الإثنين 13 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جرائم اللسان

جرائم اللسان
24 ديسمبر 2010 20:54
يحدث أن يتجادل الأصدقاء في قضية خطيرة مثل مباريات الدوري، فتعلوا أصواتهم وتلعلع حناجرهم ويرتكبون حزمة جرائم واقعة على السمعة من دون أن يشعروا، كأن يقول أحدهم لصاحبه وزبد الغضب يتطاير من فمه: «اغرب عن وجهي يا لص ويا قرد». فإنه بهذه الجملة يكون قد ارتكب جنحة السبّ، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو يغرم بما لا يتجاوز 10 آلاف درهم، فقد أسند له بطريقة علانية ما يخدش شرفه (لص) أو اعتباره (قرداً). فإذا قال له الآخر: «اغرب أنت عن وجهي فأنت معروف بين الناس بأنك سرقت مليون درهم من مقر عملك». فهنا وقعت جريمة قذف ويعاقب فاعلها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو يغرم بما لا يتجاوز 20 ألف درهم، لأنه أسند لصاحبه واقعة معينة (السرقة من جهة العمل) من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو للازدراء، حتى لو كان فعلاً قد سرق وكنس مقر عمله. فإذا تمادى الأول وقال: «بل اغرب أنت عن وجهي وانظر إلى تصرفات زوجتك».. أو قال له: «الحمد لله أن عائلتي ليست عائلة لصوص مثل عائلة بعض الناس».. أو قال له: «لا أدري كيف سيدخل فلان في شراكة تجارية معك وأنت مزوّر محترف»؟ فإنه سيحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات ويغرم بما لا يتجاوز 30 ألف درهم، لأنه مس بعرض صاحبه (الزوجة)، أو خدش سمعة عائلته (عائلة لصوص)، أو كان يقصد تحقيق غرض غير مشروع (تخريب علاقة الشراكة بينه وبين فلان). سينفض هذا الاجتماع الإجرامي وسيتجه كل واحد منهم إلى سيارته، فإذا حضر في أثناء ذلك شرطي أو مراقب المواقف أو أي موظف عام أو مكلّف خدمة عامة، وأخذ يسجّل مخالفات على سياراتهم مثلاً، فإنه من المتوقع أن يقول له أحدهم: «لماذا تغرّمنا يا أحمق ويا مرتشي؟»، فإنه سيحبس مدة لا تزيد على سنتين ويغرّم بما لا يتجاوز 20 ألف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين. أما إذا قال له: «لماذا تغرّمنا، هل تريد رشوة كما فعلت قبل أيام مع أحد الأصدقاء في الشارع الفلاني»؟، فإنه سيحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ويغرّم بما لا يتجاوز 30 ألف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين. ولكن الجريمة تنتفي إذا أثبت صحة واقعة الرشوة التي نسبها للموظف، على أن لا يكون قد مضى عليها أكثر من خمس سنوات، أو كانت جريمة الرشوة قد انقضت أو كان الحكم الصادر فيها قد سقط. لكنه لن يستفيد من هذا الاستثناء إذا كانت الواقعة التي نسبها للموظف غير متصلة بوظيفته، كأن يقول له: «لماذا تغرّمنا، هل نسيت حين كنت تسرق الدجاج من بيتنا»؟. وقد لا يحدث كل هذا السيناريو، فبعد أن تجادل الأصدقاء عادوا إلى بيوتهم ثم فجأة تذكر أحدهم ما حصل وكيف أن كرامة الفريق الذي يشجعه مُرغت في التراب، ثم أخذ هاتفه المتحرك واتصل بصاحبه في وجود أحد الناس وقال له: «إنك فعلاً خروف محشٍ لأنك تشجع الفريق الفلاني»، أو قال له: «إنك فعلاً الذي سرق من عمله بدليل أنك تشجع ذلك الفريق»، فإنه سيحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو يغرّم بما لا يتجاوز 5 آلاف درهم. وتكون العقوبة الغرامة فقط إذا كان ذلك في غير حضور أحد أو في رسالة بعثها إلى المجني عليه. وفي كل الحالات المذكورة، فإنه إذا وقع السبّ أو القذف بطريق النشر في إحدى الصحف أو المطبوعات يتوجب معه تشديد العقوبة والأخذ بأقصى مدة للحبس وأقصى مبلغ للغرامة. وكذلك تُشدد العقوبة في حال السبّ أو القذف الهاتفي أو من خلال رسالة إذا كان المجني عليه ذلك الموظف أو مسّ بالعرض أو خدش سمعة العائلات أو كان بقصد تحقيق غرض غير مشروع. قانون العقوبات لا يجعل الناس أكثر رقياً وحضارة في علاقتهم بالآخرين، لكنه يبصّرنا بأخف الجرائم اللسانية من حيث العقوبة، وهي السبّ عبر الهاتف سواء بالكلام أو الكتابة بغير حضور أحد، ويمكن تجنّب كل هذه الجرائم بترك تشجيع الأندية. Ahmedamiri74@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©