السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجعجعة

18 نوفمبر 2014 22:50
الأحاديث النبوية الشريفة، مدرسة يتخرج فيها من ينشدون الرقي في الحياة الدنيا، ومن يسعى للآخرة سعيها. ونتحدث عن الدنيا التي تقام فيها دورة الخليج الثانية والعشرين، وكيف يمكن لأهل هذه الدورة من فنيين وإعلاميين الاستفادة العظمى من مواد هذه المدرسة. والحديث الشريف إنما يدعو إلى الاستتار بمعناه الإيجابي، وليس الهروب من المسؤولية بتغليق الأبواب، وإنما منح النفس الأمارة بالسوء فرصة للتفكر في ما حدث، لكي تقومه تقويماً منطقياً، بعيداً عن تأثيرات رياح العاطفة التي كثر ما مزقت أشرعة سفينة العقل المسكين، حين يصر على الإبحار وسط أمواج العصبية والمكابرة، كما أنه يمنح الآخرين فسحة من الزمن، ينسون فيها الوجع، ويستعيدون السيطرة على زمام العقل، ومن ثم النظر للأمر من زاوية أخرى وبهدوء أكبر. بعد هذه المقدمة، أعتقد أن المعني– بالياء- صار واضح المعالم، فهو المدرب الذي يخسر منتخبه، بعد عرض فني هزيل، إلا أنه لا ينفك عن الجعجعة وإطلاق التصريحات المدوية التي يمني النفس بها أن لا ينصرف الناس عنه وعن كتيبته المتخاذلة. إن المؤتمرات الصحفية التي يعقدها الكثير من المدربين، ومن تبعهم من لاعبين أو إداريين مهزومين، صارت فناً من الفنون الإعلامية، إلا أنها فن هابط لأنه يحاول الالتفاف على الحقائق الفنية وغير الفنية أيضاً، وممن يروج لهذا الفن الهابط أداءً ومضموناً إعلاميون تضطرهم لذلك الساعات المفتوحة، وكأنها من نسـل مثلث برمودا، وهؤلاء تحت وطأة البث المباشر وساعات البث التي لا يدركها نعاس يرمون ميكروفوناتهم بأحضان الخاسرين، وينصبون كاميراتهم مصوبة عليهم، ليمارسوا سحرهم على من يشجعهم بنية طيبة ومحبة صافية. إننا لا ندعو إلى عدم التعليق بعد الخسارة، ولكن ننبه إلى أهمية احترام مشاعر المتابعين، وعدم الاستهانة بمعلوماتهم وقدراتهم على التمييز بين الرائع الذي تغفر خسارته، وإن ثقلت وبين الخاسر، وربما حتى المتعادل المتبجح. إن الشجاعة تدعو هؤلاء إلى أن يتواضعوا معترفين بأنهم لا يستحقون ما بذل من أجلهم، ويحدثوا جمهورهم بتواضع مستترين خلف أمنيات بأن يعودوا إلى كسب ود جمهورهم من غير تعال عليه. إنها ثقافة تبدو غريبة في زمن الاحتراف المنفلت الذي من أهدافه أن تكون الكرة معياراً ولو إعلامياً في أن تسمو الأوطان، أو تهوي، وهو معيار زائف، لأن هناك ما هو أعظم وعلى المرسل والمتلقي أن يدركا معاً، إنما هي لهو ولعب ليس إلا، وأن هناك من يجتهد ليسحرهم فائزاً أو خاسراً، ولكن الحقيقة الراسخة إنه لا يفلح الساحرون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©