السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حب من أول نقرة

حب من أول نقرة
7 مارس 2007 23:58
تحقيق - نورا الظاهري: الزواج نعمة من رب العالمين، وإكمال لنصف الدين، وحلم كل شاب وفتاة أن يسافر في هذا القطار، وإذا جرت العادة أن يتم عبر قنواته التقليدية، إلا أن شبكة المعلومات (الإنترنت)، كان لها تأثير بالغ في إحداث تغيير كبير في المجتمع الحديث، وخاصة مجتمعاتنا العربية التي تمر حالياً بمرحلة غير عادية من التفاعلات الثقافية مع مجتمعات أخرى· فقد تغيرت إلى حد كبير، مفاهيم الزواج التقليدي، وازدادت حالات الزواج عبر الإنترنت في البلدان العربية، وأصبحت فأرة الكمبيوتر تسهم في عملية الاختيار، وكأنها خاطبة الكترونية، ولها دور في اختيار شريك العمر· ولكن النظرة إلى الزواج الذي يبدأ بالتعارف عبر الإنترنت، وقد ينتهي بالزواج من عدمه، تختلف من فرد إلى آخر· فالبعض يرى فيه أمرا خارجا عن المألوف، ومغايرا لما تعودنا عليه، بل ويخالف التقاليد والعادات، في حين يراه البعض الآخر أمرا عاديا فرضته ظروف الحياة المعاصرة· الآراء متعددة، فماذا يقول الذين مروا بالتجربة؟ وما رأي الدين؟ وما رأي علم النفس والاجتماع؟ في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الاستطلاع الذي أجرته جريدة الاتحاد على موقعها الإلكتروني قد يكون مخيبا للآمال بالنسبة للكثيرين الذين يرون أن شبكة الإنترنت وسيلة مقبولة للتعارف والزواج، فقد كانت الغالبية ممن استطلعت آراؤهم أجابوا بعدم تأييدهم لفكرة الزواج عبر الشبكة المعلوماتية، وينطبق الشيء ذاته على معظم أو كل الذين حاورناهم في سياق التحقيق التالي: كانت لنا وقفة مع من خاضوا التجربة بنجاح، والتي قد لا تنسحب على جميع الذين مروا بها، فالكثير من الزيجات عبر الإنترنت لم تتكلل بالوفاق، بل المشكلات والخلافات· الزوجة ( ف·س·ر) تقول: لا أستطيع أن أنكر بأن الإنترنت كانت السبب في زواجي، فقد تعرفت على زوجي عن طريق ''النت''، عبر أحد المواقع المختصة بالزواج· وبعد أن قرأت عن مواصفاته التي نشرها على الموقع، جذبتي، وقمت بأخذ عنوانه الإلكتروني، وبعدها صرنا نتبادل الرسائل الإلكترونية، و''الشات'' عبر الإنترنت حتى وجدت أننا نتفق في العديد من الأمور، خاصة أنني عرفته بشكل جيد جداً عبر المحادثات التي كانت تستمر لساعات طويلة· عرفت شخصيته جيداً، وذات يوم، صارحني بحبه، وأنه يرغب في الزواج مني، ولما كان من الصعب أن نتقابل في الأماكن العامة بسبب العادات والتقاليد، فقد وجدنا أن الإنترنت أفضل طريقة للتعارف· بعدها طلب مني لقاء أسرتي حتى يطلبني بشكل رسمي· في البداية واجهت العديد من المشاكل لعدم تقبل أهلي له، ولكن بعد عدة مشاورات مستمرة وافقت أسرتي وتم الزواج، والحمد لله أننا بقينا حتى هذا الوقت ما يقارب السنة وعدة أشهر·· قصة زواج سنحكيها لأبنائنا أما الزوج ( ك· م ·ت) فقد شرح مفهوم هذا الزواج فقال: أعتقد أن الإنترنت ساعدت الكثير من الشباب في الالتقاء مع نصفهم الثاني، ولا أرى أنه عيب في اللجوء إلى هذه المواقع، بالإضافة