الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما بعد فقاعات ثورة المعلومات

31 أكتوبر 2011 00:08
خلافا لموجة التشاؤم العارمة جراء الانهيارات المالية والاقتصادية التي تكررت أخيراً، في 2000 و2008 المستمرة حتى الآن، ثمة من يرى بزوغاً لفجر اقتصادي جديد يسميه بعضهم بالعصر الذهبي، مثلما تفعل عالمة الاقتصاد الأميركية، الفنزويلية الأصل، كارلوتا بيريز. بيريز، وهي رائدة في علم الاقتصاد تنظيرا وتطبيقا من خلال عملها في شركات بارزة، تحاول فك لغز ما يمر به العالم وما ينتظره من خلال النظر إليه من فوق وعن قرب وبعد، وقد قدمت رؤية متماسكة استمع إليها الكثيرون بانتباه حين كانت تتحدث مؤخراً في «معرض الجيل الثاني من الانترنت» في نيويورك. واشتهرت بيريز بكتاب «الثورات التكنولوجية» وكتاب آخر بعنوان «الرأسمال التمويلي»، وهي تعتقد أن العالم مرّ منذ سبعينيات القرن الثامن عشر بخمس ثورات صناعية: الثورة الصناعية الأولى؛ ثورة السكك الحديد والبخار؛ ثورة الهندسة «الثقيلة» وصناعة الصلب الرخيص، ثورة السيارات ونظام خط التجميع أو إنتاج السلسلة، وأخيرا ثورة المعلومات أو الإعلام بمعناه الواسع الشامل لتكنولوجيا الاتصال ونقل البيانات والمعلومات. وتتلخص نظريتها بأن في كل ثورة من هذه الخمس كان هناك حقبتان، الأولى التأسيس والتثبيت، والثانية الانتشار. وبينهما كانت تحدث فقاعة اقتصادية واحدة. أحدثت ثورة صناعة السيارات مثلا فقاعة استهلاك وبطالة وحراك جديد في العلاقات الاجتماعية. أما الثورة الحالية، ثورة المعلومات فقد أحدثت فقاعتين: الأولى نتجت عن الاستثمارات المالية الضخمة والعشوائية في شركات التكنولوجيا التي وصلت إلى درجة تشبه القمار، والثانية نتجت عن برامج تمويل الابتكار والانترنت. والفقاعتان حدثتا بسبب قرارات «ديناصورات» ذوي ذهنيات ترزح تحت عبء طرق التفكير والبنية التحتية القديمة. الآن انتهت حقبة التأسيس والتثبيت، وحدثت الفقاعتان وما يجري حاليا هو حقبة الانتشار حيث يمر الاقتصاد بنقطة تحول، إنما مع بقاء قيم الثورات السابقة والذهنيات نفسها، ولهذا حان الوقت برأي بيريز لتغيير يجب أن يحدث من خلال تواصل رواد الصناعات الجديدة وثورة المعلومات مع مؤسسات وقادة الحكومات من أجل إعادة تشكيل الاقتصاد الجديد بشكل كامل، وصياغة سياسات اقتصادية أقل مادية وأكثر تركيزا على البيئة، وأعظم طموحا بحياة «طيبة»، وذلك بفضل الاستثمار الراشد والتقنيات الحديثة التي يمكنها، بعدما انتهت فوضى التمويل وهوس الربح السريع، وهذا يساعد جميع الصناعات على الابتكار وتولد لديها قدرة هائلة على بناء ثروات جديدة بما يبشر باحتمال موجة واسعة من الرفاه في جميع أنحاء العالم. لقد مرّ التاريخ دوما بمراحل وتغيرات جوهرية استلزمت عمليات جراحية حقيقية للبنى القائمة في الاقتصادات المتقدمة، وعند كلٍ منها كان يبرز نمط جديد من السياسات وطرق التفكير مع برامج ترصد، حتى في ذروة الازمات، ثورات طائلة للانتقال إلى مراحل وآمال متجددة تستلهم رؤى حديثة مثل رؤية بيريز أو غيرها. لم يحدث يوما أن اكتفت الاقتصادات المتقدمة المأزومة ببرامج التقشف والصرف أو بسياسة الإعانات والإنقاذ الضيقة. وحدها المبادرات والرؤى النوعية التي تستنهض الأفكار والطاقات وتنمي بيئة جديدة للابتكار هي التي تعرف كيف تستمر وتنهض من بين أنقاض الفقاعات مهما كانت قاسية ومخيفة، أما غيرها فيستمر تابعاً أسيرا لتداعيات ما يقرره الآخرون. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©