السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشراكة التجارية... على أجندة «وين» في برلين

29 يونيو 2011 21:10
التقى رئيس الوزراء الصيني "وين جياباو" المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مساء الاثنين الماضي، كجزء من رحلته الأوروبية التي تتضمن ثلاث محطات، ومن المرجح أن يحظى بترحيب حار خلال هذه الزيارة. ويرجع ذلك لحقيقة أن الصين تعد واحداً من أهم الشركاء التجاريين لألمانيا، كما أنها مستثمر قوي في السوق الألمانية وغيرها من الأسواق الأوروبية، ويمكن أن تساعد على إنقاذ بعض اقتصادات القارة الأكثر تعرضاً للمتاعب. وقبل قيام المسؤول الصيني الكبير برحلته الأوروبية بوقت قصير أفرجت بلاده عن المنشقين "آي ويوي" و"هو جيا"، في خطوة يمكن قراءتها في برلين على أنها تمثل علامة حسن نية من جانب بكين. وفي هذا السياق يقول أبنهارد ساند شنايدر الباحث بالمعهد الألماني للشؤون الخارجية: "لقد أثبت الصينيون دائماً قدرتهم على تقديم الإشارات الرمزية في الوقت المناسب". غير أن شنايدر يستدرك على ذلك قائلاً: "ولكن يجب علينا ألا ننسى أن التهم الموجهة ضد «ويوي»، لم يتم إسقاطها بعد من قبل السلطات الصينية المسؤولة". ولكن حتى لو استخدمت المستشارة الألمانية نبرة ودية في محادثاتها مع "جياباو" فإن وزير الخارجية الألماني "جيدو فيسترفيله" كان قد أعلن بالفعل أنه سيستخدم المشاورات التي ستجري بين الحكومتين الألمانية والصينية لبحث موضوع حقوق الإنسان في الصين، وهو الموضوع الذي ترفض بكين دائماً مناقشته مع أي عاصمة أجنبية، بل إن العديد من الدول يتجنب إثارة هذا الموضوع في إطار أي محادثات تجري مع الحكومة الصينية وخصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالتبادلات التجارية والاستثمارات. وقال "فيسترفيله" لصحيفة "دي فلت" الألمانية: "الحقيقة الماثلة أمامنا الآن هي أنه على رغم الإفراج فإن «ويوي» لا يزال موضوعاً تحت قيود معينة" وأضاف الوزير الألماني إلى ما سبق قوله: "خلال الشهور القليلة المنصرمة تلقينا عدداً من الأخبار المثيرة للقلق والمحزنة في الحقيقة عن حقوق الإنسان في الصين. ولكن ما أود أن أقوله في هذا السياق هو أنه مقارنة بما كان عليه الوضع منذ 15 عاماً، فإن الموقف قد تحسن". وفي شهر أبريل الماضي استشهدت وسائل الإعلام الألمانية برسالة شخصية سألت فيها المستشارة الألمانية بشكل خاص عن أحوال "ويوي" -وهو فنان صيني يحظى بشعبية كبيرة في ألمانيا وحاصل على درجة الأستاذية الشرفية في جامعة برلين للفنون والآداب، وطالبت السلطات الصينية بالإفراج عنه. وفي البداية أنكر المسؤولون بمقر المستشارية وجود مثل هذه الرسالة، ولكن بعد أن انتشرت أخبارها عادوا واعترفوا بأن المستشارة قد أرسلت بالفعل رسالة للصين تطلب من المسؤولين فيها الإفراج عن الفنان المذكور، وأنها لم تشأ الإعلان عن ذلك في البداية. وينصح البروفيسور شنايدر بالحذر قبل نسبة الفضل في الإفراج عن المنشقين الصينيين للضغوط التي مارسها المسؤولون الألمان على الصين وعلى وجه الخصوص المستشارة ذاتها وكذلك وزير خارجيتها، قائلاً: "إن أي شخص يعتقد أن السياسة الصينية يمكن أن تتأثر من خلال ممارسة ضغط على بكين يقلل في الحقيقة من قدر الاعتداد بالنفس الذي يتميز به الصينيون.. يجب علينا ألا نحاول -مجرد محاولة- الربط بين موضوعات مثل التجارة وحقوق الإنسان. فقيامنا بذلك ستترتب عليه نتيجة عكسية، وإن كان هذا لا يعني أن نلتزم الصمت أيضاً". ومن المعروف أن المشاورات الحكومية هي صورة من صور العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية المكثفة التي تقيمها ألمانيا مع عدد محدد فقط من الدول مثل فرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبولندا، والولايات المتحدة، وروسيا. وقد انضمت الهند إلى هذه الدائرة مؤخراً كما فعلت الصين ذلك أيضاً. والمحادثات التي تجرى في برلين مع رئيس الوزراء الصيني الزائر هي أول مشاورات حكومية رسمية تجرى في ألمانيا مع دولة غير ديمقراطية، وهذا أمر له دلالته. وتوضيحاً لذلك يقول البروفيسور "كريستيان دريجر" الأستاذ في المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية في برلين: "إنه نوع جديد من التعاون... فألمانيا والصين ينظر كل منهما إلى الآخر على أنه شريك استراتيجي. ففي الوقت الراهن يذهب ما يقدر بخمسة في المئة من التجارة الألمانية للصين. وهذا في الحقيقة أمر في غاية الأهمية، بل إنه أهم كثيراً مما يبدو لأول وهلة خصوصاً إذا ما أخذنا في اعتبارنا أن هذا الرقم لم يكن يتجاوز ثلاثة في المئة منذ عشر سنوات". بيد أن الصين ليست ذات أهمية بالنسبة لألمانيا باعتبارها شريكاً تجاريّاً فقط، وإنما لاعتبارات وأسباب أخرى. ففي يوم السبت الماضي زار السيد "وين" المجر التي أعلن منها أن الصين ستضخ استثمارات ضخمة وبالذات في شراء السندات التي ستصدرها الحكومة المجرية، وهو ما سيؤدي تلقائيّاً إلى دعم "اليورو" الذي يعاني من ضغط في الوقت الراهن بسبب أزمة الديون السيادية في اليونان وغيرها من الدول الأوروبية. وتعقيباً على ذلك يقول البروفيسور "دريجر": "دعونا نواجه المسألة على هذا النحو... إن دمج الصين في الاقتصاد العالمي بقدر الإمكان ربما يكون طريقة جيدة ليس لتحسين الموقف الاقتصادي في أوروبا فحسب، ولكن أيضاً لتحسين وضع حقوق الإنسان في الصين". مايكل شتاينينجر - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©