الأربعاء 22 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البريد الإلكتروني منجم ذهب لبعض شركات وصناع التكنولوجيا في الولايات المتحدة

البريد الإلكتروني منجم ذهب لبعض شركات وصناع التكنولوجيا في الولايات المتحدة
2 سبتمبر 2018 01:16

أعلن صُنّاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة أنهم، وعلى نطاق واسع، يتجاوزون المسموح ويحللون رسائل البريد الإلكتروني للحصول على معلومات لبيعها للمعلنين. ولا تزال شركة «ياهو» تعتبر هذه الممارسة بمثابة منجم ذهب محتمل، وتقدم الشركة للمعلنين خدماتها من خلال تحليل أكثر من 200 مليون صندوق بريد إلكتروني تديرها، المعروفة باسم «ياهو ميل»، وتخزن بيانات المستخدمين المختلفة، وتبحث عن أدلة حول المنتجات التي يحتمل أن يشتريها المستخدمون، حسب ما أشار عدد من المستخدمين وموظفين حاليين وسابقين في الشركة.
وتقول «أوث»، إحدى شركات «فيريزون كوميونيكيشنز» مالكة «ياهو»، إن هذه الممارسة تشمل كذلك صناديق البريد الإلكتروني لشركة «إيه أو إل» الأميركية، التي تمتلكها «أوث» أيضاً. وتعد الشبكتان معاً من مزودي خدمة البريد الإلكتروني الرئيسين في الولايات المتحدة، الذين يفحصون صناديق بريد للمستخدمين لأغراض التسويق. وتضع هذه الاستراتيجية اتجاهاً حديثاً في وادي السليكون نحو مزيد من انتهاكات خصوصية البيانات، وتهدد الخط الفاصل بين حماية المستخدمين، والتقنيات التي يتوق إليها العديد من المعلنين لتسويق منتجاتهم.
في الوقت نفسه، تقول «جوجل»، التابعة لشركة «ألفابيت»، وصاحبة البريد الإلكتروني الأكثر انتشاراً في العالم، «جي ميل»، الذي يستخدمه 1.4 مليار شخص، إنها أوقفت تخزين رسائل البريد الإلكتروني لمستخدمي «جي ميل» العام الماضي، وكانت «جوجل» تقوم بهذا في السابق وترسل معلومات عن المستخدمين إلى المعلنين. كما تقول «مايكروسوفت»، رائدة البريد الإلكتروني السابقة، إنها لم تستخدم أبداً بيانات البريد الإلكتروني لمستخدمي خدماتها بهدف التربح من الإعلانات.
وقال أحد المطلعين على المسألة إن ممارسة «ياهو» بدأت قبل أكثر من عقد وتوسعت على مر السنين. وبدأت «ياهو» على نحو متزايد في البحث عن طرق جديدة لكسب العائدات من منتجاتها على شبكة الإنترنت، بعد أن عانت الركود في عصر الهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية.
وعندما أسست مجموعة «فيريزون» شركة «أوث» العام الماضي، كان من المتصوّر منذ البداية أنها تدخل سباق التنافس حول حصص الإعلانات مع «جوجل» و«فيسبوك» عن طريق الاستفادة من عدد مستخدمي البريد الإلكتروني الضخم ومعلومات المستخدمين، كما قال المديرون التنفيذيون في «فيريزون».
وتمتلك «أوث» عشرات المواقع الشهيرة، مثل «ياهو فاينانس» و«هافنجتون بوست»، ما يساعد المعلنين على عرض إعلاناتهم على هذه المواقع وعبر الإنترنت، باستخدام مجموعة متنوعة من خدمات وضع الإعلانات.
وقد أصبح تحليل رسائل البريد الإلكتروني من أكثر الطرق فعالية في الشركة لتحسين الإعلانات الموجهة، حسب ما قال دوج شارب، نائب رئيس قسم البيانات والقياسات والأفكار في «أوث».
وقال شارب إن هذه الممارسة لا تنطبق إلا على رسائل البريد الإلكتروني التجارية، وأشار إلى أن المستخدمين لديهم القدرة على الانسحاب من تلك الخدمة، فلا تصل إلى بريدهم الإلكتروني أي إعلانات. وقال شارب إن الإعلانات جزء من عملية مقايضة يقدمها المستخدمون مقابل الحصول على خدمات مجانية عبر الإنترنت، وأبحاث «ياهو» توضح أنهم يفضلون الإعلانات ذات الصلة بهم.
