السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حيوانات متنزه العين للحياة البرية تتدلل بأيدٍ «إماراتية»

حيوانات متنزه العين للحياة البرية تتدلل بأيدٍ «إماراتية»
15 فبراير 2011 22:10
يولي متنزه العين للحياة البرية اهتماما كبيرا بالحيوانات التي يربيها، فيوفر لها مساحات واسعة في المنطقة المخصصة لها والتي تشابه إلى حد كبير بيئتها الأصلية، ويقدمون لها طعاما ملكيا حرصا على صحتها وسلامتها من الأمراض، مما يعني المحافظة على بقائها مدة أطول وتكاثرها السليم خصوصا إذا كانت من الأنواع النادرة المهددة بالانقراض بالإضافة إلى أن هذا الاهتمام يعكس صورة جميلة أمام الزوار. (العين) - دهشة وغرابة لا حدود لها أصابتنا ونحن نتجول في مخزن استقبال وتحضير وتوزيع أغذية الحيوانات في متنزه العين للحياة البرية والذي نسميه بلغتنا “مطبخ الحيوانات”، حيث رأينا أشهى أنواع الفواكه والخضار اليانعة، وضعت في صناديق كرتونية جلس بعض العمال لعزل ما تعرض لتلف بسيط جدا منها ليتم إرجاعه للمورد وعامل آخر وقف ساعات طوال يغسلها بالماء وعامل آخر يقطعها ويوزع في صحون وجبة كل حيوان. لم يقف الأمر عند هذا الحد بل اصطحبنا المواطن راشد علي القمزي مراقب أغذية الحيوانات لنرى أطنان اللحوم والسمك والدجاج الطازجة والمجمدة، ومن ثم خرجنا إلى مخزن الأغذية الحية الذي شاهدنا فيه الأرانب والفئران تتقافز في أقفاصها ولا تدري أن موعد التهامها قريب. الإماراتي راشد القمزي 31 سنة دفعه حبه الشديد للحيوانات إلى ترك وظيفته السابقة، للعمل مراقب أغذية للحيوانات في متنزه العين للحياة البرية منذ عام. الحرص على الحيوانات يقول القمزي عن طبيعة عمله والمهام التي يؤديها يومياً: “في البداية قبل أن أتحدث عن عملي أود أن ألفت إلى أن من يعمل مع الحيوانات يجب أن تكون لديه الرغبة والحماس وحب الحيوانات ولأن هذه الأمور موجودة لدي تقدمت للعمل في هذا المكان، أما بالنسبة لطبيعة عملي والمهام التي أتولاها فهي تبدأ بعملية استقبال الأغذية المتنوعة من المورد والتأكد من سلامتها وأنها مطابقة لمواصفات الجودة العالية فنحن لا نقدم للحيوانات أغذية “أي كلام” بل نحرص على أن تكون أطعمة صالحة للاستهلاك البشري. ولأننا نحرص على تقديم الخضار والفواكه الطازجة للحيوانات تحقيقاً لأكبر مستوى فائدة ممكن فإنني آخذ من المورد كميات ليست كبيرة تكفينا ليوم ونصف فقط حيث يأتي المورد يومياً لنأخذ منه كميات جديدة، ومن ثم يقوم العمال بعزل ما تعرض منها لنخر أو تلف بسيط ونعيده للمورد ومن ثم يقومون بغسيلها وتقطيعها قطعاً كبيرة وصغيرة تتراوح من ربع إنش إلى إنشين وتوزع حسب حاجة كل حيوان ويتم وزن كميات محددة ودقيقة جداً تحدد لنا من قبل قسم تغذية الحيوانات والطب البيطري وكذلك يحددون لنا نوعية الوجبات وعددها التي تقدم لكل حيوان وذلك حتى لا يتعرض الحيوان للتخمة إذا ما قدمنا له كميات غير مدروسة قد تسبب له تلبكا معويا أو