أني اعتبر الصدق هو المعيار المهم لكلا الطرفين حتى تتكلل هذه العلاقة بالزواج·· فالبداية كانت أساساً صحيحة، وهذا بالضبط ما حصل بيني وبين زوجتي· وقد اعتبر البعض علاقتنا تتخللها الشكوك، وهذا بعيد عن الصحة· والغريب أن بعض الناس لا يصدق قصتنا، ويعتبرها منافية لعاداتنا وتقاليدنا، إلا أننا لا نخجل مما حصل، بل اعتبرناه قصة زواج مميزة سوف نحكيها لأبنائنا في المستقبل· لا يحقق الهدف السامي الدكتور حسن المرزوقي مساعد عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين، لا يعتبر زواج الإنترنت صالحا للحياة، يقول : أولاً نظر الإسلام إلى إنسانية الإنسان وكرمه على جميع خلقه، ولذا شرع له الزواج بقواعد وضوابط معروفة لدى الجميع ، ثانياً : نظر إلى عقد الزواج نظرة تقديس وإجلال وإكرام، ولذا سماه الله عزوجل بالميثاق الغليظ حيث جاء في قوله '' وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً '' ، لأن الله شرع الزواج لمقصد عظيم وليس لإفراغ الغريزة أو الطاقة الجنسية، إنما المقصد من الزواج الشرف والرفعة وبناء البيت القويم، وعلى أساس متين، وليس من المعقول أن يفتخر الفرد أو الأسرة بالزواج المبني على الشقاق والاختلاف والمشاحنة، فضلاً عن أن يكون بطريق مثل هذه الطرق، فلا بد للزواج من وجود ولي، واتفاق، لأنه لا يجوز الزواج من غير الوالي عند الجمهور وينظر إلى الموضوع من وجهة شرعية· هذا ما يبين تباعاً بأن الزواج عبر الإنترنت لا يمكن أن يحقق العوامل والمقومات المنشودة في الزواج ، فكيف يمكن أو كيف يتسنى للزوج أو الزوجة معرفة حقيقة كل منهما دون معرفة بعضهم بعضا، ومعرفة الأهل والأقارب؟ إذا الزواج عبر الإنترنت لا يحقق الهدف السامي من الزواج، ولا يعطي ثماره كما هو مطلوب لأنه لا يمكن معرفة اختلاف من يراد الارتباط به ولا سلوكه ولا سيرته· ويتحدث المرزوقي عن المواقع الإلكترونية المتخصصة في هذا المجال، فيقول: ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الشركات المتخصصة بالزواج عبر الإنترنت من خلال بعض المواقع، واعتقد أنه إذا كان الأمر يقتصر على تعرف الطرفين وتقرب الأسرتين دون مساس بشخصيتهما، بمعنى إذا كان دور وسيط ومن باب '' يا بخت من جمع بين رأسين في الحلال'' ، فهذا لا شيء فيه مع التحفظ نوعاً ما ·ونصيحتي لكل الشباب أن هناك وسائل كثيرة ومعروفة وسليمة لابد من اتخاذها· لا أؤيد··لا أنفي أخصائي علم الاجتماع الدكتور جواد فطاير عبر عن رأيه قائلا : أنا لا أؤيد الزواج عبر الإنترنت بشكل عام، ولكن لا أنفي أن الشبكة وسيلة يتعرف بها الناس على بعضهم البعض، ويشاركون مزاياهم وخصائصهم الشخصية· ويجب أن نعلم أن الشبكة لا تكفي للحصول على خلفية لها طبيعة اجتماعية وغيرها من العناصر الاجتماعية والنفسية التي تلعب دوراً بالغاً في نجاح الزواج أو فشله ، فالزواج عن طريق الإنترنت عندما يقع، يبقى محصورا على ما يقدمه الطرفان كل للآخر، وخطورة هذه الوسيلة أنها غير محكومة بالسياق الاجتماعي للطرفين، ولا أعتقد أن هذا النوع الجديد سينافس الزواج