وبحسب شارب، فإن «البريد الإلكتروني نظام مكلف»، وقال إنه يعتقد «إنه من المعقول والأخلاقي أن نتوقع تبادل الخدمات، فإذا كنت حصلت على خدمة بريد مجانية فلا بأس أن تكون هناك إعلانات مستمرة»، مشيراً إلى أن «ياهو» تقدم خدمة بريد إلكتروني غير مجانية خالية من الإعلانات، يدفع العملاء مقابلها 3.49 دولار في الشهر. وتقوم «ياهو» أيضاً بتحليل رسائل البريد الإلكتروني في الخدمة المدفوعة أيضاً، إلا أنها تقدم خيار إلغاء الإعلانات، فلا توجد مشكلة سواء لمستخدمي الخدمة المجانية أو المدفوعة.
وتبحث خوارزميات «ياهو» عن رسائل البريد الإلكتروني التجارية وتحددها بواسطة قاعدة بيانات لرسائل البريد الإلكتروني المرسلة بشكل عام. وتربط الخوارزميات أنواعاً معينة من البريد الإلكتروني بتفضيلات مستهلكين معينة، ثم تضع «ملف تعريف وارتباط»، وهو جزء من شفرة التتبع، على جهاز الكمبيوتر الخاص بالمستخدِم لمساعدة المعلنين على عرض رسائلهم له في المستقبل.
وتمنح «أوث» المعلنين ميزة تحديد المستخدمين الذين يشترون منتجات أو خدمات معينة بناءً على الإيصالات ومسارات السفر والعروض الترويجية في صناديق البريد الوارد الخاصة بهم، كما قال شارب. وأوضح شارب، على سبيل المثال، يصنف نظام «ياهو» من يتلقون تأكيدات من حسابات الوساطة عبر الإنترنت باسم «المستثمرين» الذين يمكن استهدافهم بالإعلانات المتعلقة بالتمويل. في الوقت نفسه، تتعهد «أوث» بعدم تخطي الحدود، ما يجعل المستخدمين في حالة استياء من تزويد شركات تجارية ببيانات خاصة بهم.
وعلى عكس عادات التصفح عبر الإنترنت وتاريخ البحث، يتوقع العديد من المستخدمين درجة أكبر من الخصوصية عندما يتعلق الأمر بأدوات الاتصال الشخصية مثل البريد الإلكتروني، كما تقول لورين جيلمان، محامية الخصوصية عبر الإنترنت والمديرة التنفيذية السابقة لمركز «ستانفورد» للقانون التابع لشبكة الإنترنت.
وكانت «جوجل» باعت سابقاً إعلانات ذات صلة بالكلمات الرئيسة في رسائل البريد الإلكتروني. واستخدمت هذه المعلومات في الرسائل الشخصية والتجارية لتعرض للمستخدمين إعلانات ذات صلة خلال اطلاعهم على البريد الإلكتروني الخاص بهم في خدمة «جي ميل»، وليس لاستهداف أي مستخدم في مكان آخر على الويب، حسب ما قالت متحدثة باسم «جوجل».
وقالت المتحدثة، إن ممارسة تحليل المعلومات في البريد الإلكتروني استبعدت المستخدمين الذين يدفعون مقابلاً مادياً لاستخدام «جي ميل». كما أشارت «جوجل» و«أوث» إلى أنهما منعا وصول المعلومات الحساسة إلى المعلنين مثل المعلومات الصحية الخاصة بالمستخدمين. وقالت المتحدثة إن «جوجل» توقفت عن تقديم الإعلانات إلى مستخدميها العام الماضي، لأنها تريد من المستخدمين «أن يظلوا على ثقة من أن جوجل ستحافظ على الخصوصية والأمان لمستخدميها في المقام الأول». إلا أن أندرياس ريفين، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات الرقمية «كريليتكس» قال إن «جوجل» تجمع بالفعل الكثير من البيانات من محرك البحث الخاص بها، لذلك لم تعد بحاجة إلى الاعتماد على بيانات البريد الإلكتروني.
من ناحية أخرى، قال شارب إن مستخدمي بريد «ياهو» الإلكتروني الذين يتلقون رسائل إلكترونية متكررة حول رحلات سياحية تصل بياناتهم إلى شركات دعاية للطيران والسفر، وآخرين تصلهم رسائل متكررة حول فرص العمل يتم أحياناً مد بياناتهم إلى شركات التوظيف. إلا أن ملفات تعريف الارتباط تسمح لـ «أوث» بالربط بين المعلنين والمستخدمين من دون تقديم أي معلومات تعريف شخصية إلى جهات التسويق، على حد قول شارب.
