السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الجنوبية والصين.. والعلاقات اللغوية

7 نوفمبر 2015 23:44
قبل بضعة أيام، حضرت مؤتمراً استضافه أحد مراكز الأبحاث الرئيسية في كوريا الجنوبية. كان منتدى ثنائي اللغة (صيني وكوري)، والمدهش أن معظم الباحثين من كوريا الجنوبية استطاعوا التواصل بشكل ملائم للغاية بلغة «الماندارين» الصينية مع المشاركين الصينيين. وبعد بضعة أيام، كان هناك صالون أكاديمي آخر تحدث فيه مشاركون من الصين وكوريا الجنوبية واليابان وحتى الولايات المتحدة باللغة الصينية أيضاً عن القضايا الراهنة في شرق آسيا. إن الخلفيات التعليمية والاهتمامات البحثية تلعب دوراً، لكن الحقيقة هي أن مزيداً من الكوريين الجنوبيين يستطيعون التحدث بالصينية مقارنة بما كان عليه الحال قبل بضع سنوات. وباعتباري مواطناً صينياً أعيش في كوريا الجنوبية، لاحظت وراقبت «جنون اللغة الصينية» في مجتمع كوريا الجنوبية منذ أن قدمت إلى هذه الدولة قبل نحو 12 عاماً. والآن، فإن مئات الآلاف من الكوريين الجنوبيين يأخذون دروس اللغة الصينية في العديد من معاهد اللغة أو مع مدرسين خصوصيين، ناهيك عن الطلاب الذين يتخصصون في اللغة الصينية في معظم المعاهد والجامعات في كوريا الجنوبية. ورغم أن هناك بالطبع تقلبات بالنسبة لإجمالي عدد الطلاب الجدد المتخصصين في دراسة اللغة الصينية بالأقسام الجامعية، فإن هناك شعوراً عاماً هذه الأيام بأن التحدث بالصينية أكثر فائدة من تعلم اليابانية والتحدث بها بالنسبة للكوريين الجنوبيين. ولم تكن الأمور على هذا النحو من قبل. ففي عام 1970، منع رئيس كوريا الجنوبية في حينه «بارك تشونج هي» تعليم الأحرف الصينية في المدارس أو استخدامها في الدوائر الرسمية. والآن، نجد أن استخدام الأحرف الصينية هو أكثر شيوعاً في كوريا الجنوبية، ويتم تعليمها في المدارس مرة أخرى، وتوجد في أسماء الشوارع واللوحات الإعلانية وخرائط المدينة والعديد من الأوراق المكتوبة بخط اليد (لجذب السياح الصينيين) على نوافذ المحال التجارية والأسواق. بيد أن هناك خلافات أيضاً. وعلى سبيل المثال، عندما تم إنشاء اللافتة في «جوانج هوان مون» (البوابة الرئيسية لقصر جيونج) عام 2012، انقسم الرأي العام بحدة في كوريا الجنوبية حول ما إذا كان ينبغي استخدام الأحرف الصينية الأصلية أو الأبجدية الكورية (الهانغول). ووفقاً لوكالة أنباء يونهاب، فقد أشار استطلاع للرأي إلى أن 57.8% من المشاركين يفضلون الهانغول بينما يفضل 41.3% الأحرف الصينية. وأوضح نقد يؤيد استخدام الهانغول أنه إذا تم استخدام الأحرف الصينية، فإنه ستكون هناك مشاكل مع الزائرين «الذين لا يعرفون ما إذا كانوا في بكين أو سيول أو طوكيو». وجاء القرار النهائي باستخدام الأحرف الصينية، بيد أنه من الواضح أنه لم يكن قراراً سهلا. وهناك تعقيد آخر يتمثل في حقيقة أن الأحرف الصينية المبسطة تستخدم في البر الرئيسي للصين (وفي الواقع أصبحت أكثر شيوعاً بسبب ملاءمتها)، في حين أن الأحرف الصينية التقليدية تستخدم على نطاق واسع في المناسبات الرسمية. وعندما كنا نتبادل بطاقات العمل في الصالون الأكاديمي الذي سبقت الإشارة إليه، أوضح باحث كوري يتحدث لغة الماندارين بطلاقة أن هناك حرفاً صينياً في اسمه. إنه حرف صيني «كوري»، بحسب ما قال، ما يعني أنه تم إنشاؤه واستخدامه في كوريا. وقد ذكرني هذا بأنه بالنسبة للكوريين الجنوبيين، فإن الأحرف الصينية المبسطة تبدو فعلا لغة «أجنبية»، في حين أن الأحرف الصينية التقليدية والأحرف الصينية «الكورية» الفريدة هي جزء من التراث الثقافي التقليدي الخاص بكوريا الجنوبية. ومن المثير للاهتمام رؤية هذه الخلافات بين الصين وكوريا الجنوبية في أمر يبدو تراثاً ثقافياً مشتركاً. ورغم أن هذه الفروق الدقيقة لا تضر بالضرورة بالعلاقات الثنائية بين الدولتين المتجاورتين، إلا أن إجماعاً أو تقارباً بالنسبة لاستخدام الأحرف الصينية ربما يساعد على تحسين الاتصـــالات بين البلدين على المدى الطويل. وفي الواقع، كان هناك اتفاق عام 2013 بين خبراء من الصين وكوريا الجنوبية واليابان على تبني خريطة تضم نحو 800 من الأحرف الصينية الشائع استخدامها للاستخدام بين الدول الثلاث. ومع معرفة أن مئات الأحرف الصينية تستخدم بشكل شائع في شرق آسيا، وأن المئات من المصطلحات الصينية الحديثة (لاسيما في مجالات العلوم والسياسة) تم جلبها من اليابان، فإن هذه الخريطة ربما تساعدنا أيضاً على الاســـتمرار فـي التفكير: هل اللغة الصينية الحديثة هي «صينية» بالكامل؟ أم أنها مشتركة مع شرق آسيا؟ *جين كاي* *باحث صيني مقيم في كوريا الجنوبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©