خمولا وكسلا فالمحافظة على رشاقته أمر مهم تأخذه بعين الاعتبار.” طرق التحضير يتابع القمزي حديثه شارحاً نوعية الفواكه التي تقدم للحيوانات: “من أنواع الفواكه والخضار التي نقدمها البطيخ والخوخ والرمان والعنب والتفاح والموز والباذنجان والبطاطا والخس والطماطم والجزر.. الخ، أما اللحوم فنضعها في غرفة منفصلة لئلا يتم استخدام أدواتها في الفواكه وتعرض الحيوان للخطر حيث نستورد من داخل الدولة وخارجها اللحوم المثلجة والطازجة والأسماك الطازجة والروبيان والدجاج والصيصان المجمدة بالإضافة إلى الفئران المجمدة التي نستوردها من أميركا وفرنسا، ونقوم بتقطيعها قطعاً كبيرة وصغيرة حسب نوع الحيوان وحاجته فالأسود مثلا قطعة اللحم التي تقدم لها كبيرة تزن 4 كيلو جرامات وهذه وجبة واحدة بحد ذاتها أما الوشق أو الهر العربي فنقطع لها اللحم بحجم مكعبات صغيرة، وتوضع في صحن إستيل أو بلاستيك ونراعي النظافة التامة سواء في مكان تحضير الغذاء والأدوات التي نستخدمها ويقدم فيها حيث نرتدي قفازات بلاستيكية وروبا أبيض ونضع كمامات على أفواهنا، ونحاول أن نستورد من مشتقات اللحوم ما يكفي لشهر على الرغم أنها ذات صلاحية أطول تصل إلى 3 أشهر من باب الحرص على الحيوانات”. ويذكر القمزي نوعا ثالثا من الأغذية الحية التي تقدم للحيوانات ألا وهي الأرانب والفئران والديدان الحية والجرذان الكبيرة وسنحضر قريبا حشرات حية نربيها في أقفاص ونمدها بغذاء على شكل حبوب مدعم بفيتامينات وقد نستعمل هذا العلف نفسه بخلطه مع فواكه وخضار أو لحوم ويقدم لبعض الحيوانات بالإضافة إلى الحشائش”. أغذية تناسب الطبيعة يوضح القمزي السبب بقوله: إن بعض الحيوانات طبيعتها صعبة ترفض الفأر المثلج أو اللحم المثلج فنقدمه لها حيا تركض وراءه وتلتهمه مثل الثعابين التي تلتهم الأرانب الحية، أما الغذاء الوحيد الذي يقدم مطبوخا فهو بحسب القمزي البيض المسلوق حيث يسلقون يوميا 29 بيضة ويزنون منها جرامات لأنواع معينة من الحيوانات مثل الطيور والقرود أما الغوريلا فتأكل بيضتين مع مزيج من الفواكه. النمر البنغالي والأسد الإفريقي هما الحيوانان اللذان يلتهمان أكبر كمية طعام وهي عبارة عن 7 كيلو ونصف من اللحم، أما الصيصان المثلجة فهي من نصيب القطط الرملية بالإصافة إلى الفئران المثلجة التي تشاركها بها بعض الطيور ، بينما تحرص الظباء والمها والغزلان على تناول الفواكه والخضار التي تزيدها جمالاً ورشاقة. جهد التحضير ويفيد القمزي بأن تحضير أغذية الحيوانات يتطلب جهدا ووقتا ومالا أيضا، حيث يقوم 9 عمال بتحضيره قبل يوم من الساعة 3-6 مساء وذلك لأن الحيوانات تأكل باكرا فلا بد من تحضير مسبق. يؤكد القمزي أنه لم يكن يعرف قبل أن يأتي إلى المتنزه هذه التفاصيل عن غذاء الحيوانات ويعتبر أن مهنته التي يعتز ويفخر بها جعلته يتعامل مع جميع أنواع الحيوانات مما أكسبه خبرة واسعة في هذا المجال، ويستغرب من نظرة المجتمع الغريبة نحو مهنته ويسمعونه