الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فتاة العرب».. حَيّ المعاني

«فتاة العرب».. حَيّ المعاني
2 أغسطس 2018 02:03

تقديم واختيار: نوف الموسى

 

مع رحيل كل شاعر؛ في الإمارات، يبدأ الشعر بالتوسع أكثر فأكثر، وينتشر في التفاصيل الرقيقة غير المرئية في حياتنا اليومية، ولا يمكن بالنسبة لنا نحن أُناس هذه الأرض، إلا أن ندرك حجم هذه الولادات المتشكلة في الموت، دون أن نطرق باب التأمل في كل لحظة، نحو أثر القصيدة في اكتشافنا لأنفسنا وذواتنا، وأحياناً أخرى، لوعينا الساحر بكل شيء، وقدرتنا البديعة على تحويل رمال الصحراء إلى أوشحة من الحب، كما فعلت تماماً الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب». عند سؤال كل شاعر عن رحيل شاعرة بقامة وحضور عوشة، في قلب اللغة، ستراه يرد عليك ببيت، حفظه لها، أو سيردد بعضاً من أغاني قصائدها. يوم الإعلان عن رحيلها، تذكر الجميع قصة حُلم ابتلاعها للقمر، الذي جعل ضيّ انعكاس الشمس يسكنها حتى آخر نفس، ويحوّل كل قصيدة إلى نور مكتمل.
ومع كل موت شعري، فهناك أيضاً ولادة شعرية، لابد أن تحتفي بها هذه الأرض مجدداً، إلا أن الولادة تحتاج منّا إلى ترقب، وإضفاء شيء من المحبة على الشعر في الإمارات، أن نتوقف قليلاً من منازعته بين الفصيح والنبطي، ونسترسل في استقباله نحو أرواحنا بلطف المنصت، لا بترفع العالم.
من المثير جداً أن يتحول موت شخص إلى قصيدة، من يملك القدرة على فعل ذلك.. الشاعر، تقريباً هو الأكثر جمالية في أن يجعل موته سيمفونية مدوية، رغم ألم الاستماع لها، إلا أنها تتجه نحو العمق الإنساني، عبر إيقاظ القصائد من مرقدها تحت الظل، وتوسدها لمشهد بعد المعنى في القصيدة على سطح المجرة. لا يمكن أن ترحل الشاعرة عوشة السويدي، دون أن نستشعر «الخواطر المرحبانيه»، و«يا ركن عود الهوى وفنه»، و«في النور روياكم والأحلام»، أو حتى دندنة لـ «حد مثلي بات مشجنّة».. جميعها حضرت في منصات التواصل، تبادلها المثقفون والشعراء وحتى متذوقو الأدب، والمغنون، وغيرهم من المهتمين بالشعر في الإمارات والخليج.
الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، عُرفت بالقصيدة النبطية، غير أن حضورها المتسامي مع اللغة، احتفى بالفصحى في الكثير من المسائل الروحية والفكرية والثقافية.
وهنا ينشر «الاتحاد الثقافي»، مجموعة من القصائد التي تم توثيقها، ونشرها، من خلال «متحف المرأة»، الذي تم تأسيسه من الباحثة الدكتورة رفيعة غباش، استكمالاً لرحلة عطائها المعرفي، فيما يخص تاريخ المرأة في الإمارات. إلى جانب تخصيصها جناحاً كاملًا، من المتحف، لإبراز قصائد الشاعرة «فتاة العرب»، من خلال تقنيات الخط العربي، وفنيات «الجداريات»، بروح عصرية، لتسجل بذلك تحولاً نوعياً في النموذج المتحفي المحلي من جهة، والتعاطي الإبداعي البصري مع القصيدة، من جهة أخرى. ولا يمكن المرور نحو قصائد عوشة بنت خليفة السويدي، دون استحضار شعرها في الأغنية، ومن بين تلك القصائد المعروفة، قصيدة «هب شرتا».

 


هَبّ شرتا

 

هَبّ شرتا لافحٍ ترسا
من فيوي دبي نسناسه
ياب لي في مسمعي همسا
حركت من قلبي اجراسه
لي بذوقه تنطق الخرسا
والبليد ايرجع احساسه
حيّْ قولٍ به زها الطرسا
يشبه الديباح فالماسه
له قوافي كالصخر ملسا
المصَفّى من حجر ماسه
كم درسته بالذكا درسا
واسفر اليِّه نور نبراسه
غصت به قوعْ ابحر غلسا
يتعب اليدّاف مفراسه
في لجوجه غاصتي غطسا
كلٍّ ابدانه رفعْ راسه
بلبلتْ لفكار بي ممسا
كيف حلّ الرمز بالماسه
***

 

الغفران
ربي يا واســع الـغـفـران
انــزع الــغـــلّ مــن قــلــبــي
لا تزغـنـا عـن الإيـمـان
واهــدِنـا أحــســن الــدربـــي
نظرةً يا عـظـيـم الـشّـان
منك يا كاشـــف الــكـــربـــي
مـنّ بـالـعــفـو يا مـنّـــان
وانت يا خالقي حسبي
ملّ قلبي من الـعـصـيــان
يا رجـا الـفـوز والـقـربـــي
ينقضي العُمر والأزمان
كالسّويعات في لعبي
ليس مولاي لي برهان
غير صفحك عن ذنبي
ويسيرٌ من القرآن
حين ألقاك يا حسبي
جـنـة نـورها الـرحـمـن
سقفها العــرش والـحـجـبي

