الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

زايد التراثي.. جناح «طاجيكستان» إبداعات «طريق الحرير»

زايد التراثي.. جناح «طاجيكستان» إبداعات «طريق الحرير»
27 ديسمبر 2018 02:09

محمود إسماعيل بدر (أبوظبي)

يتميز جناح طاجيكستان بإبراز التراث الثقافي العريق لشعب الطاجيك، وأيضا الحرف التقليدية المهمة مثل: البخارى المطرزة، وبيدكوفرز، المعروفة منذ القرن التاسع عشر، والطراز الطاجيكي للمنسوجات، الذي عادة ما يكون عبارة عن تصميم الأزهار على الحرير أو القطن، ومختلف أشكال وأنماط التطريز وفن النحت على الخشب، وغيرها الكثير مما هو مخزون في ذاكرة الموروث الوطني لهذا البلد الذي يمتلك أكبر سد في العالم، وآلاف المساجد، تعكس مدى الجانب الروحاني وقيمة الإسلام في نفوس أبناء الطاجيك.

المعطف الطاجيكي
ولا يمكن لزائر هذا الجناح تجاوز دخول محل «محمد نسيم»، المتخصص في عرض المنتجات الجلدية والصوفية من الجاكيتات وغطاء الرأس «الطاقيات»، وكذلك السجاد الفاخر المصنوع يدويا، فكل ما في هذا المكان كما أخبرنا نسيم، هو صناعة طاجيكية خالصة منها عباءات صنعت من الصوف الطبيعي، وجاكيتات مشغولة يدويا من جلود الحيوانات والغترات الرجالية المزخرفة برسومات ونقوش نباتية زاهية، كما أوضح نسيم أن معروضاته من الأحذية المصنعة من جلد الخروف، ويطلق عليها اسم «ماكسي» تجد إقبالا ملحوظا من الزائرين وبخاصة من فئة الشباب من الجنسين، ويقول عن معروضاته من السجاد اليدوي: «السجاد اليدوي إضافة إلى جمالياته، فإنه مشروع استثماري مربح، لأن السجادة تباع بأسعار كبيرة تفوق بكثير ما دونها من سجاد، لا سيما النّادر منها لتصل إلى أرقام خيالية، وتستخدم العديد من المواد الخام في صناعة النسيج اليدوي منها الصوف والقطن والشعر والصوف المهيري والحرير، والنسج عبارة عن استخدام الخيوط أو الألياف مع بعضها، ويعد النسيج من الصناعات اليدوية القديمة والمتأصلة في مناطق مختلفة من طاجيكستان، والمميز بألوانه الصفراء والزرقاء والخضراء، ورسوماته من أغصان شجر وزراف وطاووس، ويدخل فيه بعض الخيوط الحريرية، وأكد في ذات السياق على اهتمام زوار الجناح بالتعرف إلى هذا النوع من السجاد والإقبال على اقتناء قطع منه، ويصل نسيم بالحديث عن معروضاته إلى المعطف الطاجيكي التقليدي الذي يطلق عليه اسم «خريد»، وهو ذو بطانة صوفية ثقيلة، تجعله مناسبا للوقاية من برد الشتاء، إلى جانب العباءات الصوفية التي تعد الزّي التقليدي لكبار السن.

