الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

للأزمات الاقتصادية.. وجه آخر

للأزمات الاقتصادية.. وجه آخر
31 ديسمبر 2019 00:08

يوسف البستنجي (أبوظبي)

كل انتعاش اقتصادي يعقبه تراجع، ولأن منطق الاقتصاد يقول «لا انتعاش دائم ولا انخفاض دائم»، فإن الفرص الاستثمارية ستكون متوافرة في جميع الحالات.
كما يوفر الانتعاش فرصاً مجدية لتحقيق الربح والاستثمار، فإن الأزمات الاقتصادية تخلق فرصاً مجدية أيضاً، لكن فقط هي فرص لمن كان يقظاً ومتحوطاً لطبيعة الدورة الاقتصادية، فلكل أزمة وجه آخر لا يراه ولا يدركه إلا «أبناء السوق».
ويقول الخبراء إن المراجعة التاريخية لحركة الأسواق تؤكد أنه كلما كان الارتفاع أكبر جاء التصحيح أو التراجع أعمق وأكبر، لكن من المستحيل تقريباً معرفة الوقت المحدد بدقة لوقوع عملية التصحيح «الأزمة».
ورغم أن الاقتصاد يقع غالباً في المنطقة «الرمادية»، أي أنه يبقى دائماً موضوع أخذ ورد بين متفائل ومتشائم، إلا أن بعض المؤشرات في الأسواق العالمية تدعو لأخذ الحيطة والحذر، فقد وصل مؤشر داو جوانز إلى أعلى مستوياته التاريخية قبل أيام على نهاية 2019 مسجلاً مكاسب تفوق 5000 نقطة خلال العام الحالي، بارتفاع يتجاوز 21% خلال العام، كما ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 760 نقطة بنمو 30% خلال 2019 ليبلغ 3240 نقطة، وارتفع مؤشر ناسداك بأكثر من 2400 نقطة تمثل نمواً بنحو 36% ليتجاوز 9000 نقطة، في حين أن شركات التكنولوجيا وتقنية المعلومات «شبه الافتراضية» أصبحت تهيمن على أسواق المال العالمية وبعضها تجاوزت قيمته التريليون دولار!!
ويرى خبراء أن الاقتصاد العالمي يقف أمام «فقاعة» يمكن أن تنفجر بأي لحظة، مستندين إلى أن نسب النمو في مؤشرات البورصات العالمية، لاسيما الأميركية خطيرة جداً، ناهيك عن أن الشركات التي تمثل الوزن الأكبر في السوق الأميركية لا تملك من الأصول الحقيقية ما يبرر تلك القيمة السوقية التي وصلت إليها، خاصة أن العديد منها هو عبارة عن منصات إلكترونية أو شركات برمجيات فقط. فهل يقف الاقتصاد العالمي اليوم على شفا أزمة مالية جديدة؟ سؤال من يستطيع الإجابة عنه بدقة يمكن أن يقتنص الفرص ويحقق الكثير من الأرباح، بحسب ما يراه خبراء اقتصاد أكاديميون مختصون في قطاع المال والأعمال.