وقال شارب إن أنظمة «أوث» مصممة لتجاهل الرسائل الشخصية والبحث عن الرسائل التجارية فقط، التي تشكل الغالبية العظمى من الرسائل التي تصل إلى صندوق بريد «ياهو ميل». وتقوم خوارزمياتها بمسح كل المعلومات الشخصية، مثل الأسماء وعناوين البريد الإلكتروني.
وفي إحدى المرات، صنفت أجهزة الكمبيوتر التابعة لشركة «أوث» دعوات لحفلات الزفاف الهندية عن طريق الخطأ، على أنها رسائل بريد إلكتروني التجارية، لأنها عادة ما تكون عبارة عن تجمعات كبيرة متعددة الأطراف، على حد قول شارب. وأصلحت الشركة هذه المشكلة بالبحث عن عبارات مشتركة لدعوات الزفاف وبالتالي تتعامل معها بالطرق الصحيحة.
وفي سياستها السابقة الخاصة بالخصوصية، تقول «أوث» إن موظفيها كانوا يراجعون مقاطع من رسائل البريد الإلكتروني للمستخدمين في «ياهو ميل». وقد يقوم موظفو «أوث» يدوياً بمراجعة أقسام رسائل البريد الإلكتروني التجارية التي يتم إرسالها بشكل جماعي والتي تبدو وكأنها «نموذج معياري» للعديد من المستخدمين. وقد اختار عدد قليل من المستخدمين صراحةً السماح للبشر بقراءة جميع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم كطريقة لتحسين الخوارزميات والتأكد من عدم وجود رسائل بريد إلكتروني شخصية يتم تسريبها، كما قال شارب. وهذه هي الطريقة التي اكتشفت بها الشركة مشكلة الزفاف الهندية.
وتستخدم «أوث» الإيصالات في صندوق بريد «ياهو ميل» كدليل على أن حملة إعلانية موجّهة أقنعت المستخدم بشراء منتج، على حد قول شخص مطلع على المسألة. وتقوم «ياهو» بفحص البريد الإلكتروني لسنوات حيث إن هناك بنداً في سياستها التنظيمية والخاصة بالخصوصية يقول إن الشركة يمكنها فحص جميع البريد الإلكتروني وتحليلها.
لكن الكثير من المستخدمين لم يقرؤوا بدقة شروط الاستخدام.
وقد أصبح بعض مستخدمي «ياهو ميل» على دراية بهذه الممارسة فقط عندما أرسلت «أوث» بريداً إلكترونياً لهم في أبريل بتحديث لشروط الخدمة الخاصة باستخدام البريد الإلكتروني. وفي إحدى الرسائل الإلكترونية التي أرسلتها «أوث»، أعطت «ياهو» لمستخدميها خيارين «أوافق» أو «سأفعل ذلك لاحقاً» وذلك فيما يتعلق بإلغاء الاشتراك في جميع تخصيصات «ياهو».
وتطلب لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية من الشركات الكشف بوضوح عن كيفية جمعها للبيانات الشخصية طبقاً لسياسات الخصوصية. وتتطلب قواعد حماية البيانات الجديدة بالاتحاد الأوروبي من الشركات الحصول على موافقة صريحة من المستخدمين على جمع البيانات قبل بدء استخدام المنتج أو الخدمة. وقال شارب إن الشركة غيرت شروط الخدمة هذا العام للامتثال للوائح الأوروبية.
ودفعت «ياهو» 4 ملايين دولار في عام 2016 لتسوية دعوى قضائية فيدرالية زعمت أن اطلاعها على البريد الإلكتروني للمستخدمين يعد انتهاكاً لقوانين التنصت في الولايات المتحدة. ولم تعترف شركة «ياهو» بالخطأ برغم موافقتها على التسوية ودفع هذا المبلغ، لكنها غيرت «ياهو» طريقة حصولها على المعلومات من البريد الإلكتروني، فبدلاً من قراءة البريد قبل وصوله إلى المستخدم تنتظر الآن حتى يصل إلى صندوق البريد ثم فحصه. وتمنع سياسة الخصوصية الجديدة في «أوث»، التي أرسلتها لمستخدمي «ياهو ميل»، المستخدمين من رفع دعاوى قضائية جماعية وبدلاً من ذلك تتطلب منهم متابعة شكاواهم من خلال التحكيم أو محكمة أقل درجة.

بقلم / دوغلاس ماكميلان وسارة كراوس وكيش هاجي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©