الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صوت الشعر الألماني الأصفى

صوت الشعر الألماني الأصفى
21 مارس 2009 00:56
في إطار برنامج ''ترجم'' الذي ترعاه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، صدر قبل أيام قليلة وبالتزامن مع فعاليات المعرض الدولي للكتاب في دورته الـ 15: مختارات شعرية من أشعار الشاعر الألماني الشهير: فريدريش هلدرلين، وقد قام بترجمة هذه المختارات الشاعر والناقد المصري حسن حلمي وقدم لها الشاعر والأكاديمي المغربي المعروف محمد بنيس· جاء هذا الكتاب في 255 صفحة من الحجم المتوسط، وهو من إصدارات دار توبقال المعروفة على الصعيد العربي بجودة إصداراتها وجمال إخراجها· الكتاب تفتتحه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم الموجهة للقارئ العربي· ومنها نقتطف : ''إن كان الحلم في حد ذاته أمرا مشروعا، فإن الأكثر إلحاحا في ظل التحديات التي تواجه واقعنا العربي هو العمل على تحويل الحلم إلى مشروع حقيقي على الأرض· وإذا كان العصر الذي نعيش فيه يتسم بالمعرفة والمعلوماتية والانفتاح على الآخر، فإن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم ترى إلى الترجمة باعتبارها جسرا لاستيعاب المعارف العالمية واللحاق بالعصر''· تضم هذه المختارات أزيد من 80 قصيدة شعرية خالدة كتبها فريدريش هلدرلين في فترات مختلفة من حياته· فهذا الشاعر هو: ''أحد كبار الشعراء الألمان· فهو يمثل، إلى جانب كل من غوته وفريدريش نوفاليس وماريا رينيه ريكله وجورج تراكل وغوتفربن، الصوت الشعري الألماني الأصفى''· كما قال محمد بنيس في مقدمته: ''عاش بين 1770 و ،1843 معاصرا لكل من بيتهوفن وبونابرت· وقد اعتاد مؤرخو ونقاد شعره على تقسيم حياته إلى مرحلتين: ما قبل 1802 وما بعدها، إذ الفاصل بينهما هو سنة إصابته بما يعرف في الأدبيات الهلدرلينينية بـ''الجنون''· يشير محمد بنيس في مقدمته أن هذا الشاعر العملاق ''ولد لاوْفَنْ على ضفة نهر نيكار، وفي الثانية من عمره فقد أباه· تزوجت أمه بعد سنتين من المستشار غورك عمدة مدينة نوتنغن، فأقام معها· وفي الرابعة عشرة بدأ في كتابة الشعر· التحق سنة 1788 بجامعة نوتنغن، التي حصل فيها بعد خمس سنوات على الماجستر في علم اللاهوت·· في 1794 أصبح صديقا لهيجل وشيلينج، وتعرف كذلك على شعراء أسس معهم ''عصبة الشعراء''، وعلى سانكلير الذي ظل وفيا له في سنوات مرضه· تحمس في هذه الفترة مع أصدقائه لكانط وروسو والثورة الفرنسية، وفيها قرأ أفلاطون وتأكدت موهبته الشعرية ونشر قصائده لأول مرة· بحث عن العمل مؤدبا للأطفال، عكس ما كانت ترغب فيه أمه للالتحاق بالعمل في الكنيسة· تسلم أول وظيفة له في ،1793 وفي نوفمبر 1794 اتجه نحو فيمار، ثم ترك الوظيفة واستقر في فيينا العاصمة الثقافية، ساعيا إلى تكريس حياته للشعر، وتعرف فيها على شيلر لإعجابه الشديد به· وفي 1795 تابع محاضرات الفيلسوف فخته، التي كان يلقيها في ''بيت الرومانسيين''· وعندما أصبح محتاجا، بدون مورد مادي، عاد إلى بيت أمه، وفي نفسه خشية من العمل في الكنيسة· في السادسة والعشرين من عمره، أي سنة ،1796 عثر له صديقة سانكلير على عمل في بيت الثري جاكوب غونتار، في فرانكفورت الذي عمل مؤدبا لأبنائه· في بيت عائلة غونتار عاش إحدى الوقائع الفارقة في حياته، عندما استبد به حب سوزيت غونتار، زوجة الثري جاكوب غونتار، التي بادلته الحب· حب لا يشبه ما سبق· هو هذه المرة حب جامح، عثر فيه هلدرلين على الأقصى، ولم يقدر على رد تأثيره القوي في مسار حياته· فجمال هذه المرأة جسد مثال الجمال اليوناني، الذي كان به مأخوذا، فكتب عنها ''إنها يونانية''· كان حذرا معها، ففضل في نهاية سبتمبر 1798 مغادرة البيت، ابتعادا عما يمكن أن يؤدي إليه هذا الارتباط من مصاعب مع الزوج، مع ذلك ظل على اتصال معها عبر لقاءات ومراسلات مازالت محفوظة، وكان آخر تواصل بينهما في ،1800 ومن فعْل ذلك الحب الجامح سماها هلدرلين في أعماله باسم ''ديوتيما''، كاسم مستعار لهذه العشيقة سوزيت، التي توفيت سنة ،1802 وقد رأى في فدان عشيقته وحرمانه منها أن ''المثال لا يمكن أن يعيش على الأرض''· يرى محمد بنيس أن نيتشه : ''يعتبر هلدرلين شاعره المفضل وكتب عنها· مع ذلك لم تبلغ مكانة هلدرلين ذروتها إلا في القرن العشرين، عندما اهتم بقراءة شعره الفيلسوف الألماني هيدجر، في محاضراته الجامعية التي ألقاها على طلبته أول مرة في سنتي 1934 و ،1935 وافتتحها بقراءة قصيدة ''جرمانيا''، تم تلتها على فترات قصائد أخرى· بهذه القراءة الفلسفية انتقل هلدرلين من كونه أحد أعلام الشعر الألماني في القرنين الثامن والتاسع عشر إلى ''هذا الشاعر الذي يتعلق به مستقبل الألمانيين''، حسب تعبير هيدجر في كلمته الافتتاحية للمحاضرة الأولى، أو ''شاعر الشعراء'' كما سماه هيدجر في دراسته عن معنى الإقامة شعريا على الأرض· وتجدر الإشارة أن الأستاذ حسن حلمي ترجم هذه المختارات انطلاقا من النص الانجليزي الذي قام بترجمته مترجمون كبار منهم : الانجليزيان مايكل هامبورجر وديفيد كونستانتين والمترجم الأميركي الشهير ريتشارد سيبيرت وهم كما يقول محمد بنيس : ''من أصحاب الخبرة بشعر هلدرلين في أصله الألماني· وقام حسن حلمي بعد ذلك بمراجعة الترجمة، توخيا للدقة، مع عبد اللطيف قديم، أستاذ الألمانية في كلية الآداب عين الشق بالدارالبيضاء، بالاعتماد على الأصل الألماني''· يبقى أنْ أشير أن إخراج هذه المختارات جاء محترما لعظمة الشاعر فردريش هلدرلين، حيث جاء الغلاف الأمامي مزينا بلوحة فنية من لوحات الفنان الشهير مايكل أنجلو· أما الغلاف الخلفي فنجدنا أمام لوحة تمثل صورة شخصية للشاعر هلدرلين بطابعها الرومانسي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©