من جهة أخرى يرى خبراء آخرون أن العالم اليوم أكثر حيطة وحذراً، وقد تعلم دروساً مهمة من أزمة 2008، وأن السلطات المالية والنقدية والبنوك المركزية اتخذت من الإجراءات الاحترازية ما يحمي البنوك والقطاع المالي «العمود الفقري للاقتصاد» ويحول دون حدوث أية مفاجآت، ولذا فإن أية عمليات تصحيح أو انخفاض إن حدثت ستكون محدودة، من حيث آثارها وعمقها.
ووفقا لتقديرات هؤلاء الخبراء فإن المخاوف من حدوث أزمة مالية عالمية جديدة قد انحسرت نسبيا خلال الأسابيع القليلة الماضية نتيجة الانفراج في محادثات التجارة الأميركية الصينية.
ويرى هؤلاء أنه قد يكون هناك مؤشرات تدعو للتحوط واتباع سياسة استثمارية احترازية، لكن هذه العملية مكلفة للشركات والمستثمرين، واستمرارها لفترات طويلة قد تكبد الشركات خسائر أو تحرمها من اقتناص فرص مربحة في الأسواق، ولذا فإن التوقعات المتشائمة لحركة الاقتصاد العالمي، إذا لم تكن دقيقة أو كانت توقعات مبالغ فيها، قد تلحق أضراراً بالشركات وبالاقتصادات الوطنية أيضاً.
ويرون أن حركة الاستثمار عامة تقوم على أساس «التوقعات»، بينما التخارج من الاستثمار يكون بناء على «المعلومات والبيانات» الحقيقة، ولذا فإن تعزيز الثقة بالاقتصاد يعتبر لبنة أساسية وعاملاً حاسماً في تحفيز النمو الاقتصادي ودفع النشاط إلى الأمام في كافة قطاعات الأعمال، وتقليص احتمالات وقوع «أزمة».
إلى ذلك، يرى الخبراء أن الاقتصاد العالمي سيبقى في مأمن مادام الاقتصاد الأميركي بعيداً عن الأزمات، وبدرجة أقل تأثيراً الاقتصاد الصيني، معتبرين أن هذين العملاقين يستحوذان على حصة تقارب نصف الاقتصاد العالمي، وأن وقوعهما معا أو أي منهما في براثن أزمة مالية أو اقتصادية سيمثل تحدياً أمام الاقتصادات الأخرى وسيكون من الصعب مواجهته، ولذا فإن اتخاذ إجراءات احترازية وتحوطية يعتبر مسألة ضرورية. ويرى الخبراء أن حجم الآثار على اقتصاد معين يتحدد بحجم الانكشاف على الأسواق العالمية أو تداخل قطاعات الاقتصاد المحلي مع الصناديق الاستثمارية العالمية وأدواتها.

تفادي المخاطر
وقال مازن مناع، الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الإسلامي: «كثرت في الآونة الأخيرة التنبؤات والتحذيرات من كبار الخبراء والاقتصاديين العالميين عن إمكانية حدوث أزمة مالية مشابهة لأزمة عام 2008 خاصة أننا نرى أن هناك حالة اضطراب يمر بها الاقتصاد العالمي، وزيادة التوتر في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى زيادة الدين العام العالمي حيث وفقاً لبعض التقارير الصادرة عن صندوق النقد الدولي بلغ حجم الدين حول العالم نحو 225% من الناتج المحلّي العالمي.
وعلى الرغم من تزايد هذه المخاوف، إلا أنني أعتقد أن القطاع المصرفي في العالم قد اتخذ العديد من الإجراءات والتدابير الاحترازية بعد أزمة عام 2008 سيكون لها أثر في التخفيف من وطأة أي أزمة محتملة. فالحكومات وصانعي السياسات المالية في العالم تعلموا الدرس جيداً من أزمة 2008 واتخذوا خطوات مهمة وغير مسبوقة شملت العديد من الإصلاحات والتغييرات الهيكلية التي تجعل من انفجار الأزمة بذات الصورة التي وقعت قبل عقد من الزمان أمراً مستبعداً.
فنرى أن المصارف العالمية الكبيرة أصبحت أكثر حرصاً وتحوطاً وانصب اهتمامهم على إدارة المخاطر، فضلاً عن قيام المصارف المركزية في العالم بوضع إجراءات للتحقق من سلامة القطاع المصرفي ووضع القوانين والقواعد الرقابية التي تمنع المصارف من الانخراط في أنشطة مالية مرتفعة المخاطر.
وقد أتت اتفاقية بازل 3 لتحصين المصارف من خلال ضمان أن المصارف لديها سيولة كافية ولديها إدارة جيدة للتخفيض من مخاطر التمويل. هذا بالإضافة إلى تطبيق معايير دولية صارمة لإعداد التقارير المالية، والذي يؤثر إيجاباً على أداء المصارف لأنه يمكنهم من تعزيز إدارة المخاطر ومساعدتهم على تحديد حجم المخصصات بصورة أكثر دقة، ما يساعد على تعزيز قوة الرسملة في المصارف».
وأضاف: «إن أفضل سبيل لتجاوز المستقبل القريب غير المؤكد وكافة التكهنات بالنسبة للمؤسسات هو التركيز على المرونة من أجل تحمل أي صدمة وذلك من خلال بناء استراتيجيات نمو محددة ومركزة مع تفادي أخذ مخاطر عالية. أما بالنسبة للأفراد فنحن ننصح عملائنا والمستثمرين دائماً بضرورة تنويع المحفظة الاستثمارية وذلك لتوزيع المخاطر عبر عدد من فئات الأصول، كما ننصح بتبني استراتيجية استثمارية بناء على تقدير المخاطر وليس على التنبؤات».
وأفاد بأن الاقتصاد الإماراتي لا طالما اتسم بقدرة كبيرة على الحد من الآثار السلبية لأي تغيرات عالمية فهو يتمتع بمرونة عالية عززت من قدرته على مواجهة المتغيرات والتحديات العالمية، بفضل تكامل وتناغم الاستراتيجيات والخطط الحكومية.

