الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المطوع: الوعي العربي في دائرة من الأزمات تتكرر كل قرن

المطوع: الوعي العربي في دائرة من الأزمات تتكرر كل قرن
16 نوفمبر 2013 23:43
محمد وردي (دبي) ـ من الطبيعي أن يتبادر إلى الذهن، السؤال حول موجبات استعادة المنجز الفكري والأدبي، لعميد الأدب العربي الراحل طه حسين، الذي أحيت «مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية»، أربعينية رحيله بندوة موسعة، على مدى يومين، عقدت خلالهما أربع جلسات، شارك فيها كوكبة من الكتاب والباحثين الأكاديميين العرب، استقراء وإضاءة لإرث عميد الأدب العربي الراحل. فضلا عن إصدار المؤسسة كتاباً بعنوان «طه حسين في مرايا جديدة»، يضم مقالات نشرها العميد في مجلة «الحديث»، التي كانت تصدر في حلب السورية في النصف الأول من القرن الماضي، جمعها وأعدها وقدم لها الدكتور محمد شاهين. ولا تكتمل الإجابة، من دون الإطلالة على توجهات الحاضنة الثقافية الأبرز، لحركة التنوير العربي في اللحظة الراهنة، من خلال رعايتها للثقافة وأهلها، فقصدنا الدكتور محمد عبدالله المطوع الأمين العام لمؤسسة العويس الثقافية، فسألناه عن مبررات استعادة فكر وأدب طه حسين في هذه المرحلة؟ فقال: «إن الاحتفاء برائد من رواد الثقافة العربية المعاصرة، هو من صميم مهمة المؤسسة التنويرية، التي أقامها سلطان بن علي العويس لرعاية ودعم رموز التنوير في العالم العربي هذا بداية. أما بالمعنى الثقافي البحت، فذلك لأن أعمال طه حسين شكلت ولاتزال علامات مضيئة في مسيرة الثقافة العربية الراهنة، من خلال ملامسته لب المشكلات في الوعي العربي، سواء أكان ذلك بطروحاته الفكرية، أم من خلال إثارته للأسئلة الكبرى، المرتبطة بالموروث الثقافي، بمفهوم معاصر، وأسلوب نقدي أكاديمي، ينطوي على رؤى فلسفية ومعرفية فذة، وجرأة غير عادية. فالأديب الراحل رغم كل مايثيره إنتاجه الأدبي والفكري من سجالات، يبقى أحد المشاعل التي تضيء الطريق نحو التحرر من التخلف، والعمل على إعادة النهضة من جديد، ومحاربة كل الأفكار الظلامية غير العلمية في هذا الوقت. وعلاوة على ذلك نعتقد أن إبداعات طه حسين أهملت كثيراً، ولم تأخذ حقها من النقد والتقييم من جهة، ومن جهة أخرى تأتي الاحتفائية بطه حسين، في سياق مأتم حزين نرثي به حالنا، بسبب ما وصلنا إليه من ترد ثقافي وحضاري على العموم». دورة الأزمات وعن مصير مشروع الحداثة العربية، الذي ينتمي إليه طه حسين يقول الدكتور المطوع «إن حال مشروع الحداثة العربية كما يحدث لدى كافة الشعوب في مراحل الانحطاط، حيث تتعثر المعرفة الإنسانية ببعدها الحداثي، أو تواجه أزمات ثقافية حادة، لأسباب متعددة. فيبدو لي أن الثقافة العربية منذ قرون عدة، تواجه ما يمكن أن أسميه «دورة الأزمات»، التي تتكرر كل مائة عام تقريباً، وتكون هناك محاولات جادة للخروج منها، كما فعل رواد النهضة. ولكن إذا قَدَّرَ الرواد في مطالع القرن الماضي أن المسافة التي تفصل المجتمعات العربية عن العالم المتقدم بمسيرة ثلاثمائة عام، بالقياس على حركة التطور العلمي في ذلك الوقت، فما بالك بالمسافة التي تفصلنا عن حركة التقدم اليوم، حيث العلوم والتطور الصناعي والتقني يتلاحق ساعة بعد ساعة، بل قل دقيقة إثر أخرى؟». ويلاحظ المطوع أن النخب العربية قد تختلف بتشخيص الأسباب أو المعيقات، ولكنه يعرب عن اعتقاده بأن الانقلابات العسكرية التي حدثت في الخمسينيات الماضية، أجهضت مساعي التنوير، وتسببت بجميع الإخفاقات على كل المستويات التنموية ثقافياً واجتماعياً وصناعياً وسياسياً. واعتبر المطوع «أن البيان رقم واحد، كان وبالاً حقيقياً، على معظم المجتمعات العربية، سواء في العراق وسوريا ومصر، أو الجزائر وتونس وليبيا والسودان واليمن. حيث عانى الناس كثيراً في جميع هذه البلدان، مع احترامنا وتقديرنا الكبيرين لبعض الشخصيات الانقلابية، مثل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي لم يدرك حقيقة أو كيفية التطور الحقيقي إلا بعد نكسة يونيو/ حزيران عام 1967، ولكن أجله انتهى بعد ذلك مباشرة، سواء بفعل فاعل، أو قضاء وقدراً، ما حال دون اختباز إدراكه لمفهوم المشروع الحداثي، الذي وعاه متأخراً خمسة عشر عاماً بعد تسلمه السلطة». وبرأي المطوع أن التاريخ حسم مسألة فشل الثورات بالتغيير ليس في العالم العربي وحده، وإنما في العالم أجمع، وأهم النماذج على ذلك، السقوط المدوي للاتحاد السوفييتي السابق. أما الثورات التي لاتزال صامدة مثل كوبا، فحالها يرثى له بكل المقاييس التنموية أو الحداثية. مقابل ذلك تحققت بعض النتائج الإيجابية، في البلدان التي قامت بالتغيير من خلال تطوير البنية التحتية، أو عبر الاقتصاد والتعليم والصحة وشق الطرقات والجسور، أي تسهيل حياة الناس وتحقيق الرفاهية، وإن بنسب متفاوتة. الجميع مستهلكون وعن رأيه في دور العرب بما يجري في العالم بالمعنى الحضاري الراهن، يبدي المطوع أسفه «لأن المجتمعات العربية في الوقت الراهن ليس لها أدنى تأثير في الحراك الحضاري، والجميع يتوقفون عند حدود الاستهلاك فقط، رغم المخزون الهائل على كل المستويات لتحقيق النهضة بأسرع ما يمكن». ذلك أن العالم العربي، حسب المطوع، ينام على ثروات مالية خرافية في البنوك الأجنبية، فضلاً عن الاحتياطيات الهائلة من النفط والغاز والمعادن الحيوية، بالإضافة إلى العقول الخلاقة، التي تطاردها النظم القمعية، بأساليب ما أنزل الله بها من سلطان، وتدفعها إلى الهجرة قسراً، فتبدع للآخر، وتنمو وتكبر عطاءاتها في ميدانه الحضاري بحرية وكرامة إنسانية مفقودة في بلادنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©