الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمارات ودول التحالف تدعم عملية استعادة مؤسسات الدولة في تعز

الإمارات ودول التحالف تدعم عملية استعادة مؤسسات الدولة في تعز
1 سبتمبر 2018 01:52

أمة الرحمن الإغواني (تعز)

من رحمِ الحرب تولدُ الفرحة، ومن قلبِ المعاناة تنبثق الآمال، ذلك هو حال المناطق المحررة في تعز التي تستعيد وجودها شيئاً فشيئاً، فمؤسسات حكومية تم تحريرها من ميليشيات مسلّحة، باتت توشك أن تعود لممارسة مهامها، والحملات الأمنية، حققت إنجازات نوعية خلال فترة وجيزة، يصاحب ذلك انتظام صرف رواتب موظفي الجهازين المدني والعسكري في المديريات المحررة من المحافظة.
جملة من النجاحات التي تحققت خلال الفترة الماضية، لعل في مقدمتها عودة الثقة لدى اليمنيين في نجاح الحكومة الشرعية في بسط نفوذها وتحسين الأوضاع في تعز التي عاشت ثلاث سنوات من الانفلات والانتهاكات الحوثية المرعبة.
وقد تمكنت السلطة المحلية في تعز من العمل على انتظام صرف رواتب الموظفين شهرياً، ودعم الأجهزة الأمنية بعشرات الأطقم والأسلحة، إضافة إلى إعادة تفعيل كل المكاتب الحكومية، وتثبيت الأمن في المربع الشرقي، فضلاً عن استعادة المؤسسات القدرة على العمل بعد إعادة ترميمها وهي: «قيادة المحور، الشرطة العسكرية، إدارة الأمن، كلية الآداب، مكتب المالية، مكتب البريد، مكتب الضرائب».
ونتيجة تحسن الأوضاع الأمنية في المدينة بعد انتشار الحملات الأمنية في المربعات التي كانت مغلقة في السابق، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي على فتح معظم المنظمات الدولية مقرات لها داخل تعز. ‎وهنا يمكن الإشارة إلى الجهود المقدمة من هيئة الهلال الأحمر الإماراتية التي تساهم في إنعاش الحياة بالمناطق المحررة، فجهود الإمارات فعلية وفعالة في ترميم المنشآت الحكومية وإنعاشها، وتطبيع الأوضاع فيها من جديد. ورغم الحصار المفروض على المدينة إلا أن خطوات التطبيع مستمرة في قطاعات عدة، خصوصاً القطاع التعليمي الذي تضرر بشكل كبير جداً.

‎الأمن في الاتجاه الصحيح
‎بالوتيرة ذاتها، واصلنا البحث عن نقاط القوة التي منحت تعز نفساً جديداً نحو الدولة وتفعيل الحياة فيها، هذه المرة توجهنا إلى إدارة أمن المحافظة، وهناك طرحنا مجمل تساؤلاتنا عن ما تحقق.
العميد منصور الأكحلي، مدير عام شرطة تعز، قال لـ«الاتحاد»، ما يزيد على عشرين إنجازاً أمنياً تحقق خلال فترة وجيزة من تقلده المنصب، رغم الإمكانات الشحيحة التي توافرت مؤخراً بعد مطالبات جمّة, و‎بحسب العميد الأكحلي، فإن أبرز ما تحقق إنشاء وتجهيز فرع شرطة الدوريات وأمن الطرق في المدينة، وتفعيل إدارة القيادة والسيطرة والعمليات وربطها بمثيلاتها في الوزارة والمحافظات المحررة، وإعداد خطة أمنية لتأمين عاصمة المحافظة والمديريات المحررة، والمشاركة الفعالة في الحملة الأمنية الأولى وقيادة الحملة الأمنية الثانية، وتفعيل أقسام الشرطة وربطها إدارياً بالإدارة العامة للشرطة، إضافة لتسلم أكثر من 30 منشأة حكومية خلال الحملة الأمنية الأولى.
‎ويضيف العميد الأكحلي: «إضافة لكل ذلك، فعّلنا السجن المركزي، ووفرنا الحراسة اللازمة له، بالإضافة إلى تفعيل إدارة التوجيه المعنوي ومركز الإعلام الأمني وربطه بالمواطنين لاستقبال الشكاوى والتعامل معها، كذلك تفعيل إدارة الأدلة الجنائية، وإدارة التحريات بالبحث الجنائي، كل ذلك مصحوب بوضع خطة مستقبلية طموحة لتفعيل الإدارات التابعة كافة لشرطة تعز».

