الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لقد هضموا وجهي..

لقد هضموا وجهي..
18 أكتوبر 2012
فكروا بما سأقوله لكم وحاولوا أن تخلدوا للنوم.. وإن لم تسمح لكم الظروف.. فلا تفعلوا شيئاً سوى الترقب. إن تبخر النوم خير من أن يسرق من عيونكم. أنصتوا جيداً، لما سأقوله لكم.. فربما هي المرة الأخيرة التي أراكم بها: البارحة سمعت خرمشات على الجدار الخلفي للبيت، واعتقدت أن قطاً يزور القمامة. أغمضت عيني بعد أن ألصقت صورة حبيبتي في مخيلتي لكن.. لو تعرفون ماذا حدث بعد ذلك... آه.. يا أصدقاء.! وجهي.. أو ما تحت وجهي. اللعنة.. كيف سأقنعكم بذلك؟ سأتابع وليكن ما يكون. فحينما أغلقت عيني، سمعت اصطكاك أسنان ثم عملية هضم لوجهي، وانهمرت الدماء على لحافي المتسخ وعلى كتابي الشعري الوحيد الذي أصدرته حديثاً. نهضت مذعوراً.. متألماً.. وركضت بأقصى سرعة إلى الخارج.. وتحت شجرة جوز كبيرة توقفت متألماًَ من تلك الكتلة الدامية.. ثم أطلقت ضحكة أيقظت الموتى. لم يكن دماً.. إنها دموعي.. إنها دموعي ولا غير. أرجوكم لا تذهبوا ودعوني أكمل حديثي. عدت إلى غرفتي.. نظرت إلى المرآة المهشمة، حدقت ملياً فيّ.. لكن لا شيء.. لا شيء.. لا ندوب ولا جروح أو خرمشات. لست مجنوناً.. لا تضحكوا. المهم أنني حاولت النوم.. لكن الأصوات عادت من جديد.. تلك الخرمشات الخفية لم تكن وهماً. أردت أن أهرب منهم.. كانوا بالآلاف.. لا تضحكوا أرجوكم.. وبدؤوا بتمزيقي.. ثم شربوا دمي وأكلوا عقلي.. كانوا بمخالب دخانية أقصد هلامية.. لا أعرف، وبأفواه مملوءة بالأنياب الناتئة كانوا كأنهم لم يكونوا.. أنصتوا.. أنصتوا الآن.. انظروا إلى البلور.. الآن هل تصدقون؟ لم يبق فيكم قطرة دم مثلي تماماً.. هل تصدقون الآن؟ أنتم لا تحلمون أليس كذلك؟‍ قطنا * تحت سقف يفرغ أمعاءه باستمرار ولدت! القابلة غطستني بالوحل وقالت لأمي: ابنك سيكون نباتيا. وعندما رفعتني من الطست أعشب جلدي. في الليلة ذاتها طلعت أصابعُ أبي من جدران المستشفى أختي نشرتني فوق كتبها المبلولة ونقت الحروف وفتات المطر من ثيابي. قطنا.. البيت الطيني وخطوات أمي الملفوفة على المحدلة زقزقة المطر في الطناجر البئر بعينها الخشبية المغمضة دائما النوافذ ووجوه اخوتي الصدئة فوق أصص الورد وقضبان الحديد المدرسة وغبار الطفولة على المقاعد وفي أكف الأساتذة الحصبة وأبو كعب وبصمات الجدري على الحيطان والخدود. جبل الشيخ وأفكاره التي تفيض في الشوارع وبين الأذرع الحارة. في قطنا.. كل شيء يشبه بيتنا والحب. * منطقة قريبة من دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©