التقليدي، في حين سيكون، أي الزواج الإلكتروني، وسيلة لبناء علاقة للتعارف وتبادل المعلومات· وواقع هذا الزواج أنه استجابة لأزمات اجتماعية صنعها المجتمع العربي والإسلامي بشكل عام عندما تمسك بعدد من التقاليد والعادات والقيم الاجتماعية التي تتنافى مع الإسلام، وتحتاج إلى إعادة نظر وتقييم· وعندما أقول اجتماعية أعني أنها تعنى بأمور المجتمع الشرقي أكثر من عنايتها أو اكتراثها بتعاليم ديننا الحنيف، والأمثلة كثيرة على ذلك: غلاء المهور، مدة الزواج، ، التعصب الأسري، تعليم المرأة، تكاليف الزواج القاهرة، وغيرها من الأعباء التي وضعها المجتمع العربي الإسلامي أمام الشباب لكي يجعل من الزواج أمراً شاقاً مما يدفعهم إلى التفكير ببدائل كالإنترنت والذي يأتي استجابة للعديد من السلبيات التي أفرزها الواقع الاجتماعي العربي، عدا عن أنها علاقة محدودة بالصورة، وبعض المعلومات المصنوعة يدويا على أيدي أصحاب العلاقة فقط، بالإضافة إلى غياب الأهل ومشاركتهم ومعرفة الخلفية والتاريخ والأصول الاجتماعية وحقيقة هذه المعلومات·· فهو في النهاية يحمل العديد من المخاطر وعدم الدقة· ويضيف فطاير: أما بالنسبة للشركات التي تحترف زواج الإنترنت فلا غرابة أن ينبري التاجر الشاطر الذي يعرض بضاعته من أجل الربح وهو ما اسميه( الخاطب الإلكتروني )، لكنه مكلف، ولا يتمتع بما تتمتع به الخاطبة قديماً· ولا انكر أن هناك جوانب إيجابية، لكني أتحفظ عليها، فالإنترنت لا تحل مشكلة الزواج والعنوسة لأنها وسيلة، وليست فيها من الإمكانيات لكي تحل أي مشكلة من هذا النوع، ومع النظر للجانب الإيجابي للإنترنت، إلا أننا يجب أن نتحفظ ونتأنى عندما يصل الأمر إلى إقامة علاقة أبدية وهامة كالزواج وبناء الأسرة· ويختتم كلامه قائلا: إنني أنصح الشباب بأن يعوا إن الإنترنت وسيلة للتواصل والعلم ونقل المعلومات، والتفاعل، وهي حقيقة اجتماعية لا محالة، وبخصوص الزواج عبر الإنترنت، فالأمر يحتاج إلى دراسة وفحص أرضية مشتركة ما بين الزوجين، وأسرتهما، وبيئتهما الاجتماعية، وإهمال أو إنكار هذه الجوانب الاجتماعية عن خلفية الأطراف المعنية له تبعات سلبية بالغة، لأن الزواج يبقى أخطر قرار شخصي في حياتنا· الجمهور ضد الزواج الإلكتروني كذلك التقت ''نيوتك'' ببعض الناس لمعرفة رأيهم عن هذا الموضوع· أحمد الظاهري ( موظف ) يقول : أنا من معارضي الزواج عبر الإنترنت لأنه غالباً لا يتم على أساس الصدق، خاصة أنني لا أرى الفتاة التي أتحدث معها عبر ''الشات'' وجها لوجه· اعتقد أنه لو كان الشاب يرغب في الزواج، لابد أن تكون بدايته منبثقة على أساس الصدق، وضمن النطاق المتعارف عليه من عاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف· ومن جانب آخر أرى أنه لو أقدم الرجل على الزواج بهذه الطريقة سيظل الشك عائقا كبيرا في حياته الزوجية، التي قد يكون مصيرها الفشل · ومن جانبه تحدث سامر عمر ( موظف ) قائلا : أما بالنسبة إلي فأنا لست من المعارضين أو الموافقين على موضوع الزواج عبر الإنترنت، لأنه من الصعب أن تحكم عن طريق الإنترنت بأنها