الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رومانيا تنكأ جراح الشيوعية

3 نوفمبر 2013 00:14
كيت جيليت بوخاريست منذ ثورة عام 1989 التي أطاحت بالنظام الشيوعي في رومانيا، وحتى الشهر الماضي، لم يوجه هذا البلد الواقع في شرق أوروبا اتهامات إلا إلى الديكتاتور الأسبق تشاوسيسكو وزوجته وعدد قليل من مساعديهما بجرائم تتعلق بوحشية الحقبة الشيوعية. ولكن في الشهر الماضي، بدأت السلطات الرومانية توجه اتهامات بالإبادة الجماعية ضد 35 شخصاً في قائمة قدمها إلى المدعي العام في البلاد في يوليو معهد التحقيق في جرائم الشيوعية وذكرى المنفى الروماني، وهو منظمة أقامتها الحكومة الرومانية عام 2006 لتتولى أمر التحقيق في جرائم الفترة الشيوعية. ويمثل توجيه الاتهام ضد إلكسندرو فيزينسكو حارس السجن السابق وإيون فيسيور الذي كان قائداً لمعسكر أشغال شاقة، خطوة كبيرة على طريق معالجة جرائم الفترة الشيوعية. وعلى رغم هذا يشعر بعض الخبراء بالقلق من أن جهود الحكومة الرومانية تستهدف الموظفين الصغار جداً فحسب في أجهزة الأمن السابقة، وبعضهم قلقون أيضاً من أن مسمى الاتهام قد يعرقل جهود معاقبة الجناة. وفي ظل حكم الحزب الشيوعي الروماني الذي استمر إلى عام 1989، احتفظت أجهزة الأمن الكبيرة بملفات عن نسبة ضخمة من السكان واستخدمت التعذيب والانتهاكات المنهجية ضد من اعتبرتهم أعداء للدولة، وتعرض منتقدو النظام للضرب بانتظام وأودعوا السجون. ومن بين ما قدر بنحو 617 ألف سجين سياسي في رومانيا أثناء الفترة الشيوعية لقي 120 ألفاً منهم حتفهم في المعتقلات. وعلى رغم تاريخهم المعروف، ظل أفراد الأجهزة الأمنية مثل فيزينسكو يتلقون معاشاتهم من الحكومة مما فاقم شعور الكثير من الرومانيين بالاستياء. وفي هذا السياق قالت لورا ستيفان الخبيرة في مكافحة الفساد والمديرة السابقة في وزارة العدل الرومانية: «كان في رومانيا أحد أكثر النظم الشيوعية وحشية في المنطقة، وقد عشنا 50 عاماً من الشيوعية ثم السنوات العشرين الماضية ترك المسؤولون الشيوعيون وشأنهم. والآن يتقاضون معاشات ويعيشون في منازل مريحة». ولكن هذا الوضع تغير في وقت مبكر من الشهر الماضي، عندما اتهم فيزينسكو البالغ من العمر 88 عاماً، ويعيش في العاصمة بوخارست، بجرائم تتعلق بالإبادة الجماعية عن أنشطة يرجع تاريخها لخمسينيات وستينيات القرن الماضي، عندما كان رئيساً لسجن «رامنيكو سارات» الذي اشتهر بمعتقليه السياسيين في ظل الحكم الشيوعي. وفيزينسكو متهم بالتورط المباشر في ست حالات وفاة على الأقل. وقد وجهت السلطات الأسبوع الماضي اتهامات مشابهة أيضاً ضد فيسيور البالغ من العمر 85 عاماً، وكان قد أشرف على معسكر الأشغال الشاقة «بيريبرافا» في شرق رومانيا الذي أكدت السلطات اكتشاف مقبرة جماعية فيه في وقت مبكر من هذا الشهر. وقد كتب أندريه مورارو رئيس معهد التحقيق في جرائم الشيوعية وذكرى المنفى الروماني في بيان للصحف أن الاكتشاف أظهر «وحشية وبدائية الإدارة». ولكن كثيراً من الرومانيين يشعرون أنه حتى