الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشكلات الفلسفة.. حلول

مشكلات الفلسفة.. حلول
18 أكتوبر 2012
تفيد الفلسفة في حسن التمييز بين ماهو نافع وغير ذلك، ذلك لأنها بدراستها للقيم الكبرى، وكثرة تحليلاتها للفكر الإنساني في كل العصور قد درست قضايا الحق والباطل والخير والشر والجماليات والقبحيات، وقد نهج الفلاسفة لو عدنا لتاريخ دراساتهم الفلسفية وكذلك المتكلمون هويتهم وثقافتهم عبر الحوار كمنهج رئيس لكل قضاياهم، الحوار الذي لابد فيه من وجود متكلم ومخاطب كما يشير كتاب “المشكلات الفلسفية عند ابن حزم والبصري وابن رشد” للدكتور بركات محمد مراد الصادر حديثا ضمن سلسلة كتاب المجلة العربية، ولابد فيه من تبادل الكلام ومراجعته، وهو ما يهدف إلى توليد الأفكار الجديدة في كل مرة، وزيادة المعنى وثراء المفاهيم، وكذلك ايجاد حلول لإشكالات الفكر الديني وكل هذا ـ حسب بركات ـ يؤدي إلى تقدم الفكر وارتقاء الحضارة ونمو وازدهار الثقافة في المجتمع والوعي بالمتغير والسؤال الدائم. الحوار إذن وهو نفسه المفهوم الذي نجده في الإسلام (ولاتجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن) كما أنه قيمة كبرى في الإسلام من خلال ما ينقله لنا الموروث الديني عبر الأحاديث وغيرها. ويستعرض مبحث بركات من خلال مؤلفات تراثية مهمة للحسن البصري وابن حزم الأندلسي وابن رشد رائد العقلانية، وهو من كان مميزا في الفلسفة والشريعة، وهو من نجده لايترك فرصة من أجل المزاوجة بين الفلسفة والشريعة إلا انتهزها، وهذا ما يمثل إحدى أهم المحاور الفلسفية والدينية كذلك، كالفقه وغيره، حيث التساند بين الحكمة والشريعة، ولذلك يعرض المؤلف في كتابه مشكلات الفلسفة، أبحاث ابن رشد التي تكشف مكانة العقل عنده، ومدى استخدامه لهذا العقل، في حل إشكالات معقدة وصعبة وجدلية. فمثلا التدليل على وجود الله، حيث يعتمد على العقل والنقل والجدل والبرهان والاعتراف بحقيقة واحدة مطلقة، إضافة إلى تناوله مفهوم، كالتأويل والذي يؤسس به ابن رشد مشروعية الاختلاف الثري في المنهج، وهو يجعل منه سببا سبيلا إلى الفهم المنفتح، وبخاصة حين يكون المجتهد متمكنا من أدواته، وباذلا جهده كما يقول الدكتور بركات في استشراف المعاني الخبيئة التي يتضمنها النص الديني، هذا التأويل يجعل عند ابن رشد من النص المقدس نصا ثريا وغنيا ومنفتح الأفق بما لايتناهى، بل يجعله مفتوحا على كل فهم ممكن في المستقبل. يقسم المؤلف كتابه إلى أربعة فصول، وهي: منهج الجدل وآداب الحوار في المنهج الإسلامي، وأما الفصل الثاني آداب الجدل العامة والخاصة عند ابن حزم الأندلسي، وفي الفصل الثالث الحسن البصري فقيه البصرة وسيد التابعين، والفصل الرابع مكانة العقل عند الفيلسوف الإسلامي ابن رشد. الفصل الأول يتحدث عن مفاهيم الجدل والحوار في الثقافة الإسلامية وآدابها، وكيف أن ذلك من خصائص الإنسان وكذلك مفهوم الاختلاف وكيف أنه أحيانا الموازي الضدي لمفهوم الجدل أو الحوار، والجدل كمنهج فكري وتعزيز الدور الايجابي للحوار، وما في الإسلام من طابع خاص للحوار، ومافي الجدل من أنواع فمنه الممدوح ومنه المذموم. وفي الفصل الثاني الذي