الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنانون إماراتيون يغزون «كريستيز»

فنانون إماراتيون يغزون «كريستيز»
9 نوفمبر 2011 22:40
صار للأعمال الفنية التشكيلية العربية، المعاصرة والحديثة، مكانها ومكانتها في معارض المزادات العالمية، وصارت تتنافس مع أعمال كبار الفنانين في العالم، وتحصد مراكز متقدمة من حيث الأثمان المادية التي تدفع لها، وبدأت أعمال بعض الفنانين العرب تتجاوز التقديرات وتباع بأسعار مضاعفة، وأخذت تحتل حيزا مهما في مثل هذه التظاهرات العالمية، سواء تعلق الأمر بمجموعة من رواد التشكيل العربي، أم بالفنانين الذين ما يزالون يشقون طريقهم في عالم الفن. هذا ونحن نتحدث عن سوق ضخمة تمتد على مساحات من العالم الذي “يتاجر” بالفن. وفي هذا العالم نكتشف تجارب الفن التشكيلي بكل تياراتها. تجارب بعيدة عن أضواء الشهرة تدخل اليوم “سوق الفن” بقوة. المشاركات العربية في كريستيز دبي 2011 الذي أقيم أواخر أكتوبر الماضي، جسدت هذا الحضور عبر أسماء وتجارب متميزة وقادرة على المنافسة، سواء على الصعيد الفني أو على مستوى الحصاد المالي، ورغم أن ثمة أسماء تتكرر في المزادات، محمود سعيد (مصر)، فاتح المدرس ولؤي كيالي وعبدالله مراد (سوريا)، بول غيراغوسيان (لبنان ـ فلسطين)، ضياء عزاوي وأحمد السوداني (العراق)، وغيرهم، إلا أن منظمي “كريستيز” يحرصون أن يكشفوا في كل مزاد عن أعمال جديدة لهؤلاء الفنانين من بين مجموعات مقتني هذه الأعمال، والترويج لها في السوق المحلي والعالمي، من خلال استقطاب مشاركة واسعة من كبار المقتنين المخضرمين والمقتنين الجُدد من الشباب، إقليمياً وعالمياً. مزاد هذا العام شمل عرضا للأعمال الفنية العربية والإيرانية والتركية الحديثة والمعاصرة، فقد شهد مشاركة نخبة من أعمال رواد الحركة الفنية والإبداعية بمنطقة الشرق الأوسط. وإذا كان ما يهمنا في هذا المعرض بصورة أساسية هو المشاركة العربية، وضمنها نخصص مساحة لعدد من الفنانين الشباب الإمارات، لكن هذا لا يمنع من التعرض لأعمال بعض الفنانين الأتراك والإيرانيين. وفي هذا الإطار نحاول رصد ابرز الملامح التي تبدت في هذا المعرض. الملحوظة الأولى التي نضعها في هذا المعرض، وربما تكررت في المعارض السابقة، تتعلق بتفوق حجم المشاركة العربية نسبة إلى المشاركات التركية والإيرانية. ومن داخل المشاركة العربية نلتفت إلى أن حجم المشاركة المصرية تأتي في المقدمة، تليها السورية والعراقية، ثم بعض المشاركات العربية من هنا وهناك. والأمر هنا لا يتعلق بعدد المشاركين ولوحاتهم، بقدر ما يكشف عن الفارق الشاسع على صعيد الأسعار بين لوحات المصريين ولوحات الآخرين. فما الذي يتحكم بهذه المسألة، وما دلالاتها على الصعيدين الفني والمادي؟ الاعتقاد السائد هنا أنه، إضافة إلى معايير المنظمين والمقيمين، ثمة مسألة القدرة على التسويق، وهناك طبعا فارق بين قدرة المصريين بإعلامهم وعلاقاتهم وبين القدرات السورية والعراقية وغيرها في هذا المجال، فهؤلاء العرب غالبا ما يعيشون ما يشبه العزلة الإعلامية. ولو أتيحت لهم مثل هذه القدرات فإننا قد نجد أعمالهم تنافس على المستويين العربي والعالمي. وفي الإطار نفسه نلمس تراجع أسعار أعمال بعض الفنانين العرب، وتقدم الفنان الإيراني، وعلى سبيل المثال من بين الأعمال العشرة الأعلى سعرا في المزاد، نجد أن العمل الأول هو “جذع الشجرة” للفنان الإيراني سهراب سيبهري، حيث بيعت مقابل 662,500 دولار أمريكي، بينما تراجع المصري محمود سعيد إلى المرتبة الثانية، الذي كانت لوحته “الشادوف” احتلت المرتبة الأولى في الدورة الماضية وبيعت بما يقارب مليونين ونصف مليون