الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما... استراتيجيات الفوز برئاسة ثانية

أوباما... استراتيجيات الفوز برئاسة ثانية
8 نوفمبر 2012
في مستهل فصل الربيع الماضي، واجه موظفو حملة أوباما الانتخابية في شيكاغو سؤالاً جوهرياً سيكون له أثر كبير في تحديد مصير الرئاسة كان هو: كيف نقود الحملة ضد رومني؟ وكان الخيار الذي نوقش خلال المكالمات التي جرت أحياناً بين البيت الأبيض في واشنطن ومقر الحملة في شيكاغو هو ما إذا كان يتعين شن حملة ضد رومني باعتباره متقلباً في مواقفه- لا سيما وأنه الحاكم الوسطي السابق لولاية ماساتشوستس الذي انقلب إلى محافظ لكسب تزكية حزبه- أو توظيف مشواره المهني كصاحب شركة "بين كابتال" لإظهاره كمدافع عن المحظوظين والأغنياء على حساب الطبقة الوسطى الأميركية، وهو ما عبر عنه المسؤول البارز في البيت الأبيض خلال المناقشات قائلاً: "كانت الفكرة الأهم التي راودتنا هي استغلال مسألة من يتفهم أكثر مشاكل الأميركيين لأنها تصب في مصلحة أوباما". لكن الخيار سرعان ما تم اتخاذه لتتحول الحملة الانتخابية التي برزت ذات مرة كعنوان للأمل والتغيير في الولاية الانتخابية الأولى لأوباما إلى هجمة إعلانية متواصلة، صورت "رومني" كمدير شركة لا قلب له، وكرجل مستعد لتسريح الموظفين ولا يعرف حتى كيف يحيا الأميركي العادي حياته، وهي المقاربة التي عززتها أخطاء رومني نفسه خلال الحملة الانتخابية. وفيما بدأت حملة أوباما العمل مبكراً بالتركيز على صيف 2012 ورهانها على تحديد مسار السباق وفرض نبرته، فضل المسؤولون البارزون في حملة رومني، التي اتخذت من بوسطن مقراً لها، الاحتفاظ بأموال الحملة حتى الشوط الأخير الذي بدأ في الخريف الماضي، معتقدة أنه الوقت الأمثل الذي سيهتم فيه الناخبون بالحملة وأن اهتمام الأميركيين بمشكلة البطالة سيقنعهم بضرورة التغيير. لكن ما أن انطلقت الحملة واشتدت الهجمات حتى بدأ معسكر رومني يشعر بالقلق، هذا القلق عكسته تصريحات زوجة رومني "آن" التي كانت كلما شعرت بالتوجس قدمت إلى "إيرك فيهرنستروم"، المستشار البارز لرومني وسألته على حد قوله "ماذا يجب علينا القيام به وكيف نعالج الأمر". وفي حين أرادت عائلة "رومني" إبراز الجانب الإيجابي لحياة المرشح والحديث عن قصة نجاحه الحقيقة، كان رأي المستشارين أن الوقت لم يحن بعد لذلك وبأنه سيتم التطرق لتلك الجوانب خلال المناظرات المباشرة مع أوباما. وفي تقييم الحملة الانتخابية التي قادها "رومني" يؤكد أحد مستشاريه قائلاً "لو قُدر لنا اليوم العودة قليلاً إلى الوراء وتغيير بعض الأمور لقمنا بصرف أموال أكثر على الحملة ولدافعنا عن رومني بشراسة أكبر ودحضنا فكرة الرجل الثري التي استُخدمت ضده، ولقمنا بحملات مضادة للرد على موضوع الضرائب وشركة "بين كابتال"، لقد كنا نعرف بأن هذه الانتقادات ستكون حاسمة، وكان علينا نشر إعلانات إيجابية لتعزيز حظوظه". وفي محاولة منا لمعرفة كيف فاز أوباما في الانتخابات الحالية أجرينا العشرات من اللقاءات الصحفية مع مستشارين في الحملتين والقيمين عليهما من الجانبين، بحيث بدا واضحاً أن قرار أوباما التركيز على رومني وشن هجوم مبكر عليه، ساهم في تشديد نبرة الحملة الانتخابية التي كلفت ملايين الدولارات، لكن من العناصر الأساسية التي ضمنت له النجاح كان العمل الدؤوب لأعضاء حملته، وبالأخص ما حققوه ليس خلال السنة الجارية، بل العمل الذي انطلق في العام الماضي من خلال إحياء وتوسيع تنظميات ميدانية ظلت طيلة رئاسة أوباما في حالة سكون. ولعل المشاركة الكثيفة للأميركيين من أصول أفريقية واللاتين والنساء والناخبين الشباب في الولايات المتأرجحة خصوصاً يؤكد نجاح العمل الميداني المتميز والمبكر الذي قادته حملة أوباما. كما أن أوباما الذي كان يعاني من تبعات اقتصاد متدهور احتاج إلى مساعدة قدمها له