الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فقد واحد يسوى ملايين»

5 ابريل 2010 20:43
إلى المأسوف على شبابه فقيد الوطن الغالي/ الشيخ أحمد بن زايد آل نهيان رحمه الله. كأبيك أنت، بعضك منه، أو كلّك من بعضه، فكنت أحمد، لا يشبهك أحد إلاّ أنت! غبت في جلالك أيها النبيل، وفي صمتك الموزون، شغوفاً مبدعاً بعملك، فيّاضاً بالحب، طلق المحيا خجولاً، تُحيّي قبل أن يُحيّوك، وتعطي قبل أن يطلبوك، تصلهم قبل أن يعرفوا دربك، تستدل على دروبهم لتقضي حاجاتهم، هنا أو هناك، وأينما حلّ رحلك، فتخضر الأرض بموطأ قدمك، وتسعد العين، وتنشرح النفوس ببزوغ وجهك الملائكي، مستهللاً بثغرك الطفولي.غبت عنا جسداً، وحسبنا أن نسترجع في غيابك أيها العزيز فاجعة فقد والدنا الكبير زايد، فلم يزد غيابكما المهيب إلاّ حضوراً عصيّاً على فطرة النسيان، ليكون لكما حضور خالد، خلود الفرسان النبلاء، على مر التاريخ والعصور، حيّاً تبقى كأبيك، في ضمير ووجدان كل من عرفوك ومن لم يعرفوا، بذلك التبسط، بتلك الأريحية، وبالنفس المفطورة على الطيبة وفعل الخير، بالسماحة التي لا يجاريك بها أحد، تتوارى منها بعض الوجوه خجلاً، بصدق ودفق حُنوّك، يشْف عن صفاء عريكتك النقية، غبت وتركت لنا طلاسم صمتك المحبب، نائياً بنفسك الشفافة الطاهرة دوماً عن الأضواء، إلاّ من ضوئك! اليوم يحق لنا أن نحزن لمثلك، ونذرف الدمع السخين، عندما يترجل فارس من فرسان هذا الزمان عن جواده في هذا الوطن الغالي، حينما يتوارى ظله الكريم بعيداً عن مركاض ودروب الخير والعطاء والمحبة، يد اختارها الله لتكون للخير رسولاً، لتزرعه حيثما ولّت وجهها، نحزن حينما يسقط غصن وارف، تأملنا أن يبقى مورقاً زمناً طويلاً، يُستظل في فيئه، نحزن حينما يغيب عنا من لا يعوّض مكانه ولا يشبهه أحد، ولن توفيه الكلمات حقه مدحاً أو رثاء، فلا نملك في هذا المقام، إلاّ أن نتصّبر، ونتقاسم قلوباً يعتصرها ألم فراقك، في حزن الأم الغالية بمصابها الجلل العظيم، و دمع الأخ و»الأخت» في وجعهم الأليم، وحسرة الزوجة في فقدها الجسيم، وفي افتقاد الصغير الذي لم يُشبع من رسمه، ولم يفرح الأب طويلاً بنمو ظله.«بو زايد»: كم هو قاسٍ الفقد لقامة لها شموخ قامتك، «ذاك إللي فقده يعدْونه خساره» كما يقولون!، كم ستبدو الأمكنة موحشة بلا سطوع نجمك، إلاّ من أثر ناصع تركته وراءك، ومن ذكر طيّب لسيرة عطرة، هي أمثولة لأبناء جيلك، ومن بعد، وكم سيقسو الوقت ليعتاد الأخوة، ورفاق الدرب، والعمل، والترحال والمجلس، على وجع غيابك، الذي لا يوازيه غير حضورك الحميم. أسأل ويحق لي ولكل من بكوك أن يتساءلوا: هل تعمْدت أن تربي فينا محبتك بصمتك الوقور، وبخِفة روحك كل ذلك الوقت؟! هل كنت تزرعها فينا خلسة عنا، بحِنكة وذكاء الفارس الذي يتعفف عن الترائي علناً بمعروفه وبخير يمده بلا حساب للجميع، هل درست ذلك الغياب، ليكون لك كل هذا الزهو وأبهة ذلك الحضور الكوني المجلجل بمحبتنا لك في حضرة غيابك؟! فاطمه اللامي Esmeralda8844@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©