السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب في حفظ تراثهم.. مقصرون

العرب في حفظ تراثهم.. مقصرون
18 أكتوبر 2012
في جوهره العميق، يمثل إعلان روائع التراث الشفهي وغير المادي، تكريماً لتعبيرات فائقة التنوع، ولا شك أن الحضور العربي يصبح ضرورياً في هكذا قائمة، فالمنطقة العربية تزخر بالعادات والتقاليد والطقوس والتراث غير المادي في جوانبه المختلفة، والمسألة لا تحتاج إلا للعمل والجهد المنظم والاهتمام لكي تجد هذه المفردات التراثية مكانها في قائمة الروائع وفي ذاكرة العالم.. لكن يبدو أن هناك ما يعيق مثل هذا الحضور الفاعل لدى عدد من الدول العربية. في الحقيقة، كان الحضور العربي في قائمة التراث غير المادي للعام 2008 ضئيلاً، حيث بلغ عدد العناصر المسجلة على القائمة منه خمسة فقط: “أهليل غرارة” في الجزائر، ملحمة السيرة الهلالية (مصر)، المقام العراقي (العراق)، الحكاية الفلسطينية (فلسطين)، ساحة جامع الفنا في مدينة مراكش (المغرب)، والحيز الثقافي لبدو البتراء ووادي رم (الأردن)، وقد حضر العنصران الأخيران كفضاءات ثقافية حيث اهتمت اليونسكو بالتعبيرات والفضاءات الثقافية. وقد اختيرت هذه لقيمتها الفنية والتاريخية والأنثروبولوجية، وأيضاً اعتباراً لأهميتها بالنسبة للهوية الثقافية، وللشعور بالاستمرارية الذي تعكسه لدى الجماعات الحاملة لها ولمساهماتها في التنوع الثقافي للبشرية. شهـيـرة أحمــد يعود السبب في الاهتمام بالفضاء الثقافي نفسه، حسب اليونسكو إلى أن “الفضاءات الثقافية تعتبر مهددة بسبب عوامل الهجرة والتدفق المكثف غير المنضبط لوسائل الإعلام، وانعدام الموارد المالية وبسبب سياسات التنميط أو الاستخفاف، إذ بإمكان هذه العوامل أن تقوض وظائف وقيمة التعبيرات والفضاءات، وتفضي إلى قطع صلة الأجيال الصاعدة بتراثها غير المادي”. وتتعدى أهمية الإعلان عن التعبير أو الفضاء الثقافي كونه فقط مجرد ميزة تقديرية معترف بها على المستوى الدولي وإنما تستتبعه أيضاً التزامات معينة (وهذا واحد من الأسباب التي جعلت بعض الدول العربية تعزف عن ترشيح عناصر تراثها غير المادي)، إذ يتوجب على الدول الأعضاء المعنية أن تسهر على إحياء وصون ودعم الروائع من خلال تنفيذ خطة العمل المرفقة بملف الترشيح. أصل الحكاية بدأت حكاية القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية التي تعد مقابلة لقائمة التراث العالمي الشهيرة في العام 2001 بإعلان المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو” برنامج إعلان روائع التراث الشفهي وغير المادي للبشرية، وكان هذا الإعلان بمثابة ميزة تقديرية دولية جديدة اعتبرت بمثابة إجراء أولي مباشر وتلقائي، للتعريف بالتراث غير المادي ودعمه في جميع أنحاء العالم. ومن جهة أخرى وبغاية ضمان صون مستدام وفعال لهذا التراث على الصعيد العالمي، فقد طلبت الدول الأعضاء من منظمة اليونسكو أن تعد وثيقة معيارية - وهي اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي - التي اعتمدت في الدورة الثانية والثلاثين للمؤتمر العام للمنظمة في أكتوبر 2003. وعلى مدار ثلاثة إعلانات متتابعة في أعوام 2001 و2003 و2005 تميز تسعون شكلاً من أشكال التعبير ومن الفضاءات الثقافية، من سبعين بلداً، حصلت على التنويه، وقد شارك في هذا البرنامج أكثر من مئة بلد وقدمت ما يفوق 150 ملف ترشيح. تم الإعلان الأول في مايو 2001، حيث تم تسجيل 19 من الروائع في قائمة أولى للتراث الشفهي وغير المادي للبشرية، ثم أضيفت 28 من تعبيرات وفضاءات ثقافية أخرى في نوفمبر 2003، وفي نوفمبر 2005 أضيف 43 عملاً جديداً من الروائع، وأعلنت هذه الروائع التسعين في العام 2008 كقائمة تمثيلية للتراث غير المادي الإنساني، وهي القائمة التي تقوم اليونسكو بتحديثها والإضافة إليها كل عام. حيث صدرت قائمة 2009 خالية - للأسف - من أي مفردة عربية، وفي قائمة 2010 نجحت الإمارات في وضع تربية الصقور “الصقارة” على قائمة التراث غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل