السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

كبريات شركات النفط العالمية تواجه صعوبات في النمو

كبريات شركات النفط العالمية تواجه صعوبات في النمو
8 نوفمبر 2013 21:31
تمر كبريات شركات النفط حالياً بأزمة لا تحظى بتعليق يذكر من قبل المحللين والأسواق. إنها أزمة نتائج ورؤية. باختصار، الشركات الكبرى مثل اكسون موبل ورويال دتش شل وبي بي، لا تحقق نمواً يذكر إذ أنها لم تكتشف سوى القليل من النفط في السنوات القليلة الماضية رغم تزايد الاستثمار. كما أنها فقدت انفرادها الحصري بالمهارات التي كانت تجعل الدول المنتجة للنفط لا تستطيع الاستغناء عنها. هناك بعض العوامل المؤثرة في هذا الوضع، فالشركات الكبرى تتحول تدريجياً إلى إنتاج الغاز الطبيعي بدلاً من النفط. ففي بعض الحالات يتألف 50% من احتياطياتها من الغاز الطبيعي وربما يكون من الأنسب تسميتها كبريات شركات الغاز وليس النفط. والمشكلة في هذا التحول تتمثل في أنه يهدد ربحية هذه الشركات التي تعتمد اليوم إلى حد كبير على حقول النفط التي تم تطويرها من سنوات عديدة والتي يشهد إنتاجها تناقصاً مستمراً. سعر الغاز الطبيعي أقل كثيراً من سعر النفط، إذ غالباً ما يصعب تسويقه كما يتآكل كثير من هوامش أرباحه في تكاليف نقله وتسييله. وهذا هو وضع بعض كبرى اكتشافات الغاز في أستراليا، الأمر الذي لا يحقق سوى ربحية محدودة. وربما يثبت أنه من الصعب تحقيق أرباح كبرى من اكتشافات غاز ضخمة تحققت مؤخراً في دول أفريقية مثل موزمبيق وتنزانيا على سبيل المثال. إذ إن كل ما يلزم لتطوير هذه الاكتشافات بما يشمل الأفراد المهرة، سيتطلب الأمر استيراده بتكلفة مرتفعة. ومن ناحية أخرى، تسببت اكتشافات الغاز الكبرى في الولايات المتحدة في هبوط سعر الغاز إلى درجة أنه يساوي نحو 20% من سعر النفط الذي يولد الطاقة ذاتها، الأمر الذي لا يتحقق معه سوى القليل جداً من الربح. وتتضح مؤشرات الأزمة بالفعل فيما تحققه كبريات الشركات اليوم من أرباح أقل كثيراً من الأرباح التي كانت تتحقق من سبع أو ثماني سنوات مضت. في عام 2012 حين كان متوسط سعر نفط خام برنت أعلى من 100 دولار للبرميل حققت اكسون موبل صافي ربح قدره 44,9 مليار دولار. إلا أنه في عام 2005 حين كان متوسط سعر برنت أقل من 55 دولاراً للبرميل، بلغ ربح اكسون موبل 36.13 مليار دولار، ما يساوي حاليا حوالى 42 مليار دولار. أي أن سعر النفط تضاعف تقريباً من عام 2005 إلى عام 2 201 ولكن ربح اكسون لم يزد سوى بقدر صغير. أمـا شـل فكان حالها أسوأ، حيث بلغت أرباحها 27 مليار دولار عام 2012 مقارنة بما بلغت 26.3 مليار دولار عام 2005. وفي الوقت ذاته، تواجه كبريات شركات النفط صعوبة في زيادة إنتاجها، ففي أحسن الأحوال، تبقى على مستوياتها من إنتاج براميل النفط المكافئ عن طريق زيادة إنتاج الغاز الطبيعي الأقل كثيراً من حيث الربحية. فمعظم كبريات الشركات انخفض إنتاجها عن إنتاج منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. كما أن كبريات الشركات خفضت سعر الإمكانيات التي كانت تجبر الدول في السابق على الاستعانة بها حين كانت تلك الدول تريد تطوير احتياطياتها من النفط والغاز. وفي تسعينيات القرن الماضي بدأت كبريات شركات النفط تقليص النفقات بشكل حاد عن طريق خفض عدد عامليها على سبيل المثال. كما أنها قامت بتعهيد بعض أعمالها الضرورية على نطاق واسع بغرض الحفاظ على مستويات أرباحها، فعلى