دولار، بينما لم تحصل لوحته “فتاة صغيرة من أسيوط” سوى على ستمائة وخمسين ألف دولار (لوحته الثانية “الحاج علي” التي رسمها سعيد عام 1924 بيعت بقيمة مماثلة للوحة الأولى تقريبا). لكن اللافت أن الأعمال التركية الخمسة المشاركة بيعت بقيمة إجمالية بلغت 353,000 دولار أمريكي، ومنها لوحة “تفاحة” للرسامة والنحاتة أزادي كوكر (وُلدت 1949) والتي بيعت مقابل 122,500 دولار أمريكي. الأعمال الأكثر إقبالا ظاهرة أخرى تلفت النظر في الأعمال الأكثر قبولا لدى المقتنين، وهو أن الإقبال في هذا المزاد، كما في غيره، هو على الأعمال التي تنتمي إلى عالم المكان والطبيعة والبيئة، وخصوصا المكان القديم، وتعالج علاقة الإنسان بهذا المكان، كما نرى في كثير من الأعمال المشاركة والتي حازت على مواقع متقدمة في المزاد. تحضر في هذا المجال أعمال محمود السيد وفاتح المدرس ولؤي كيالي وغيرهم من رواد التشكيل العربي. ولكن اللافت أكثر هو تجاور المدارس الفنية المختلفة في اتجاهاتها بين الأصالة والحداثة والتجريد وسواها، في معرض يكاد يكون متحفات لهذه الاتجاهات كلها، ولكل اتجاه من يقبل عليه. ما يطرح مجددا سؤال المعايير والذائقات التي تتحكم في الإقبال على هذا العمل أو ذاك. فالميل إلى القديم واضح في أعمال المصريين والسوريين بصورة خاصة. فهل نتحدث هنا عن مقتنين أوروبيين يجذبهم الشرق وعوالمه السحرية؟ ربما. الفنانون والمقتنون الشباب المزاد جمع ما يقارب سبعة ملايين ونصف المليون دولار، وتميز المزاد بحضور كبير من المقتنين الناشئين الحريصين على اقتناص الأعمال المعاصرة لفنانين معاصرين ينتمون إلى الفئة العمرية ذاتها، إذ تشير أرقام كريستيز إلى أن تسعة وثلاثين من الفنانين الذين شاركت أعمالهم في المزاد تقل أعمارهم عن خمسة وثلاثين عاماً، وقد تنافس على أعمالهم جيل المستقبل من المقتنين، جلّهم يزايد في مزادات فنية عالمية للمرة الأولى. وفي هذا الإطار عن مشاركة الشباب، يقول مايكل جيها، المدير التنفيذي لدى كريستيز الشرق الأوسط ورئيس المزاد: كانت كريستيز حريصة هذا العام على تقديم مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية المعاصرة لاستقطاب المقتنين الناشئين، ويؤكد المزاد اليوم أننا نجحنا في ذلك، وليس أدل على ذلك من الحماس الكبير الذي عمّ قاعة المزاد هذا المساء، لاسيما بين أوساط المقتنين الجُدد. شكّل المزاد في جزئه الثاني نقطة تحوّل في مسيرة مزاداتنا بدبي من حيث تنوّع الأعمال المشاركة وقيمتها، مع الالتزام بسياستنا الراسخة القائمة على اعتماد معايير الجودة الفائقة في الأعمال المشاركة، ويسرّنا أن يحصد المزاد في جزئه الثاني المتعلق بأعمال الفنانين الشباب 2.3 مليون دولار، مع بلوغ نسبة البيع 83 بالمئة. وسعدنا حتماً بالأرقام التي حققتها خمسة أعمال لفنانين إماراتيين يشاركون في مزادات فنية علنية عالمية للمرة الأولى، مثلما سعدنا ببيع كافة الأعمال الفنية التركية المشاركة في المزاد بشقّيه. ولا يقل عن ذلك أهمية بيع الأعمال التي تبرّع بها فنانون عراقيون معاصرون لدعم مؤسسة صدى غير الربحية المعنية برعاية الحركة الإبداعية العراقية. الحضور الإماراتي الشاب خمسة من الفنانين الإماراتيين من الجيل الشاب شاركوا بالمزاد وحققت أعمالهم نجاحاً لافتا، حيث لقيت أعمالهم تجاوباً كبيراً من قبل الجمهور المتخصص. وأبرز ما تتسم به هذه الأعمال هو قدرتها على الجمع بين البيئة المكانية والحداثة. الفنانون الإماراتيون الخمسة ولوحاتهم هم: سعيد خليفة بلوحة “ما يمكن أنْ يُصَدَّق”، ونور السويدي صاحبة لوحة بعنوان “عارٍ وأنا”، وميرا حريز بلوحة “مادونا”، ولطيفة بنت مكتوم