 

***
أمسى غثيث
بو حاجبين اعقادي
شروات خطّ النّون
جاسي عينه سوادي
والها الهدب مزفون
غضّ الشّباب الهادي
حسن أو نضارة لون
هبّه نفح البرادي
واتمايلت لغصون
شفته وهو متبادي
يتهادى بالسّكون
مشي القطا في وادي
توح إجدمه بالهون
ملحج روحي نفادي
وين اللّي يرحمون
وصله لي به سدادي
من غالين الزّبون
***

 

يا شوق
يطرب هوى من هزّه الشّوق
رنين خلخاله على السّاق
واللّبس سيدي نكلس الطّوق
في جيده إيهلك العشاق
ببدل صلاتي صوبه اشروق
لنّه خليلي شمس لاشراق
لولاه ملّت شرعي ابدوق
عن ذا اليهام أو خشر لاسواق
يا رشيد باب الوصل مغلوق
وش في حياتي غير لفراق
أصيح واتويّع شرى طوق
على زمانٍ مابه الحاق
***
يـا لـبّــاس الـرّهــايــف

 

يا لبّاس الرّهايف
من ملموع الرّهام
عالي الجناب النّايف
لي في المحلّه دام
ما قيّظ في مصايف
لندن ومستردام
ماكوله في صحايف
شوى قوت الحمام
ومحزّم في لفايف
له م الوتيل أودام
قيّظ مريح أو رايف
في ديرته بانعام

 

***
يوم غيري سالـي

 

الصّديج يطيب له فالي
والعدو ما ننقله همّه
من حيابٍ بات همّالي
وابله والسّحب ملتمّه
هلّ واسقى روس ليبالي
والسّيوح وبرّها عمّه
تمّ يري السّيل له تالي
في لبطاح مسوّيه زمّه

 

***
لــه القـلـب يشـتـاق
يا مرحبا بللّي له القلب يشتاق
شوف الظّما للماء إلبرد الهوايف
ويا هلاً عدد ما ناض في السّحب برّاق
واسقى بوبله ممحلات الكفايف
ويا هلاً عدد ما ينبت العشب لوراق
واعداد ما تذري هبوب المصايف
واعداد ما للسّبّق الخيل مطلاق
وما درهمن عسم اليدين الخفايف
يا والله اللّي نلت به سعد لوفاق
والحظّ من طبعه يجي بالصّدايف
واختص من هو لي محبّ وصدّاق
وأنا مودّ له حليفٍ وضايف
بني الصّداقه بيننا في لوثاق
منحوت صخره ما بني بالسّعايف
***
أنـــــــا لــشــفـــك
أنا لشفك في المثايل يا زميل
قبّلت منشور البيان و صفحته
و ازداد له شوقي على رد الرسيل
لنّه يداوي من فوادي علّته
شفته وخرّ الدمع من عيني هميل
والوجد في يوفي يردد زفرته
حي المعاني لي لها عندي دليل
كم حرّكت شجوي الضمير وهزّته
***
أمسيت بي
خلّه ولا تسمع له أخبار
حتّى يلين الصّخر جاسيه
وان ردّ لك بالعذر واختار
منك الرّضا رحّب ابوافيه
طير الخلا ما يقضي الكار
يا غير طيرك لي تربّيه
لانّ الهوى له جند وانصار
الحق تاخذ به أو تعطيه
***
برقـا روس الشّرايـف

 

آزم شوفه شفايف
وعنّي حبله طواه
شروى طيّ النّجايف
حبل الرّشا بدلاه
فرقاهم م الحسايف
ومواصلهم غناه
ما شاكي به خفايف
واشمت عليه أعداه
غير النّسيم اللاّيف
باحمّلها جداه
سلامينٍ رضايف
له من ربيع إخواه
***

 

مـا خــطّ القـلـم
ترتاح وان صابك من الشّوق تعذيب
يالتّيلفون اللّي حديثه ايسلّي
يدنيك من قرب الأهل والمحابيب
والصّاحب اللّي عشرته ما تملّي
اللّي رماك ابغبّة الغيّ يا ذيب
وخلاّك في محمد غرامه مغلّي
بدرٍ كسا ردفه من الليّل غربيب
في ظلّ قصرٍ للحدايق امطلّي
دونه اسبور ودور فيها سراديب
ولا ظنّ للخرّيت فيها ايدلّي
عساك من وصله تنال المطاليب
بالسعد ونحوس الليّالي أتولّي
يا صاحبي لايّام فيها الأعاجيب
تدني وتبعد واللّيالي اتزلّي

 

***
بـك هـلا مـا هـبّـت النـايـس
جس نبضك للجسم رايس
خلّني للحّب دختوره
كم طول اللّيل باقايس
من اصنوف الحبّ وخطوره
شطّ بي واضناني الهايس
منك وادعى النّفس مضروره
بين جفني والكرى حايس
يوم نوم الدّله في شوره
خلّني لك في لامر سايس
واقفٍ في شفّ ماموره
لو لشّفك في الخطر دايس
سهل ما همّتني أوعوره
***

 

حـدّ مثـلـي
حدّ مثلي بات مشجنّه
حلم طيفٍ مرّ خطّافي
واغتنم من وجدي الونّه
يوم كلّ بالكرى غافي
جرح في جاشي امخفنّه
والخوافي ضربهن خافي
لي محبّ منّي أو منّه
حبّ مثل الجوهر الصّافي

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©