السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ماتيس» والاستراتيجية النووية الجديدة

12 فبراير 2018 01:00
عندما تولى الجنرال المتقاعد جيم ماتيس منصب وزير الدفاع العام الماضي، وصل إلى البنتاجون مع تحفظات حول الترسانة النووية الأميركية. وكانت لديه شكوك حول صاروخ كروز «النووي» الذي يطلق من الجو ويعمل البنتاجون على تطويره، وتساءل عما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تمتلك منصات إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات على الإطلاق. ولكن منذ ذلك الحين، غيّر ماتيس من لهجته، فسياسة الأسلحة النووية التي أطلقها فريقه في البنتاجون الأسبوع الماضي تقدم دعماً كاملاً للقدرات النووية الحالية، التي يتم التخطيط لها، بما في ذلك صاروخ كروز الجديد وترسانة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تساءل بشأنها ذات مرة. وتعد الاستراتيجية الجديدة نجاحاً مدوياً لمؤيدي تصليب الموقف النووي الأميركي، وانتكاسة للمدافعين عن نزع التسلح، ومن المقرر أن يدلي ماتيس بشهادته حول هذا الشأن هذا الأسبوع في كابيتول هيل (مبنى الكونجرس). وتؤكد هذه السياسة مجدداً على التحديث الكامل للقوة النووية الأميركية التي سبق أن وافق عليها الرئيس باراك أوباما، وتستبدل القاذفات النووية والغواصات والصواريخ الباليستية العابرة للقارات بتكلفة تقدر بـ1.2 تريليون دولار على مدى 30 عاماً، كما تدعو إلى إدخال نوعين من الأسلحة النووية ليسا موجودين حالياً في الترسانة. ويقدم هذا التطور في تفكير ماتيس نظرة عميقة في عملية صناعة القرار لوزير دفاع معروف بصلابة تفكيره، كما أن تقييمه للأسلحة النووية قد يكون كابحاً للاندفاع في إدارة كانت عملية صنع السياسات فيها تبدو في أحيان كثيرة متسرعة، حتى لا نقول متهورة. وفي هذا الصدد، يرى «توماس كاراكو»، المتخصص في القضايا النووية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن العديد من الساسة -مثل أوباما- يدخلون الحكومة وهم متعاطفون مع نزع السلاح، ولكنهم يخففون من طموحاتهم عند مواجهة معلومات استخباراتية تتعلق بوجود تهديدات. وفي مقدمة للسياسة الجديدة، يبدو أن ماتيس يؤكد هذا الشعور، حيث كتب: «يجب أن ننظر إلى الحقيقة ونرى العالم كما هو، وليس كما نتمنى أن يكون». وبعد أن أمضى أكثر من أربعة عقود في سلاح مشاة البحرية، فليست لماتيس علاقة مباشرة كبيرة بالترسانة النووية، المرتبطة أساساً بالقوات الجوية والقوات البحرية. وبحث هذه القضية في مؤسسة «هوفر» بجامعة ستانفورد بعد تقاعده. وهناك، تبادل وجهات النظر مع المدافعين عن نزع السلاح بمن فيهم وزير الخارجية الأسبق «جورج شولتز»، ورئيسه في ذلك الوقت في البنتاجون، وزير الدفاع الأسبق «ويليام بيري». ويرى بيري أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تحيل للتقاعد قوتها من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الموجودة على الأرض. وأضاف أن القاذفات والغواصات الأميركية التي تحمل رؤوساً حربية نووية تقدم ما يكفي من الردع. كما أن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، التي تقبع في الساحات جاهزة للإطلاق في أي وقت من الممكن أن تثير حرباً نووية، وأوضح بيري أن الأعداء ربما لا يمكنهم التمييز بين صاروخ الكروز النووي الذي يطوره البنتاجون والصاروخ التقليدي. وفي بعض الأحيان كان ماتيس يردد وجهات النظر هذه تقريباً، ففي شهادته أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ في عام 2015، قال إن الوقت قد حان لكي ينظر البنتاجون في إحالة قوته من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات إلى التقاعد. وخلال تصريحاته في عام 2017، قال أيضاً إنه كان بحاجة إلى «فحص» صاروخ كروز. وكان الرئيس دونالد ترامب أمر بمراجعة سياسة الأسلحة النووية بعد أسبوع من توليه منصبه. وبالنسبة لماتيس، كانت هذه فرصة لإعادة تثقيف نفسه بشأن القوة النووية الأميركية، ولكن هذه المرة مع الاطلاع على أحدث تقارير الاستخبارات والجيش الأميركي. وفي هذا الإطار، قام بزيارة قوة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وأسطول قاذفات «بي -52» في ولاية داكوتا الشمالية، كما مر أيضاً على قاعدة الغواصات النووية في ولاية واشنطن، وتحدث إلى الجنرالات في القيادة الاستراتيجية في نبراسكا. وفي هذه الأثناء، قرأ ماتيس بتوسع عن الأسلحة النووية، وفقاً لأشخاص على دراية بهذه العملية، وقد تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المراجعة، وقال أحدهم إن ماتيس بادر بالاطلاع على مراجع من بينها كتاب «العصر النووي الثاني» للأستاذ بجامعة ييل «بول براكين»، الذي يناقش نهج السيطرة على السلاح ما بعد الحرب الباردة. وقال ماتيس، إنه اطلع على آراء عدد من الضباط المتقاعدين والعلماء والأساتذة. وعلاوة على ذلك، فقد عقد مجلساً يضم الأدميرالات والجنرالات المتقاعدين والعلماء المعروفين باسم «أصحاب اللحى البيضاء» للانخراط في عملية «عصف ذهني»، لتبادل وجهات النظر المتباينة. وقال ماتيس لضباط الغواصات النووية في واشنطن: «لديَّ أذكى الناس من الجمهوريين والديمقراطيين، سواء كانوا رجالاً أو نساء، أو كبار السن أو من الفيزيائيين الشباب، أو أولئك الذين درسوا التاريخ. إنهم أشخاص يعرفون ما يفعلونه». وبحلول الوقت الذي زار فيه ماتيس القاعدة البحرية «كيتساب» في نهاية شهر أغسطس، كان يبدو وكأنه قد توصل إلى قرار. وذكر أشخاص آخرون تحدثوا معه أنه ملتزم بإبقاء صواريخ كروز لأنه يعتقد أن بإمكانها اختراق أنظمة الدفاع الجوي التي من المرجح أن يطورها الأعداء، كما قرر أيضاً الاحتفاظ بقوة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، حيث يعتقد أن المئات من منصات الإطلاق في جميع أنحاء البلاد تخدم كرادع مهم لروسيا وغيرها من الخصوم المحتملين. * محرر شؤون الجيش الأميركي والأمن القومي بصحيفة «واشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©