الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منتدى «الاتحاد » يرصد أصداء مبادرة «الوحدة الخليجية»

منتدى «الاتحاد » يرصد أصداء مبادرة «الوحدة الخليجية»
22 أكتوبر 2012
سلّطت الجلسة الثانية من منتدى الاتحاد السابع أمس الأول، الضوء على الاتحاد الخليجي. وتحت عنوان الاتحاد الخليجي الواقع والطموح، تمحورت النقاشات حول ثلاث أوراق عمل، وضعت تحت مجهر التحليل تحديات الانتقال من التعاون إلى الاتحاد الخليجي، ومحفزات ومعوقات التكامل بين دول المجلس، وسيناريوهات الوحدة الخليجية في المدى المنظور. وأدار الكاتب الإماراتي سعيد حمدان الجلسة الثانية، التي استهلها د. صالح المانع، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، وحملت عنوان “حلم الوحدة...الحماسة والتريث”. المانع أشار إلى أن موضوع الاتحاد الخليجي جديد ظهر في ديسمبر الماضي، وأثار أصداء كثيرة، فلم تتحول مبادرة الوحدة الخليجية إلى واقع سياسي إلا في ديسمبر 2011 بعد مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز. ورقة المانع تطرح جملة من الآراء التي رحبت بفكرة الوحدة الخليجية، وتلك التي دعت للتريث في طرحها، مع التركيز على البيئة الأمنية والاستراتيجية التي تمر بها المنطقة في الوقت الراهن. ويقول المانع إن المبادرة لم تطرح بشكل تفصيلي، فالملك عبدالله فاجأ الجميع بطرحها. دواعي المبادرة ويلخص المانع بعضاً من الأسباب التي دفعت في اتجاه المبادرة، منها تشابه البيئة الأمنية الراهنة التي طرأت في أواخر 2011 مع تلك التي كانت سائدة في بدايات الحرب العراقية- الإيرانية. ومن ضمن الأسباب التي عرضها المانع تاريخ النفوذ الإيراني المعمق في العراق، والمتزامن مع انسحاب القوات الأميركية من هذا البلد، ما يجعل إيران على تماس مباشرة مع السعودية والكويت. وحسب المانع هناك تخوف من الوضع في اليمن، إضافة إلى تحالف الحوثيين مع إيران، في ظل ضعف الدولة اليمنية خلال السنوات الأخيرة. ويخرج المانع باستنتاج مفاده أن البيئة الإقليمية المضطربة، والتهديدات الخارجية والداخلية العميقة، كانت بمثابة جرس الإنذار الذي دفع باتجاه إطلاق مبادرة الاتحاد الخليجي للتحوّل من كيان تعاوني هشّ، إلى كيان سياسي واتحاد أقوى. ويرى المانع أن ثمة تغييرات شهدتها البيئة الإقليمية، منها التغيير في مصر، التي كانت عمقاً استراتيجياً لدول الخليج والسعودية، هناك تخوف من أن يتحول المجلس إلى جامعة عربية جديدة. ويركز المانع على محاولة فهم مواقف الدول الخليجية من فكرة الوحدة الخليجية، حيث عرض جملة من الآراء التي رحبت بفكرة الوحدة الخليجية، وتلك التي دعت للتريث في طرحها، مع التركيز على البيئة الأمنية والاستراتيجية التي تمر بها المنطقة في الوقت الراهن. التجربة الأوروبية ويشير المانع إلى أن تجربة دول الاتحاد الأوروبي التي اتخذت من التعاون الاقتصادي وإنشاء منطقة تجارة حرة محاطة بسوار من الاتحاد الجمركي، كانت بمثابة النموذج الملهم لتطور مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ويضع المانع أصبعه على أوجه الاختلاف بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، قائلاً إن جدران الاتحاد الجمركي لم تكن صلبةً مثل مثيلتها الأوروبية، واهتمام دول المجلس بالجانب الأمني جاء مغايراً لتركيز الاتحاد الأوروبي على البُعد الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء، وترك المسائل الأمنية كاختصاص أوحد لحلف “الناتو”، الذي يضمّ أعضاء كثراً من خارج القارة الأوروبية. خطوات “التعاون” ويسرد