الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غرر الخيل

غرر الخيل
21 سبتمبر 2008 00:23
الظافر 1 ظفرت منها بالظافر، الذي كفله كالصخر الوافر، وهو لاشك سلطان العتاق عند الفرسان، وأميره الذي تنقاد في طاعته بالأعنة والأرسان، له في صدور الخيل جلال، وعليه من إهابه ومن الحرير جلال، ما هو فيها إلا بيت القصيد، وليس في سلكها المنظوم إلا الواسطة في العقد النضيد، متجمل لا يساويه الجميلي، تقول المحاسن جميعها: لا أميل إلى غيره فإليه ميلي، ليس له في الخيل أنداد ولا أتراب، هو إمام في جامع الميدان خلفه (المصلي) وفوقه من الشجعان (محراب)، قد ناطت المطهمة به عراها، وحمدت عند صباح لونه في ليل العجاجة سراها، لاشك أنه السابق الأول، والمجلي الذي عن السبق لا يتحول، لو أدركته العرب لمسحت منه الوجه والذيل، لما كان من شأنها أن تمسح على وجه السابق من الخيل، وإذا هو أشهب اللون، كالجوهرة التي هي في غاية الصون، لو أنها خلقت من الدهر الخيل، لكان النهار وسائر الخيول الليل، أنار لونه الأبيض وتنزه عن القبح، فإذا ضرب فوقه سرج الذهب فما هو إلا هلال على صبح· لاشك وقد عقد بناصيته الخير، أنه يصدق به مقال المانوية أن فاعل الخير النور لا غير، يكاد بياضه بالأبصار يذهب، لولا إمساكه بعنان اللجام لطار كالباز الأشهب، عليه من أبيض رهابه وأصفر ذهبه مرطان، إذا شق العجاج فكأنه نجم انقض خلف شيطان، أو كأنه من تحت غباره الكثيف لا الرقيق، هضبة كافور قد جللت بالمسك الفتيق، لا يخرج عن الطاعة مع ما فيه من شماس، وإذا اصطفت جبال الخيل فما هو فيها إلا جبل من الماس، قد اتسعت حافات أعضائه الرحاب، وكاد الطير أن يتخذ له فيه عشا لما رأى ركابه كأنه الوكر المعلق بأكناف السحاب، تأوي إليه الأنوق فيعز بيضها، وتعلق الأسلحة على سرجه فتلمع كالبروق بيضها· يشد عليه القوس المصبغ بالألوان، فكأنه وقد بدا معترضاً في بياض كفله قوس الغمامة البيضاء أي قوس علان، وتوضع الخوذة المجلوة منه على مقدم سرجه، وإذا هي الشمس تسير في منزلتها والبدر يتبلج من برجه، يرسف رسف الماشي بالقيد، لم يسم بالظافر إلا لأنه طالما ظفر في جريانه بالأعداء والصيد، ما هو إلا جواد يلاعب أطرافه، ويداعب لفرط النشوة أعطافه، يختال في أشطانه ويعوذ من شر شيطانه، يزهو زهو الغادة الرداح، لما قلق شاخوره قلق الوشاح، نجيب الأصل كريم، إن نصب جيده فهو كريم، يقلب عنقاً كعنق الحسناء إلا أن ضفيرته فيه العنان، ويرفع أذنيه كأنهما قلم الفضة المبري أو كأنهما من الرمح طرف السنان، يكر فيسبق ظله، ويخلع خلعته المذهبة ويلبس من النقع حلة، يترقرق أديمة كالنهر الدافق، ويرسل منه عسيبه الأبيض كالسيل إذا انحط من شاهق، يمور كفله كالبحر العجاج، ويفوت في شوطه ارتداد الطرف فإذا هو كما قال ابن حجاج· قال له البرق وقالت لــــه الـ ريح جميعــــاً وهمــا ما همـــا أأنت تجــري معنا قــــــال لا إن شئت أضحكتكما منكما هذا ارتداد الطرف قد فته إلى المــــدى سبقـاً فمن أنتمــا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©