تنويع الاستثمارات
من جهته، قال الدكتور إبراهيم كراسنة الخبير في صندوق النقد العربي، إن التحوط للأزمة يتطلب بشكل أساسي تنويع الاستثمارات على عدة قطاعات وعدم تركيز الاستثمار في قطاع واحد، كذلك الاحتفاظ بمستويات عالية من السيولة والتأكد من أن السيولة الداخلة للشركة (البنك) ستكون دائماً أعلى من الالتزامات المترتبة عليها خلال نفس الفترة الزمنية.
وأوضح الدكتور كراسنة أنه في حال كانت الشركة تعمل في إنتاج سلع معينة فيجب عليها التحوط من حيث تأمين المواد الأولية اللازمة للإنتاج والمواد الخام حتى يكون لديها احتياط إذ تعطل الاستيراد لأي سبب من الأسباب.
كما أوصى الدكتور كراسنة بضرورة أن يكون لدى الشركات اختبارات ذاتية تقوم من خلالها بقياس قدرتها على التحمل في حال حدوث أزمة، أو ما يسمى باختبارات الضغط.
وأما في حال كانت الشركة مستثمرة في السندات على سبيل المثال فيجب على الشركة أن تعرف أنه في حال ارتفاع سعر الفائدة على السندات تنخفض أسعارها، وهذا يجبر الشركة على التحوط نتيجة انخفاض أسعار السندات التي تملكها.
وقال الدكتور كراسنة إن الإجراءات التي يجب على الشركات اتخاذها للتحوط في مواجهة أزمة محتملة يعتمد بدرجة رئيسية على طبيعة استثمار الشركة في أي قطاع وماهي العوامل التي تؤثر عليه، ولذا فإنه من الضروري أن تقوم الشركة بإجراء الدراسات اللازمة، مثلا حول أسعار الأصول لمعرفة إذا ما كانت قد انخفضت، مبينا أن انخفاض الأصول في السوق قد يجعلها مناسبة للشراء، ما يحولها إلى فرص استثمارية، وهذا ممكن إذا كانت الشركة تحوطت مسبقاً من حيث المبدأ واحتفظت بسيولة عالية.
وأضاف: «الاستثمار يتجه غالباً في زمن الأزمات إلى الذهب باعتباره ملاذاً آمناً في معظم الأحيان».
وقال: «إذا كانت توقعات الشركة تشير إلى مخاوف عالية من حدوث أزمة اقتصادية عالمية فعليها أن تقلص انكشافها على الأسواق العالمية وتقوم بسحب استثماراتها من البورصات العالمية وأسواق المال لأن تلك البورصات غالبا تكون معرضة للانهيار في حال حدوث أزمة».
وأوضح الدكتور كراسنة أن المخاطر أنواع، فإذا كانت الشركة مستثمرة في الأسهم وتخشى من تراجع أسعارها تقوم ببيع تلك الأسهم وتقليص مخاطرها أو وقفها، ولكن إذا كانت المخاطر عامة، ناجمة عن أزمة مالية عالمية فإنه يصبح من الصعب تجنب آثارها بالكامل، وآثارها على الشركة يتوقف على حجم انكشافها على الأسواق العالمية وطبيعة استثماراتها وحجم الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الشركة.