المانع في ورقته بعض خطوات التكامل التي حققها المجلس خلال العقود الثلاثة الماضية، منها توقيع الاتفاقية الاقتصادية الموحّدة عام 1981، وإقامة منطقة تجارة حرة بينية اعتباراً من مارس 1983، والبدء في تطبيق الاتحاد الجمركي في يناير 2003، وتحقيق المواطنة الاقتصادية التي تنص على مبدأ المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس، ومن بين ذلك تملّك العقار في جميع دول المجلس، مع بعض الاستثناءات في مكة والمدينة المنورة. وحسب المانع، تدرَّجت خطوات التعاون الاقتصادي بالسماح لمواطني المجلس بممارسة النشاط التجاري في مجالات متعددة يسردها المانع كفتح فروع للبنوك المحلية في بقية دول المجلس، والعمل على تقريب وتوحيد السياسات المالية والاقتصادية، وصولاً إلى السوق الموحّدة، وكذلك تحقيق الكثير من ملامح الاتحاد النقدي، والعمل على استكمال إجراءات إصدار العملة الموحّدة. آراء المتحفظين وتتضمن ورقة المانع آراءً متحفظة على فكرة الاتحاد الخليجي، فهناك من يرى أن الطريق نحو التحوّل للاتحاد “شائك”، وأنّ الاتحاد في المجال العسكري والأمني من خصوصيات وسيادة الدول التي لا ترغب في إدارتها بشكلٍ جماعي. وهذه متطلبات لا تقتصر على دول الخليج بل تشمل كذلك التجمّعات الإقليمية الأخرى قبل الاتحاد الأوروبي. وهناك من يرى أن فكرة الاتحاد تعود إلى الخمسينيات والستينيات ولا تعرفها أجيال اليوم. وهناك المدرسة التي تدعو إلى التريث في تحقيق الوحدة الخليجية، وبين هؤلاء من ينتقد الانتقال السريع من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، معتبراً أنّ مجلس التعاون لم يُكمل بعد مستلزمات التعاون بعد اثنين وثلاثين عاماً من إنشائه، فالوحدة الاقتصادية، قد تعثَّرت، وكذلك الحال في تبنِّي العملة الموحدة والسوق المشتركة. وهكذا يتوصل المانع إلى نتيجة تتمثل في أن حساسيات السيادة الخاصة بكل دولة من دول المجلس الست، ربما تقف في وجه محاولات التكتل الجماعية. كما أنّ الطبقة السياسية في بعض الدول الأعضاء تخشى من أعباء إدارة كيان سياسي واقتصادي واسع في ظل تباين المصالح والاعتبارات الوطنية بين الدول الأعضاء. أما الأكاديمي الكويتي ووزير الإعلام السابق د. سعد بن طفلة العجمي، فقدم ورقة بعنوان “الوحدة الخليجية والواقعية السياسية”، استهلها بالقول إنه ليس هناك من بلد يستشعر أهمية الوحدة الخليجية مثل الكويت، وكمواطن كويتي وخليجي، قال بن طفلة إنه يجد نفسه من أشد المتحمسين للوحدة الخليجية، فالوقت ليس في صالح انتظار تحقيق هذا الحلم. ويقتبس ابن طفلة مقولة السفير عبدالله بشارة، أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي الذي يقول فيها إن فكرة المجلس كويتية المنشأ وإماراتية الولادة وسعودية الرعاية. وينوّه بن طفلة إلى خلاف طرأ في البداية حول التسمية، بسبب العراق، حيث اعترض صدام على تسمية الاتحاد “اتحاد دول الخليج العربي”. صمود رغم المحن ويقول ابن طفلة: رغم الانتقادات الموجهة لمجلس التعاون الخليجي، فإنه يُحسب لهذه المنظمة بقاؤها وصمودها في وجه رياح التغيير العاصفة في المنطقة، فهي تجاوزت محناً وحروباً دامية. وتشير الورقة إلى أنه من غير الواقع السياسي أن يتوقع أحد وحدة اندماجية خليجية في الوقت الحاضر والاتحاد الكونفدرالي هو السيناريو الممكن تحقيقه عملياً. ويستغرب بن طفلة من أن تجربة مجلس التعاون لم تأخذ حقها في الأدبيات العربية. ويتساءل ابن طفلة: الآن هل يمكن للاتحاد الخليجي أن يكون فيدرالياً؟ مستنتجاً أن الكونفيدرالية هي ما يمكن تفعيله على أرض الواقع. ويشير إلى مقدرات خليجية يمكن اعتبارها نواة للوحدة، على سبيل المثال “درع الجزيرة” نواة لجيش خليجي، وسوق خليجي، وعملة خليجية موحدة ستكون نواة حال تطبيقها للاقتصاد الخليجي، ولدى مجلس التعاون دور متماسك في دعم الدول العربية التي شهدت تحولات. ومع ذلك تطرق بن طفلة إلى مشكلة تواجه المجلس تتمثل في كون قراراته لا يتم تفعيلها لغياب الرقابة الشعبية وغياب المسؤولية والمحاسبة في حالة عدم تفعيل قرارات المجلس، إضافة إلى العقلية العشائرية ومسألة السيادة، وهي عقلية لم تتجاوز مفهوم القبلية. ويطرح بن طفلة تساؤلات منها: أين التجارة البينية؟ وأين السوق الخليجية؟ والمطلوب، حسب بن طفلة، سن قوانين اقتصادية حرة تزيل الاحتكار. هيئة غير مفعلة ويلفت ابن طفلة الانتباه إلى أن النظام الأساسي لمجلس التعاون، ينص على تشكيل هيئة لتسوية المنازعات، لكن لم نسمع مرة واحدة عن تفعيل هذه الهيئة. وثمة خلافات خليجية لاتزال قائمة بين بعض دول المجلس تحتاج، حسب بن طفلة، إلى التعامل معها وبصورة حاسمة وسريعة من قبل محكمة عدل خليجية قبل الدخول في إجراءات الاتحاد الخليجي المنشودة. أحياناً تحدث مشكلات تظهر في سحب السفراء جراء برنامج تليفزيوني أو وقف انتقال الناس عبر الحدود، كما صارت خلافات على مقر البنك المركزي الخليجي. معوقات إقليمية ويقول ابن طفلة من غير المنطقي إغفال عامل المعوقات الإقليمية التي لا ترغب بمزيد من التقارب بين دول مجلس التعاون الخليجي ناهيك عن معارضتها لاتحاد هذه الدول، وتأتي إيران على قائمة هذه الدول. ويرى بن طفلة أن إيران ترفض التعامل مع مجلس التعاون الخليجي كمجموعة واحدة، وتعترض على التفاوض معه حول أية مسألة. وهي ترى أن مجلس التعاون لو اتحد فسيشكل قوة تتحدى استراتيجيتها بالهيمنة على منطقة الخليج. متغير دولي داعم للوحدة! أما المتغير الدولي، فهو يدفع باتجاه تفعيل التكتل الخليجي الذي يتمثل في القوى الكبرى، ففي الماضي اعتمدت تلك الدول على منطق فرق تسد، والآن تريد تفعيل منطق “وحِّد تسد” لتسهيل التعامل مع الأسواق الخليجية وإبرام الصفقات، حيث يشير بن طفلة إلى أن دول العالم الكبرى، وبالذات أوروبا وأميركا تفضل جميعاً التعامل مع وحدة اقتصادية وسياسية واحدة وسوق خليجية كبيرة، بدلاً من التعامل المنفرد مع هذه الدول، فكانت المفاوضات مع السوق الأوروبية المشتركة حول قضايا مختلفة، والحث الأميركي على توحيد منظومات عسكرية مختلفة للدول الخليجية التي ترتبط معها معظمها باتفاقيات تعاون مختلفة- وبالذات الأمنية والدفاعية مثل الدرع الصاروخي الخليجي. واستنتج بن طفلة أن الاتحاد الخليجي في ظل العلاقات الاستراتيجية والدفاعية والاقتصادية المتميزة لدول الخليج مع الغرب، يجعل التنسيق على هذه الصعد أكثر فاعلية. هيئة لمقترحات الوحدة ويختتم ابن طفلة ورقته مشيراً إلى أن قادة المجلس الوزاري الخليجي وجهوا في قمة الرياض العام الماضي بتشكيل هيئة متخصصة يتم اختيارها من قبل الدول الأعضاء بواقع ثلاثة أعضاء لكل دولة، يوكل إليها، حسب بن طفلة، دراسة المقترحات من كل جوانبها في ضوء الآراء التي تم تبادلها بين القادة، وتكون اجتماعات الهيئة في مقر الأمانة العامة، ويتم توفير كل ما تتطلبه من إمكانيات إدارية وفنية ومالية من قبل الأمانة العامة. لعل المشاركة الجماعية في الهيئة المتخصصة الموكل إليها دراسة اتخاذ الخطوات الوحدوية بحد ذاتها تعد، على حد قول بن طفلة مؤشراً على صدق النوايا ووحدة الهدف، كما أن الأمل بأن تقدم تلك الهيئة المختصة صورة حقيقية للمعوقات