السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«احتلوا وول ستريت» واتجاهات «جيل الألفية»

1 نوفمبر 2011 13:22
في كتابنا الأخير "زخم الألفية: كيف يعيد جيل جديد صياغة أميركا" نطرح فكرة التحدي الذي ستتعرض له القيادات في المؤسسات الأميركية المختلفة خلال العقد الجاري من قبل جيل جديد أطلقنا عليه جيل الألفية ولد بين 1982 و2003، فهؤلاء الشباب يؤمنون بقدرة الأفراد على التحرك كمجموعة على المستوى المحلي من أجل عالم أكثر "تداولاً وعدلاً يقوم على فكرة الجماعة". وهذه القيم التي يدافع عنها جيل الألفية شبيهة إلى حد كبير بأسلوب عمل حركة "احتلوا وول ستريت"، واللافت أنه مباشرة بعد نشر الكتاب اندلعت الاحتجاجات التي بدت تلقائية وعفوية في أكثر من 1400 مدينة في الولايات المتحدة، وهو ما حدا ببعض المعلقين إلى المطالبة بمنحنا جائرة نوبل في القدرة على التوقع. والحقيقة أننا لن نخوض في قدراتنا الاستشرافية، لا سيما وأننا لسنا متأكدين بعد من الانسجام التام والكلي للاحتجاجات التي تشهدها المدن الأميركية مع تطلعات جيل الألفية الذي نروج له في الكتاب، ولو حصل هذا الانسجام لكانت فرص نجاح حركة "احتلوا وول ستريت" أكبر وأقوى، لكن من الواضح أن جيل الألفية يتعاطف مع الرسالة الجوهرية للحركة الاحتجاجية المنزعجة من تضخم قروض الرسوم الدراسية التي تقدر بحوالي تريليون دولار، وهم لذلك يرون بأن النظام كما هو معمول به حالياً لم يعد ناجحاً، بالإضافة إلى ذلك يتفق جيل الألفية مع الحركة الاحتجاجية في أن "وول ستريت" وباقي شركات القطاع المالي، لعبت دوراً كبيراً في تعريض البلد ومستقبل جيلهم الاقتصادي للخطر. ومع ذلك لم يدفعوا الثمن الذي كان يتعين عليهم أداءه، وإذا كان جيل الألفية يؤيد في أغلبيته أوباما ويفضله على غيره من مرشحي الحزب "الجمهوري"، إلا أنهم مستاؤون من الإدارة لعدم فرضها عقوبات على "وول ستريت" بسبب أدائه السيئ وسلوكه المتهور. أما على صعيد أسلوب العمل، فيتفق جيل الألفية أيضاً مع الحركة الاحتجاجية في طبيعتها الأفقية غير المنصاعة لقيادة معينة، وهو الأمر الذي تعيبه عليهم أجيال أخرى في محاولاتها للتغيير. فعلى سبيل المثال عرفنا من أفراد جيل الألفية خلال حديثنا إليهم على مدى الأسابيع الماضية في نيويورك وبوسطن أن القرارات لدى حركة "وول ستريت" يمكن أن تتخذ بإجماع 75 في المئة فيما تتطلب قواعد الحركة الاحتجاجية إجماعاً كلياً قبل المرور إلى تنفيذ القرارات. ولأن جيل الألفية تعلم منذ الصغر قيمة وممارسة الإجماع واتخاذ القرارات بالتوافق فإنه لا أحد منهم ممن تحدثنا إليه عارض الطريقة التي تتخذ بها القرارات لدى الحركة الاحتجاجية. لكن ومن جهة أخرى كان جيل الألفية الذي تواصلنا مع بعض أفراده أقل حماساً للمشاركة في الاحتجاجات على المستويين الشخصي والتكتيكي، والحقيقة أن السبب يرجع في جزء منه إلى الشعور بعدم وجود أجندة موحدة وواضحة لدى المحتجين، وهو ما يعكس الحس البراجماتي لدى الجيل، حيث عبر عن ذلك من خلال بعض التعليقات من قبيل "غياب الأهداف الواضحة"، أو تساؤلات مثل "لماذا لا يسجلون أنفسهم في اللوائح الانتخابية ويقولون للناس ماذا عليهم أن يقوموا به"، فمع أن أفراد الجيل الجديد يميل إلى المثالية من خلال إيمانه بتغيير العالم بالعمل الجماعي، إلا أنهم في الوقت نفسه لا يعتقدون أن ذلك ممكناً بالحديث عن المشاكل فقط، لذا فإن طريقاً واضحاً من قبل الحركة الاحتجاجية بأهداف محددة كفيل بإغراء جيل الألفية بالانضمام إلى الحركة. والأكثر من ذلك وعلى الصعيد الشخصي هذه المرة يتحفظ جيل الألفية على الانخراط في الاحتجاجات لدواع شخصية، فخلافاً لجيل الستينيات الذي تمرد على السلطة وخرج للشارع لا يريد الجيل الحالي إحراج آبائه، فيما لا يريد الآخرون خدش ملفاتهم القانونية بالتعرض للاعتقال. فبالنسبة لهذا الجيل تحول النجاح في الحياة إلى مجموعة من العقبات التي يتعين تجاوزها، وأي شيء يهدد هذا الاجتياز يتم تفاديه، ولكن مع ذلك لم يمنع هذا الحس البراجماتي والدواعي الشخصية من نزول بعض أفراد جيل الألفية ممن تحدثنا إليهم في نيويورك وبوسطن إلى الشارع ليس للاحتجاج، بل فقط للاطلاع، وقد حرصوا في ذلك على الظهور بهندام أنيق لتمييز أنفسهم عن المشاركين حتى لا تعتقلهم الشرطة، ولو أن محتجي حركة "احتلوا وول ستريت" ارتدوا ملابس مناسبة، يقول جيل الألفية، لكان من الصعب على المنتقدين الهجوم على الحركة باعتبارها تمثل الفقراء والعاطلين عن العمل. والحال أن المظاهر تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لجيل الألفية، وهو ما لاحظه أفراد من الأجيال السابقة الذين تنبهوا للسلوك المهذب للمحتجين، لا سيما بعدما سهروا على نظافة المكان وتوزيع الطعام، والحفاظ على الأمن، وهو تعبير عن الكتلة الديموغرافية للمحتجين المنتمية عمرياً إلى جيل الألفية، ورغم إسراع بعض الأفراد من جيل الستينيات، التي أيقظت الحركة الاحتجاجية حنيناً قديماً لديهم، إلى تقديم المساعدة والنصح للمحتجين فيما يتعلق باستراتيجيات الاحتجاج وغيرها، إلا أن أحلام هؤلاء غير المتحققة بتغيير العالم ورغبتهم في إحيائها من خلال الجيل الجديد لن يُكتب لها النجاح، إذ رغم الاحترام الذي يخص به جيل الألفية من هم أكبر منهم، يبقى أنهم متحفظون من استغلال البعض لهم وتمرير أجندات لا تخصهم، وهو ما عبر عنه "بيل ماهر" من الجيل القديم الذي يفهم على ما يبدو تفكير جيل الألفية قائلاً: "إنهم يريدون عملاً ووظيفة". مورلي وينوجراد ومايكل هيس زميلا معهد السياسة الجديدة ومؤلفا كتاب «زخم الألفية: كيف يعيد جيل جديد صياغة أميركا؟» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©