بوتو تتوج أسطورتها بلقب شهيدة باكستان

برزت رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بينظير بوتو كشخصية دولية منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي حين ورثت وهي في الخامسة والثلاثين العمل السياسي عن والدها ذو الفقار علي بوتو الذي أعدمه نظام عسكري في ·1979 وبرزت بوتو كشخصية نافذة وعمرها 35 عاماً لتصبح اسطورة نسائية، وجاء اغتيالها ليمنحها لقب ''شهيدة باكستان''· بوتو كانت سيدة جميلة وقوية الشخصية الى حد التسلط، وهي متحدرة من أسرة من كبار ملاك الأراضي، وكانت اول سيدة في العصر الحديث تتولى السلطة في دولة اسلامية· وتولت مرتين رئاسة وزراء باكستان بين 1988 و1990 ثم 1993 و1996 وفي المرتين تمت اقالتها من مهامها بتهم ''الفساد'' و''سوء استخدام السلطة''· وفي الرابعة والخمسين من عمرها وضعت في 18 اكتوبر حدا لثماني سنوات من المنفى اثر صدور عفو رئاسي عنها من قبل الرئيس الباكستاني برويز مشرف الذي كان يسعى الى كسب تأييد حلفاء سياسيين لنظامه العسكري المترنح· وجلل عودتها المظفرة الى كراتشي في 18 اكتوبر اعتداء انتحاري هو الأعنف في تاريخ باكستان راح ضحيته 139 شخصا· ونجت بينظير بوتو من هذا الاعتداء الذي عزته السلطات الى المتطرفين الذين يعتبرون بوتوعدوتهم اللدودة، بفضل الحافلة المصفحة التي كانت فيها· وبعد أن عادت بوتو الى باكستان، بدفع من واشنطن، للبحث عن تسوية مع مشرف لتقاسم السلطة بعد الانتخابات العامة في 8 يناير 2008 تخلت بسرعة عن فكرة التعاون مع مشرف اثر إعلان هذا الأخير فرض حالة الطوارئ في 3 نوفمبر الماضي· ولدت بينظير بوتو في 21 يونيو 1953 في كراتشي، وكان والدها مثلها الأعلى· ووالدها ذو الفقار علي بوتو الذي شغل منصب وزير ثم رئيس للجمهورية (1971-1973) ثم رئيس للوزراء (1973-1977) كان يتبنى خطابا اشتراكيا شعبوياً، لكن ذكراه التي لا تزال حاضرة في اذهان الباكستانيين أفادت كثيرا ابنته في مسيرتها السياسية· وفي العام 1977 وحين كانت تنهي دراستها في هارفارد ثم اوكسفورد تمت الإطاحة بوالدها من قبل الجنرال ضياء الحق ثم أعدم في ابريل 1979 لقيامه -بحسب خصومه- بالأمر باغتيال خصم سياسي· وتم سجن بينظير لعدة اشهر مع عدد من انصارها قبل أن يخفف النظام عقوبتها الى المراقبة الادارية ثم المنفى في لندن حتى ·1986 ودقت ساعة اول انتقام حين فاز حزب الشعب الذي أسسه والدها في انتخابات نوفمبر 1988 وتولت رئاسة الحكومة وحظيت بالاحترام في العالم بأسره بقوة شخصيتها وايضا بشجاعتها وجاذبيتها· غير ان النتائج الاقتصادية لم تكن في المستوى واتهم زوجها وهو رجل اعمال، بعدة تهم فساد وكذلك المقربين منها· وفي العام 1990 قرر الرئيس غلام اسحق خان إقالتها من منصبها· وحل محلها خصمها المحافظ نواز شريف قبل ان تتم اقالته بدوره في اكتوبر ·1993 وبعد فوز حزب الشعب مجددا في الانتخابات جاءت ساعة الانتقام الثاني غير أن بوتو وزوجها كانا هدفا لانتقادات عديدة من سياسيين وقضاة· وأوردت صحيفة ''وول ستريت جورنال'' أن زوجها قد يكون حصل على ما بين 100 مليون و1,5 مليار دولار من تحويل اموال وعمولات· غير أن بوتو أكدت مرارا أن وراء هذه الاتهامات ''مؤامرة''· وفي اكتوبر 1996 قرر الرئيس فاروق أحمد ليغاري اقالتها من مهامها· وفي العام 1997 خسر حزب الشعب الانتخابات وحكم في 1999 على بوتو وهي في المنفى بالسجن خمس سنوات وبغرامة بقيمة 8,6 مليون دولار بتهمة الفساد تماما مثل زوجها· غير أن المحكمة العليا ألغت هذا الحكم في ·2001