التي لا تزال تعترض سبيل الاتحاد الخليجي المنشود. أما ورقة د. عبدالله جمعة الحاج، فقد ركّزت تحت عنوان “الاتحاد الخليجي والتحديات الإقليمية”، على فكرة الوحدة الخليجية في ظل الأوضاع المحيطة بدول مجلس التعاون الخليجي، والتي تشهد تجاذبات إيرانية- غربية، متعلقة ببرنامج طهران النووي، والسجالات المثارة حول تداعيات شن هجوم إسرائيلي على منشآت إيران النووية. مجلس تأسيسي ودستور ويرى د. الحاج أنه بعد مرحلة الدراسة المستفيضة للاتحاد الخليجي، واستناداً إلى تجارب وحدوية سابقة، ينبغي على دول المجلس أن تشكل فيما بينها مجلساً تأسيسياً يقوم بوضع الدستور الاتحادي. وهذا المجلس في حال تشكيله يجب أن يضم عدداً محدداً من الأعضاء ترشحهم كل دول الاتحاد من بين مواطنيها على أساس من المساواة في عدد الأعضاء من كل دولة بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى. ومواد الدستور وبنوده وأبوابه يجب أن تصاغ بحيث تحفظ حقوق الدول الأعضاء كل على حدة، وعلى قدم المساواة. مطلوب تنمية ثقافية ويقول د.الحاج إن التطور المجتمعي لشعوب دول المجلس متفاوت، فرغم وجود انسجام ثقافي من حيث اللغة والديانة والتاريخ كما أشرنا إلا أن شعوب دول خليجية بعينها قطعت أشواطاً بعيدة في الانفتاح على العالم الخارجي، ما يجعلها أكثر تطوراً وتقبلاً للآخر وثقافاته المتعددة. لذلك فإن المطلوب، كما ورد في ورقة د.عبدالله جمعة، أن يصار إلى إدخال تنمية ثقافية وتعليمية واسعة في مجتمعات الدول التي تحتاج إلى ذلك لكي تصل إلى مستويات قريبة إنْ لم تكن متساوية مع شعوب دول المجلس الأخرى الأكثر تقدماً، وذلك قبل البدء في الدخول في صلب العملية الاتحادية. وهذه مسألة تحتاج أيضاً إلى الوقت والجهد والإمكانيات، بالإضافة إلى الاستعداد النفسي والذهني. خطوات تسبق الاتحاد وفي معرض طرحه للخطوات التي يتعين السير في اتجاهها قبل تفعيل الاتحاد الخليجي، يرى د. الحاج أن تشكيل الاتحاد يتطلب مجتمعاً متجانساً من حيث الدخل والإمكانيات الفردية المادية، لكن بمسح مجتمعات دول مجلس التعاون من حيث القدرات المادية الفردية ومستوى دخل الفرد، تتكشف حقيقة لايمكن التغاضي عنها، من حيث وجود تفاوت صارخ في هذا الجانب. وحسب د.جمعة الحاج، فإن هذا التفاوت الصارخ يحتاج إلى ردم بحيث تصل المجتمعات الخليجية إلى تقارب في مستويات المعيشة. لذلك فإن من الأنسب التريث قبل الخوض في العملية الاتحادية إلى أن تصل المستويات المعيشية إلى تقارب وذلك انطلاقاً من حرصها على عدم تواجد فروقات صارخة بين مستويات معيشة مواطني الاتحاد المنشود. توعية واجبة ومن جانب آخر، يؤكد د.جمعة أن الدخول في العملية يحتاج إلى توعية شعوب دول المجلس كل على حدة بـأن الانضمام إلى الاتحاد ترتبط به كلفة على صعد السيادة الوطنية والموارد الاقتصادية، فالاتحادية، على حد قول عبدالله جمعة تعني ضمنياً أن كل جزء مكون للاتحاد يجب أن يكون راضياً أو على الأقل أنه لا يتم إهمال أي جزء من الأجزاء المكونة له، وذلك عن طريق التجميع الطوعي للمصالح الوطنية والإقليمية ضمن بوتقة معقدة من الموازنة والمراقبة بين حكومة اتحادية من جهة وبين تركيبة متعددة من الحكومات الإقليمية من جهة أخرى، الأمر الذي يتطلب، من وجهة نظر الحاج، ترتيبات ربما تكون قاسية أحياناً، وعلى كافة الشعوب المكونة للاتحاد أن تتحملها. ويرتبط بذلك أن يتم استفتاء شعوب دول المجلس كل على حدة حول رغبتها الحقيقية في تشكيل دولها اتحاداً فيما بينها. وبالتأكيد أن هذه العملية تحتاج إلى قدر من توعية كل شعب على