الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في مهب الريح!

في مهب الريح!
28 نوفمبر 2011 00:51
المشكلة: أنا سيدة في مقتبل العمر، يتيمة الأبوين، تربيت في أسرة صالحة طيبة، وأنعم الله علي بعد وفاة والدي بأن تزوجت من شاب رائع يكبرني قليلاً، من أسرة كريمة ومتيسر مادياً، وقد أنعم الله عليه بالتوفيق في أعماله الخاصة. ووجدت فيه أنه الشخص الذي يؤنس وحدتي ووحشة قلبي، وحمدت الله على ما لمست منه من كرم وحسن الأخلاق والاستقامة والكرم، والأهم أنه يقدرني ويحبني ويهتم ببيته وعمله كثيراً، ولم ألمس طيلة السنوات الثلاث التي مضت على زواجنا أي تقصير من ناحيته، ومن الطبيعي أن أكون بالمثل، بل أبذل كل ما في وسعي لإسعاده وتربية طفلنا الأول، وهو لا يتردد في إظهار وتأكيد حبه لي، وسعادته الغامرة معي. لكن لا أعرف لماذا يردد من حين لآخر قناعته ورغبته في الزواج بثانية وثالثة، وعندما أناقشه يستفيض بقناعة تامة في مزايا التعدد، وكيف يحلم بأسرة كبيرة العدد. وبصراحة أنا كأي سيدة لا أطيق الفكرة مادمت لا أقصر في حقوقه، وأحيانا أشعر بأنه من القسوة البالغة أن يطرح علي فكرة كهده تهدد سعادتي واستقراري. المهم أنه فاتحني بصراحة في رغبته في الزواج بأخرى مؤخراً، وتحدث إلي بصراحة وعرض موضوع التعدد، وقال إنه رجل يريد أن يعدد مادام قادراً على ذلك، وإنه لايريد أن يكذب علي أو يخونني. دارت الدنيا بي، وفكرت في كلامه، وراودتني فكرة الطلاق، فأنا بطبيعتي ككل النساء لا أطيق حتى مجرد الفكرة، ولا يمكنني أن أقبل بها لكنه عندما رأى انزعاجي الشديد، وآلامي النفسية مما عرضه أخد يخفف عني بقوله، إنه يفكر في تأجيل الزواج لبعض الوقت حتى يتفرغ لأعماله، لكن ربما يحدث ذلك في المستقبل القريب. وأحياناً يقول:»أنا لا أعدد مع امرأة تحبني لهده الدرجة»، لأنني أخبرته أن هذا الأمر من الممكن أن يؤدي إلى هلاكي، ولا أبالغ في ذلك. لكنني لا أصدق كلامه، فلم أشعر بأن هذا وعد قاطع بإلغاء الفكرة تماما لأنه أحيانا يطلب تأجيل المناقشة إلى وقت لاحق. أشعر بتوتر شديد وضغط على أعصابي، فلا أريد أن أخسره ولا أريد أن أهدم بيتي وسعادتي معه. ويكفيني أنه يحترمني ويتعامل معي برقي ويأسرني بكرمه وعواطفه. ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟ إنني بحق في حيرة كبيرة، أشعر بأن سعادتنا واستقرارنا في مهب الريح، وأحتاج النصيحة. جزاكم الله خيراً. أم كريم س.أ. النصيحة حقيقة سعدت بكلامك عن زوجك وإشادتك وأمانتك في وصف خلقه وكرمه معك، وتعاطفت بالطبع مع تمسكك به. أنت في موقف لا تحسدين عليه. ولا تجدين من التقصير ما يبرر لك مجرد التفكير في هدم هذا الكيان الجميل. وبعيداً عن مشكلتك، أود أن أوضح لك أمراً مجرداً مهماً للغاية، يتعلق بمفهوم التعدد، والحكمة الشرعية الربانية التي نقر بها، والبعض يتعلل بها ويتخذها حجة على الزوجة، أو لتبرير أشياء أخرى ترفضها الشريعة والأخلاق والقيم. إن الله سبحانه وتعالى يعلم بالطبع طبيعة النفس البشرية، وخفايا تكويناتها عند الرجل والمرأة، فالتعدد في الزواج من سنن الإسلام، وليس عيبا في المرأة أو انتقاصاً من كرامتها. وصفة العدل من أهم شروط التعدد. يحسب لزوجك صراحته ووضوحه وان كانت تأتي في تلميحات أو مناقشات مؤجلة، فهذا أفضل من اللف والدوران