اتجاه الاقتصاد العالمي
ومن جهته، قال طارق قاقيش مدير عام إدارة الأصول في شركة مينا كورب، هناك مؤشرات مختلفة، حول طبيعة التوقعات في المرحلة المقبلة، ومن الصعب الجزم في أي اتجاه يسير الاقتصاد العالمي، فمن جهة هناك تراجع في حدة الخلافات الأميركية الصينية ما يعطي دفعة من التفاؤل للاقتصاد العالمي، كما أن معالم الطريق لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدأت تتضح، وهذه عوامل مطمئنة للمستثمرين والشركات.
إلى ذلك، اشتدت قبضة المصارف المركزية في العالم على البنوك وحركة الأموال وزادت الرقابة صرامة، ولذا لم يعد من السهل أن تتصرف البنوك بأموالها كما تشاء، وهو أمر يعزز الثقة بالاقتصاد والأسواق.
وأضاف ما زالت الاستثمارات تنمو في البورصات الأميركية ومازال الاستثمار ذات المخاطر العالية يعتبر جذابا للمستثمرين.
من ناحية أخرى، هناك ارتفاعات خيالية في مؤشرات البورصات الأميركية وهناك ارتفاع غير مسبوق ومبالغ فيه في القيم السوقية للعديد من شركات التكنولوجيا والبرمجيات وهي شركات شبه افتراضية، أي أن بعضها عبارة عن منصات إلكترونية فقط، وهذه عوامل تدفع للحذر.
وأضاف: «هناك شركات تخطت قيمتها السوقية تريليون دولار أميركي وهناك شركات تضاعفت قيمتها السوقية آلاف المرات في العقد الأخير وهي عوامل تدعو إلى الحذر أيضاً».
وقال: «أكبر شركة سيارات أجرة في العالم لا تمتلك سيارة واحدة، وأكبر شركة فنادق في العالم لا تمتلك فندقاً واحداً، شركات قيمتها السوقية بالمليارات، هي عبارة عن منصات إلكترونية فقط، إنها عوامل تدفع الشركات والمستثمرين للحذر والتحوط.
وأكد قاقيش أنه في جميع الأحوال لابد من التحوط وتبني سياسة استثمارية احترازية تقوم على تنويع الأصول وتنويع أدوات الاستثمار ولابد من الاحتفاظ بنسب عالية من السيولة، مبيناً أن السيولة ضرورية جداً في حال حدوث أزمة، لأنها تسهم في حماية استثمارات الشركة بحيث لا تكون مضطرة لتسييل أصولها بأسعار السوق في وقت يتراجع فيه الطلب على الأصول ويرتفع على السيولة، وقال إن توافر السيولة شرط ضروري لاغتنام الفرص الاستثمارية المجدية التي تخلقها الأزمات مثل الاستحواذ على أصول مجدية بأقل من سعرها الحقيقي بكثير أو الاستحواذ على شركات في قطاعات حيوية وما شابه.
وأضاف: «إدارة الأصول يجب أن تكون مبنية على أساس من التوازن بين مستوى المخاطر ومستوى العائد الذي يمكن أن يتحقق، لكن في أوقات الأزمات أو توقعات الأزمات يجب على الشركات أن تكون محافظة واستعدادها للمخاطرة يجب أن يكون محسوباً بدقة شديدة».