حدة بالنسبة للإقدام على الموافقة أوالرفض لانضمام دولته من عدمها إلى الاتحاد. الابتعاد عن المركزية ويرى د. عبدالله الحاج أنه لكي يرتقي الاتحاد المقترح إلى طموحات جميع دول المجلس، خاصة تلك التي قطعت أشواطاً بعيدة على صعيد التنمية الشاملة المستدامة، فإن الاتحاد المزمع إقامته يجب أن يكون اتحاداً خلاقاً، بمعنى إقامة اتحاد يبتعد عن المركزية الشديدة. ويفسر عبدالله الحاج ذلك بأن يُترك للأعضاء المكونين له حريات واسعة على الصعد الاقتصادية والتنموية والتجارية وحتمياً السياسية. اتحاد من هذا القبيل يقوي دور الأعضاء وحكوماتهم المحلية ويجعلهم قادرين على القيام بالمبادرات الخلاقة وتحمل المسؤوليات الملقاة على عواتقهم إلى جانب أنه يحفظ الأدوار المناطة تقليدياً بالحكومات المحلية. إقامة اتحادية خلاقة بين دول المجلس تعني في نهاية المطاف تواجد اتحاد يجمع بين العراقة والإبداع والدور المتميز. متاهة الأماني وعقّب د.أحمد عبدالملك، الأكاديمي والإعلامي القطري على ورقة د. صالح المانع، قائلاً: إن ورقة الأخير أدخَلتنا في متاهة الأماني ، ثم قّربنا من أمل الوحدة كما لمسهُ في عقول المثقفين الخليجيين، وتوصل إلى أن واقع الحال – في مسألة التحول إلى الاتحاد – يشبه حال السفينة، حيث من الممكن أن يقوم الاتحاد بين الدول أو (الدولتين) المتحمستين له، ثم يمكن أن يلحق “نواخذه” آخرون بسفينة الاتحاد. عبدالملك أبدى اختلافه مع منطق الاستناد إلى خطوات التكامل الاقتصادي كمؤشر لقيام الاتحاد، لأن التوصل لاتفاق أو التوقيع على اتفاقية، لا يمكن اعتباره من وجهة نظر عبدالملك، إنجازاً ما لم يبدأ التطبيق الفعلي له على الواقع. ويشير عبدالملك إلى أن تملك العقار يتفاوت تطبيقه بين دولة وأخرى، بل حتى السماح بممارسة النشاط التجاري اصطدم بالقوانين المحلية، كما لم تساعد تلك القوانين على انسياب البضائع والأفراد عبر الحدود المشتركة – كما ذكر الباحث – وهذا يجعلنا نوقن بأن خطوات التكامل الاقتصادي لن توفر الأرضية لقيام الاتحاد. وأبدى عبد الملك ميلاً إلى المدرسة الواقعية التي حبّذت عدم التحول السريع إلى مرحلة الاتحاد، ويرى أن المدرسة المتحمسة للاتحاد الخليجي، اعتمدت على معطيات داخلية متشابهة ألزمتها تبنيّ ذاك التحمس فباستثناء السعودية والبحرين، لم تعلن الدول الأربع الأعضاء نفس الحماس أو حتى أقله. ويؤكد عبدالملك على أنه يجب إقناع المواطن الخليجي بأن الوحدة هي غطاء له ولمستقبله، وليس لأهداف مرحلية أو مصالحية طارئة . فهذا المواطن لا يسمع عن مجلس التعاون إلا يومين في العام، وهو موعد عقد القمة الخليجية، ثم يعيش 363 يوماً في عزلة عن ذاك التعاون. ويطرح د. عبدالملك تساؤلاً مؤداه: كيف يمكن نشوء الاتحاد في ظل وجود برلمانات خليجية غير منتخبة باستثناء الكويت والبحرين؟ مواقف غير متجانسة وفي معرض تعقيبه على ورقة د. بن طفلة، يقول عبدالملك إن فكرة الكونفدرالية صعبة التحقيق في الوقت الراهن. وتعكس هذه الرؤية- حسب عبدالملك- مواقف دول التعاون – غير المتجانسة – ودرجة حماسها لفكرة الاتحاد. وذلك لأن التعاون الاقتصادي – المُعوّل عليه كارتكاز للوحدة، كما حدث في أوروبا – لم يكتمل أو يتبلور أو ينضج بعد 32 عاماً من تجربة التعاون، فكيف نتحدث عن كونفدرالية تتوحد فيها السياسات الخارجية والدفاعية والسياسات الاقتصادية؟! كما أن المعوقات تعتبر سبباً كافياً لصعوبة تحقق الاتحاد. استيعاب الأهداف ويواصل عبدالملك تعقيبه على ورقة د. ابن طفلة، قائلاً: قد أختلف مع ابن طفلة حول تفاؤله بأن (مشاركة الدول في تشكيل الهيئة المختصة بدراسة الاتحاد يعتبر) “مؤشراً” على صدق النوايا ووحدة الهدف)!. فالواقع على الأرض لا يحتاج لصدق النوايا أو ملاحظة وحدة الهدف، بل يحتاج إلى استيعاب حقيقي لأهداف الاتحاد وحتميته، فيما لو اختلفت موازين القوى، أو تغيّر الواقع العسكري في المنطقة. مخاوف ديموغرافية وانتقل د.