والتي تحدد الإجراءات التي ينبغي اتخاذها بالأولوية إلى جانب المغرب وقطر والمملكة العربية السعودية وبلجيكا وإسبانيا والجمهورية التشيكية وفرنسا ومنغوليا، كما سجلت المغرب “الحمية المتوسطية” إلى جانب إسبانيا واليونان وإيطاليا، وأدرجت سلطنة عمان “البرعة” وهي نوع من الموسيقى والرقص تمارس في وديان ظفار. وفي قائمة 2011 نجحت الإمارات العربية المتحدة أيضاً في إدراج “السدو” كما نجحت موريتانيا في إدراج ملحمة محيي الدين الموريسكي على القائمة. معوقات من يقرأ القوائم الأربع التي صدرت حتى الآن لا يملك إلا أن يحزن، فحجم الحضور العربي قليل جداً قياساً بما تحتويه الدول العربية من أشكال التراث غير المادي، بل إن هناك دولاً لم تصادق أو توقع حتى الآن على اتفاقية 2003م التي تعنى بالتراث غير المادي وحفظه وصونه، وحتى الدول التي وقعت والتي بلغ عددها 14 دولة عربية لم تقدم قوائم الجرد حتى الآن، باستثناء الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمُان وهما الدولتان العربيتان اللتان قدمتا قوائم الجرد للجنة. ثم إن الدول التي أدرجت تراثها غير المادي على القائمة لم تدرج سوى عنصر واحد باستثناء الإمارات العربية المتحدة التي أدرجت عنصرين هما: صيد الصقور و السدو. وحسب الباحثين والعارفين بالأمور يبدو أن هناك معيقات مالية وتقنية تقف وراء هذا القصور. قد يكون عدم وجود المال هو السبب الأساسي في بعض الدول وقد يكون العامل التقني وعدم وجود العنصر البشري المؤهل لإعداد قوائم الجرد هو العامل الرئيس في دول أخرى توجد لديها الثروة. فقوائم الجرد تحتاج إلى وقت طويل، وتنظيم دورات تدريبية، وجهود حكومية وغير حكومية قد تكون مشتتة وتحتاج إلى التنسيق أو إعادة الهيكلة. ويرى باحثون متخصصون أن الغالبية العظمى من الدول العربية تعاني عدم وجود كوادر مؤهلة لإعداد قوائم الجرد وفق متطلبات اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث غير المادي. وربما تكون العناصر التراثية المشتركة بين الدول سبباً في تأخر تسجيلها لكن مثل هذه المفردات التراثية يمكن أن تقدم في ملفات مشتركة بين الدول التي تتشارك الاهتمام بمفردة أو ممارسة تراثية بعينها، وهو أمر متاح. كما أن التعاون بين هذه الدول ضروري جداً سواء على صعيد تبادل الخبرات أو تنسيق الجهود التي من شأنها أن تعمق الحضور العربي وتجعله وازناً على هذا الصعيد. فالدول العربية ليست سواء على صعيد التجربة، فالإمارات قطعت شوطاً لا بأس به ويمكن لباقي الدول العربية أن تستفيد من التجربة الإماراتية التي بإمكانها هي الأخرى أن تستفيد من تجارب عالمية أكثر خبرة في هذا المجال. إن الحديث عن أسباب أو معوقات روتينية لم يعد مقنعاً في عالمنا المعاصر، ولا بد من أن تستفيد الدول العربية من نشاط اللجنة التي شكلتها اليونسكو، وأن تبادر إلى تدريب كوادر متخصصة في هذا المجال، وأن تبذل مزيداً من الاهتمام بتراثها غير المادي، ليس فقط لأهميته الحضارية والثقافية ومكانته في الضمير الجمعي، وكونه واحداً من عوامل وحدتها وتماسكها، والمعبر عن تاريخها، والحامل لقيمها وتراثها وروحها الحية وإنما لأنه مهدد بشكل حقيقي بسبب الحروب والنزاعات التي تثور في المنطقة بين فترة وأخرى جهة.. وبالحداثة والعولمة والتكنولوجيا وطفرة الاتصال التي تكتسح في طريقها نماذج التراث غير المادي والثقافة الشفهية وتقاليدها. ناهيك عن الحالة الفلسطينية حيث يتعرض التراث كله المادي وغير المادي للسرقة والانتحال، ويحتاج بالفعل إلى خطة إنقاذ عاجلة ومدروسة وشاملة. هنا تعريف بأشكال التراث العربي التي تم إدراجها على قائمة التراث الإنساني غير المادي، التي قامت إدارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بترجمتها إلى العربية وطباعتها في كتاب حمل عنوان: “التراث الثقافي غير المادي للبشرية.. المأثورات المدرجة على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2008”. «أهليل غرارة» الجزائري “أهليل” من