الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سنارة تعيد فتح ملف استغلال المجاري المائية في بريطانيا

سنارة تعيد فتح ملف استغلال المجاري المائية في بريطانيا
16 مارس 2007 00:23
إعداد - محمد عبدالرحيم: منذ عهد ''السير والتر راليج'' في القرن السادس عشر اعتاد نبلاء بريطانيا على ادعاء ملكيتهم لضفتي مجرى نهر بلاك ووتر بما يزخر به من كميات هائلة وثمينة من أسماك السالمون·· ويبدو أن مايكل اوشيا الايرلندي الموطن قد أعاد فتح ملف هذا النهر عندما رمى بسنارته في أعماق النهر من دون اذن مسبق لتتحول عملية الصيد في النهر إلى قضية تناولتها الصحف البريطانية، خاصة بعد الحكم عليه بغرامة مالية، ويبدو أيضا أن أوشيا بدلا من اصطياد أسماك السالمون التي يزخر بها النهر اصطاد ''قمقماً'' ينطوي على جميع المشاكل القانونية الشائكة، فقد اضطر اوشيا ومجموعة من المواطنين المتعاطفين معه الى استحضار والاستشهاد بقانون الماجنا كارتا الخاص بحقوق النبلاء الانجليز لعام 1215 والوثائق الملكية التي تعود لعام 1609 من أجل مواجهة وتحدي الادعاء القائل إن ثاني اطول نهر ايرلندي يمتد الى 20 كيلومتراً إنما يعتبر ملكية خالصة لأحد الدوقات البريطانيين· ونقلت صحيفة ''وول ستريت'' عن أولي كيسي العضو في مجلس بلدية مدينة يوال حيث ينتهي مصب النهر في البحر قوله ''أعتقد أن من السخف أن يدعي أي شخص حتى لو كان دوقاً بأنه يمتلك نهراً''، ولكن الدوق الثاني عشر لمقاطعة ديفونشير ''اندرو موربن كافيتديش'' البالغ من العمر 62 عاماً يدعي من جانبه بأن عائلته ظلت تمتلك قلعة ليزمور التاريخية على شواطئ نهر بلاك ووتر لفترة أربعة قرون متصلة، وعلى الرغم من أن الدوق لا يمتلك جميع الأراضي المحاذية لامتداد النهر إلا انه أكد أن أجداده استمروا يستحوذون على ملكية قاع النهر الى مصبه بالاضافة الى جميع مصادر المياه الفرعية منذ أن اشتروا قلعة ليزمور من السير والتر· ويقول مايكل بينرودوك المدير البريطاني المسؤول عن عقارات الدوق في ايرلندا متسائلاً ''اذا كان أحدهم يمتلك شيئا طوال فترة 400 عام واستمر يدفع الضرائب المفروضة عليه فمن غير المنطقي أن يأتي شخص بعد ذلك ليدعي بأنه ملك لجهة أخرى·· هل يعقل ذلك؟'' ومالياً فإن الدوق يؤجر قلعته بمبلغ يصل الى 40 ألف دولار أسبوعياً وهي تستضيف كبار الشخصيات من امثال الأمير تشارلز وزوجته كاميلا والعديد من المشاهير من امثال تايجر وود، وهو يدير ايضا منتجعاً حصرياً لصيد الأسماك يعرف باسم ''كاريسنيل هاوس'' بسعر 4 آلاف دولار لكل زائر في الأسبوع ويؤمه العديد من الأثرياء والنجوم، وفي ظل وجود مثل هؤلاء السياح من علية القوم يبدو أن لا مجال للصبر أمام عمليات الصيد المجاني التي يمارسها المتسللون إلى النهر من أمثال أوشيا قاطع الزجاج العاطل عن العمل الآن والذي قضت إحدى المحاكم الايرلندية بتغريمه مبلغ 75 دولاراً عن تهمة الصيد غير المشروع· وفي الوقت الذي تقدم فيه اوشيا باستئناف على الحكم إلا أن النزاع فيما يبدو سلط الضوء مجدداً على النضال والكفاح الايرلندي الذي امتد لقرون طويلة ضد الهيمنة البريطانية وكذلك النزاع الذي احتدم منذ العصور الوسطى بشأن الملكية الخاصة على العديد من الأنهر في الدولة· وتقدر ثروة عائلة الدوق الآن بحوالي مليار دولار بعد ان بدأت في النمو منذ أواسط العام ،1550 إلا أن العائلة تمكنت من الاستمساك بملكيتها لقلعة ليزمور في أوقات صعبة وبخاصة عندما نالت ايرلندا استقلالها من انجلترا في عام 1922 وشرع الزعماء في دراسة إحداث إصلاحات جذرية لقوانين الأراضي نجحت في إنهاء الارستقراطية البريطانية ولكنها عوضاً عن ذلك سمحت لملاك الأراضي بالاحتفاظ بممتلكاتهم الموروثة، ولكن النزاعات بشأن أحقية الدخول الى الأنهر واستغلالها من قبل العامة من الناس ظلت تشتعل بشدة منذ ذلك الوقت، واستمرت بريطانيا وايرلندا ضمن الدول الأكثر تشدداً في العالم عندما يتعلق الأمر بحرمان العامة من استغلال مجاري المياه الخاصة بالملاك، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال عمدت المحكمة العليا على التأكيد على حق العامة في الملاحة والإبحار بالزوارق حتى في المجاري المائية التي تشق طريقها داخل الملكيات الخاصة كما يقول ايريك ليبر المدير التنفيذي للمنظمة الوطنية للأنهار في أميركا· وفي أواخر حقبة التسعينات من القرن الماضي عندما شرعت مدينة يوال في إجراء تحسينات في الميناء سرعان ما بادر بيتردوك مدير الأراضي الخاصة بالدوق ببعث رسالة إلى مجلس المدينة يذكره فيها بأن الدوق هو المالك الوحيد لقاع النهر، ولكن كيسي وزملاءه في مجلس البلدية بدأوا ينقبون في الأرشيف بحثاً عن دلائل يواجهون بها ادعاءات الدوق قبل أن يكتشفوا وجود وثيقة بإمضاء الملك الانجليزي جيمس تعطي لمدينة يوال الحق بالهيمنة على المياه التي تجرى داخل حدودها، بل إن محامي اوشيا اثناء جلسة الاستماع في عام 2004 ادعى بأن وثيقة الماغنا كارتا الخاصة بضمان الحقوق الأساسية والتي اكره الملك جون النبلاء الانجليز على إقرارها في العام 1215 تنفي وتتناقض مع ادعاءات الدوق بالملكية، وتمنح هذه الوثيقة الحق للعامة بصيد الاسماك في الأنهار الكبيرة التي لم تكن اصلاً تحت الملكية الخاصة آنذاك في أواسط القرن الثاني عشر، ومضى المحامي يشير إلى أن نهر باك ووتر لم يكن يخضع للملكية الخاصة في ذلك الوقت المبكر مما يجعله نهراً قابلاً للدخول والاستغلال من قبل العامة، إلا أن أحد القضاة المحليين وقف الى جانب الدوق وقضى بتغريم اوشيا مشيراً إلى حكم كان قد اصدره مجلس اللوردات في عام 1882 في صالح الارستقراط قائلا: ''لقد مضى أكثر من 120 عاماً على ذلك الحكم ولا يجب أن يواجه لقب دوق ديفونشير أي تحدٍ من أي شخص كان''، ومازال استئناف اوشيا يقبع في داخل إحدى المحاكم الايرلندية في الوقت نفسه الذي بقى فيه ملتزماً بالابتعاد عن النهر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©