السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معضلة جوانتانامو

25 ابريل 2011 21:35
جاءت النهاية المتعثرة لخطط إدارة أوباما لمحاكمة "خالد شيخ محمد" في محكمة فيدرالية خلال محادثة جرت الشهر الماضي بين الرئيس وواحد من كبار أعضاء إدارته، وهو وزير العدل الذي كان قد اتصل بالرئيس هاتفياً، ليقول له إنه سيعيد القضية لوزارة الدفاع، وهو ما كان يعني تنصلاً فعلياً من الوعد الذي كان أوباما قد قطعه على نفسه بإغلاق المعتقل العسكري في خليج جوانتانامو بكوبا. وخلال تلك المحادثة لم يضغط أوباما على وزير العدل لإقناعه بالبحث عن طريقة لمحاكمة شيخ محمد وشركائه الأربعة في محكمة فيدرالية، بل إنه لم يعترض على ذلك، بل وصف هذا الحل الذي اقترحه وزير العدل بإعادة القضية لوزارة الدفاع بأنه حل براجماتي بحسب موظف في البيت الأبيض كان على علم بتفاصيل تلك المحادثة. ما حدث هو أن خطط إدارة أوباما لإغلاق المعتقل الشهير، ومحاكمة المتهمين المذكورين في محاكم مدنية قد قوضت لعدة أسباب منها: أخطاء في الحسابات السياسية، الارتباك، والرخاوة والضعف في مواجهة ضغط المعارضة المتزايد في الكونجرس. وبعض المراقبين يضيفون إلى هذه الأسباب نمط أوباما في القيادة، الذي ظهر جلياً في مناسبات عديدة، والذي يقوض قاعدته الليبرالية باستمرار، والذي يتسم بنزعة إلى السلبية، ورغبة في التوصل لحلول وسط، وهو ما يتيح الفرصة لأعدائه كي يضعوا الأجندة. ولكن مسؤولي الإدارة يضعون اللوم فيما يتعلق بفشل مبادرة أوباما لمحاكمة المتهمين في محاكم فيدرالية على عاتق الكونجرس، والأعضاء الديمقراطيين الذين تخلوا عن الرئيس. ويشار في هذا السياق إلى أن الجدل الذي دار في أوساط الديمقراطيين الأعضاء بالكونجرس حول هذا الموضوع، كان موسوماً بقدر كبير من الخوف مبعثه احتمالات أن يؤدي تحويل المعتقلين إلى المحاكمة على الأرض الأميركية إلى خلق تهديدات أمنية. والخوف من أن يتحول إغلاق معتقل جوانتانامو إلى نوع من الانتحار الانتخابي لإدارة أوباما برمتها. ورأى الكثير من "الديمقراطيين" إن أوباما قد قدم ذلك الوعد في إطار الحملة الانتخابية الرئاسية التي جاءت به إلى سدة البيت الأبيض، بيد أن التمسك به في الوقت الراهن قد ينتج عنه عواقب وخيمة دون أن يحقق فائدة، ولذلك ناشدوا البيت الأبيض عدم الضغط من أجل وضع هذا التعهد موضوع التنفيذ. في الوقت نفسه حاول البيت الأبيض أن يبعد عنه هذه الصورة، المتمثلة في عدم الوفاء بالوعود الانتخابية من خلال تصريح أدلى به المتحدث الرسمي باسمه" تومي فيتور" قال فيه: إن أي إدعاء بأن البيت الأبيض لم يحارب من أجل إغلاق خليج جوانتنامو هو ادعاء باطل تماما" لم تكن هذه الحقيقة بالطبع، فالحقيقة هي أن البيت الأبيض لم يضغط بشكل كاف من أجل تحقيق هدف كان يعد من الأهداف المميزة لها. الأكثر من ذلك أنه على الرغم من حقيقة أن الإعلان الخاص بإغلاق المعتقل تم من خلال أمر تنفيذي وقعه أوباما بالفعل في الثاني والعشرين من يناير 2009 أي بعد أيام من تنصيبه رسمياً، فإن ذلك الأمر لم يترجم أبداً في صورة ذلك النوع من الدفع السياسي الضروري لتحقيق الهدف، أو إدامة السياسة الرامية لتحقيقه. ليس هذا فحسب، بل إننا نجد أن تصرفات الإدارة حيال الموضوع قد اتسمت بقدر كبير من عدم الثقة حيث ظل "هولدر" يخبر كبار أعضاء الإدارة بالاستنتاج الذي خلص إليه على مدى عدة أسابيع في شهر مارس الماضي، وهو أن القيود التي وضعها الكونجرس على إحضار معتقلي خليج جوانتانامو إلى الأراضي الأميركية لمحاكمتهم، سوف يعجل من المحاكمات الفيدرالية للمتهمين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ونتيجة لذلك، فإن العقل المدبر لتلك الهجمات، "خالد شيخ محمد" سوف يحاكم في دار محكمة أعدت خصيصاً، وتقـع على بعد أميال قليلة من معتقل خليج جوانتانامو، الذي لا يزال مفتوحـاً ويضـم داخل زنازينه 172 معتقلًا. بيتر فن - محلل سياسي أميركي آن كورنبلات - محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©