سبيل المثال أكثر من 75% من أعمال الاستكشاف وإنتاج النفط والغاز عالمياً تؤديها شركات الخدمة مثل هاليبرتون وشلمبرجيه بالإنابة عن شركات النفط. كذلك خفضت الشركات من إنفاقها على البحث والتطوير. ونتيجة لذلك، تساوت شركات أخرى مع كبريات شركات النفط أو تجاوزتها من حيث التكنولوجيا، بما يشمل شركات الخدمات وبعض شركات النفط الوطنية مثل بتروبراس في البرازيل التي تعد من رواد تقنية المياه العميقة عالمياً. وتكمن مشكلة هذه الاستراتيجية في أن صناعة النفط تعتمد على رأس المال والمهارات أكثر من اعتمادها على العمالة الكثيفة. ذلك أن تقليص الإنفاق على المهارات المتخصصة وعلى البحث والتطوير مع الاستمرار في استثمار مليارات الدولارات سنوياً يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى قرارات معيبة وأداء متواضع. فضلاً عن أن كبريات الشركات لم تواكب طفرة الغاز في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين التي قادتها شركات مستقلة صغيرة ومتوسطة الحجم، ثم حاولت بعد ذلك مسايرة تلك الطفرة، غير أن التوقيت كان قد تأخر كثيراً. في عام 2009، اشترت اكسون أكبر منتج غاز صخري أميركي هي شركة «إكس تي أو» مقابل 41 مليار دولار حين كانت أسعار الغاز مرتفعة. وبعد ذلك بعام واحد أو يزيد قليلاً انهارت أسعار الغاز وسط موجة هائلة من الغاز الجديد القادم من الطفرة الصخرية. ولم تكن كبريات الشركات فاعلة رئيسية في مجال النفط الصخري الأميركي مثل حالها في طفرة الغاز الصخري، إذ كانت شركات مستقلة هي المبادرة في هذا المجال أيضاً. فالعديد من الاكتشافات الكبرى في مناطق أخرى من العالم مثل شرقي أفريقيا تمت على يد شركات صغيرة الحجم، ونظراً لتضاؤل مهاراتها فقدت كبريات شركات النفط قوتها التفاوضية مع الدول المنتجة التي تمتلك معظم النفط والغاز حالياً. ذلك أنه أضحى في مقدور شركة صينية أو روسية أداء ما تقوم به شركة نفط غربية كبرى لأنها جميعاً تستعين بشركات الخدمات ذاتها. كما أن في وسع شركات النفط الوطنية في كافة الدول التعاقد مباشرة مع شركات الخدمات. واستغلت الدول المنتجة هذا الوضع، ربما يشهد على ذلك عصر العراق ما بعد صدام حسين، الذي توقعت كبريات شركات النفط أن يكون الكنز المنتظر. إلا أنه تبين بعد ذلك أن العراق من أكثر المناطـق خطراً وأقلها ربحاً. ولكن ذات الأمر يمكن أن ينطبق على العديد من الدول من النرويج إلى نيجيريا، التي أحياناً تتجاوز فيها الضرائب والأتاوات وغيرها من الرسوم المفروضة على أنشطة النفط والغاز نسبة 90%. وبالتأكيد يمكن لمعظم كبريات شركات النفط الاعتماد على اثنتين من نقاط القوة هما القوة المالية الهائلة والمديونية بالغة الانخفاض الناتج كلاهما عن تدفقات النقد من استثمارات أجريت من 20 سنة أو 30 سنة مضت. وللاستفادة من هاتين النقطتين القويتين، يتعين على كبريات الشركات تصحيح استراتيجية أعمالها وإعادة بناء قدراتها البشرية والتركيز على المهارات والتكنولوجيا بما يشمل ما يتيح لها التعامل بفاعلية مع المشاكل البيئية المصاحبة لإنتاج النفط. ويتعين عليها أيضاً أن تضع في عين الاعتبار الاحتفاظ بقدر من أموالها لوقت ربما تكون فيه الأسعار أدنى والفرص أكثر جذباً. ولا يزال لدى هذه الشركات وقت تقلب فيه المنحنى النازل وإن كانت الفرصة آخذة في التضاؤل. عن «انترناشيونال هيرالد تريبيون» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©