الإثنين 27 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الفنون أعمق الطرق لتحقيق التسامح

الفنون أعمق الطرق لتحقيق التسامح
30 أغسطس 2019 01:04

نوف الموسى (دبي)

«إنها الدعوة الكريمة التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة للعالم عبر عام التسامح، والتي تستلزم أن يتحاور الناس فيما بينهم ويكتشفوا ثقافة بعضهم، لكي يصبح التسامح ممارسة يومية. والفنون التشكيلية إحدى أعمق الطرق، وأكثرها حساسية، لتحقيق ذلك، كونها تبرز التفاصيل الداخلية للأفكار والعادات والتقاليد في المجتمعات. والثقافة الطاجيكية، واحدة من تلك المجتمعات التي لا يتعدى عدد أفراد جاليتها في الإمارات ربما 2000 شخص، والتقارب معهم من خلال حوار فني، يُعد إثراء للحراك الثقافي المحلي، ونقطة تحول لفتح مسارات جديدة من التواصل. ذلك أنه لا يمكننا الوصول لقياس مستوى تسامحنا إلا من خلال التجربة الثقافية، لأنها الأكثر تأثيراً في إحداث التغير للأفضل».
هكذا تحدثت فرح البستكي، صاحبة «أتيليه لانتانا» خلال زيارتنا لمعرض الثقافة الطاجيكية الذي يقام في دبي، بمشاركة 4 فنانين من طاجكستان، منوهة إلى أنها سعت من خلال زيارة ميدانية في «دوشانبي» عاصمة طاجكستان، إلى التعرف على فنونهم وطبيعة حراكهم الثقافي كونها متخصصة في مجال تاريخ الفنون والمتاحف، لافتة إلى أنها قدمت المعرض لأول مرة في العاصمة أبوظبي، لتستكمل دعمها للتعريف بالفنانين الطاجيكيين، عبر إقامته بمدينة دبي بالتعاون مع ندوة الثقافة والعلوم.
في حديثها عن المعرض، تقول فرح البستكي: «عندما تقف أمام لوحة فنية تشكيلية، فأنت بالتأكيد ترى تفاصيل جزئية وعاطفية واقتصادية وروحية وحتى سياسية لمجتمع ما، فمثلاً في المعرض الحالي، نستشف كيف أثر استقلال طاجكستان على طبيعة فنونها، وذلك من خلال لوحة الفنان سبزالي شاريبوف، أحد رواد الفن في طاجكستان، حيث نرى لوحاته وهي تعود للحياة عبر ذوبان الثلوج، بالمقابل وبالرجوع إلى أعماله السابقة يلاحظ المتلقي سوداويتها بسبب وقوعهم في السابق تحت الحكم السوفييتي، مضيفة أن الفنان سبزالي، من بين الفنانين الذين يقدمون أعمالاً وطنية، وعرضت أعماله في متاحف عالمية. اللافت أن الفنان سبزالي شاريبوف، يشارك في المعرض، بأعمال فنية مغايرة تماماً لأعمال ابنه، وكأنها عين على التحول بين الأجيال المختلفة في طاجكستان، حيث جاءت أعمال مورودجون شاريبوف، أكثر سرعة وحركة في نطاق عوالم الجرافيت التجريدي.
أثناء التجوال بين الأعمال المعروضة، توقفنا للتعرف على فنان طاجيكي يطلق عليه «كُوندال» من خلال لوحة جدارية مزخرفة، تقول فرح إنها صنعة يقوم على إنجازها حرفيون، ويمكن ملاحظة حضور هوية المكان من خلال نوع الزهور المستخدمة في هذا الفن، وطبيعة الألوان الطبيعية المستخرجة من بيئتهم المحيطة. ولفتت فرح البستكي إلى أن إنشاء تقنية الزخرفة هذه عُرفت في آسيا الوسطى، أواخر القرن الرابع عشر.
الانتقال إلى أعمال الفنان إلياس أمينجونوفيتش، ومنها لوحة «الشرق» يُلهمك فيها شكل الهلال، وروحانية تداخل الأشكال عبر اللون الأصفر. أما لوحة «الصمت»، فإنها الأكثر تأثيراً على الإيقاع البصري بسبب هدوئها، فيها يجلس شخص وهو يغلق عينيه بطمأنينة، إلى جانبه قبعة معلقة، تقول فرح البستكي إن القبعات في طاجكستان لها موروث ثقافي ممتد، ومن خلال أشكالها المختلفة وطريقة نسجها يمكن معرفة إلى أين ينتمي الناس، إلى شمال طاجكستان أو جنوبها، فلكل منهم تفرده الثقافي عبر تفاصيل متنوعة.
رغم جمالية رمزية ثمرة الرمان الحاضرة في الأعمال المشاركة في المعرض، إلا أن نبتة «التين» في أعمال الفنان أوبيدوليف عبد اللوجون نيغماتوليفيتش، جاءت كما الشمس في جماليات عطائها اللامتناهي في الحياة، خاصة لوحة «بدء»، في جوف التين رسم الفنان ملامح بداية الخلق للجنين عبر تصور لحميمية والديه، إلى جانب لوحة «ماذا يقول التين؟»، فيها تستمد المرأة في اللوحة ضوء الحياة من التين، وأخيراً لوحة «القمر» التي قالت عنها فرح البستكي، إنها تجسد كيف أن المرأة تتمايل بخفة تامة انعكاساً لفتنة مشهدية القمر في مرحلة الهلال في الليل الساكن بالحُب.

نحو اكتمال الصورة
يشهد زوار المعرض، مجموعة من الأشغال اليدوية الحرفية للثقافة الطاجيكية، ومنها ما يُعرف بـ «سوزني»، وهي حرفة تتعلمها النساء لتنسج بها الستائر والمفارش التي ستنتقل بها إلى بيت زوجها، إضافة إلى أن المعرض يقدم مشغولات أخرى، منها صناعة العرائس والقبعات التي يشتهر بها رجال ونساء طاجكستان. هدفت فرح البستكي عبر حضور تلك الحرف اليدوية، لإكمال جّل الصورة الثقافية عبر الفنون التشكيلية والحرف اليدوية.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©