والخيانة بطبيعة الحال. عليك أن تحتفظي بهدوئك وتماسكك وتمسكك ببيتك وأسرتك، وتهيئين نفسك لذلك، وأن تفكري في بيتك وأسرتك، وقاومي وتغلبي على ضعفك وغريزتك، وحاولي أن تثبتي أن هذا الأمر لا يهمك مادام زوجك لن يخل بالتزاماته ومسؤولياته. أعلم أن ذلك ليس بالشيء الهين، لكن لتحاولي، وإن عزم زوجك على الزواج فيمكنكما الاتفاق على هذا الأمر صراحة، وأن تحسمي التزاماته بضمانات فعلية حقيقية وليس بوعود نظرية. دعي العواطف جانباً، وتعاملي مع الموقف بواقعية وموضوعية إن كانت هذه هي قناعته، فالاتفاق على التفاصيل يمنع مشاكل مستقبلية عديدة. بين زوجي وأطفالي المشكلة سبق لي أن تزوجت وأنا صغيرة، وكان عمري وقتها ستة عشر عاماً من شاب، وأنجبت منه طفلين، ثم طلقت منه، وتزوجت ثانيةً من رجل آخر متزوج، وكان عمري وقتها 22 سنة، وأكد لنا أن زوجته الأولى تعلم بهذا الزواج، لكن بعد ذلك بمدة وجيزة اكتشفت كذبه، وأن زوجته لا تعلم به. وفي بداية زواجنا، طلب ألا يكون الحمل إلا بعد سنتين، لكنه حدث بعد السنة الأولى، فغضب وخيّرني بين الطفل أو البقاء معه، واضطررت للإجهاض، لكنني حملت بعدها بفترة قصيرة، فأصر على إجهاضي ثانية، وبقيت معه أربع سنوات على هذا الحال، ثم طلقت منه! وبعد خمس سنوات يبغي أن يرجعني، وأكد أنه نادم على ما حدث، وأنه سيصلح ما كان، وأنه سيكون أكثر عدلاً، وأنه يتمنى إنجاب أطفال مني، وأنه موافق على كل طلباتي وشروطي، إنني في حيرة من أمري، هل أرجع إليه أم لا؟ مع العلم أنني طيلة فترة الانفصال كنت أهاتفه من بين فتره وأخرى، وإذا تعرضت لمشكلة كنت ألجأ إليه! وقد ساعدني على أن أحتفظ بحضانة أولادي من زوجي الأول، وعمري 32 سنة، وأنا متعلقة بأطفالي، ولا أستطيع أن أعيش من دونهم، وهو من جانبه حنون جداً مع أولادي ويحبهم، وهو شخص كريم جدا، ورجل أعمال مقتدر مادياً، وأغلب من يريد الزواج بي يرفضون ارتباطي بأولادي، إنني محتارة بين زوجي السابق وأطفالي، فإن تزوجت فمن الممكن أن أخسر حضانتهم مجدداً، فما الحل؟ أم سهى النصيحة أندهش من موقف زوجك الكريم والخلوق والمقتدر مادياً، من عدم إقباله على الإنجاب منك، وإصراره على ارتكاب الحرام، وإجهاضك أكثر من مرة، وأندهش من تعلقك به رغم كذبه عليك في البداية، وعدم موافقته على الإنجاب منك، ثم استمرار التواصل بينكما بعد الطلاق رغم عدم وجود أطفال منه! على أية حال، عليك أن تعلمي أن الزواج ميثاق غليظ، وعلاقة متينة وليس حقلاً للتجارب أو ميداناً للمجاملات، فأرجو منك التريث والتروي والتفكير بهدوء في الإيجابيات المتوقعة، واعتبار السلبيات الممكنة والمترتبة على هذا الزواج. لكن في الجملة، ما دامت ترضين دين الرجل وخلقه، وقد عشت معه زمناً فأنت أعلم به، وأقدر على تحديد مدى صلاحية الرجوع إليه أو التخلي عنه، وما دام هو كريما ويقبل وجود أولادك ولديه القدرة المالية والنفقة وحسن الإدارة للأسرتين والعدل بين الزوجتين فالإقدام أولى وأفضل، وإن ترتبت عليه آثار نفسية ومشكلات جديدة وتوتر وضياع للأولاد، وتشتت وقلق وفقدان الهدوء والسكينة فالابتعاد عنه أحسن. لكن عليك أن تقرري في ضوء كل هذه المعطيات، فربما تكون ظروفك المادية غير مواتية لتربية أطفالك، لكن أنت وحدك من يقرر ذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©