السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا ...والتوازن المفقود في مصادر الطاقة

29 أغسطس 2012
في بلد تحدوه نوايا طموحة للانتقال كلياً إلى الطاقة الخضراء، حمل الأسبوع الماضي حدثاً أثار قلق المدافعين عن البيئة في ألمانيا: ألا وهو ترؤس وزير البيئة الألماني مراسم افتتاح واحدة من أكبر محطات توليد الكهرباء المشتغلة بالفحم في العالم. ذلك أن محطة توليد الكهرباء الضخمة الجديدة بالقرب من مدينة كولونيا الواقعة في غرب البلاد تمثل تحدياً كبيراً للجهود الرامية إلى خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما يقول بعض المنتقدين إنها تجسد تناقضاً في طموحات ألمانيا لخفض الانبعاثات بنسبة 40 في المئة بحلول 2020 والتخلص من الطاقة النووية بعد عامين من حلول هذا الموعد. بعد عام على القرار المفاجئ الذي اتخذته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والقاضي بتسريع عملية التخلص التدريجي من اعتماد بلادها على الطاقة النووية، أخذ المدافعون عن البيئة الذين كانوا أشادوا بمخططها – الذي مثل تراجعاً عن مواقفها السابقة – يشعرون بالقلق الآن ويخشون أن يكون حزب "الديمقراطيين المسيحيين" اليميني الذي تنتمي إليه بصدد التسرع في تبني بدائل أكثر تلويثاً. ويقول بعض المحللين في هذا السياق إن الوضع الصعب الذي توجد فيه ألمانيا يُظهر مدى صعوبة تحقيق توازن بين الأولويات البيئية المتنافسة، حتى في ظل موارد واسعة ودعم شعبي كبير لهذه الجهود. ومع تراجع شعبية الطاقة النووية التي تُحدث انبعاثات أقل في كثير من البلدان بعد حادث فوكوشيما دايتشي في اليابان، فإن بلداناً أخرى قد تضطر قريباً إلى مواجهة الأسئلة نفسها. الزعماء الألمان يقولون إنهم بدأوا يجدون التوازن الصحيح بين الكلفة ومراعاة البيئة، وإنهم سيستطيعون تحقيق الأهداف التي سطروها لـ 2020. وفي هذا الصدد، قال وزير البيئة الألماني "بيتر آلتماير" في حوار معه: "إننا سنحتاج إلى الطاقة الأحفورية التقليدية إضافة إلى الطاقات المتجددة لسنوات عديدة"، مضيفاً "أما بالنسبة لـ 2020، فإن الهدف هو أن تكون لدينا 35 في المئة من الطاقة المتجددة، ولكن ذلك يعني 65 في المئة من الكهرباء الأحفورية". وأضاف المسؤول الألماني: "علينا أن نطبق هدفين في وقت واحد، وهو أمر يمكن أن يتسبب في بعض المشاكل في البداية. ولكننا نعمل بجد، وأنا متفائل جداً وأعتقد أن ألمانيا قادرة على تحقيق أهدافها الطموحة بخصوص ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى أهدافها المتعلقة بالاستغناء التدريجي عن الطاقة النووية". غير أن محطة توليد الكهرباء تعمل بنوع من أنواع الفحم افتتحت الأسبوع الماضي قد تكون تجسيداً لكابوس بيئي، وذلك نظراً لأن النوع المستخدم وهو، فحم "الليجنيت" يعتبر واحداً من أسوأ العوامل المتسببة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، رغم أن المحطة الجديدة أنشئت من أجل استبدال محطات قديمة أقل فعالية. وتعتبر الطاقة النووية غير شعبية سياسياً في ألمانيا، ولكنها تمثل مصدراً للكهرباء يتسبب في انبعاثات منخفضة نسبياً، ما يعني أن على البلاد أن تسد الفراغ بواسطة مصادر أكثر تلويثاً في وقت تكافح فيه الطاقات المتجددة من أجل مواكبة الوضع الجديد. المدافعون عن البيئة يشتكون من أن حلفاء "ميركل" لا يأخذون الأهداف على محمل الجد بما يكفي، مشيرين إلى أنه قبل أشهر فقط على حادث فوكوشيما في اليابان، أعلنت ميركل عن تأجيل عملية الإنهاء التدريجي لاستعمال الطاقة النووية في إطار مخططات تروم خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في ألمانيا. غير أنه بعد زلزال وتسونامي مارس 2011 الذي أدى إلى حادثة مفاعل فوكوشيما النووي، اضطرت ميركل للرضوخ للضغط الشعبي وسرعان ما عادت إلى عملية التخلص التدريجي المسرع من الطاقة النووية التي كان قد خطط لها سلفها، جيرهارد شرويدر من الحزب "الديمقراطي الاشتراكي" اليساري. بيد أن معارضي ميركل غير واثقين من أن العملية تحظى حقاً بدعم ائتلافها المشاكس أحياناً. وفي هذا الإطار، يقول "أوليفر كريشر"، وهو عضو حزب "الخضر" المعارض في البرلمان الألماني والمتحدث باسم الحزب في المسائل المتعلقة بالطاقة: "إنهم غير مقتنعين" بأن التخلص التدريجي من الطاقة النووية أمر معقول، مضيفاً "إنهم مازالوا يؤمنون بالنظام القديم، ولا يقومون بالخطوات اللازمة التي تعقب وقف محطات الطاقة النووية". وفي هذه الأثناء، يقول صناع القرار في ألمانيا إن البلاد في حاجة إلى دعم من مصادر الطاقة التقليدية من أجل الأيام التي تنعدم فيها الرياح، وكذلك الأيام الغائمة، وما أكثرها في شتاء ألمانيا الطويل والمكفهر. غير أنه حتى الآن، يبدو أن هذا الدعم سيأتي على الأرجح من المحطات المشتغلة بالفحم، الأمر الذي يثير احتجاجات المدافعين عن البيئة. والواقع أن البديل الرئيسي، الغاز الطبيعي، يعد أنظف وأنقى، غير أنه حالياً أغلى في أوروبا، وهو ما يدفع شركات الطاقة إلى تحاشي الاستثمار فيه. وفي هذا الإطار، تقول "كلوديا كمفرت"، الخبيرة في اقتصاد الطاقة بالمعهد الألماني للبحوث الاقتصادية: "إن محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالغاز غالية جداً، وهذا يمثل مشكلة في الواقع"، مضيفة "إنها مشكلة إذا كنت تبحث حقاً عن تحول في الطاقة، ولاسيما أن محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالفحم لا تمثل حلاً مستديماً في الواقع". مايكل برنبوم برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©