مسابح وأوشحة
ثم دلفنا إلى محل متخصص بالتحف والهدايا التذكارية، يديره الشاب «زاد دوزي»، والذي أشار إلى أن معروضاته تشتمل على المسابح المصنوعة يدويا، ومنها أشكال وألوان مختلفة، وهي بالنسبة له حرفة وفن، ويقوم على تصنيعها مختصون وحرفيون مهرة، وبعضهم يقدّم للعالم الإسلامي أجود المسابح المصنعة من المواد ذات الأصل الترابي والصخري، وعلى الأخص التّراب المأخوذ من قرب المناطق المقدّسة والتي لها هالة وجلال لدى الكثير من الناس، وأضاف أنها تجد إقبالا ملحوظا من الزائرين والسياح، وقال: كذلك تصنع المسابح من بعض المصادر الترابية والصخرية الأخرى مثل المرمر والرخام والجرانيت وبعض الأحجار شبه الكريمة، ومعظم الألوان المرغوبة في هذه الأنواع من الأحجار هي الأسود والأبيض والأصفر أو حسب التشكيلات اللونية المتاحة لبعض الصخور والأحجار الأخرى المختلفة، وقد تم إتقان الإنتاج من هذه الأحجار بعد حصول التقدم الفني والعلمي الحديث في صناعة المواد الصخرية وتشكيلها حسب الطلب.
وتنتهي الجولة في محل «زاد دوزي»، بمشاهدة أجمل ما صنع للنساء من شالات وأوشحة صوفية مزركشة بألوان زاهية، وبعضها تم إعداده من أقمشة «جاكار» مع لمسات تطريزية تقليدية، توحي بمدى الدقة والاهتمام بالحرف اليدوية، التي تعتبر الأقدم في طاجيكستان، وبخاصة صناعة الحقائب من الصوف الطبيعي وبطريقة يدوية، وتكتسي المنتجات الحرفية في هذا المحل أهمية خاصة نظراً للخصائص الفريدة والمميزة المتأصلة فيها، سواء استخدمت لأغراض جمالية أو ثقافية أو فنية أو زخرفية أو تقليدية أو دينية أو رمزية. ولا يتم فرض قيود على كمية هذه المنتجات التي تصنع من مواد خام تأتي من مصادر مستدامة، لذا فإن تجارتها رائجة، لا سيما وأن المنتجات الحرفية القادمة من هذا البلد تعتبر جزءا من الإرث الثقافي الأهم لطريق الحرير، وبخاصة حينما نراها في الاحتفاليات الكبيرة ومنها مهرجان الشيخ زايد التراثي، حيث تحظى مثل هذه الأجنحة التي تركز على الهوية والموروث الوطني، والعمل على إظهاره بصورة تعكس روح البلاد وأصالة وعراقة شعبها، باهتمام خاص من الرواد والمهتمين.

صور الأب المؤسس
من المثير للاهتمام في المحل الذي تديره الطالبة الطاجيكية الشابة «فاطمة الشريفي»، والتي تدرس في إحدى الجامعات الإماراتية، الركن الذي خصصته لمجموعة من اللوحات التي تجسد صورا للأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقام بإبداعها عدد من الفنانين الطاجيك باستخدام الحبر الأسود، وقد نقش على مجموعة الصور عبارة «عام زايد» باللغة العربية، وهذه الصور موشّاة بزخارف ونقوش تراثية إماراتية.
وبسؤال فاطمة عن هذه الصور، قالت: تم رسمها خصيصا لمشاركة الشعب الإماراتي الاحتفاء بـ«عام زايد»، لما لهذا القائد العظيم من إنجازات وحكمة وسمعة طيبة عالميا، فهو قدوة إنسانية عظيمة صنعت مجد الإمارات وحضارتها، كما ساهم في مساعدة كافة شعوب العالم، وله مواقف استثنائية في دعم القضايا الإسلامية، وما زال يشكل بالنسبة لنا في طاجيكستان رمزا للحكمة والتسامح.

هدايا ومجسمات
وشكلت المعروضات من الخناجر المصنوعة من الحجر في محل فاطمة الشريفي، مصدر جذب لرواد المهرجان، وقد أخبرتنا فاطمة أن هذه الخناجر المصقولة تمتاز بنقوشها التراثية ودقة صنعها، وهناك البعض منها المغطى والمزخرف بمادة الفضة، حيث تمتلك طاجيكستان مكامن الفضة الضخمة إلى جانب مكامن الأحجار الكريمة واليورانيوم التي تشكل احتياطياته بحسب بعض المعطيات نسبة 16% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، إضافة إلى الفحم والألمنيوم والذهب وغيرها من المعادن.
وفي هذا المحل العديد من البضائع والهدايا التذكارية والمجسمات، وركن خاص بالسجاد اليدوي الذي يستخدم كديكور يعلق على الحائط، ويطلق على هذا النوع من السجاد اسم «دافري» وهو مزخرف بالكثير من النقوش والألوان والمنمنمات والرسومات المستوحاة من الموروث الشعبي الطاجيكي، كما لفت انتباهنا فن النقش والنحت على الخشب المزدهر بصورة لافتة في مجال الحرف التقليدية اليدوية في طاجيكستان، فهنا مجموعة بديعة من الأطباق والصناديق الخشبية والهدايا التذكارية والمجسمات والمنحوتات التي تمثل أهم الأماكن التاريخية والسياحية في البلاد، مثل المتحف الوطني الذي تم افتتاحه رسميا عام 2013 في العاصمة «دوشنبه» والتي تعرف باسم «يوم الإثنين»، فضلا عن الحديقة النباتية والمنزلية، وسارية دوشنبه، وهي سارية علم تقع وسط العاصمة، وتحمل علم الدولة بساحة متحف طاجيكستان الوطني، ويبلغ ارتفاعها حوالي 165 مترا، حيث كانت الأعلى في العالم وقت إنشائها عام 2011، ودخلت وقت ذاك ضمن جينس للأرقام القياسية كأعلى سارية علم بالعالم لعدة أعوام.

