الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الظافر 2

22 سبتمبر 2008 00:56
خافته النسيم في المسابقة فاعتلت من الفرق، ولول لم يكن مثلها في الخفة لما اتل ذيله بالعرق، إذا أرخي له العنان كاد أن يصير جسمه كله عنقاً ممدوداً، وإذا لف كاد عنقه يدخل في جوفه لما أفرط في الطيبة فقد صار من الأطايب معدودا، وإذا جذب باللطف كرّ من خلفه كما كر من أمامه، وإذا مشى حسبت الجو قد نشر الأبيض من غمامه· نعم هو ببياضه غمام رعده من وقع حافوره، وبرقه اللامع من النضار البراق في رأسه وشاخوره، ما هو إلا مطاوع غير شموس، وفلك تدور عليه من أتراس الذهب شموس، لم يركبه فارس إلا بل عطفه العرق، ولم يلق نفسه في بحر سرجه إلا قيل له إياك والغرق، قد اتسعت عزائمه، وحمدت يوم الروع عزائمه، يفوح نقعه كالمسك ريا، وتراه قد الجم بالحديد وكان من حقه أن يلجم بالثريا· يجمع نفسه للوثوب فظله عند الطراد قالص، ويطأ الصخر بنعل الحديد على أنه لو أنصف لنعل بالنضار الخالص، فما حذي بالحديد إلا تمنى كل من الذهب والفضة أن يكون حديدا، ولا أبصر المقبل من أمامه إلا كان طرف زرقاء اليمامة بالنظر إلى نظره كمها ولم يكن حديدا، ولا رمق إلى مكان قصي إلا كان طرفه كالناظور يقرب ما كان بعيداً، إذا قاده السائس جنيباً فكالجنوب، وإذا مد على كفله الدرع حسبه الرائي له غديراً تفركه النسيم بالهبوب، طالما عوذته بالآيات المتلوة، لما رأيت إنساني في جوهر متنه الذي بدا كالمرآة المجلوة، وكدت لصقالته أنظر إلى حشاه من خلف الأديم، فإنه لا فرق بينه وبين النهر الساكن إذا صقلته النسيم، فهو كالماء الطافي إذا جمد، وكالغدير الصافي إذا همد، يكاد بالألحاظ يشرب، بل يكاد يذوب كالثلج تحت السرج الذي عليه يضرب، والحق عين الحق، أنه أرى كل جواد غباره من خلفه ثم قال له الحق· أكرم به من صافن أضحى بما سبك الورى متقلداً متتوجا من أبيض الكافور قد أديمه ولذا تضوع نشره وتأرجا إن شق قسطله المثار وقد غدا كالليل قلت الصبح قد شق الدجى قد أنتجته نجيبة ما أقرفت فغدا نجيب الخيل لما أنتجا هو ظافر بالصيد بل هو ضافر لقذاله مثل الظلام إذا سجا فليعلم السامع لوصف هذا الجواد السابق، والكافور الذي هو في مناخر الوجود عابق، أن المادح يقصر في مدحه عن بلوغ الغاية، وأنه لم يذكر من آيات تفضيله على سائر الخيل غير آية، فالحاصل أنه لا يوصف لذي عين بصرت، وعلى الجملة إن العبارة كلما طالت في وصفه قصرت، فلا يزيده الوصف تعريفاً، كلا والله ولا يزيده المدح تشريفاً، لا زالت عين الله وعين مالكه إليه ناظرة، ولا انفك إنعام مقتنيه عليه كالروضة الناضرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©