الخشية من الأزمات يسرع حدوثها
قالت الدكتورة أماني الأنشازي أستاذ اقتصاد مشارك بجامعة الإمارات إن الإجراءات الاحترازية في ظل توقعات بحدوث أزمة يجب أن تقوم على مبدأ الاستثمارات المحافظة، أي التوجه نحو الاستثمار الأقل مخاطرة، وأن تحتفظ الشركات بمستويات سيولة عالية التي تزداد أهميتها في ظل الأزمات، وأما ما يتعلق بالاستثمارات الآمنة، فقد أوضحت الدكتورة الأنشازي أنه لم يعد هناك ملاذات آمنة بشكل عام، ومع ذلك يبقى الذهب الأكثر أماناً في ظل وجود الأزمات.
ومع ذلك حذرت الدكتورة الأنشازي من أن الخشية من الأزمة قد يسرع بحدوثها، حيث تنخفض الاستثمارات ويتراجع الإنفاق بسبب الخوف من حدوث أزمة، وهذه عوامل تعمق الأزمة إذا كانت قد وقعت أو تسرع بحدوثها إذا كانت لم تقع بعد.
وقالت يجب على المستثمرين تنويع الاستثمارات وتنويع الأدوات الاستثمارية وتنويع القطاعات والأسواق التي تستثمر بها الشركة، لافتة إلى أنه في جميع الحالات يجب أن يكون الانكشاف على الأسواق الأجنبية انكشافاً محدوداً، أي في الحدود الدنيا الممكنة.
ولفتت إلى أن الانكشاف على العملات الأجنبية يجب أن يكون حذراً، لأن التغيير في أسعار الصرف يمكن أن يؤثر على القيمة الإجمالية لأصول الشركة ومحفظتها الاستثمارية.
وأضافت أنه يجب المواءمة أو تحقيق التوازن بين عنصر العائد وعنصر المخاطرة.
وأكدت أنه يبقى من الضروري الابتعاد عن الاستثمارات ذات المخاطر العالية، ورأس المال المخاطر، وقد يكون المفضل الاستثمار في أصول أقل عائد لكنها مضمون.

أبوغزالة: مواجهة الأزمات بفعالية تحتاج لاستراتيجية شاملة للشركات
قال الخبير الاستراتيجي طلال أبوغزالة المؤسس والرئيس لمجموعة طلال أبوغزالة الدولية إنه «في مواجهة ما اعتقد أن سيُبرزه المستقبل القريب»، وبالاستناد إلى منهج التفكير الاستشرافي، وضعت المجموعة عدة برامج في إطار ما نسمّيه «استشارات إدارة الأزمات» للمساعدة في التخطيط المسبق والتحصين لما قد يشكّل أزمات كبرى.
وأكد أن النهج الاحترازي لمواجهة التحديات التي يمكن أن تنجم عن أزمات اقتصادية كبرى متوقعة يجب أن تتركز في محاور متعددة ذات طبيعة شاملة، تمكن الشركات والمستثمرين من حماية رؤوس أموالهم واستثماراتهم وأصولهم، وتضمن استمرارية الإنتاج في جميع الظروف، بل يمكن أن تسمح لهم بتحويل التحديات إلى فرص استثمارية مجدية.
وبين أبوغزالة أن المحور الأول يجب أن يشمل التخطيط الاستراتيجي وتوجيه الأداء، وهي العملية التي تستند إلى استعراض نقاط القوة والضعف في أية مؤسسة، فضلا عن تقصّي السوانح الجديدة وتلافي التهديدات المحتملة، والاستبيان المتاح للتوجهات الحالية على مستويات التطور التكنولوجي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي التي توفر المعلومات اللازمة للتكيف مع المتغيرات واستمرارية النمو.
وأوضح أن التخطيط الاستراتيجي، يشمل المساهمة في وضع وتحديث خطة معينة، يعقبها تحديد الأولويات العليا والأهداف القصيرة الأجل، ومراقبة نقاط القوة، والضعف، والفرص والتهديدات، بين سياسية واقتصادية واجتماعية وتكنولوجية، وغيرها من تحليلات متطورة تهدف إلى اعتماد استراتيجية ذات شقين: خارجي قوامه (التهديدات، والسوانح، والتوجهات المستقبلية، والمنافسون الجدد والمنتجات المستجدة)، وداخلي عوامله (نقاط الضعف، والقوة، والموارد المتاحة، والخبرات الكامنة)، ورسم الطرق اللازمة لتحقيق الأهداف قصيرة أو طويلة الأجل.
وأما نظام إدارة الأداء فيساعد على قياس وتقييم أداء الموارد المنوعة بين موارد بشرية، وأداء مالي، بالإضافة للأداء العملي الداخلي، وذلك لزيادة كفاءة المنظمة ككل.