مساجد قديمة
واختتمت فاطمة الشريفي حديثها بالقول: إن الفنون التقليدية الجميلة في طاجيكستان والتي يتوارثها الأجيال منذ غابر الأزمان، لها مرجعيات قديمة وتقاليد عتيقة ترتبط بالفنون الإسلامية والإبداعات المشرقية والأندلسية، هذا إلى جانب مجسمات مصممة من مواد مختلفة لأهم المساجد القديمة في طاجيكستان، ومنها مسجد الإمام أبي حنيفة، ومسجد الإمام مسلم، والآخر باسم الإمام البخاري، ومسجد حاجي يعقوب، وهو المسجد المركزي في العاصمة دوشنبه، وما يميزه عن غيره من المساجد هو شكله العام المتسم بجوهر التراث الإسلامي، أما واجهته المطرزة والمزخرفة فتعكس مدى العراقة والأصالة التي تتمتع بها حضارة الشعب الطاجيكي، وكل هذه المساجد لا تزال تحمل بين طياتها عبق الماضي، وروح وطراز العمارة الإسلامية، فضلا عن مجسم برونزي للمكتبة المركزية التي بنيت عام 2012، وتتكون من 9 أدوار وتتحدث عن تاريخ طاجيكستان حيث تحوي العشرات بل المئات من الكتب والمخطوطات النادرة والأثرية، ونسخا من المصحف كتبت قبل 400 عام بخط اليد، وفيها كذلك عدد كبير من المخطوطات التاريخية لشعراء وأدباء وأطباء تاريخيين من الطاجيك.

العسل الأبيض
هناك محل يتمتع برونق خاص، تنبعث من جنباته روائح زكية، ويديره «دوست مراد» الذي يعتز كما أخبرنا بعرضه لأجود أنواع العسل الأبيض، وهو عسل من زهورات جبل غرم، جنوب البلاد، ويجد إقبالاً كبيراً من رواد المهرجان، وقال عنه: العسل النّقي والأبيض هو من أنواع العسل النّادرة وغالية الثمن، حيث تقوم أسراب النّحل بالسفر مئات الأميال إلى الجبال، بحثاً عن أنواع خاصة من الأشجار والزهور الطبيعية، والتي تمتص رحيقها، ثم يُخزّن هذا العسل فيصبح لونه لؤلؤياً، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الفوائد التي يُقدّمها العسل الأبيض لا حصر لها، من معالجة معظم الأمراض الجسديّة إلى معالجة المشاكل الجلديّة والجماليّة، ومكافحة الالتهابات والجروح وأمراض السرطان والقلب والجهاز الهضمي. كما يعرض دوست مراد، في محلّه الفاكهة المجففة، وبخاصة التّوت والخوخ والمشمس، وبعض الحلويات المرتبطة بمناسبات الزواج في طاجيكستان والتي تعود إلى عادات موغلة في القدم، ومن ذلك السمبوسة والحلويات التي يتم إعدادها بأفران تعتمد كلياً على الحطب.

الإمارات بوابتنا
أكد جميع العاملين في جناح «جمهورية طاجيكستان» أن الإمارات، ومهرجان الشيخ زايد التراثي، يمثلان بوابتنا التي تسهم في الانفتاح على تقاليد وهوية شعب الإمارات بوجه خاص، وعلى تراث العالم بوجه عام، ما يؤكد حجم المكانة والتقدير الذي تحظى به دولة الإمارات لدى شعب الطاجيك، موجهين في السياق ذاته رسالة محبة واعتزاز بالقائمين على المهرجان، الذي يحمل هدفا نبيلا ويسهم في تعزيز وتكريس مفهوم تمازج الثقافات عبر احتفال شعبي إنساني، بمنطقة الوثبة في أبوظبي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©