الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تريم اليمنية مدينة المساجد والعلماء والمخطوطات

تريم اليمنية مدينة المساجد والعلماء والمخطوطات
25 مايو 2009 02:36
تستعد الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الثقافة لاحتضان مدينة تريم الأثرية والتاريخية بمحافظة حضرموت، وإطلاق فعاليات عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2010، بعد اعتمادها من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» حيث اختيرت تريم عاصمة للثقافة الإسلامية بعد سعي جاد من الحكومة اليمنية لإدراج مدينة تريم ضمن قائمة أبرز المدن اليمنية الأثرية في برنامج المنظمة الإسلامية وتكللت تلك الجهود بالنجاح. وجاء اختيار تريم وفقا لتاريخها الإسلامي الحافل بالعطاء الفكري والثقافي والديني، ولما عرف عنها بالوسطية والاعتدال في نشر الثقافة الإسلامية في أصقاع شتى من العالم بالحكمة والموعظة الحسنة، و لما تحتويه من معالم معمارية إسلامية بارزة، لعل من أشهرها مسجد «المحضار» الشهير بمئذنته التي يبلغ طولها 150 مترا، المبنية من الطين بطريقة هندسية مميزة تدل على إبداع وتفوق أبناء هذه المدينة في ابتكار التصاميم الهندسية المعمارية المنسجمة وطبيعة المنطقة التي تدل على التكامل والانسجام بين الإنسان والبيئة المحيطة به. إلى جانب أربطة العلم التي اشتهرت بها مدينة تريم والتي كانت ومازالت منارا للعلم يأتي إليها الكثير من أنحاء مختلفة من العالم للنهل من منابع العلم المتوافرة فيها. فعاليات مرتقبة يعتبر اختيار تريم خطوة مهمة في طريق سعي اليمن إلى ضمها لقائمة اليونسكو للتراث العالمي لتنضم إلى جانب مدينة «زبيد» إحدى أهم مستودعات التراث اليمني الإسلامي، يقول في ذلك وزير الثقافة اليمني الدكتور محمد أبوبكر محمد المفلحي: «أدرجت تريم ضمن ثلاث مدن يمنية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1993، إلى جانب مدينتي صنعاء القديمة وشبام في حضرموت، إضافة إلى جزيرة سقطرى التي انضمت إلى قائمة التراث العالمي الطبيعي في يوليو العام الماضي». وأضاف: «تواصل الوزارة جهودها حاليا على صعيد الإعداد لوضع خطط وبرامج الفعاليات التي ستشهدها مدينة تريم خلال العام القادم وقبل ذلك البدء بتنفيذ المشاريع التي ستنفذ من أجل تهيئتها لاحتضان الفعاليات الثقافية التي ستقام فيها طوال العام القادم، كما ستقوم وزارة الثقافة قريبا بإعداد تصورات خاصة حول حفل تدشين الفعاليات بما يليق بهذه المدينة التاريخية وبدورها الفكري وبما يبرز اليمن وإرثها الحضاري، ومن أهم المشاريع التأهيلية للمدينة مشروع إعادة تأهيل وترميم مكتبة «الاحقاف» وتعد ثالث أهم دار مخطوطات تاريخية في اليمن». كما أشار: «تملك مدينة تريم التاريخية موروثا ثقافيا كبيرا، إضافة إلى كونها إحدى أهم حواضر العالم العربي بما تضمه من أزياء وفولكلور ومعمار في مدينة واحدة لا توجد في أي مدينة في العالم سيساهم الاحتفال بها عاصمة للثقافة الاسلامية في دراسة تراثها وإعادة تأهيل معالمها والحفاظ على ملامحها الحضارية». أهداف عديدة يسعى برنامج عواصم الثقافة الإسلامية إلى تحقيق عدة أهداف يشير إليها عبدالعزيز بن عثمان التويجري- مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، يقول: «يهدف برنامج عواصم الثقافة الإسلامية في المقام الأول، إلى نشر الثقافة الإسلامية، وتجديد مضامينها، وإنعاش رسالتها، وتخليد الأمجاد الثقافية والحضارية لعدد من العواصم الإسلامية التي تم اختيارها وفق معايير دقيقة، ومراعاة للدور الذي قامت به في خدمة الثقافة والآداب والفنون والعلوم والمعارف الإسلامية عبر مسيرتها التاريخية.. فالقصد من هذا البرنامج استثمار العطاء