السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديناصور الصغير

الديناصور الصغير
20 أكتوبر 2012
الأسبوع الماضي تناقلت الأنباء خبراً طريفاً يقول إنه تم إلقاء القبض على شاب أردني، بينما أكدت مواقع أخرى أنه سعودي، «المهم عربي»?، تمكن من خداع رجل أميركي وبيعه حيوان ضب، على أساس أنه ديناصور صغير مقابل 7 ملايين دولار. كان الخبر بلا معلومات إضافية، فلم نعرف مكان عملية «التبادل»، ولا اسم الشاب الأردني المحتال، كما لم نعرف الوسائل التي أقنع بها الأردني الرجل الأميركي بأنه يملك ديناصوراً صغيراً بعد ملايين السنين من انقراض نوعها. والضب لمن لا يعرفه حيوان يشبه التمساح الصغير، لكنه يعيش في الصحراء، ويوجد بكثرة شمال السعودية وجنوب الأردن، والبعض يأكل لحمه، وهناك من يتطبب بدمه، على اعتبار أن له قدرات شفائية من الكثير من الأمراض. المهم، عدم معرفتنا بالتفاصيل تفتح أمامنا مجال التخيّل على مصراعيه، لنتخيل أولاً أن الشاب كان يضع الضب في قفص محكم الإغلاق. وكان يشرح للأميركي أنه استطاع الحصول على قطعة صمغ قديمة جداً وجد بداخلها حشرة صغيرة جداً من مصاصات الدم، أخذ هذه الحشرة وانتزع من داخل الدم الممصوص الـ «دي أن ايه»، ووضعه تحت دجاجة ترقد على البيض، فكان أن تحول إلى بيضة صغيرة، فقست بعد فترة، وخرج منها هذا الديناصور الصغير. الأميركي يفتح فمه مبهوراً من هذا الأعرابي الذي حل مشكلة استعصت حتى الآن على كبار عباقرة العلماء الذين يحاولون منذ أكثر من مئة عام استنساخ ديناصور، لكن – الكلام التخيلي للأميركي- فإن الأمور في الشرق الأوسط «بتيجي مع الهبل دوبل»، وهو مثل أردني يعني أن بسيط العقل والقدرات يمكن أن ينجح أكثر من غيره، ولا تسألونني كيف عرف الأميركي هذا المثل الأردني، فالموضوع مجرد خيال في خيال في خيال. بالطبع أدرك الأميركي بعبقريته التجارية الفطرية بأن هذا الديناصور الصغير يمكن أن يباع بالمليارات، لذلك وبعد قليل من المفاوضات الوهمية- حتى يخدع الأردني- وافق على مبلغ الـ7ملايين دولار عداً ونقداً، والتي من المؤكد أن الأردني رفض أن يتسلمها على شكل شيك بنكي أو سندات خزينة أو ما شابهها، بل أرادها في «شنطات» على طريقة تجار المافيا وغاسلي الأموال. المهم لكم أن تتخيلوا الأميركي، وهو عائد بحمولته العبقرية إلى بلده الأم، ثم يتصل بالجهات المهتمة بالموضوع، وعلى الفور تحط طائرة هيلوكابتر فوق سطع العمارة التي يسكنها، ويخرج منها عدد من الرجال الذين يرتدون النظارات السوداء، ويحملون «شنطات فضية»، ويدخلون بصمت مهيب، فيشير لهم إلى مكان الديناصور. يفتح العلماء «شنطاتهم»، يخدرون الضب ويأخذون منه عينة دم ويضعونها تحت المجهر.. ينظر العالم الأول، يترك المجال للعالم الثاني، فالثالث، ثم يغلقون معداتهم.. ويخرجون بصمت. فيدرك الأميركي بأنه أكل مقلباً عربياً من الطراز الأول. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©