السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراع على الكتب

صراع على الكتب
20 نوفمبر 2014 00:00
خلال الأشهر القليلة الماضية، كنتُ أتابع الصراع القائم بين شركة «آشيت» الرائدة في النشر التقليدي للكتب، وموقع «أمازون»، أكبر متجر لبيع الكتب على شبكة الإنترنت. وأشار عدد كبير من الوكالات الإخبارية إلى أنّه بعد نشوب خلاف أوليّ بينهما حول الكتب الإلكترونية، بدأت «أمازون» تعوق مبيعات كتب «آشيت»، وتقوم بتقليص أو إلغاء الحسومات على الكتب، إلى جانب التأخّر في تسليمها. ووقف عدد كبير من الكتّاب الأميركيين إلى جانب شركة «آشيت» بمن فيهم ستيفن كينج وجون غريشام الذي انضم في شهر آب (أغسطس) إلى بضعة آلاف من الكتّاب الآخرين للتوقيع على رسالة مفتوحة «شديدة اللهجة لحضّ أمازون على التوقّف عن إلحاق الضرر بمصدر رزق الكتّاب الذين بنت شركتها على حسابهم». وتمّت كتابة مقالات عديدة حول تبعات هذا الخلاف على دور النشر ومستقبلها، لكن، لم يتمّ الحديث بشكل كافٍ عن المتاجر التقليدية لبيع الكتب. أحبُّ زيارة بائعي الكتب المستقلّين، ليس لأنني أدين لهم بالحظ الجيّد الذي حالفني ككاتب فحسب (وأظنّ أنّ كتّاباً آخرين يوافقونني الرأي) بل بسبب وجود فارق كبير بين عملية طلب كتاب على موقع «أمازون» وبين الوقت الذي تمضيه في متجر الكتب للبحث عن كتاب ما ولاكتشاف كتب لم أسمع عنها يوماً، ولأطلب نصيحة بائع الكتب حول كتاب معيّن. ويشكّل كلّ كتاب يتمّ شراؤه من موقع «أمازون» طعنة في ظهر باعة الكتب. وحتى لو كنت تحبّ تسوّق الكتب بالطريقة القديمة، قد تجد نفسك، شأنك شأني في هذه اللحظة، بحاجة إلى قراءة كتاب معيّن حين تمضي وقتاً في الريف بعيداً عن المدينة الكبيرة التي تجد فيها متاجر كبيرة للكتب. وفي حال طلبتُه من موقع «أمازون» سيصل إلى منزلي في غضون يومين، كما يمكنني أن أجتاز مسافة 40 ميلاً في السيارة للذهاب إلى قرية مجاورة فيها متجر للكتب، حيث من المحتمل ألا أجد الكتاب الذي أريده، ربما لأنه لم تتمّ طباعته منذ زمن طويل. ما الذي يجب فعله في هذه الحالة؟ لستُ أرى حلاً سهلاً لهذه المشكلة التي تعدّ مشكلة مؤقتة بالنسبة إلى شخص مثلي يقطن في بلد لمدة قصيرة من الوقت، فماذا عن الأشخاص الذين يعيشون على مدار السنة في البلد وفي الجبال، أو بمحاذاة البحر، أو في أي قرية صغيرة بعيدة عن متاجر الكتب الكبرى؟ يواجه أحياناً الأشخاص الذين يعيشون في مدن أكبر، مشكلة مماثلة أيضاً، وأظنّ أنّه في هذه المرحلة، يجدر بباعة الكتب المستقلّين تحويل المشكلة إلى فرصة. تخيّل أنّ شخصاً يقوم بإجراء بحث حول موضوع معيّن، وأنّ كافة مصادره تشير إلى وجوب قراءة كتاب محدّد لم يطّلع عليه يوماً. سيشعر هذا الشخص بالحاجة إلى البحث عن هذا الكتاب. لنفترض أنّه تم نشر هذا الكتاب منذ 10 أو 20 أو حتى 40 سنة وأنه عاجز عن إيجاده في متجر الكتب المحلي. سيعمد حينها إلى زيارة موقع «أمازون»، وسيجد الكتاب الذي يريد، سيطلب نسخة منه، وسيحصل عليه في غضون أيام. ومن خلال القيام بذلك، لم يلحق أي ضرر ببائع الكتب في المتجر المحلي؛ لأنه لم يقم على أيّ حال بإعادة بيعه. لكن، تخيّل أن يردّ بائع الكتب بطريقة مختلفة على طلب العميل. فبدلاً من الاعتذار من العميل لأنّ الكتاب غير متوافر في متجره، يمكنه إخباره بأنّه سيعيد بيع الكتاب خلال يومين أو ثلاثة. في هذا الوقت، يزور بائع الكتب موقع «أمازون» أو أيّ موقع شبيه به، فيجد الكتاب ويطلبه حتى يتمكّن من بيعه للعميل. ويعود لبائع الكتب قرار رفع سعره لجني ربح أو بيعه بسعره الحقيقي من أجل ضمان ولاء العميل لمتجره (من شأن خدمة جيدة مماثلة ضمان عودة العميل إلى متجره). لا يضرّ هذا السيناريو لا ببائع الكتب ولا بالناشر الذي لم يعد ربما يقوم بطباعة كتابه. فضلاً عن ذلك، يرسي حركة فاعلة بين متجر بيع الكتب التقليدي وبين التجارة الإلكترونية. وحتى لو استمرت التكنولوجيا في تغيير طريقة شرائنا للكتب والأمكنة التي نبتاعها منها، لا يمكن إلغاء متاجر الكتب. في المستقبل، قد يزور الأشخاص المتاجر بشكل روتيني لشراء منتجات مطبوعة على الطلب: يمكن أن تتواجد الكتب في بعض المتاجر البعيدة، لكن يمكن أن تقوم آلة بطباعة الكتاب على الفور بحجم خط يتماشى مع مدى نظرك. قد تكون تكنولوجيا الطباعة على الطلب صعبة، وفي بعض الأحيان بعيدة المنال بالنسبة إلى متاجر الكتب الصغيرة إلا أنه لا يزال ممكناً الدخول إلى شبكة الإنترنت، وإيجاد نسخ أصلية من الكتب التي أصبحت خارج الطباعة. قد يبحث بعض القرّاء المطلعين على الويب، عن هذه المجلدات للاحتفاظ بها لنفسهم لكن يجدر بباعة الكتب المستقلين التفكير في القيام بهذه الأبحاث خدمة لعملائهم المحليين. قد تكون هذه طريقة إضافية لسدّ الهوة بين متاجر بيع الكتب التقليدية وبين التجارة الإلكترونية. ويعدّ تحقيق ذلك في الدول التي لا تملك اتصالاً بشبكة الإنترنت في كافة مناطقها، مفتاحاً لمطالبة متاجر بيع الكتب التقليدية باسترجاع مكانهم المحقّ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©