الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجارب أمهات أطفال التوحد.. عطاء وتحدٍ

تجارب أمهات أطفال التوحد.. عطاء وتحدٍ
30 أكتوبر 2012
انضم عدد من الأمهات تحت مظلة مبادرة طموح أطلقنها قبل فترة، بدافع البحث وتبادل الخبرات بينهن في سبيل توفير أفضل الطرق الناجعة لحالات التوحد التي تعتري فلذات أكبادهن، وتحقيق قدر من الهدوء والطمأنينة في محيط الأسر التي يعتصرها الألم، عندما تفاجأ بوجود طفل توحدي بين صفوف أسرتها. خولة علي(دبي) - الإصابة بالتوحد تشكل هاجساً حقيقياً لدى الكثير من الأسر، التي لازالت عاجزة عن البحث عن جهات تستطيع تأهيل هذا الطفل، بطريقة منهجية علمية مدروسة، خاصة إن جهات تصرح بعدم قدرتها على استيعاب أطفال التوحد، وأخرى تضع مبالغ خيالية، تعجز الأسر عن توفيرها. معاناة الكثير من الأمهات، دفعتهن إلى تشكيل جمعية الإمارات للتوحد ترشدهن إلى كيفية التعاطي مع الطفل التوحدي، ووضع الأسس العلمية الكفيلة لتخطي حاجز هذه الإعاقة، من خلال الأنظمة والخطط التي تحاول أن تضعها الجمعية بالتعاون مع أمهات المتوحدين. الصحة النفسية والبدنية حول واقع تشكيل جمعية الإمارات للتوحد، تقول فاطمة المطروشي رئيس مجلس إدارة الجمعية إن كل أم تطمح أن ترى أطفالها على قدر من الصحة النفسية والبدنية، ولا يعانون من أي مشكلة قد تؤثر على طريقة نشأتهم ونموهم، ونظراً لتفاقم حالات التوحد التي باتت تأن الأسر منها، وتعيش في صراع ودوامة حقيقيين في كيفية تجاوز هذه العقبة، وتحقيق قدر من الهدوء النفسي والنظر إلى الأمور بعين الرضا والتفاؤل، جعلها تطلق مبادرة عبر وسيلة التواصل الإلكتروني، بمثابة منصة تدلي كل عضوة بتجربتها في التعامل مع طفلها التوحدي، لتبادل الخبرات والارشادات والنصائح ومناقشة أهم السبل والطرق الكفيلة في تأهيل طفل التوحد، وقد وصل عدد العضوات إلى أربعين عضوة من داخل الإمارات ومن دول الخليج. المثابرة وتتابع، نحن كأمهات طموحنا يدفعنا دائماً إلى السعى والمثابرة وعدم التوقف عند حد معين أو الاستسلام، فمن مبادرة طموح أثمر عنها جمعية الإمارات للتوحد كجهة رسمية، تقوم بدورها ومسؤوليتها في النهوض بالأسر التي تحتضن الطفل التوحدي، ودورنا يرتكز على عملية إرشاد وتوجيه الأمهات منذ لحظة اكتشافها، أعراض وسمات حالة التوحد، إيماناً بأن عملية التدخل المبكر، تحقق نتائج مذهلة، وهناك حالات خرجت من طوق التوحد، وأصبحت تخطو بكل ثقة في علاقتها الاجتماعية، وأيضاً التعاون مع عدد من المتخصصين في حالات التوحد من خلال إقامة الورش والمحاضرات والكشف أيضاً على الحالات، ونحن كأمهات لأطفال متوحدين عانين الكثير رغبة في إيجاد منصة صلبة نستطيع أن نقف عليها دون قلق وخوف من مغبة هذا الطريق الذي كثير ما يتخلله الإخفاق والفشل والعودة إلى نقطة الصفر. من جهة أخرى أشارت حنان أميري نائبة رئيسة مجلس إدارة الجمعية إلى أن تأسيس جمعية الإمارات للتوحد التي تم إشهارها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية في مايو 2012 بغية خلق تواصل مع أمهات المتوحدين، وتشكيل حلقة وصل بين أمهات الفئة المعنية، والجهات المسؤولة، رغبة في الكشف عن معاناة هذه الأسر وإيصال صوت الأمهات لها، للوصل إلى رؤية واضحة، حول متطلبات حالات التوحد، وتذليل العقبات والمشكلات التي تصادف الأمهات من خلال التوجيه والاستشارة، بالإضافة إلى السعى إلى وضع قاعدة معلومات إحصائية حول نسبة المصابين باضطرابات التوحد، داعية الأمهات إلى ضرورة التواصل والمشاركة الفعالة، حتى تتحقق طموحاتهن ورغباتهن. التدخل المبكر وعن واقع تجربتها مع طفلتها المصابة بالتوحد، ذات السنوات الخمس، تقول، رفضي لوضعها دفعني قدماً نحو البحث والمثابرة لتشخيص هذه الحالة وعوارضها فسعيت بالتدخل المبكر، وتأهيلها سلوكياً، وعلاج مشكلة النطق التي تعاني منها، والحمد لله هناك تقدم