طريقة سليمة أو غير سليمة، وخصوصاً في هذا العصر وللأسف أن الكثير من العادات والتقاليد قد تغيرت·وإذا كان الزواج يتم بمجرد أنني رأيت صاحب الطلب ووافقت عليه، وبهذه السرعة، فهذا أكبر خطأ، لأنني لا أعرف ما مدى التجانس والتفاهم بين الرجل والمرأة· نحن العرب حساسون بالنسبة إلى هذه الأمور، واعتقد أن الثقة لن تكون بمستوى الثقة التي تبدأ من منطلق الارتباط الشخصي من البداية إلى المدى البعيد· وأنا شخصياً لدي معارف تزوجوا عن طريق الإنترنت، ولله الحمد يعيشون في راحة وسعادة كبيرة، وفي النهاية إن الزواج قسمة ونصيب وكل واحد يأخذ نصيبه، وأتمنى للجميع أحلى وأسعد حياة إن شاء الله· محمد زيد ( موظف ) يقول : بصراحة أنا لا أحبذ هذه الفكرة لأنها لا تعطي صورة واضحة عما إذا كانت الفتاة التي ارتبط بها مناسبة أو غير مناسبة مقارنة بالتعامل مع الشخص عن قرب، إذ يمكن أن تنتهي هذه العلاقة بالفشل لأن التعارف يتم غالبا عن طريق الإنترنت، وقد يكون فيه نوع من التلاعب والكذب بين الطرفين· في الوقت ذاته، أعترف بأنها وسيلة للزواج،وقد أصبحت واقعية ويلجأ إليها العديد من راغبى الزواج نظرا لتعثر الشباب والفتيات في العثور على الزوج أو الزوجة المناسبة عبر حياتهم اليومية، بالرغم من تزايد العنوسة الواضح خاصة بين الفتيات، لكني أعتقد أنه زواج هش، ولا أساس متين له وهذا الزواج سرعان ما ينقض أواصره· ويشاركه هذا الرأي (منصور··) الذي يقول: لا أؤيد الزواج عبر الانترنت لأنها طريقة حديثة، وفيها نخدش العادات والتقاليد التي تربينا عليها وفيها عدم مصداقية من بعض البنات، وتنكر بعض الشباب بأسماء بنات، بما يلوث سمعة الغير بقصد أو بغير قصد· مواقع التعارف··إقبال شديد وكان لنا لقاء مع مدير أحد مواقع التعارف الإلكترونية العربية، وقد فضل عدم نشر اسمه، قال: يجب أن لا ننسى دور المواقع الإلكترونية نفسها التي تلعب الدور الوسيط في لم شمل الطرفين، والتي انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، سواء كانت العربية أو بعض المواقع الأجنبية التي تقوم بالترويج للزواج من خلال الإعلان عن وجود شريك حياة (رجل أو امرأة)، ومن أبرز تلك المواقع زواج·كوم و زوجتي و الزواج ، '' بنت الحلال''، وغيرها من المواقع، حيث نجد أنها جميعها أجمعت على زيادة نسبة إقبال الناس عليها، إما بقصد التعارف أو الزواج· ويضيف: بعض مديري مواقع التعارف يتقاضى رسوما مالية، والبعض الآخر لا يتقاضاها، ويتحمل بالتالي مصاريف الموقع· أما بالنسبة للدور والهدف الذي تسعى إليه هذه المواقع، فهو ضمان التوصل إلى شريك الحياة المناسب قدر الإمكان· خاتمة ويبقى الجدل قائماً حتى إشعار آخر، فالمؤيدون يرون في هذه المواقع فرصة جيدة ومؤكدين أن زيادة شعبية الزواج عن طريق الإنترنت هو نتيجة للتغيرات التي طرأت على أسلوب حياتنا في الوقت الراهن، والمعارضون يعتبرونها فكرة دخيلة وموضة ستتلاشى، لكنها في كل الأحوال جديرة بالمناقشة باعتبارها واحدة من ظواهر القرن الحادي والعشرين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©