يختص بابن حزم الأندلسي كفيلسوف ومفكر إسلامي وآدابه الخاصة في الجدل وهي، أن يكون الهدف من المجادلة والغرض منها طلب الحق وإدراكه ويجب على المناظر أن يثبت ما أثبته البرهان وينفي ما نفاه، وعدم معارضة الخطأ بالخطأ، والنزاهة والإنصاف، والابتعاد عن آفة التقليد والتعصب ولا يضير المناظر تكثير الأدلة، وألا ينطق بين المتناظرين ثالث، وإعلان التسليم بالقضايا والمسلمات وتجنب الجاهل والعناد، وعدم الثناء على النفس وغيرها مما يراه ابن حزم. وفي الفصل الثالث الحسن البصري عن نشأته وسيرته وتأثيره ومكانته في الفكر الإسلامي الفلسفي ومفهومه الصوفي وزهده ومسجده في البصرة جدالاته وحواراته المهمة مع الأفكار المختلفة وموقفه المهم من الحجاج بن يوسف الثقفي، وكذلك أثره وتلاميذ علمه وفكره وشيء عن مدرسته وأساليبه الدعوية المختلفة. ثم ينطلق الكتاب مع الفيلسوف ابن رشد ومكانة العقل لديه وكيف أنه الفيصل الأول لديه في أمور وقضايا الفلسفة وكثير من مفاهيم الحياة، والأدلة العقلية على وجود الله مثلا. واستعرض الكتاب بعض الأدلة التي ذكرها ابن رشد على وجود الله بالعقل ومنها: العناية الالهية ودليل الاختراع، وموقف ابن رشد كما ذكرنا سابقا من الحقيقة الواحدة، وتعدد الرؤى وكيف يتقاطع مع أهم الفلاسفة في أوروبا مثلا، في التأويل وخصوصا الديني والرؤية الفلسفية،. وكما يقول المؤلف إن ابن رشد الذي أسهم كفقيه في إرساء علم مقاصد الشريعة يلجا إلى هذا المفهوم لتأسيس رؤية عقلية للشريعة لاغنى عنها من اجل إثراء المعاني والمفاهيم إلتي لا تتناهى في النص الديني، وان كان هذا التأويل لايستطيعه الاالحكيم أو العالم المجتهد الذي هو وحده بفضل المنطق والعلم الصحيح أعرف بسر التشريع وبمقاصد الشريعة وكل التأويلات التي أقامت المذاهب والفرق الكلامية في نظر ابن رشد ناقصة لأن أصحابها لايملكون منطق البرهان، فمنطقهم، أما خطابي أو جدلي ولا العلم الصحيح علوم الفلسفة، لذا فإن ابن رشد يتجاوزها كلها ليصل مباشرة إلى النص القرآني سيطوي تراجعا في الزمن أجيال العلماء أو ماسمي في العلم الإسلامي الطبقات، سيرتد فوق طبقات الفقهاء والمحدثين والمتكلمين والصوفية ليتصل مباشرة بالنص المقدس، وبخاصة انه لايعترف بشيء اسمه إجماع العلماء. إن التأويل يعد نوعا من المزاوجة بين الدين والفلسفة أو هو فهم الدين من خلال الفلسفة ومحاولة قراءة الدين عبر وجهة نظر فلسفية، الذي يعتمد على البرهان والاستنباط العقلي المنضبط بضوابط اللغة، وهي اللغة المنزل بها النص الديني والالتزام بدلالات هذه اللغة، يستعرض هذا الفصل المهم آراء ابن رشد في الاختلاف والمقاصد والتأويل والبرهان والقول القرآني وجهده في تقديم فهم عقلي للدين أو توضيح وتحليل التأويل والواجب لآيات القرآن الكريم، كذلك يتطرق الفصل إلى تمييز ابن رشد للتأويل الجدلي والتأويل البرهاني، وغيرها من المفاهيم المهمة التي تطرق لها الفيلسوف الإسلامي المميز ابن رشد والتي أفادت منها الفلسفة الحديثة تاليا ولوحظ مدى تأثيرها ولايزال ماقاله ابن رشد مؤثرا ويدور حوله النقاش والدراسات النقدية والفكرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©