الآن لم يُبذل ما يكفي من الجهود لمعالجة جرائم الفترة الشيوعية، ولم تتم معاقبة المسؤولين عن أسوأ التجاوزات. وقال فلاديمير تسمانانيو الأستاذ في جامعة مريلاند الذي رأس لجنة حكومية بين عامي 2006 و2007 لفحص جرائم الحقبة الشيوعية إن «هناك فقدان ذاكرة جماعيا شارك فيه السياسيون». وقد تشكلت اللجنة بعد أن أدان الرئيس الروماني ترايان باسيسكو رسمياً الحقبة الشيوعية. ولكن رومانيا لم تغير قانون التقادم للجرائم الخطيرة لتسمح بمحاكمات في جرائم مضى عليها أكثر من 40 عاماً قبل مارس 2012. وفي مسعى موازٍ تحرك البرلمان الروماني أيضاً ووافق الشهر الماضي على مسودة قانون يتعين بموجبها على رؤساء الفترة الشيوعية السابقين الذين يدانون بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أن يدفعوا ما يصل إلى 70 في المئة من دخلهم الشهري للسجناء السياسيين السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة. وهناك نحو 3500 سجين سابق ما زالوا أحياء حالياً. وعلى رغم هذه التطورات يشكك كثيرون في رغبة الحكومة في تعقب المسؤولين الكبار، أو في متابعة قضايا تتعلق بالأيام الأخيرة من الحكم الشيوعي لأن بعض من ما زالوا في السلطة ينحدرون من تلك الفترة. وفي هذا المقام قال تسمانانيو: «حتى الآن لم يُستهدف إلا التروس الصغيرة في آلة الشيوعية مثل فيزينسكو وليس الشخصيات الكبيرة في تلك الفترة». كما أثيرت أيضاً أسئلة عن سبب اقتصار الأمر على قضايا من السنوات المبكرة للنظام الشيوعي. ولكن المشاركين في العملية يقولون إنها ليست إلا خطوة أولى. وقالت أدلينا تينتاريو نائبة المدير العام للمعهد إن «القائمة التي تضم 35 اسماً ليست إلا بداية... لدينا جرائم ارتكبت في الفترات التالية من الحكم الشيوعي علينا النظر فيها، ولكن العمر المتقدم للمتورطين في جرائم الفترة الأسبق هو ما يدفعنا للتركيز على هذه الفترة». من جانبه دفع المتهم فيزينسكو بأنه كان يتبع التعليمات فحسب وأنه لم يقتل أحداً قط. وقد أثار توجيه تهمة «الإبادة الجماعية» لفيزينسكو وفيسيور الدهشة أيضاً لأن مسمى الاتهام ينطبق عادة على محاولات التطهير العرقي والديني وليس على التخلص من الخصوم السياسيين. ويعتقد تسمانانيو أن تهمة الإبادة الجماعية قد تعقد أي محاكمات في المستقبل لأنها تجعل إثبات الاتهام أصعب، وتزيد احتمال النقض في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورج. وقال «يتعين اتهامهم بجرائم ضد الإنسانية وليس الإبادة الجماعية». واعتبرت إنكا سيرنيا التي قضي والدها 17 عاماً خلف القضبان كمعتقل سياسي تضمنت فترة في سجن «رامنيكو سارات» إن «فيزينسكو قاتل ليس لدي شك في ذلك، ولكن اتهامه بالإبادة الجماعية ليس صائباً». وأضافت «أعتقد أن هذا ليس إلا حملة علاقات عامة للحكومة. ولكن حتى إذا كان هذا هو الحال، فهي فرصة جيدة كي نفكر ونتذكر ما حدث في تلك الحقبة المظلمة». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيت مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©