الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديوان شعري

ديوان شعري
15 نوفمبر 2013 20:53
انتهت طباعة ديوان شعري الأول. خرج من المطبعة بورق صقيل جميل، وله رائحة مسكرة هي رائحة الحبر والورق معاً. رحت أتصفحه منبهراً بكلماتي وقد بدت لي بعد طباعتها عبقرية منتقاة.. كانت تبدو لي كلاماً فارغاً عندما كانت بخط اليد، أما اليوم فهي تنتمي لعالم الكتاب الرسميين الذين كنت أقرأ لهم في الماضي.... كتبت قائمة بالأشخاص الذين أريد أن أهديهم هذا الديوان. أول شخص هو عزة حبيبتي التي ألهمتني بهذا الديوان. ثاني شخص هو فتكات حبيبتي التي ألهمتني بالكثير من هذا الديوان. ثالث شخص هو زيزي حبيبتي التي لولاها لما كتبت هذا الديوان. رابع شخص هو ميّ حبيبتي التي ساعدتني على كتابة هذا الديوان. تذكرت الشاب الأميركي الذي ابتاع عشرين خاتماً وحفر على كل خاتم «إلى الفتاة الوحيدة التي أحبها». هناك كذلك أستاذي في المدرسة الثانوية.. هناك جاري الذي ظن أنني لن أحقق شيئاً.. هناك صديقي الذي قال إنني جاهل وأحمق.. هناك أختي.. هناك الناقد الأدبي الذي اتهمني بأنني أكتب الشعر في الحمام. هناك البقال الذي لم ادفع له الحساب منذ فترة ويمكن أن يسدد ثمن الديوان بعض هذا المال. هكذا قمت بتوزيع الديوان في فخر على كل هؤلاء... بعد فترة لم يتصل بي أحد ولم يهنئني أحد فبدأت أشعر بالقلق. زرت أستاذي في المدرسة الثانوية فقابلني ابنه الصغير على السلم.. كان يطير طائرات ورقية مصنوعة من ورق صقيل جميل. بدا لي هذا الورق مألوفاً. قال لي الأستاذ إن الوقت لم يتسع لقراءة الديوان لكنه سيخبرني برأيه حتماً... زرت جاري فهنأني على الديوان الجميل، وإن لاحظت أنه يأكل اللب في قراطيس ورقية صنعها بنفسه.. قراطيس صقيلة لها منظر مألوف. زرت صديقي فقال إنه يعتذر لأنه حسبني جاهلاً.. الديوان رائع... لاحظت أن لديه مقعداً غير متزن، وقد وضع كتيباً تحت رجل المقعد حتى لا يرقص به وهو يجلس. أما عن أختي فقد زرتها لأعرف رأيها. كانت هنالك في المطبخ «تقلي البطاطس»، وقد أقسمت لي أنها بكت كثيراً لما قرأت قصائدي الرائعة.. هنا دوى صوت طش شششش!. ثم رفعت من مقلاة الزيت حفنة أخرى من البطاطس ووضعتها على الورق.. لم يكن عندها ورق يتشرب الزيت في المطبخ لذا استعملت هذه الأوراق المألوفة. دعتني لأكل البطاطس لكني قلت لها إنني لا أحب البطاطس المشبعة بالزيت.. الورق المصقول لا يتشرب الزيت كما ينبغي. عند بيت حبيبتي مي، وجدت بائع الفلافل تحت البيت يلف للأطفال ما يريدون من فلافل في قراطيس مصقولة ممتازة.. ابتعت منه بعض الفلافل وأبديت إعجابي بهذه القراطيس المتينة فدعا للمؤلف والناشر بطول العمر.. مشيت مع زيزي على الكورنيش أبثها حبي وأحكي لها عن أحلامي.. ككل أنثى تجعلها الكلمات العاطفية تتحرق شوقاً لبعض الترمس. ذهبت لبائع الترمس فوضع لي كمية محترمة في قرطاس مصقول أنيق وعصر عليه بعض الليمون.. كل القراطيس تبدو متشابهة هذه الأيام ولا أعرف السبب. أما عن مي فهي تحب البطاطا.. تعرف هذه البطاطا الحلوة التي يشوونها في فرن يشبه المدفع، ثم يقطع منها البائع ويضعها لك في أوراق.. في الماضي كانت أوراق كراسة.. اليوم هي أوراق مصقولة عليها شعر.. قالت مي شاكرة إن هذا يجعل مذاق البطاطا أفضل.. في الأيام التالية عرفت استخدامات مذهلة للورق لم تخطر ببالي.. كل مساحي الأحذية يستعملون الورق المصقول لتلميع الحذاء بعد وضع الورنيش.. كذلك ورق الديوان ممتاز لإشعال الشيشة في المقاهي. أفضل عجينة ورق تصنع منها أقنعة الأطفال هي أوراق الدواوين البراقة. هذا الورق المصقول السميك يصلح بعد برمه لتسليك الأذن.. زينة الأفراح والأعياد تصنع من ورق الدواوين بعد قصه على شكل عرائس. هناك صور صغيرة لطيفة في الديوان تقصها البنات ويلصقنها في كراسات شعرهن الخاصة. بعض الأمهات وجدن أن ورق الدواوين هذا يصلح لتبطين ثياب أولادهن عند الذهاب للمدرسة في الصباح البارد. أفضل صواريخ وطائرات هي التي تصنع من هذا الورق. الخلاصة أنني بهذا الديوان أحدثت انتعاشاً اقتصادياً لا يوصف، وجعلت الناس يبتكرون آلاف الاستخدامات للورق.. فقط تمنيت لو أن شخصاً واحداً في مصر جرب أن يقرأ الديوان ليقول لي رأيه!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©