الثقافي التاريخي لهذه العواصم في بناء الحاضر والمستقبل على المبادئ المستلهمة من الحضارة لإسلامية، التي هي إرث مشترك للإنسانية جمعاء، على اختلاف شعوبها وتباين أجناسها وتعدد مشاربها الثقافية وتنوع عناصرها الفكرية وخصوصياتها الحضارية». مركز إشعاع ديني تشير عدة مصادر تاريخية إلى أن أهالي تريم اعتنقوا الإسلام عندما عاد وفد حضرموت من زيارة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة، في السنة العاشرة من الهجرة، حيث أرسل الرسول (صلى الله عليه وسلم) أول عامل إلى حضرموت من قبله وهو زياد بن لبيد البياضي الأنصاري، وعندما جاءه كتاب الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه قرأه على أهل تريم فبايعوا لأبي بكر الصديق. كما تعد مدينة تريم عاصمة وادي حضرموت الدينية حيث كانت منذ ظهور الإسلام ولا تزال مركزا يشع منه نور العلم والمعرفة والإشعاع الديني، وبدأت الرحلات لنشر الدين الإسلامي من هذه الأراضي في نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجري، حيث هاجرت مجموعة منهم إلى الهند وإندونيسيا وسنغافورا والفلبين لذلك الغرض. وكان الطلاب يتوافدون من المناطق اليمنية والدول المجاورة والشرق الأقصى وشرق أفريقيا إلى تريم لتلقي العلم والمعرفة، حيث ساعد على ذلك كثرة علمائها وزواياها العامرة بالتدريس، ومن أهم مراكزها العلمية القديمة التي لازال نشاطها مستمرا حتى اليوم «مركز أبي مريم لتحفيظ القرآن الكريم» الذي أنشئ في القرن الـسادس الهجري، و»رباط تريم العلمي» الذي افتتح في 14 محرم 1305هـ. ثم أنشئت العديد من المدارس العلمية وكان منها «دار المصطفى للدراسات الإسلامية» التي أصبحت معلما وصرحا علميا بارزا. مساجد شهيرة كانت تريم بلد العلم في المنطقة، كما هي مدينة زبيد قلعة الفقه الشافعي ومدينة ذمار قلعة اللغة والأدب، بسبب كثرة المساجد والأربطة فيها، فقد أطلق عليها مدينة 360 مسجد أو مدينة صلاة الجماعة، فكثرة المساجد فيها تقطع كل عذر لترك الجماعة ولايزال فيها رغم صغرها أكثر من مائة مسجد تتحلق حول مئذنة مسجد «المحضار» وهي تشير إلى السماء بشهادة التوحيد ويصدح فيها بالتكبير من على 175 قدما أسسها على التقوى عمر بن الرحمن السقاف. وتشتهر تريم بكثرة مساجدها حيث يبلغ عدد المساجد أكثر من 360 مسجد وذكر ابن العماد الحنبلي في كتابه «شذرات الذهب» في الجزء الثامن، لما تحدث عن رجال سنة 914 فقال: «وفيها القطب الرباني شمس الشموس أبو بكر بن عبدالله باعلوي قال في النور السافر ولد بنزيم - وتريم، بلدة من حضرموت أعدل أرض الله هواء وأصحها تربة وأعذبها ماء وهي قديمة معشش الأولياء، ومنشأ العلماء، ومسكن الأشراف». علماء وأدباء مثلما تشتهر تريم بمساجدها العديدة، تشتهر بوفرة علماء الدين. وقد روي عن الفقيه محمد بن أبي بكر عباد رحمه الله، كان يقول: «إذا كان يوم القيامة أخذ أبوبكر الصديق (رضي الله عنه) آل تريم كلهم قبضة في يده ورمى بهم في الجنة، قال: في النور». أما أشهر علماء الدين في تريم: عبدالله بن علوي الحداد وأبوبكر بن شهاب والشاطري وعلي مشهور وعلي زين العابدين الجفري والكثير غيرهم. وقد ساهم أهل تريم بنشر ديننا الحنيف في العالم، خاصة في جنوب شرق آسيا والهند وأفريقيا. ومن أشهر العائلات فيها: عائلة الكاف التي ينتمي إليها الشاعر العملاق حداد بن حسن وحفيده الشاعر المبدع عبدالقادر الكاف، وعائلة بلفقيه التي ينتمي إليها الفنان الكبير أبوبكر سالم، والكثير من العائلات التي خرج منها أدباء ورجال ثقافة وإبداع مثل: الخرد والعيدروس وبن سميط وباسلمه والعطاس وباجبير وبازرعة وباشعيب والخطيب وبافضل.
المصدر: المكلا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©