السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

البيئة الزراعية.. واحة من الجمال تزهر في مهرجان زايد التراثي

البيئة الزراعية.. واحة من الجمال تزهر في مهرجان زايد التراثي
24 نوفمبر 2014 23:51
أحمد السعداوي (أبوظبي) مثّلت البيئة الزراعية المقامة ضمن فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي في الوثبة، واحة من الجمال الطبيعي، بما احتوته من مشاهد متنوعة تعكس أهم ملامح البيئة الزراعية وما لديها من مساحات خضراء ومجار مائية، وبيوت المزارعين القدامى، فضلاً عن الزخم المعرفي الذي يكتسبه الزائرون عبر مطالعة متحف الأفلاج والقرية القديمة ومعرض الطب الشعبي، وغيرها من الأنشطة التي تنوعت في أرجاء ساحة البيئة الزراعية، التي احتلت جانباً مهماً في المهرجان الذي يستمر حتى الثاني عشر من ديسمبر المقبل. متحف الأفلاج يقع متحف «الأفلاج في تاريخ الإمارات» في مدخل ساحة البيئة الزراعية، ليكشف للجمهور جانباً مهماً من حياة أهل الإمارات قديماً ممثلاً في المشقة التي كانوا يحصلون بها على الماء ويصنعون بأيديهم واحاتهم في قلب الصحراء القاحلة، ما يعكس إرادة حديدية امتلكها الرعيل الأول من أهل الإمارات، وهو ما ورثه أبناؤهم وأحفادهم، وحرصوا على الاستفادة من كل مقدرات بيئتهم حتى وصلوا بدولتهم إلى مصاف الدول الراقية في العصر الحديث. ويستعرض المتحف، الذي زارته «الاتحاد»، عبر مجموعة من الصور المتنوعة، كيف ابتكر الإماراتيون القدامى هذا النظام الهندسي الفريد المسمى «فلج»، واستطاعوا من خلاله حفر القنوات المائية في العصور الماضية لاستخراج المياه الجوفية، واستخدامها في الري والزراعة. إلى ذلك، قالت إدارة قسم الأفلاج في بلدية العين، إن الأفلاج كانت بالنسبة للإماراتيين قديماً من أهم سبل الحياة، حيث تم الاعتماد عليها بشكل كامل من قبل المزارعين في ري أراضيهم، نظراً لقلة الأمطار وصعوبة الاعتماد عليها كمصدر منتظم للمياه، ولذلك مثلت الأفلاج أهمية قصوى في تاريخ الشعب الإماراتي؛ ولذلك جاء الاهتمام بها وإقامة متحف خاص ضمن فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي، الذي يعنى بكل ما هو مرتبط بالتراث والتاريخ الإماراتي. وشرحت: إن الفلج عبارة عن قناة يتم شقها في باطن الأرض بهدف استخراج المياه من الأعماق عبر مسافات بعيدة، ويتم توصيلها إلى المزارع عبر نظام هندسي دقيق يراعي المساواة التامة بين ملاك المزارع في المناطقة المختلفة التي تمتد إليها مياه الأفلاج، والتي أدت إلى ظهور عدد من الواحات الغنية بأصناف النخيل مثل الخلاص، الفرض، اللولو، الخنيزي، بومعان، جبري، هلالي، نغال، خصاب، بقل، خشكار، مسلي. أعماق بعيدة والآبار الموجودة بهذه الواحات، تخضع للإشراف والصيانة الدائمين من قبل بلدية العين، كونها لاتزال من أهم مصادر المياه هناك، ويعتمد عليها كثير من الواحات التي تقدم أصنافاً عالية من التمور يتم تصنيعها وتصديرها إلى الخارج كأحد مصادر الدخل في الدولة. ومن داخل المتحف التقت «الاتحاد» هاشم المنهالي، الذي يسكن بمدينة بني ياس، ولكنه جاء إلى مهرجان الشيخ زايد، حباً في الراحل الكبير ورغبة في التعرف إلى تاريخ بلده، وأبدى إعجابه بالزخم الكبير من فعاليات وأنشطة المهرجان، ومنه البيئة الزراعية التي توضح للجمهور بشكل حي ومباشر كيف كان يستغل أهل الإمارات مكونات بيئاتهم البسيطة للتعايش مع ظروفهم، وكيف أظهروا عبقرية في التعامل مع هذه العناصر البسيطة، وهو ما نراه من النظام المحكم للأفلاج الذي تعبر عنه الصور الموجودة في المتحف، التي يصعب على الكثيرين حتى مجرد تخيل كيف كان الناس في الزمن القديم يحفرون على هذه الأعماق البعيدة ويسيرون أنفاقاً تمتد مسافات بعيدة حتى تكون شرايين للحياة لسكان الإمارات منذ الزمن القديم وحتى الوقت الحالي. صديقه خليفة الأحبابي، أكد أنه للمرة الأولى التي يرى فيها الفلج من الداخل، عبر الصور الموجودة في المتحف، وفاجأه ضيق المجرى المائي وأيضاً كيفية حفره بشكل متساو ومنتظم حتى يؤدي