في الكثير من الأحيان رومني نفسه بفضل الأخطاء والهفوات التي وقع فيها، فقد كانت الإدانة الفجة التي وجهها المرشح "الجمهوري" للأميركيين الذين لا يدفعون ضرائبهم على الدخل لمحدوديته أصلاً، وتسرعه في انتقاد البيت الأبيض بعد ارتفاع مفاجئ للعنف ضد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، ثم اختياره لنائب أثار الكثير من التوتر والجدل في الحملة الانتخابية، دور سلبي في النيل من حظوظ رومني على حساب غريمه أوباما خلال السباق الانتخابي. هذا وقد نجح أوباما أيضاً في ظل أجواء من الشعبوية طغت على الحملة الانتخابية في إظهار رومني وكأنه جزء من المشكلة الاقتصادية، وهو الأمر الذي لاقى صدى له في ولايات الغرب الأوسط مثل أوهايو التي لم تنسَ معارضة رومني لخطة إنقاذ صناعة السيارات في الولاية، فيما كان أوباما أحد المدافعين عنها. وبالمقارنة مع الحملة الانتخابية التي قادها أوباما عام 2008 بمواردها المالية الكبيرة وخطابها الملهم حول التغيير والأمل، اقتصرت الحملة الحالية على توجيه النقد لرومني معتمدة على تقنيات التسويق أكثر من مهاراته الخطابية، فقد ولت تلك الفترة التي كان فيها أوباما يلقي خطابات عصماء تهز الناخبين قبل سنوات ليركز في حملته الانتخابية على غريمه رومني، راصداً نقاط الضعف ومواطن الخلل. كما أن حملته اعتمدت على بيانات الناخبين لتوجيه رسائل موجهة إلى الشريحة القابلة للاقتناع منهم من خلال البريد الإلكتروني والزيارات المنزلية، ويبقى أهم ما ميز حملة أوباما وساهمت في نجاحه الحالي هو البداية المبكرة، فحتى قبل أن يعلن رسمياً عن اسم رومني كمرشح نهائي للحزب الجمهوري كانت حملة أوباما منهمكة في رسم الاستراتيجيات وتمهيد الطريق أمام الرئيس للظفر بولاية ثانية. وهكذا ومنذ يناير 2011، أي قبل عامين تقريباً على مواجهة أوباما للناخبين، انتقل كبير مستشاري الرئيس ديفيد أكسيلورد، ومدير الحملة جيم مسينا وباقي أعضاء الحملة من البيت الأبيض إلى شيكاغو لعزل أنفسهم تماماً مما سموه تندراً "بطبقة النميمة في واشنطن"، فقد كانت العاصمة تعج بالجمهوريين الذين فازوا بأغلبية مقاعد مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي لسنة 2010، هذا بالإضافة إلى عوائق أخرى أهمها الوضع الاقتصادي غير المريح وارتفاع نسبة البطالة بنقطتين مقارنة بما كانت عليه قبل وصول أوباما إلى البيت الأبيض. غير أن ما كان يقلق أكثر حملة أوباما هي الأموال الكثيرة المتدفقة على رومني بعدما استطاع حشد تأييد قطاعات واسعة من أصحاب المصالح أبدت استعداداً كبيراً لتمويل حملته والإنفاق عليها بسخاء لإسقاط الرئيس، وهو بالفعل ما أعلنته إحدى الشركات عندما أكدت تخصيصها لحوالي 300 مليون دولار لرومني. إلا أن الأمر غير المفهوم هو أن شيئاً من هذه الأموال لم يظهر أثره على الأرض حتى 2011، فالهجوم الذي انتظرته حملة أوباما بتهيب كبير ظل غائباً ليعطي الحملة في شيكاغو الوقت والموارد الكافيين لتنظيم الصفوف قبل عام على بدء السباق الانتخابي، وبدون الحاجة للرد على هجوم مفترض من رومني لم يحدث قط ركزت حملة أوباما على أمور التنظيم والاستعداد، هذا الانتظار غير المبرر عبر عنه بنفس نبرة الاستغراب أحد كبار المسؤولين في حملة أوباما قائلاً "إن أحد الألغاز الكبرى هي لماذا انتظروا كل هذا الوقت". وفي المقابل انخرطت حملة أوباما في عملية إنفاق واسعة وصلت في 2011 إلى 126 مليون دولار لتتجاوز ما أنفقه رومني بثلاث مرات خلال السنة نفسها، بحيث فتحت الحملة مكاتب ميدانية لها في الولايات المختلفة وشرعت في مجهود تواصلي كبير في الولايات المتأرجحة، كما أغنت قاعدة البيانات المتعلقة بالناخبين بمدها بمعلومات إضافية لم تكن موجودة في الانتخابات السابقة. سكوت ويلسون وفيليب راكر محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©