الخدمات المصرفية
وقال أبوغزالة إن المحور الثاني يشمل الخدمات المصرفية الاستثمارية مبينا أن المؤسسات التجارية تحتاج إلى بيئة مستقرة للعمل بشكل آمن من أجل المزيد من التقدم. ومع ذلك، يعتمد أمن الأعمال على العديد من الأبعاد والمتغيرات.
وأضاف: أنه استناداً إلى المصادر الأكاديمية والمهنية، يجب ضمان تأمين الجهوزية للمؤسسة كي تكون قادرة على توثيق مكانتها في السوق تحت جميع الظروف وكيفيه اغتنام الفرص أثناء ألازمات، وذلك من خلال الدراسات واستقصاءات السوق، وطاقة المستهلك الشرائية وتحليل السوق، واستراتيجيات التسويق، وخطط التوزيع، والاقتصاد الكلي والمتغيرات الاقتصادية الجزئية، ودراسات الترويج، والدراسات التحليلية لتفضيلات المستهلك، والخدمات المالية لمختلف الاحتياجات، وتحديد المستثمرين للمشاريع الجديدة أو القائمة، وإعادة الهيكلة المالية والمفاوضات مع المصارف أو المؤسسات المالية.
كما أشار إلى أن الاستشارات المالية أيضاً ضرورية لتوفير نوع من العمليات المالية التي من شأنها متابعة الأحداث الاقتصادية بيسر وسهولة، وتوفير المعلومات المالية الهامة للإدارة المالية في أي شركة أو منظمة، للمساعدة في دمج وتحسين جميع الإجراءات والضوابط والبيانات والأجهزة وكذلك موظفي الدعم المندرجين ضمن العمليات المالية.
لافتاً إلى أن هذا المحور يشمل العديد من المجالات أهمها تقييم الأعمال وأنظمه العناية المتوجبة سواء مالية أوتشغيلية والسياسات والإجراءات المالية والمحاسبية ونظام المشتريات ونظام أداره الأصول والاكتتاب العام الأولى وتحليل المخاطر المالية ومراجعه وتحسين العمليات المحاسبية وأنظمة التقييم والتنبؤات وأنظمة تقدير التكاليف وأنظمة الخسارة وحصر التكاليف والتحقيق في الاحتيالات وتصفية الشركات وخدمات الاندماج والاستحواذ.
كما بين أبوغزالة أن أعادة تصميم عمليات المؤسسات يعتبر محورا مهما في هذا الإطار، وهدفها إعادة صياغة العمليات الأساسية للمنظمات وإزالة جميع العقبات التي تعترض العمليات التشغيلية بهدف تحسين كفاءة المسارات الداخلية أو الخدمات التجارية المقدمة للعملاء، من أجل ضخ قيمة مضافة يستفيد منها العميل مع ضمان الاستخدام الفعّال للموارد المتاحة.

