السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التجارة بالصحة

التجارة بالصحة
1 نوفمبر 2012
هذا الدليل الذي يحمل عنوان: “دليل 4000 دواء صالح، غير صالح، أو خطير” يكشف للقارئ ما خفي في عالم صناعة الأدوية. ويؤكد مؤلفان هذا الكتاب/ الدليل الدكتور الأستاذ فيليب إيفان والدكتور الأستاذ برنار دوبريه، وهما من كبار أساتذة الطب في فرنسا أن تسعين في المائة من الأدوية الجديدة التي تخرجها المخابر لا تضيف شيئا بالنسبة للأدوية القديمة المتداولة والمعروفة، وأكثر من ذلك فإن الأدوية الجديدة الكثيرة التي تخرجها المخابر كل يوم تحمل مخاطر بيّنها المؤلفان علميا. وقد جاء في الدليل أنه لم يقع التثبّت تثبتا دقيقا مائة في المائة من عدم وجود عوارض ثانويّة تتسبّب فيها الأدوية الجديدة الكثيرة ـ على المدى الطويل ـ لمن يتعاطاها من المرضى، وهناك أدوية جديدة تسبّب فعلا في كوارث وتمّ سحبها بعد أن تضرّر منها بعض المرضى. ويطلق المؤلفان صرخة فزع مفادها أن مخابر الأدوية تواصل إغراق السوق بكثير من الأدوية الجديدة غايتها طبعا ربح المال، ولكن الكثير من هذه الأدوية الجديدة تأكد علميا عدم نفعها حينا وضررها أحيانا. ويقدم المؤلفان وهما من أعلام الطب في فرنسا أن 40% من الأدوية الموجودة في الصيدليات لا فائدة ترجى منها وغير مفيدة وغير نافعة إطلاقا، وان 19% منها تحدث عند تناولها مضاعفات جانبيّة للمريض. ولأن المؤلفين الاثنين يعلمان مدى الترابط بين مصالح الأطباء ومخابر الأدوية ومدى التواطؤ أحيانا، فإنّ الدليل الذي وضعاه يتجه أولاّ وبصفة خاصة للمرضى المستهلكين للأدوية لتنبيههم وإرشادهم وتوعيتهم، فالكتاب/ الدليل يدخل في باب “التثقيف” العلمي والصحي لعامة الناس وتنميّة وعيهم بعالم يجهلون خفاياه. والمؤلفان فخوران بإنجازهما وهما يؤكّدان أنهما بنشرها هذا الدليل قد قدّما خدمة لم تقدمها المؤسسات الطبية الرسميّة الفرنسيّة والتي من المفروض أن تتولى هي هذا العمل التوعوي والإرشادي، والكتاب يمنح المرضى الذين يطالعونه فرصة التزود بالمعلومات التي تخوّل له مناقشة أطبائهم بخصوص الأدوية التي يوصوهم بتناولها، كما يستعرض الكتاب/ الدليل أسماء الأدوية بالتفصيل اسما اسما وتم تصنيفها بلغة مبسطة يفهمها القارئ العاديّ. ويقدم المؤلفان تحليلا عن أسعار الأدوية ليبرزا الغلاء غير المبرر لبعضها وربما لأكثرها، وهما من دعاة تخفيض أسعار الأدوية ولهما رأي سديد في هذا الصدد. كمت إن لهما حججا دامغة عن الأسعار المنتفخة من غير مبرر لأكثر الأدوية. ويؤكد المؤلفان أن فرنسا ـ على سبيل المثال ـ تنفق 5 مليار دولار سنويا على هذه الأدوية، وهو مال ـ كما جاء في الكتاب ـ يرمى من النافذة دون فائدة لصحّة المرضى. وبرنار دوبري وهو أحد المؤلفين لهذا الكتاب هو طبيب، وأيضا نائب في البرلمان الفرنسي، أما المؤلف الثاني الذي اشترك في تحرير هذا الكتاب فهو فيليب إيفان، وهو طبيب وعميد سابق لكلية الطب بباريس وهو يؤكد أن صناعات الدواء هي الأكثر مردودا ماليّا على المخابر التي تنتجها، وهي صناعة ـ على حد تعبير المؤلفين ـ لا ترحم ولا أخلاق لدى القائمين عليها ولا قيم توجه عملهم، فرؤوس الأموال التي تقف وراء مخابر إنتاج الأدوية جشعة جدا ولا يهمها إلا المال وهمهم الأوّل والأخير هو الربح والربح أوّلا وأخيرا. ويعطي المؤلفان مثلا للأدوية التي يوصي بها الأطباء ضدّ داء “الكوليسترول”.. ويقولان إن فرنسا ـ على سبيل المثال ـ تنفق مليوني يورو لصالح 5 ملايين مريض دون أي فائدة طبيّة تذكر. وقدم المؤلفان في كتابهما الذي بلغت صفحاته 900 صفحة أمثلة عن أدوية كثيرة مضرة للصحة وقد تم سحبها بعد أن تسببت في موت أو مزيد من الخطر لمن تناولها من المرضى، وهذا ما أحدث بلبلة في الرأي العام. والمؤلفان قدما في هذا الكتاب جردا كاملا لأربعة آلاف نوع من الأدوية وهي التي توزع وتباع في الأسواق الفرنسية، وبيّنا بالنسبة لكل دواء مصدره والمخبر الذي صنعه والبلد الذي أنتجه مع شرح مستفيض لمكوناته وقسمته وفائدته العلاجية.. وأمام كل دواء تمت الإشارة بوضوح إلى أنه دواء مفيد وصالح، أو أنه لا نفع منه إطلاقا أو مضر، علما أن الكثيرين من الأطباء بتواطؤ مع مخابر الأدوية، فهم يعطون للكثير ممن يتخوفون من “الكوليسترول” مثلا أدوية على أساس أنها تقلل من احتمال أصابتهم بأمراض الشرايين والقلب مثل الأدوية: (Tahor, Elisor, Zocor, Cresto r) ولكن المؤلفين يؤكدان ان هذه الأدوية لا فائدة ترجى منها إطلاقا، لأن “الكوليسترول” ضروري لحياة الإنسان ولا ينجم عنه أي خطر لتسعين في المائة ممن هم فوق الأربعين من العمر، وان العشرة في المائة المتبقية فقط معرضة لخطر ضئيل جدا محتمل وكذلك الأمر للكثير من الأدوية ضد الالتهابات المختلفة مثل: (Indocide, Nexen, Ketum cutané, Célébrex Arcoxia فبعضها كما جاء في الكتاب قد يسبب الجلطة. والقائمة الواردة في الكتاب طويلة لأدوية اخرى، التي يزعم صانعوها انها مفيدة لأمراض القلب والشرايين والسكري والأقراص التي تساعد على مقاومة التدخين وغير ذلك كثير وفق ما جاء في هذا الكتاب. وليس مستبعدا ان بعض مخابر الأدوية التي سماها المؤلفان وأشارا الى انها ضارة او غير نافعة، قد تلجأ إلى العدالة بسبب ما لحق بها من تشويه وضرر، وهناك سابقة في هذا الموضوع فقد اصدر طبيب عام 1974 دليلا مشابها لمائة دواء فقط، وقد قدمت به المخابر أربعة عشر شكوى للقضاء ربحها كلها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©