الألوان الشعرية والموسيقية المميزة لزناتة غرارة. يؤدى “أهليل” الذي يوجد في الجزء الناطق بالبربرية من غرارة، في المراسيم الجماعية، كالاحتفالات الدينية، ومواسم الحج، وأثناء الأفراح وحفلات الزفاف، والأعياد المحلية. و”أهليل” مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأسلوب معيشة الزناتيين، وبفلاحة الواحات، ويرمز إلى تماسك هذه الجماعة في ظروف محيط قاس، وفي الوقت ذاته، يحمل، عبر لغة مهددة اليوم بالزوال، قيم وتاريخ الزناتيين. ويجمع هذا الصنف من الأداء، الذي هو في نفس الوقت شعراً وغناء متعدد الأصوات وموسيقى ورقصاً، بين عازف لآلة البنغري (ناي)، ومنشد يحيط به كورال قد يفوق عدد أفراده مائة شخص، ملتفين، كتفاً على كتف، في حلقة دائرية، يتجاوبون معه بإيقاعات على الأكف. ملحمة السيرة الهلالية تروي السيرة الهلالية، وهي الملحمة الشعرية المغناة التي تشتهر في كل بقاع العالم العربي، قصة قبيلة بني هلال البدوية، وتفاصيل هجرتها من شبه الجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا في القرن العاشر الميلادي، ومن هنا يطلق عليها أيضاً “تغريبة بني هلال”. وهي واحدة من القصائد الملحمية الكبرى التي تطورت ضمن التراث الشعبي العربي، والملحمة الوحيدة التي لا تزال تؤدى في شكلها الموسيقي الكامل، وعلى الرغم من أنها كانت في وقت من الأوقات، منتشرة في مجموع الشرق الأوسط، إلا أنها اختفت الآن كلياً من هذه المنطقة، باستثناء مصر. المقام العراقي يعد المقام أهم مكونات التراث الموسيقي الكلاسيكي العراقي، ويزخر بمجموعة واسعة من الأغاني المصحوبة بعزف الآلات الموسيقية التقليدي. ويشكل منجماً غنياً بالمعلومات عن التاريخ الموسيقي في المنطقة وعن التأثيرات العربية السائدة والمتوارثة عبر القرون. من حيث الشكل والمضمون والآلات الموسيقية، يرتبط المقام العراقي، بشكل وثيق، بالأشكال الموسيقية التقليدية في كل من إيران وأذربيجان وأوزبكستان، ويشمل عدداً كبيراً من الأنماط والألحان الأصيلة. وينطوي المقام على مقاطع صوتية مرتجلة مصحوبة بإيقاع منتظم تخلص في معظم الأحيان إلى لازمات متنوعة من الأغاني الشعرية. الحكاية الفلسطينية الحكاية الفلسطينية شكل من السرد القصصي الذي تمارسه النساء. وتتناول هذه القصص الخيالية، التي تطورت عبر القرون، الاهتمامات اليومية لمجتمعات الشرق الأوسط، وأيضاً تتطرق للمشاكل العائلية. وتقدم الحكاية نقداً اجتماعياً من منظور النساء وترسم صورة للبنية الاجتماعية التي تمس مباشرة حياتهن، وتصف الكثير من تلك الحكايات وضعية المرأة الممزقة ما بين الواجب والرغبة. الحيز الثقافي لبدو البتراء ووادي رم تستوطن جماعات البدو، الرحل منها والمستقرة الجزء الجنوبي من الأردن. لا سيما قرب البتراء ووادي رم، في منطقة الهضاب والصحارى شبه الجافة. وقد أتاحت هذه الظروف التعايش بين نمطين من الجماعات البدوية مرتبطة ببعضها البعض بأواصر متبادلة. ولا تزال العديد من قبائل البدو، تستخدم صهاريج جمع المياه والكهوف كما كان يفعل الأنباط القدماء. بالقرب من البتراء، تحافظ جماعات البدو في هذه المنطقة على ثقافة رعوية تقليدية حية وعلى الدرايات المرتبطة بها. وقد صانت أيضاً المعارف الخاصة بالحياة النباتية والحيوانية في المنطقة، بالإضافة إلى الطب التقليدي وتربية الإبل وصناعة الخيام ومهارات تقفي الأثر والتسلق. الفضاء الثقافي لساحة جامع الفنا تعتبر ساحة جامع الفنا واحداً من أهم الفضاءات الثقافية في مراكش وأحد رموز هذه المدينة منذ تأسيسها في القرن الحادي عشر. تمثل هذه الساحة بوتقة فريدة للتقاليد الثقافية الشعبية المغربية بمختلف أشكالها من موسيقى، ودين، وشتى التعبيرات الفنية. تشكل هذه الساحة المثلثة الشكل، الواقعة عند مدخل المدينة القديمة، والمحاطة بالمطاعم والمحلات التجارية والمباني العامة، مسرحاً يومياً للأنشطة التجارية والترفيهية، وملتقى سكان المدينة وأيضاً للقادمين من جهات أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©