ملموس في حالة الطفلة، حيث بدأت تتكلم، وتتطور من حيث علاقاتها مع المحيطين بها، وقد تم دمجها في الحضانة أيضاً وأنا في تتبع مستمر لحالتها، والتعرف على احتياجاتها في المراحل العمرية المتقدمة. وترى أن أبرز المشكلات التي تصادف الأمهات، صعوبة التشخيص، مما يأخر إمكانية التدخل المبكر الذي تحتاجه هذه الفئة بشكل أكبر، فطبيب الأطفال في كثير من الأحيان لا يتملك المهارة التي يمكن أن يكتشف بها الحالة، التي تبدأ الأم بملاحظة مشكلة ما عند بلوغ طفلها السنتين، وللأسف كثير ما نجد تشخيص الحالة سلبيا وغير دقيق، مما يأزم المسألة ويجعل الأم في حيرة في التعاطي مع حالة طفلها، لذلك يفضل أن تتوافر في المراكز الصحية كشف دقيق ومبكر وتشخيص وإرشاد وتأهيل في الوقت ذاته، موضحة أن دور الجمعية يهتم بامتصاص وتيرة الضغوط النفسية التي تجتاح كيان العديد من الأسر، ومنحها الحلول الكفيلة في التعاطي مع حالة الطفل التوحدي بطريقة منهجية مدروسة، وتحت إشراف وتعاون من قبل معالجين متخصصين. تشخيص الحالة أما العضوة دينا أم عبدالله رئيسة اللجنة التربوية في الجمعية فتقول عن تجربتها، بدأت مرحلة العلاج بعد سنتين ونصف السنة من تشخيص حالة طفلي عبدالله الذي يبلغ الآن التاسعة من عمره وهو في الصف الثالث الابتدائي، ومدمج بشكل كلي في إحدى المدارس الخاصة، وقد عانيت في البداية من أسلوب التخاطب مع طفلي، حيث طرقت أبواب المراكز والحضانات، بحثاً عن لغة تخاطب باللغة العربية، لكن لم أجد مبتغاي، فأخذت بنصيحة إحدى الصديقات، بأن استخدم لغة تخاطب بالإنجليزية، نظراً لكونها أسهل في التعليم وسرعة تقبل الطفل لها، إلى جانب أن أغلب المراكز تستخدم لغة تخاطب الإنجليزية فلا يوجد تخاطب للتوحد باللغة العربية. وتتابع، في بداية الأمر واجهة صعوبة في التعامل مع طفلي، إلا أنني سرعان ما تجاوزت هذه المرحلة ولمست مدى تحسنه سلوكياً وتجاوبه مع المحيطين به، وأسعى من خلال تواجدي كعضوة في الجمعية، إلى توجيه الأمهات من خلال إيضاح بعض أسس النظام التعليمي الخاص بالتوحد، والتعريف به عبر نظام «الآي بي أم»، وهو نظام تعليمي معتمد عالمياً، قائم على تعديل السلوك مع التخاطب، فكل عضوة في الجمعية تقوم بمهام ودور مختلف، لكن يصب في هدف واحد وهو توجيه الأم وإرشادها حول أفضل السبل في التعامل مع الطفل التوحد. التعايش وتجربة أخرى مع العضوة حصة ثاني التي قالت في حديثها: نظراً لعدم وجود جهة ترشد الأسر في كيفية التصرف حيال الطفل التوحدي، واحتواء الأم وتخفيف من وطأة الخبر عليها، الأمر الذي أدى إلى إنهيار كيان الكثير من الأسر وتمزقها، وأسر أخرى مشتعلة بنيران المشاكل والخلافات، فعندما تجد الأم نفسها عاجزة تماماً عن فعل أي شيء حيال طفلها، فإنها تدخل في صراع نفسي قوي، تتجلى آثارها على محيط أسرتها وبيتها، وهناك الكثير من الأزواج انفصلوا لعدم قدرتهم على تقبل أو التعايش مع طبيعة هذه الحالة التي تتطلب قدراً من الحنكة والصبر والحلم في التعامل معاً. المهارات وتتابع، من واقع تجربتي كأم لطفل توحدي يبلغ 13 سنة الآن، كان يكلفني مبلغ تعليمه 150 ألف درهم سنوياً، تستنزفها منا المدراس الخاصة دون وجود مؤشرات واضحة على تطوره، نظراً لعدم وجود خطة مدروسة في كيفية اكساب الطفل التوحدي بعض المهارات التعليمية، فكانت الجهود فردية تقوم به المعلمة والتي تفتقر إلى الكثير من المهارات والخبرة في التعاطي مع المتوحد، إلى جانب رفض المدرسة أن يكون مع الطفل التوحدي مرافق خاص أو معلمة تقوم بتوجيه وتحد من سلوكه في الفصل الدراسي فهي بذلك تخفف على معلمة الفصل وتضبط سلوك الطفل في الفصل، لكن للأسف الشديد هناك رفض من بعض المدارس وجود مرافق للطفل التوحدي، في حين نجد نحن الأمهات أن المرافق أمر لابد منه في علاج حالة التوحد وتعديل سلوكه وتوجيهه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©