توجه نحو ثلاثة ملايين حاج من مختلف دول العالم بعد غروب شمس أمس إلى مشعر مزدلفة بعد الوقوف على صعيد عرفات وقضاء ركن الحج الأعظم. وأدى الحجاج عقب وصولهم إلى مزدلفة صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير ليلتقطوا الجمار بعدها، وقضى الحجاج ليلة أمس في المزدلفة، ثم سيتوجهون إلى منى بعد صلاة فجر اليوم الأحد أول أيام عيد الأضحى لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي. وتعد النفرة من عرفات إلى مزدلفة المرحلة الثالثة من مراحل تنقلات حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة لأداء مناسك حجهم.
وشهدت الطرق الفسيحة التي سلكها حجاج بيت الله الحرام في طريقهم إلى مزدلفة انتشار رجال المرور والأمن والحرس الوطني والكشافة لمساعدة الحجاج وتسهيل حركتهم. وشوهدت الطائرات العمودية تحلق فوق الطرق المؤدية إلى مزدلفة لمتابعة حركة سير مركبات الحجيج والمشاة، لتزويد الأجهزة المختصة بحالة الحجيج حتى يتسنى تقديم المساعدة والإرشاد لمن يحتاج. ووفرت الجهات المعنية خدماتها لضيوف الرحمن من المياه والكهرباء والمواد التموينية كما انتشرت المستشفيات الحديثة ومراكز الرعاية الصحية لخدمتهم والعمل على رعايتهم صحيا .
وتوافد نحو 3 ملايين حاج أمس إلى جبل عرفات لأداء الركن الأعظم في المناسك، وردد مئات الآلاف من الحجيج وهم يرتدون ملابس الإحرام البيضاء في الصباح الباكر من يوم أمس التلبية “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك” وسط أجواء إيمانية وروحانية لهجت فيها الألسنة بالدعاء.
وأعلن الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي أمس أن عدد الحجاج لهذا العام بلغ مليونين و828 ألفا و195 حاجاً من 183 جنسية من مختلف دول العالم. وقال نايف في برقية رفعها لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إنه للمرة الأولى يصل عدد الحجاج القادمين من خارج السعودية إلى هذا الرقم. وقال أمير مكة المكرمة خالد الفيصل إن أعداد الحجاج هذا العام زادت عن العام الماضي بنسبة 1,84%، أو 27 ألفا و274 حاجاً. ويحج من داخل المملكة هذا العام نحو 150 ألفاً من السعوديين و63 ألفاً من المقيمين.
وانتشر أكثر من 100 ألف من قوى الأمن والدفاع المدني لضمان أمن وسلامة الحجاج. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي إن الحج “يسير بشكل طبيعي وفقا للمخططات الموضوعة”. وأضاف لقد “سيطرنا على شبكة الطرق عند تفويج الحجيج من منى إلى عرفات ومن ثم إلى مزدلفة”. وأشار إلى أن “آلاف الحجاج انتقلوا إلى عرفات بالقطار، فيما استخدم آخرون النقل التقليدي والترددي بخلاف المشاة”.
وأعلن مصدر رسمي سعودي أن “قطار المشاعر”نقل نحو 300 ألف حاج أمس إلى مشعر عرفات ليحقق أهداف وخطط تشغيله هذا العام بعد اكتمال طاقته الاستيعابية هذا العام. وقال وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التطويرية حبيب بن مصطفى زين العابدين أمس إن عدد المستفيدين من القطار بلغ أكثر من 270 ألف حاج بدأ توافدهم على محطات القطار من بعد الإشراق وحتى العاشرة صباحاً. وأضاف أن القطار انطلق في موعده المحدد ولم يحدث أي تأخر في موعد الرحلات.
وتوافد الحجيج على قطار المشاعر في رحلات ترددية نقلت عشرات الآلاف من الحجاج بالموازاة مع الحركة الترددية المستمرة للحافلات التي استفادت من تخفيف القطار الضغط على الطرق. ويذكر أن تكلفة القطار بلغت نحو 6,7 مليار ريال يربط في مرحلته الأولى بين المشاعر المقدسة (عرفات ومزدلفة ومنى). على الصعيد نفسه، قال فهد أبو طربوش مدير عام مشروع قطار المشاعر إن “تصعيد الحجاج من مشعر منى إلى عرفات تم بسلاسة”. وأضاف أن القطار بدأ في العمل من الساعة العاشرة مساءً واستمر حتى العاشرة صباح السبت”.
وأكد أن “القطار توقف في الثالثة والنصف بعد الظهر (أمس) لتهيئته لنفرة الحجيج من عرفات إلى مزدلفة”. وأوضح أن “القطار سيستمر في نقل الحجيج من عرفات باتجاه مزدلفة حتى قبل منتصف الليل”. وشدد اللواء منصور التركي على أن “الأجهزة الأمنية لم تسمح بمرور السيارات غير النظامية وفصلت المشاة عن المركبات لتفادي الزحام”.
وأكد أن “نحو 98 ألف حاج سيحالون إلى الادعاء العام ومن ثم إلى المحاكم الشرعية بسبب مخالفتهم”. وأكد أنه “أعيدت في العام الماضي أكثر من 36 ألف سيارة مخالفة لدخول المشاعر المقدسة، فيما أعيدت نحو 6 آلاف هذا العام فقط، في دلالة واضحة على احترام الناس للتعليمات”. واصطفت سيارات الإسعاف وسيارات خدمات الحجاج التي توفر المياه والطعام للحجيج.
وتوافدت جموع من حجاج بيت الله الحرام إلى مسجد “نمرة” بصعيد عرفات لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصراً. وامتلأت جنبات المسجد، الذي تبلغ مساحته 110 آلاف متر مربع، والساحات المحيطة به، التي تبلغ مساحتها 8 آلاف متر مربع بالحجيج. وأم المصلين الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ، مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء، بعدما ألقى خطبة عرفة قبل الصلاة.
ودعا آل الشيخ، في خطبة عرفة، المسلمين إلى تقوى الله عز وجل حق التقوى ومراقبته في السر والنجوى. وقال آل الشيخ “أمه الإسلام، بعث الله محمداٌ صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، بشيراٌ ونذيراٌ برسالته إلى جميع الخلق ليخرج الناس من ظلمات الكفر والضلال إلى نور التوحيد والإيمان ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم والرشاد”.
عدد اليوم