إعادة تطبيع الحياة
‎ الدكتورة ألفت الدبعي، أستاذة علم الاجتماع بجامعة تعز، عضو لجنة صياغة الدستور اليمني، قالت لـ«الاتحاد»: «كان أهم تحدٍ واجهته محافظة تعز هو إعادة تطبيع الحياة في تعز عبر التركيز على عملية تسليم المؤسسات الحكومية من قبل الفصائل المسلحة، وتأتي أهمية هذا الأمر في إعطاء الدور الأكبر للسلطة المحلية ممثلة بمحافظ المحافظة ومؤسسات الدولة لتلعب الدور الأكبر في إدارة المشهد في تعز، وهو ما يعزز قيم الشرعية كدولة مقابل ميليشيات على التوافقات الوطنية وقيم الدولة».
وأضافت: «لعل أجمل شيء كان في مشهد استعادة مؤسسات الدولة في تعز، ووقوف مكونات تعز السياسية كافة لدعم هذه العملية، كما كان لدول التحالف دور في دعم هذه العملية، خاصة دولة الإمارات الشقيقة عبر دعم ملف إعادة الإعمار والترميم لهذه المؤسسات».
‎ولا تخفي الدكتورة ألفت الدبعي مخاوفها من بقاء بعض المؤسسات تحت الإدارة غير الرسمية، وعواقب ذلك مستقبلاً، حيث تقول: «المشهد في تعز لا يزال بحاجة إلى استكمال سريع لعملية استعادة بقية مؤسسات الدولة بشكل كامل، حيث لا تزال بعض المؤسسات خارج الإدارة الرسمية للدولة، وهذا لا يزال يمثل نقطة ضعف أساسية للسلطة المحلية». ‎وقالت «ليس المهم فقط استعادة المؤسسات الحكومية كمبانٍ، فالعمل الأهم الذي يجب أن ينجح في تعز ليستقر المشهد في المحافظة هو استعادة نشاطات مؤسسات الدولة، خاصة مؤسسة الجيش والأمن، وفق للأطر المؤسسية الإدارية والقانونية، وهذا يتطلب إعادة توفير الإمكانات المؤسسية كافة لها، وتأهيل وتدريب كوادر هذه المؤسسات، بما يمكنهم من الإدارة الرشيدة، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، وكل ما يساعد في هزيمة المشروع الحوثي المنقلب على هذه المخرجات».

قفزة نوعية
«برأيي، وقياساً بالفترات السابقة، خصوصاً ما قبل النصف الأول من رمضان مع ما بعده، أعتقد أن الحملة الأمنية حققت نوعاً من الأمن يحس به المواطن البسيط وغيره على السواء، خصوصاً فيما يتعلق بأعمال الاختطاف والتقطع والاغتيالات، حيث خفت بشكل ملحوظ»، هذا ما قالته داليا محمد منسقة (مبادرة مع الدولة) لـ«الاتحاد».
وأضافت: «لم تعد هناك أماكن محصورة يخاف المواطن العادي دخولها كما كان سابقاً، لكن تظل عمليات إطلاق النار في الأسواق مقلقة، وتحتاج إلى بذل جهد أكبر على هذا الصعيد». ‎ووضعت داليا ملاحظات حول العملية الأمنية وما يصاحبها لخصوصيتها قائلةً «لا يعني أن الأمن أصبح على درجة من الثقة التامة لدى المواطن العادي، بل الخشية أن تكون خطط حفظ الأمن مرحلية أو مؤقتة، قد تنعكس سلباً بأي وقت، لكن قياساً بما كان، فهي قفزة نوعية حققت أهدافاً عدة في وقت واحد».
‎ومن أبرز الأهداف التي تحدثت عنها داليا كأهداف حققتها الحملة الأمنية، وجهود استعادة الدولة في تعز، تأمين النقاط التي كانت تمثل مثلث رعب للمواطنين إلى حد مقبول، والقبض على بعض الشخصيات المتهمة بالإجرام وبأقل تكاليف، وتحييد أكبر طرف داعم لأولئك الإرهابيين على الأقل.

نقطة مضيئة
‎إن تعز تتجه إجبارياً، وبخطى سليمة، نحو ترتيب صفوفها الداخلية، وتدعيمها بما يرسي أسس الدولة، ويحقق المنشود للمواطنين الذين عانوا ويلات الحرب الآثمة ولا يزالون منذ أكثر من ثلاثة أعوام. توجه ملموس وإنجازات لها أبعادها الآنية والمستقبلية لتفعيل مؤسسات الدولة وإعادة العمل فيها بوتيرة أعلى مما كانت عليه، لكن ذلك كله لا يزال مشوباً بالحذر في ظل معطيات الحرب الملازمة للحياة في أكبر المحافظات اليمنية كثافةً سكانية، فهل تنجلي الغمة كلها، وتبتسم تعز.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©