عبدالملك إلى ورقة جمعة الحاج، مشيراً إلى أنه كان يتمنى لو دعّم الباحث ورقته بحجم العمالة الأجنبية وخطورتها على النمو السكاني، واستهلاكها للخدمات الأساسية التي أصبحت بعيدة عن متناول المواطنين. ولقد نشرت الصحف قبل شهر أن هنالك ما يقارب 388 ألف خريجة في إحدى الدول الخلييجة ينتظرن التوظيف. وأفصح عبدالملك عن اتفاقه مع د. عبدالله جمعة على أن الأغلبية ترى أنه من الضروري في هذه المرحلة الاستمرار في التعاون والتنسيق المشترك على كافة الصعد، وينهي عبدالملك تعقيبه على ورقة عبدالله منوهاً إلى أهمية طرح المشروع الاتحادي للاستفتاء الشعبي كي يكتسب شرعيته. بسمارك خليجي ويرى الأكاديمي الكويتي د.شملان العيسى أنه ليس لدينا بسمارك خليجي وليس لدينا أبراهام لنكولن خليجي، يجب إرساء مصالح مشتركة للشعوب قبل الحكومات.. ليس لدينا خط بري يربط دول الخليج والمشكلة المشتركة تتعلق بالأمن ويتم علاجها من خلال صفقات أسلحة مع كثير من دول العالم. ويتساءل العيسى: كيف يتم تحقيق وحدة خليجية بين دول ريعية تتلقى الشعوب فيها من الحكومات كل شيء. مسألة شائكة! أما د. عبدالله الشايجي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، فيرى أن الموضوع شائك وغير واضح في آن معاً.. المجلس قام لأسباب أمنية ولم ينجح في ذلك.. خاصة في ظل ما حدث من غزو العراق للكويت. وواصل الشايجي مداخلته لافتاً الانتباه إلى أن دول الخليج لم تنجح كطرف(ضلع) ثالث في مثلث ضلعاه الآخران العراق وايران، والمشكلة حسب الشايجي في فقدان التوازن العسكري لدرجة استيراد الأمن الخليجي من الخارج. الأمر- والكلام لا يزال للشايجي- يحتاج دراسات وتحليلا، ويشكر الشايجي الأمانة العامة في مجلس التعاون كونها أعدت ورش عمل لمناقشة الوحدة الخليجية. ومكمن الخطر من وجهة نظر الشايجي أن بعض الخليجيين ينظرون إلى العراق كمصدر للخطر، في حين ينظر خليجيون آخرون لإيران كمصدر تهديد. وفي الكويت على سبيل المثال، ينظر بعض الشيعة إلى الوحدة الخليجية على أنها موجهة ضد ايران. ويتساءل الأكاديمي الكويتي: نحن بحاجة إلى أن نكون واضحين فهل الأمر يتعلق بالربيع العربي أم يعود لأبعاد استراتيجية؟ مطلوب أفكار استراتيجية أشار الأكاديمي السعودي د. صالح المانع، إلى أن هناك اجتماعاً لبعض مثقفي دول الخليج لدراسة مسألة الوحدة، وهنـاك مؤتمر للشباب الخليجي يتعلق بالموضوع ذاته.. الأمر يتعلق- حسب المانع- بأفكار استراتيجيـة تحتاج إلى دراسـة معمقة. ويبدي المانع تفاؤله بالاتحاد الخليجي قائلاً: إن مسألة الإصلاحات السياسية قد يتم تفعيلها في حالة الوحدة لأن القادة سيجدون أنفسهم أكثر قدرة على مواجهة القوى المحافظة التي تقاوم الإصلاحات، ويأمل المانع في جعل الوحدة الخليجية جزءاً من الثقافة الشعبية في الخليج. الاتحاد الخليجي.. معه وضده! استهل د. عبدالله المدني، الخبير البحريني في الشؤون الآسيوية، تعقيبيه على أوراق الجلسة الثانية بالقول (أنا مع هذا المشروع وضده) فهو معه لأن المنطقة تواجه شراً مستطيراً، ولأن في الاتحاد قوة ومنعة، فلولا توحيد وسط الجزيرة العربية مع شرقها وغربها وشمالها وجنوبها على يد الملك عبدالعزيز لما ظهر كيان سياسي قوي