ربط الأنظمة والمعلومات
وتشمل تكامل الأعمال وتوظيف المكننة، باعتباره أمراً ضرورياً للشركات التي تتطلع إلى ربط الأنظمة والمعلومات بكفاءة.
وتطوير العمليات التجارية، التي تبدأ بالتركيز على تحديد وتقييم وتطوير دفق النشاط في العمليات الرئيسة، حيث إن تحسين العمليات ينتج تخفيضات كبيرة في التكلفة، وكذلك استهلاك الوقت ومعدلات الخطأ.
كما قال إن عمليات أعادة الهيكلة والخدمات تكون أحياناً ضرورية لزيادة الكفاءة والتكيف مع متغيرات الأسواق، والتطورات العرضية، وأعاده الرسملة، والاستحواذات الاستراتيجية، وعمليات التوجيه الإداري الرئيسة، وهي جميعاً مشاريع ترتبط في كثير من الأحيان بهيكلة الشركات، لضمان أن تصبح العمليات أعم كفاءة وأفضل تنظيماً وبالتالي أكثر تركيزاً على النطاق المركزي للأعمال، ويمكن أن تشمل هذه العملية على تغييرات في الإدارة، أو بيع أصول غير مستغلة، وكذلك إعادة تنظيم المهام، وتمويل الديون الآيلة للاستحقاق، أو أي تطورات أخرى مماثلة.
وأكد أبوغزالة أن إدارة المخاطر في المؤسسة يعتبر محوراً ضرورياً في هذا المجال وتهدف إلى قياس وتقييم الهزات التي قد تواجهها الشركة أو المؤسسة ووضع استراتيجيات لإدارة هذه المخاطر. وتهدف هذه الاستراتيجيات إلى تجنب المخاطر والتقليل إلى أدني حد من آثارها وعواقبها السلبية. وعلى نحو أدق، فإنها عملية احتوائية لهذه المخاطر وقياسها والسيطرة عليها والحد منها في الشركة أو المؤسسة.
ويشمل هذا المحور تقييم المخاطر والامتثال للمعايير الدولية والمحلية ذات الصلة والضوابط الداخلية واستراتيجيات تخفيف المخاطر والتخطيط للطوارئ وإدارة حوكمة المخاطر والرصد والإبلاغ وتقييمات الخسائر والتدريب والتطوير الإداري وتطوير نظام أدارة المخاطر في المؤسسات، وتطوير نظام أدارة المخاطر وفقاً للمعايير المتّبعة دولياً. إلى ذلك لفت إلى ضرورة أدارة استمرارية الأعمال ونظام إدارة الأزمات وهو نظام وقائي لضمان جهوزية المؤسسات في حالات الأزمات والطوارئ لتجنب توقف الأعمال والخدمات المقدمة وضمان توافر خدمات أساسية معينة في المؤسسة لمواصلة تقديمها للعملاء والمورّدين والمنظمين وغيرهم من الكيانات التي تستمر حاجتها لهذه الأنشطة اليومية مثل إدارة المشاريع، والتواجد الاحتياطي، ومراقبه التغيير، وخدمات الدعم المختلفة.

استمرارية الأعمال
وقال: «هذه ليست خطة تنفذ وقت وقوع الكارثة، بل تشمل تلك الأنشطة اليومية التي تضمن مواصلة الحفاظ على الخدمات دون أي انقطاع».
وأكد أبوغزالة أيضاً أن إدارة الممتلكات تعتبر مسألة في غاية الأهمية وهي تهدف إلى الحد من تأثير الأزمة الاقتصادية على الشركات والمستثمرين وتقديم الحلول المناسبة لتطلعاتهم، ويشمل ذلك بجانب أدارة الممتلكات، أيضا البحوث المتعلقة بإدارة الممتلكات وتقييم الممتلكات وتطوير الممتلكات وخدمات الوساطة العقارية وإدارة العقود تقييم الأصول المنقولة وغير المنقولة والحلول إلكترونية لإدارة الممتلكات.
من جهة أخرى، أكد أبوغزالة أهمية تطوير النظم الرقمية، وقال: تعتبر منتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتحويل الرقمي وسيله هامه للسيطرة على مسارات العمل والحد من النفقات على المدى الطويل، وبالتالي قد يخفف أيضاً من تأثير الأزمة الاقتصادية على العملاء، ويشمل ذلك تطوير الموقع المعلوماتي والتسويق الرقمي والحلول التقنية للأعمال والأرشفة الإلكترونية التراكمية والبنية التحتية والخدمات السحابية وقواعد البيانات المتخصصة والتطبيقات المتحركة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©