الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جدل انتخابات السودان

16 ابريل 2010 21:26
توجه الناخبون السودانيون الذين وافقت قياداتهم على خوض المعركة إلى مقار الاقتراع صباح الأحد الحادي عشر من أبريل الجاري، وتواصل الأمر خلال اليومين التاليين. وثبت على أرض الواقع خلال التجربة حتى الآن أن مفوضية الانتخابات لم تكن موفقة في رفض طلب عدد من الأحزاب بإرجاء موعد التصويت ولو لأيام معدودات. اتضح ذلك من خلال وقوع أكثر من عشرين مخالفة وقصوراً خلال اليوم الأول للاقتراع في ولاية الخرطوم وحدها. من تلك المخالفات عدم انتظام العمل في المواقيت المحددة، وضياع بعض سجلات الناخبين في بعض الدوائر، وظهور سجلات للناخبين في حي معين غير الحي الأصلي. بالإضافة إلى ملاحظة كثرة الأخطاء التي يقع فيها بعض الناخبين لجهلهم بالطريقة المعقدة للاقتراع والتي كان على مفوضية الانتخابات أن تتأنى في شرحها وسط مجتمع تعلم أن نسبة عالية من أعضائه ما زالت تجهل القراءة والكتابة. ومن الطريف هنا أن نذكر أن سلفاكير، النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب، اعترف بأنه أخطأ عند التصويت يوم الأحد في ملأ بعض الاستمارات. أما الناخبون الذين ينتمون لأحزاب قررت المقاطعة فقد ابتعدوا عن الاقتراع واكتفى كثيرون منهم بالمراقبة عن بعد لحصر الأخطاء وتسجيل أي مظهر من مظاهر التزوير واستغلال النفوذ. إن لكل واحد من الكتلتين، كتلة المشاركين وكتلة المقاطعين، حججه. من ذلك أن المشاركين. ورغم اعترافهم بقوة احتمالات التزوير، يرون أن المشاركة ستساعدهم في كشف مزيد من التدخل غير المشروع وستتيح لهم معرفة مستوى تأييد الجماهير لهم بعد غياب وصل نحو ربع قرن من الزمان. أما المقاطعون فيؤكدون أن التزوير برز منذ اليوم الأول للتسجيل، وأن انحياز مفوضية الانتخابات للحزب الحاكم لا يحتاج إلى دليل، وبالتالي فلا معنى لإعطاء الشرعية لانتخابات هدفها تجديد السلطة الحاكمة. وكما هو معلوم فإن المقاطعة شملت الآن قوى لها أثرها في الحياة السياسية، وهي حزب الأمة بجناحيه، والحركة الشعبية (قطاع الشمال)، والحزب الشيوعي السوداني، وبعض الأحزاب الصغيرة مثل أحزاب القوميين العرب ("البعث" المستقل و"البعث" الموالي للنظام العراقي السابق و"البعث" الموالي لسوريا). إن مقاطعة هذه الكتلة، لاسيما بالنسبة للتنافس على رئاسة الجمهورية، وقعت برداً وسلاماً على الحزب الحاكم وأنصاره، ولم يخف كثير منهم فرحتهم بما حدث مما سيجعل الطريق سهلا وممهداً للرئيس البشير كي يحظى بالرئاسة لفترة أخرى. أما وسط المقاطعين فإنك لتحس بقدر من الحسرة على آمال في التحول الديمقراطي قد انهارت. والحقيقة أنه لو توافق الجميع على تنفيذ ما جاء في اتفاقية نيفاشا نصا وروحا لكانت هذه الانتخابات محطة رئيسة في الانتقال الحقيقي نحو حكم ديمقراطي تعددي، ولأنهت الحكم الأحادي الذي لن يظل كما هو بعد الانتخابات، لكنه سيكون تحولا محدودا. يقول المقاطعون إن تحالفهم لن ينتهي بانتهاء الانتخابات، بل سيواصلون التعاون لمواجهة المرحلة القادمة من حكم ستكون الغلبة فيه لحزب المؤتمر الوطني وقيادته الحالية. وسيتحدد أسلوب هذه الجماعة في العمل السياسي العام بما سيتضح من سلوك "المؤتمر الوطني"، وما إذا كان سيستمر خلال المرحلة المقبلة في تمسكه بالسلطة وعدم الاستماع إلى أي رأي معارض، و ما إذا كان سيقلل من قبضته تلك ويسمح بقدر من التفاهم الديمقراطي وإتاحة الحريات. وبعد أن تنتهي فترة الاقتراع الذي كثرت مشاكله فقررت المفوضية تمديده ليومين آخرين، أي حتى يوم الخميس، سيتضح الموقف العام، مع العلم أن المسجلين الذين يحق لهم الانتخاب في كل أرجاء السودان يبلغ عددهم نحو 16 مليون مسجل. أما عدد المرشحين في كل المناصب فبلغ 14,155 مرشحاً قبل قرار المقاطعة. وننتظر لنرى ما تقوله أرقام الفرز. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©