ومحترم ممثلاً في المملكة العربية السعودية، ولولا توحيد الإمارات السبع على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لما كانت هناك اليوم دولة مزدهرة وراسخة كدولة الإمارات العربية المتحدة. واتفق المدني مع ورقة د. بن طفلة التي نوهت إلى قدرات دول مجلس التعاون وإمكانية تعزيزها كقوة عالمية في حال تفعيل الاتحاد. ويشير المدني إلى أن الاتحاد المقترح من شأنه أن يقيم كياناً مساحته 2.6 مليون كلم مربع، وسكانه 55 مليون نسمة، ويحميها نحو نصف مليون مقاتل مع شبكة من أحدث الأسلحة الغربية، ويشكل، حسب الباحث البحريني، أكبر قوة اقتصادية عربية بناتج محلي إجمالي يصل إلى أكثر من 1.5 تريليون دولار، وباحتياطيات نقدية تتجاوز الـ630 مليار دولار، وباستثمارات خارجية تبلغ نحو تريليوني دولار، هذا ناهيك عن أنه سوف يؤدي إلى تنويع القاعدة الاقتصادية لدول الاتحاد ومصادر دخلها ويقوي مركزها كمُصّدر رئيسي للطاقة على المستوى العالمي ويعزز نفوذها في المحافل الدولية والإقليمية. المدني من جهة أخرى ضد الاتحاد الخليجي إن كان سيؤدي مثلاً إلى أن تخسر البحرين ما بلغته من حريات وحقوق اجتماعية وسياسية وإعلامية ونقابية ونسائية، أو إن كان سيفضي إلى خسارة الإمارات مثلاً لصورتها المنفتحة، أو إن كان سيفضي إلى انتقال صراعات البحرين الطائفية وصراعات الكويت القبلية وصراعات القوى الليبرالية والمحافظة إلى غيرهما من الأقطار. ولا يتفق المدني مع بن طفلة على أن طرح فكرة الاتحاد أصابت أبناء الخليج بالدهشة والحيرة. بل يرى المدني أن الخليجيين اندهشوا فعلاً من طرح فكرة ضم الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون، فإنهم لم يندهشوا- على حد قول المدني- ولم تتملكهم الحيرة إزاء فكرة الانتقال من التعاون إلى الاتحاد، لأن هذه الفكرة، حسب المدني باتت مطلباً جماهيرياً. ويحاول المدني الترويج للصيغة الكونفدرالية الخليجية، كونها تطمئن مخاوف بعض النخب من التهام الدول الخليجية الفقيرة لثروات شقيقاتها الغنية، فهذه الصيغة تحفظ لكل كيان خصوصيته، مع توحيد السياسات الخارجية والدفاعية. واختتم المدني تعقيبه قائلاً: رغم كل العوامل المشجعة الدافعة نحو الاتحاد، لابد من التأني والدراسة المستفيضة لكافة جوانب المشروع الاتحادي المقترح كي لا يكون مصيره- حسب المدني- كمصير الوحدة السورية - المصرية التي تم سلقها على عجل تحت ضغط العاطفة وإصرار العسكر السوري، أو مصير اتحاد الجمهوريات العربية الذي لا نعرف إن كان ميتاً أو لايزال على قيد الحياة لأنه لم تكتب شهادة وفاته رسمياً ويوجد قصر رئاسي باسمه في القاهرة، أو مصير الجمهورية العربية الإسلامية ما بين القذافي وبورقيبة التي لشدة الاستعجال فيها كُتب ميثاقها على ورقة الفندق الذي حلّ فيه القذافي في جزيرة جربة التونسية في عام 1974. هل سيتحد الخليج العربي؟ نعم لا...ربما! في تعقيبه على أوراق الجلسة الثانية، استنتج د. خليفة السويدي أن مقدمي الأوراق تناولوا سؤالاً مؤداه: هل سيتحد الخليج العربي وبأية صيغة ستتم هذه الوحدة؟ وكأي سؤال مستقبلي هناك ثلاثة احتمالات: نعم وربما أو لا. لكن من يستعرض الأوراق يجد أن الإجابة النافية هي السائدة في أوراق العمل. ويقول السويدي، أستاذ التربية بجامعة الإمارات، إن ورقة بن طفلة، بدأت بمقدمة حول الوحدة الخليجية وأهمية هذه الوحدة، وعزز مفهوم أن تجربة مجلس التعاون من التجارب العربية الصامدة والتي حققت بعض النجاحات. وقال السويدي: مال د. سعد في طرحه إلى أن يكون الاتحاد كونفدرالياً وليس فيدرالياً، ومع ذلك، فإن هذا المقترح تواجهه صعوبات. واستعرض بعض جوانب الفشل في تحقيق ما تم الاتفاق عليه في قمم سابقة للمجلس وذكر عدداً من الأسباب لذلك منها العقلية العشائرية السائدة، وتعارض مصالح الوحدة مع المصالح الشخصية، وغياب الرقابة الشعبية كما أضاف عقبات إقليمية أهمها الموقف الإيراني ورصد السويدي عبارة مهمة في ورقة بن طفلة مفادها أن الوحدة تتعارض مع واقع فعلي يجعل تحقيقها مسألة غاية في الصعوبة. ويعلق السويدي على ورقة المانع مشيراً إلى أن ورقة الأخير، بدأت من دون مقدمات كما هو حال الإعلان عن الاتحاد الخليجي، الذي طرح من دون مقدمات للدول الأعضاء. وأثنى السويدي على الطريقة التي ربط بها المانع الوضع الراهن في المنطقة بالأجواء التي كانت سائدة قبيل قيام مجلس التعاون. ولفت السويدي الانتباه إلى أن المانع ختم ورقته بنظرة للمستقبل غير محددة بقرار واضح، بل مال إلى الضبابية تجاه الاتحاد الخليجي منتظراً ردود دول مجلس التعاون على المشروع، والتي لم تكتمل حتى هذه اللحظة. ووصف السويدي ورقة د. عبدالله الحاج، بأنها الأطول في هذا المحور والأكثر تشعباً. وتوقف السويدي عند استنتاج لجمعة الحاج يتمثل في أن موضوع الاتحاد ليس من السهل ترجمته إلى واقع بجرة قلم أو بمجرد وجود النوايا الصادقة وحدها. ثلاث صيغ مقترحة وفي ختام تعقيبه، خرج السويدي بخلاصة مفادها أن الرهان يظل مستمراً، ويظل التساؤل باقيا: هل ستتحد دول الخليج؟ نعم... لا... أو ربما. الأوراق أكددت، حسب السويدي، صعوبة الهدف وربما استحالته، إلا إذا طرأ أمر خارجي ولم يكن لنا سوى الاتحاد مخرجا. وقال السويدي: نحن في انتظار ما ستتمخض عنه اللجنة المكلفة بصياغة هذا المشروع، حيث تسربت أنباء عن وجود ثلاث صيغ مقترحة للاتحاد الخليجي لم يعلن عنها بعد. هناك شباب في مجلس التعاون منفتح على الخارج وجيل الشباب غير جيل الآباء الجالسين في هذه القاعة. أبناؤنا غيرنا، عقول هؤلاء الشباب لا تقارن بعقول أجيال سابقة. دراسات حول تجربة المجلس وبعدما أنجز د. خليفة السويدي تعقيبه على أوراق الجلسة الثانية، فتح سعيد حمدان رئيس الجلسة باب المداخلات، التي استهلها د. خالد الحروب، بطمأنة بن طفلة على وجود دراسات تتعلق بتجربة مجلس التعاون الخليجي، منها دراسة لمركز دراسات الوحدة العربية، حيث هناك تقرير لتجربة التعاون الخليجي، مقارنة بتجارب أخرى شهدتها دول عربية أخرى. وهناك نقد قاس في واحد من كتب المغربي عبدالإله بلقزيز حول القومية المؤدلجة التي استندت إليها تجارب وحدوية سابقة في العالم العربي. ويطرح الحروب تساؤلاً مؤداه: هناك سياسات غير مفهومة (منها دعوة انضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون) فهل هناك ارتجال في هذه الدعوة؟ الدور السعودي أما خليل علي حيدر الكاتب الكويتي، فيرى أن السعودية هي التي تلعب الدور الأساسي خاصة بعد خروج مصر مؤقتاً بسبب ما شهدته من تغيير، السعودية هي القوة الوحيدة الموجودة وعليها إحداث تغييرات في الشأن الاجتماعي والثقافي. وواصل حيدر مداخلته، مؤكداً ضرورة الاهتمام بتوسيع عمل القطاع الخاص.. وتنظيم الملكية العقارية، تمهيداً لتوحيد السوق الخليجية من دون مخاوف، خاصة من الدول الصغيرة، التي تخشى من اكتساح أسواقها بمنتجات بلد آخر إلى جانب أهمية دراسة الأبعاد الاقتصادية حيث تستطيع تجذير فكرة الوحدة الخليجية. من جانبه أشار د. علي الطراح، سفير الكويت في اليونسكو، إلى أن أنصار إيران في الكويت ضد فكرة الوحدة الخليجية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©