انتقادات يضحك منها ويتمنى أن يغيروا نظرتهم تجاه هذه المهنة الشيقة وأن يقبل مزيدا من الشباب الإماراتيين عليها استجابة مع توجهات الدولة للمحافظة على الحيوانات كجزء من الثروة البيئية. إماراتية ترعى الحيوانات مهرة الشامسي نموذج آخر للشباب الإماراتي الواعد، فهذه الفتاة دفعها حبها الشديد للحيوانات إلى العمل في متنزه العين للحياة البرية لترعى مختلف أنواع الحيوانات. تقول الشامسي عن عملها في المتنزه :” قدمت إلى متنزه العين للحياة البرية قبل عامين بعد أن قدمت طلبا إليهم بأنني أرغب في العمل في رعاية الحيوانات وفرحت كثيرا حينما قوبل طلبي بالموافقة، لأني من محبي الحيوانات بشكل عام. تتابع مهرة التي تعمل (ملاحظ أول حيوانات): توليت في البداية عملية رعاية وإطعام القطط الرملية وهي حوالي 30 قطاً، من أنواع تتميز بالشراسة الشديدة، لكنها تعاملت معي بمودة غريبة، تركض لاستقبالي وتصطف أمامي وأنا أطعمها، فأعرف من أكل ومن لم يأكل. تتابع مهرة: كنت مسؤولة عن رعاية سلاحف صغيرة أطعمها الخس والطماطم والتفاح وغيرها من أنواع الفواكه والخضار التي تصلني جاهزة إلى موقعي في مركز تكاثر الحيوانات، بالإضافة إلى إطعام ثعابين كبيرة وصغيرة الحجم يصل عددها إلى ثلاثين ثعبانا كنت أطعمها أرانب وفئرانا حية، وكنت أخرجها من أحواضها لأحممها فتلتف حول ساعدي دون أن أشعر بخوف فهي غير سامة ولو سمحت لي أسرتي لربيتها في المنزل”. رعاية التمساح وإطعامه أيضا كانت من مسؤولية الفتاة الشجاعة مهرة الشامسي والتي تقول عنه: “تمنيت ملامسته على الرغم من شراسته”. أسرة مهرة الشامسي شجعتها كثيرا على عملها حيث ساهم والدها بكسر حاجز الخوف من داخلها تجاه الحيوانات منذ صغرها حيث إنهم يربون أنواع حيوانات كثيرة في بيتهم. وتتمنى أن تقبل جميع الفتيات الإماراتيات للعمل في هذا المجال فهو ممتع جدا بالنسبة لها لدرجة أنها تتأخر بعد انتهاء الدوام لساعتين تقريبا تمضيهما بين الحيوانات تتفقد هذا وتطعم هذا وتحنو على ذاك. قصة الظبي انتقلت الشامسي لرعاية حيوان الظبي الآيلند الافريقي توضح ذلك وتقول: “في يوم من الأيام دعيت على عجالة لرعاية حيوان تعرض للخطر فهذا الظبي الصغير أصابه مرض مفاجئ فتم نقله إلى الطبيب البيطري ليعالجه من الاسهال الذي كان يعاني منه وعندما عاد إلى أمه وعائلته من الظباء شعروا أن يد بشر لامسته فقاموا بضربه ضربا مبرحا كسروا ضلوعه وصار في حالة صعبة جدا يرثى لها. فأستغيث بي على وجه السرعة حيث قمت بإرضاعه الحليب في رضاعته الخاصة وأشرفت على علاجه أيام عدة لكنه من شدة ما تعرض له كان تحسنه بطيئاً ولا يستطيع الوقوف فسمعت أنه لن يعيش فغادرت المتنزه بعد انتهاء الدوام أبكي من حزني عليه وأخبرت والدتي فصرنا ندعو الله أن يشفيه وصادف حينها عطلة نهاية الأسبوع حضرت بعدها للدوام متلهفة لرؤيته وإذا به يقف على رجليه فطرت من الفرح”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©