الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حوارات ودراسات سبقت إنشاء شركة وطنية تتولى الإشراف عليه

حوارات ودراسات سبقت إنشاء شركة وطنية تتولى الإشراف عليه
4 نوفمبر 2009 23:34
في فبراير 1971، بدأت بإعداد وتقديم برنامج “الذهب الأسود” في الإذاعة، وفي مارس 1971 بدأت بتقديمه في التلفزيون (أبيض وأسود). كانت الشركات التي تقوم بالإنتاج والتصدير جميعها شركات أجنبية، حتى شركات توزيع المنتجات البترولية كانت جميعها أجنبية. الجهة الوطنية الوحيدة التي تحمل مسؤولية الصناعة البترولية كانت دائرة البترول والصناعة، وهي دائرة حكومية تراقب وتحاول تنفيذ سياسة الدولة وتوجيه الشركات حسب تلك السياسة. ضعت دائرة البترول لهذا الغرض بعض الشباب من المواطنين في مراكز تصدير النفط في داس وجبل الظنة مهمتهم الوحيدة تسجيل الكميات المصدرة والتي على أساسها يتم احتساب عائدات النفط وحصة إمارة أبوظبي من هذه العائدات. عند القائد لم تكن هذه الصورة غائبة عن القائد رحمه الله ولا عن رئيس الدائرة الشاب مانع العتيبة الذي اختاره لقيادة هذا القطاع وتأسيس جهاز وطني قادر على الدخول في تفاصيل هذه الصناعة الحديثة التي تعتمد على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية. إن الدائرة أو الوزارة التي شكلت قبل قيام الاتحاد باسم وزارة البترول والصناعة ثم الوزارة الاتحادية التي سميت وزارة البترول والثروة المعدنية كان لا يمكن أن تحقق وحدها الأهداف التي رسمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والذي كان المسؤول التنفيذي عن كل ما يتعلق بالخطة الوطنية في المجال البترولي. وأدركت هذه القيادة أنه لدخول أبوظبي إلى أعماق الصناعة البترولية لابد من أدوات تنفيذية مزودة بالخبرة والكفاءة وقادرة بالفعل على المشاركة الفعالة في هذه الصناعة الحديثة. ومن هنا ولدت فكرة إنشاء شركة بترول وطنية. وبالعودة إلى ما لديّ من وثائق ومعلومات فإن أول حديث عن فكرة الشركة الوطنية يعود إلى سبتمبر 1971 حيث نشر معالي الدكتور مانع العتيبة مقالاً بعنوان: “لكي نوطن بترولنا”، أشار فيه لأول مرة إلى المذكرة التي رفعها كوزير للبترول والصناعة في إمارة أبوظبي إلى مجلس الوزراء بمشروع قانون شركة بترول أبوظبي الوطنية. لم تكن الطريق أمام تلك الفكرة مفروشة بالورود خاصة أن أهم شركتين منتجتين مصدرتين للبترول من أبوظبي هما “شركة مناطق أبوظبي البحرية ـ أدما” و”شركة نفط أبوظبي البرية” (ADPC) تتوجسان خيفة من قيام مثل تلك الشركة الوطنية. وانطلقت أصوات كثيرة لتردد أن لا ضرورة لإنشاء مثل تلك الشركة التي ستكلف الحكومة الكثير من المصاريف ما دام البترول الرئيسي المصدر من أبوظبي تابعاً ومسيطراً عليه من الشركتين الرئيسيتين. لذلك كان لابدّ أن يبين الدكتور مانع في رسالته لمجلس الوزراء مبررات إنشاء تلك الشركة، وقد فعل وذكر المبررات التالية: -1 تطبيق مبدأ المشاركة الذي تم الاتفاق عليه مع شركة نفط أبوظبي اليابانية والذي من المفروض أن يبدأ عام 1972 ومع الشركات الأخرى التي سيبحث معها موضوع المشاركة. -2 أعطى معالي الدكتور مانع العتيبة مثلاً عملياً بالمشاركة مع شركة أدما (البحرية) بنسبة 20%، حيث ستمكن هذه المشاركة من زيادة دخل أبوظبي بحوالي خمسين مليون دينار بحريني إضافي. -3 مدد الامتياز الممنوحة للشركات العاملة في أبوظبي محدودة، وستنتهي عاجلاً أم