتحدة. أندريه أوبنهايمر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©