مهمته في توصيل المياه إلى أماكنها الصحيحة، وهو بالفعل عمل في منتهى الصعوبة في عصر لم تكن تظهر فيه أي من آلات الحفر التي نراها هذه الأيام، ما يجعل أبناء الإمارات الآن ينحنون احتراماً لما فعله جيل الآباء والأجداد، من أفكار ومجهودات عظيمة حتى يحافظوا على وجودهم على هذه الأرض رغم ظروف البيئة الصعبة. الطب الشعبي يجاور متحف الأفلاج، «معرض الطب الشعبي» التابع لمركز الشيخ زايد للطب الشعبي، الذي يعرض للجمهور ألواناً من الأعشاب الشعبية المنتشرة في البيئة الإماراتية واستخدمت على نطاق واسع في عمليات التداوي، كما تضمن المعرض قسماً للطب البديل والطب النبوي، بوصفهما من مجالات الطب التي بدأ يزداد الاعتماد عليها في الزمن الحالي، بعد أن أثبت كثير من الأبحاث والتجارب العلمية جدواها وقدرتها على علاج كثير من الأمراض دون آثار جانبية مثل العلاج التقليدي. ويتعرف الزائر إلى معرض الطب الشعبي، وكيف أن الأعشاب لها تاريخ طويل في ممارسات الطب الشعبي والتقليدي، ويتمتع بعضها بفائدة حقيقية في معالجة بعض الأمراض. ومن هذه النباتات العشرج أو العشرق، الظفرة، الطرثوث. وإلى جانب النباتات المفيدة، يتعرف الجمهور إلى بعض من النباتات السامة ومنها الأشخر، السكران، حوا الغزل، الدفلة، اللانتانا، حب العروس، كما يتعرف إلى طرق الوقاية من هذه النباتات وطرق التعامل مع التسمم من هذه النباتات عبر الكتيبات التي توزع مجاناً على الجمهور وتحمل معلومات وافية عن هذا النوع من النباتات داخل البيئة الإماراتية. القرية القديمة ومن رواد القرية القديمة، تحدث علي العامري، الذي كان برفقة أفراد أسرته يتجولون بين جنباتها، وقال إن بناء قرية قديمة كاملة بهذا الشكل المبهر من الأعمال التي تحسب لإدارة المهرجان، كونها المرة الأولى في حياته التي يرى فيها قرية كاملة أقيمت خصيصاً من أجل مهرجان تراثي أو سياحي، وهو جهد مشكور يجب الإشادة به خاصة أن هذا الأسلوب نقل للأطفال الصغار صورة حية عن حياة البيئة الزراعية قديماً تغني عن آلاف الأوراق والحصص الدراسية التي كانت يمكن أن تخصص لتعريف الصغار بهذا الجانب المهم من حياتهم. كما أن انتشار المساحات الخضراء في كل مكان داخل البيئة الزراعية يعطي مشهداً جمالياً فريداً، ويوحي تماماً بقيمة الزراعة في حياة الإنسان، ويكرس لدى الأجيال الجديدة ضرورة أن تنتشر الزراعة والمساحات الخضراء في كل مكان. بيت المزارع شهد بيت المزارع، إقبالاً من الجمهور الحريص على التقاط صور في هذا البيت البسيط المصنوع من سعف النخيل ولكنه رائع التصميم، ويعكس براعة صانعيه، وقدرتهم على الاستفادة من بيئتهم الزراعية بأفضل شكل، يوفر لهم سبل الحياة، وهذا البيت يتميز بشكله البديع، ومكوناته البسيطة، وسط بيئات زراعية كاملة كانت موجودة على أرض الإمارات بفضل جهود أبنائها، وهو ما كان واضحاً عبر مكونات البيئة الزراعية المختلفة. هواة التصوير .. الذاكرة في لقطة ! ضمن زوار المهرجان التقت «الاتحاد»، مجموعة من الشباب المواطنين جمعهم حب التراث، وقد جاءوا من إمارات الدولة المختلفة لتخليد هذه المناسبة عبر التقاط صور مختلفة باستخدام كاميراتهم الخاصة، ويقول عبدالله القايدي، الموظف بحكومة الشارقة، إنه أعد نفسه لزيارة المهرجان ومتابعة ما فيه من أنشطة مختلفة وتسجيلها بالكاميرا كونه من هواة التصوير، ولن يجد أفضل من مهرجان زايد التراثي بما يتضمنه من فعاليات كثيرة وغير مسبوقة، حتى يلتقط ما شاء من الصور ويحفظها في ألبومه الخاص. صديقه عمر الكتبي، الذي رافقه من الشارقة، أكد أن المهرجان فرصة ثمينة لإبراز قدراته في التقاط صور تراثية لمفردات محلية إماراتية فريدة عُرضت ضمن المهرجان. ومن دبي رافقهم صديقهم سالم الكتبي، موضحاً أن حب التصوير جمع ثلاثتهم بعد حب الوطن، مبيناً أن المهرجان فرصة للتعبير عن هواية التصوير التي ارتبط بها منذ سنوات بعيدة، ويقوم بزيادة عدد الصور الجميلة التي التقطها ويحتفظ بها في أرشيفه الخاص.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©