آجلاً، فلابد من وجود أداة تكمل العمل والإنتاج. -4 أبوظبي مقدمة على نهضة صناعية يقوم جزء كبير منها على الصناعات البتروكيماوية، مثل مشروع المصفاة ومشاريع الغاز ولابد من خلق جهاز يتولى مسؤولية هذه المشاريع. مرسوم الشركة أمام هذا الطرح الموضوعي، وبعد أن استعرض مجلس الوزراء كافة المبررات التي أوردها الدكتور مانع العتيبة وافق المجلس على إنشاء الشركة: شركة بترول أبوظبي الوطنية، وصدر قانون رقم (7) بإنشاء الشركة في نوفمبر 1971 كما صدر في اليوم نفسه المرسوم الأميري رقم (52) لسنة 1971 والذي يعين رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة كما يلي: -1 السيد/ مانع سعيد العتيبة، وزير البترول والصناعة/ رئيساً. -2 السيد/ أحمد خليفة السويدي، وزير شؤون الرئاسة/ عضواً. -3 السيد/ محمد الكندي، وزير التربية والتعليم/ عضواً. -4 السيد/ محمد حبروش، وزير الدولة لشؤون الرئاسة/ عضواً. -5 السيد/ محمود حسن جمعة، مستشار التخطيط/ عضواً. -6 السيد/ حسن عباس زكي، المستشار الاقتصادي/ عضواً. -7 السيد/ عبد الله إسماعيل، وكيل وزارة البترول والصناعة/ عضواً. وهكذا تم إنشاء شركة بترول أبوظبي الوطنية التي بدأت أولى خطواتها عام 1971 على طريق بناء الجهاز البشري القادر فعلاً على حمل مسؤولية الصناعة البترولية في إمارة أبوظبي. كان مقر الشركة في البداية متواضعاً وعلى ما أذكر كان في مبنى بسيط قريب من السوق المركزي القديم، ولم يزد عدد الموظفين في البداية عن عشرة. وخلال مدة زمنية قياسية، تمكنت هذه الشركة الوطنية من بناء أجهزتها وكوادرها الوطنية والعربية ومن الدخول في مختلف حقول الصناعة البترولية. أهم ما قامت به هذه الشركة، هو تدريب أجيال من الشباب من أبناء دولة الإمارات وتأهيلهم بالعلم والخبرة ليتمكنوا فعلاً من قيادة هذه الصناعة الحديثة وليكسروا الاحتكار الذي كانت تقوم به شركات البترول العاملة في أبوظبي، والذي كان يجعلها تقتصر على الخبرات الأجنبية في تسيير شؤون هذه الصناعة. اليوم تشرف هذه الشركة ومن خلال المشاركة بنسبة 60% من أسهم الامتيازات على جميع الشركات العاملة في أبوظبي بل وتقوم بتنفيذ مشاريعها الخاصة معتمدة على كوادرها الوطنية وحدها من دون الاستعانة بأي خبرة أجنبية. ولكن يجب ألا ننسى ونحن نرى هذا العملاق يتحمل المسؤولية الكبرى، يجب ألا ننسى زمن البدايات والدور الذي قام به رجال من هذا الوطن ليجعلوا الحلم حقيقة وليضعوا الأساس الذي قامت عليه نهضة دولة الإمارات العربية المتحدة. في الإعلام لقد كان لي شرف مواكبة المسيرة البترولية في دولة الإمارات منذ عام 1971، وفي عام 1975، وبالاتفاق مع وزير الدولة للإعلام الأخ سعيد الغيث ومعالي الدكتور مانع سعيد العتيبة، تم نقلي رسمياً من وزارة الإعلام إلى وزارة البترول في وظيفة اقتصادي. وأدركت يومها أن الإعلام المتخصص هو الإعلام الحقيقي، وأن الاقتصاد هو روح الإعلام وخاصة الإعلام البترولي. استمرت مسيرتي الإعلامية في وزارة البترول والثروة المعدنية واستمر تقديمي لبرنامج “الذهب الأسود” في الإذاعة والتلفزيون، وكان لنشاطات شركة بترول أبوظبي الوطنية مساحة واسعة في برنامجي. وعلى مسرح الشركة الكبير تم تسجيل عدد كبير من مسابقات “الذهب الأسود” والتي من خلالها تمكنا من جعل ذلك البرنامج الاقتصادي الجاد برنامجاً جماهيرياً مميزاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©