صاحبة لوحة “نظرة أخيرة”، ولمياء قرقاش بلوحتها “سالم”، وقد تمّ بيع هذه الأعمال بالمزاد بقيمة تفوق القيمة التقديرية الأولية مسجّلة أرقاماً قياسية عالمية لهم جميعاً، بحسب ما جاء في بيان صدر عن كريستيز. كان هؤلاء الفنانون والفنانات من بين تسعة وثلاثين من الفنانين الذين شاركت أعمالهم في المزاد، ممن تقل أعمارهم عن خمسة وثلاثين عاماً. وتنتمي هذه الأعمال إلى ما بعد الحداثة وأسئلتها الراهنة في الفن التشكيلي الإماراتي، أي أنها تميل إلى التقنيات الحداثية التي تفتح إمكانات التعبير أمام الفنان إلى أقصى مدى، بحيث من الممكن تأويل هذه الأعمال وإنتاج معنى جديد لها، أو دلالة واسعة بحسب ما يرى الناظر إليها. بالوقوف مع عمل لمياء قرقاش “سالم” نجد أنه يتوافر على جرأة عالية ربما، فهي تقترح من خلاله رؤية متخيلة لهوية شديدة التركيب والتعقيد، وتمنح الناظر إليها إحساساً محيّراً، فـ”البطل” في هذا العمل يكاد يكون مهرجاً، لكنه في الوقت نفسه يستخدم مكياجاً أنثوياً أكثر منه ذلك الخاص بالمهرجين وفقاً للنظرة الكلاسيكية إليهم في الفنون، وقد أضيف إليه طوق الأزهار في الرقبة. أيضا على مستوى تركيب اللوحة من عناصر فوتوغرافية، تعبّر “سالم” عن إمكانات لافتة في التخييل والأداء معا. طاقة تجديد وأخيرا، نتوقف مع عمل للفنان السوري ثائر هلال الذي بيعت لوحته “زحمة خانقة” بعشرين ألف دولار، لوحة تستوقف الزائر للمعرض بما تمثله من طاقة التجديد والجمع بين الواقعي والمتخيل، وما تشتمل عليه من غموض يدعو للتأمل، وهي بحجمها الكبير، وكما قال الفنان لـ”الاتحاد” عبارة عن “عمل يشير إلى العلاقة الملتبسة لمتغيرات المشاعر والعواطف تجاه ما هو مادي أو روحي وإلى حجم التضاد والتداخل بينهما، وكذلك إلى تطلعات متجددة في تجربة الفنان وبحثه المستمرفي الطاقة التعبيرية للعناصر ولأدوات ومواد جديدة ومتبدلة وصادمة أحيانا, ومحاولات احترافية بحتة لتقديم قيم وإشارات فنية معاصرة وجديدة لشكل الوحدة البصرية المتكررة والممتدة، ومنحها عاطفة وحياة جديدة مبنية وفق حزمة معقدة من المفاهيم تتمحور حول الاختزال القصدي المكثف للحكاية التي تكاد تختفي, فهنا أعداد كبيرة من نماذج مصغرة ثلاثية الأبعاد لسيارات يثير تجمعها مشاعرجديدة ومتعددة ومتناقضة بين الحب و الرفض, الضرورة والاستغناء...الخ. وهي محاولة مرتبطة ببحث مختلف في كل ما هو أزلي مستمر من اللابداية إلى اللانهاية ممتد عموديا وافقيا. حقائق وأرقام وخلاصات • 39 من الفنانين الذين شاركت أعمالهم في المزاد تقل أعمارهم عن 35 عاماً • 53 عملاً بقيمة تقديرية دون 10,000 دولار أمريكي • 43 رقماً قياسياً عالمياً، 22 منها لفنانين دون 35 عاماً • نسبة المُباع من القطع في المزاد تجاوزت 80 بالمئة • المزاد وفر للمقتنين الناشئين بمنطقة الشرق الأوسط فرصة ضمت نخبة من الأعمال المعاصرة إلى مجموعة مقتنياتهم • تسعة وثلاثون من الفنانين الذين شاركت أعمالهم بالمزاد تقل أعمارهم عن خمسة وثلاثين عاماً، الأمر الذي بدا جلياً في الفئة العُمرية للحضور من المزايدين والمشترين • سبعة وخمسون من الفنانين تشارك أعمالهم في مزاد كريستيز للمرة الأولى • بيع كافة الأعمال الفنية التركية المشاركة بالمزاد • أعمال الفنانين الإماراتيين المشاركة بالمزاد تُباع بقيمة تفوق القيمة التقديرية الأولية مسجّلة أرقاماً قياسية عالمية لهم جميعاً • ستة أعمال تبرَّع بها فنانون عراقيون معاصرون لدعم مؤسسة “صدى” تجمع 102,625 دولاراً أمريكياً دعماً للمؤسسة الناشئة الرامية إلى احتضان الحركة الفنية والإبداعية العراقية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©