شركات تراهن على استمرار نمو الغاز الصخري الأميركي

رغم انتعاش إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة خلال العقد الماضي، ورغم إنفاق بعض الشركات عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع التنقيب والحفر في مناطق الغاز الصخري الواعدة، فإنه لا يزال هناك شكوك حول الجدوى الفعلية المنتظرة من ثورة الغاز الطبيعي الأميركية واستدامتها. ولكن هناك من يراهن على استمرار نمو ثروات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي مثل ريتش كيندر رائد أعمال النفط والغاز الذي يمتلك 31% من شركة كندر مورجان والذي تقدم مؤخراً بعرض شراء شركة الباسو كوربوريشن مقابل 38 مليار دولار. تعد هذه الصفقة التي أعلن عنها مؤخراً أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط منذ أن استحوذت اكسون موبل على شركة اكس تي أو عام 2009 مقابل 41 مليار دولار، حسب مؤسسة ديلوجيك الاستشارية. كما تبرز هذه الصفقة توجهاً متنامياً لصفقات الاندماج والاستحواذ في مجال الطاقة. وقال جون وولف المحلل في مؤسسة اي اس اي البحثية: “إنه عصر البنية الأساسية”. يستخرج الغاز الصخري من احتياطيات بطرق كانت فيما مضى غير اقتصادية، ولكن بفضل تقنية التفتيت الهيدروليكي والحفر الأفقي الحديثة التي سهلت عمليات استخراجه، أضحت مشاريع الغاز الصخري اقتصادية وجاذبة للعديد من الشركات التي لديها المعرفة اللازمة وأضحى الغاز الصخري يعيد رسم خارطة الطاقة في أميركا الشمالية. وفي بادئ الأمر كانت صفقات الاستحواذ تستهدف شركات المراحل الأولى من الإنتاج (الاستكشاف والتنقيب والحفر والاستخراج) التي لديها حقول نفط وغاز عاملة أو واعدة مثل اكس تي او. أما الآن ورغم استمرار هذا التوجه فإن اهتمام المستحوذين تحول ليشمل أيضاً شركات المراحل الوسطى من الإنتاج (خطوط الأنابيب وأنشطة المعالجة) التي ستستفيد متى تبدأ الحقول في الإنتاج. وقبل صفقة (كيندرمورجان/ الباسو) تقدمت في شهر يونيو الماضي شركة اينرجي ترانسفر بارترز بعرض شراء شركة ساذرن يونيون التي تعمل في مجال تشغيل خطوط الأنابيب مقابل 7,9 مليار دولار والتي سعت أيضاً شركة وليمز لشرائها ولكن الصفقة رست أخيراً على انيرجي ترنسفر بارترز. كما قامت اينرجي ترانسفر مؤخراً ببيع عمليات معالجتها لغاز البروبان إلى شركة أميريجاز مقابل 2,9 مليار دولار. وتعتبر شركات المراحل الوسطى مثل الباسو مجزية وجاذبة في أوقات تذبذب الأسعار واضطراب الأوضاع الاقتصادية حيث أنها تحصل على إيرادات مستقرة نسبياً ومنتظمة من شركات الشحن والتوريد التي تدفع لها رسوم استخدام خطوط أنابيبها. كما أن لدى شركات المراحل الوسطى احتمالات نمو واعدة تعود إلى استثمارات كبرى في مجال معالجة الغاز ونقله التي ستلزم حين تفتح مناطق لإنتاج الغاز الصخري. ونشرت الجمعية الأميركية للغاز الطبيعي توقعات بأنه بحلول عام 2035 ستحتاج الولايات المتحدة إلى 205 مليارات دولار من الاستثمار في الجديد من خطوط أنابيب الغاز ومنشآت معالجته وإلى 46 مليار دولار أخرى في خطوط أنابيب جديدة للنفط وغيره من السوائل لتلبية الزيادة المتوقعة في الإنتاج والطلب. وتعني هذه التوقعات أنه سيتعين على صناعة الطاقة استثمار متوسط 10 مليارات دولار كل عام يخصص منها نحو 3,9 مليار دولار لخطوط نقل الغاز طويلة المسافة. وأشار مارك روت المحلل في مؤسسة كيه بي سي البحثية المتمركزة في هيوستن إلى أن ذلك سيشكل ضغوطاً على عقد الصفقات وقال: “إن الأمر سيتطلب عمليات اندماج واقتصادات واسعة النطاق لإنشاء نقاط تجميع الغاز وخطوط الأنابيب الجديدة”. لدى كل من شركتي كيندر مورجان والباسو خطوط أنابيب غاز ولكن الباسو لديها أكثر ولديها عقود تشغيل أو حصص في خطوط أنابيب تمتد نحو 43000 ميل بينما تبلغ خطوط أنابيب كيندر مورجان 23600 ميل. وبشرائها الباسو التي تعتبر أكبر مشغل خطوط أنابيب غاز طبيعي في أميركا الشمالية تكتسب كيندر مورجان الوضع الأفضل الذي يؤهلها للقيام بتلك الاستثمارات، خصوصاً أنها متواجدة في جميع المناطق الرئيسية التي يتوقع منها زيادة الإنتاج بما يشمل حقول مارسيلوس للغاز الصخري في ولاية بنسلفانيا وحقول يوتيكا في أوهايو وبنسلفانيا وحقول هانزفيل في ولاية لويزيانا. وربما تكمن العقبة الوحيدة المحتملة في أنه بوضع نفسها في هذه المكانة الرائدة تعرض كيندر مورجان نفسها لمخاطر دعاوى الاحتكار التي قد ترفع ضدها. غير أن ريتش كيندر استبعد هذه المخاوف حين تحدث إلى محللين في أحد المؤتمرات الهاتفية مؤخراً قائلاً إنه لا يوجد تداخل يذكر بين نشاط الشركتين. ونظراً لخضوع العديد من أصول الباسو للضوابط المنظمة فإنه من المفترض أن يكون العملاء مؤمنين ضد كافة الممارسات الاحتكارية. غير أنه رغم زيادة سعر سهم الباسو من الجمعة 14 أكتوبر إلى الاثنين 17 أكتوبر بنسبة 24% إلى 24,24 دولار إلا أنه لا يزال أقل من سعره المتضمن في عرض كيندر مورجان البالغ 28,11 دولار. نقلاًعن: «فاينانشيال تايمز»