الثلاثاء 21 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليلى البلوشي: تحديت نفسي بدراسة تخصص نادر في الوقاية الإشعاعية

ليلى البلوشي: تحديت نفسي بدراسة تخصص نادر في الوقاية الإشعاعية
28 نوفمبر 2011 00:50
تختلف رحلة ليلى غلوم البلوشي الدراسية في الخارج عن معظم المبتعثين، حيث أنهت دراستها الجامعية في قسم الفيزياء الطبية في جامعة الإمارات الواقعة بمدينة العين، وانضمت بعدها إلى هيئة الصحة بدبي لتكون ثاني مواطنة تعمل في مجال الوقاية الإشعاعية قسم الفيزياء الطبية بعد رئيستها الدكتورة جميلة السويدي في هيئة الصحة بدبي، وسعياً في طلب المزيد من العلم قررت البلوشي السفر إلى الخارج للحصول على ماجستير في الفيزياء الطبية. لم تكن هناك أي رغبة محددة بدراسة تخصص معين لدى الطالبة ليلى البلوشي، ولكن اتخذت رغبتها في الدراسة بعد الحصول على الثانوية منحىً مختلفا، بعد أن عزمت على دراسة الفيزياء بفضل المعلمة التي بعثت في داخلها حب دراسة هذا التخصص الذي أنهته في جامعة الإمارات. وتحضر ليلى حالياً لنيل درجة الماجستير من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا، حيث إنها في السنة النهائية، وعن سبب قرارها للسفر إلى الخارج لنيل هذه الدرجة علماً أنها حاصلة على بكالوريوس الفيزياء الطبية تقول ليلى «رغبة مني في الحصول على خبرة وعلوم إضافية في نفس المجال للترقي في العمل، خاصة أنه وفي هذه الايام يعتبر البكالوريوس شهادة عامة، لذا اتخذت قراري بالسفر خاصة أن تخصصي غير موجود في الدولة كماجستير». تخصص نادر ومع أن القرار لاقى الكثير من معارضات الأهل في بداية الأمر، إلا أن الطموح كان الحافز الرئيسي لإصرارها على السفر، ودفعها في ذلك دعم والدها الذي تقول إنه الوحيد الذي وافقها على قرارها، موضحة: «عند اقتراح فكرة السفر كان الرفض المتوقع صادراً من الجميع ما عدا والدي، فهو الوحيد الذي كان ولازال يشجعني في إكمال دراساتي العليا في الوقاية الإشعاعية». وباعتبار أن التخصص الذي سعت ليلى لإكمال دراستها فيه، يعد نادرا وحساسا للغاية فإن خيار الجامعة يتطلب كثيراً من البحث والدقة وذلك بسبب قلة وجود هذا التخصص في الجامعات، لذلك عمدت البلوشي إلى التواصل مع أحد المكاتب المتخصصة لمساعدتها في إيجاد الجامعة المناسبة، لذلك لم تجد أية صعوبة في البحث خاصة أن من قام بذلك كانت جهة متخصصة. وبسبب الاعتياد على السفر من خلال وظيفتها التي تتطلب ذلك دائما لحضور المؤتمرات العالمية والدورات التدريبية، كان شعورها عادياً عند وصولها للمطار للمغادرة، ولكن تقول ليلى: «لغاية وصولي المطار كان شعوري طبيعيا، وعند وصولي للطائرة بدأت التفكير في الفترة الزمنية التي تتجاوز السنة وسأقضيها بعيدة عن أهلي وأحبابي وبلدي، ما جعلني أشعر بالقلق والحنين أيضاً، وكنت أنظر إلى والدي اللذين كانا برفقتي وأحاول ايصال رغبتي إليهما في مغادرة الطائرة آنذاك». وصول وارتياح تمتلك ليلى الخبرة، بخلاف العديد من الطلبة المبتعثين الذين تم ابتعاثهم فور حصولهم على الثانوية، هذه الخبرة التي اكتسبتها من خلال عملها وسفرها ومعاشرتها لمختلف الثقافات قبل ابتعاثها، وذلك خفف عليها الكثير عند سفرها، وخاصة أن والدها رافقها السفر إلى أستراليا كي تشعر بالارتياح عند الوصول، لذلك لم تعان من انزعاج في بادئ الأمر، كما أنها لم تجد معوقات تذكر في أستراليا قائلة: «لدى وصولي لم أواجه أية صعوبات وذلك بفضل من الله ووالدي الذي كان برفقتي بالإضافة إلى الاصدقاء الذين قابلتهم في أستراليا الذين سعوا جاهدين لإرشادي إلى طريقة العيش الصحيحة في الغربة، فالمعوقات كانت ثانوية مثل ايجاد السكن المناسب وطريق الجامعة وكيفية الحصول على المواد الغذائية وخاصة اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية والامور المتعلقة بأمور حياتية أخرى». صداقات جيدة وقد ساعدت طبيعة عمل البلوشي في تكوين صداقات جيدة مع أصدقاء مغتربين من جنسيات مختلفة، وتعتبر أنهم رصيدها الاجتماعي الحالي الذي خرجت به من اغترابها ذلك بخلاف الشهادة والخبرة مؤكدة: «نعم كونت صداقات جيدة مع مختلف الجنسيات كانوا زملاء لي في الدراسة ولا زلت أتواصل معهم عن طريق الشبكة العنكبوتية». وتؤكد «أن من يعرف كيف يتعامل مع الثقافات المختلفة سيأمن شرها، مع علمها معاناة البعض من تصرفات عنصرية ولكنها لم تعان من ذلك، من قبل مواطني أستراليا، وعلى العكس يستفسرون عن الإسلام، ويحترمون الديانات الاخرى». روحانيات رمضان ومع عدم شعور ليلى بشهر رمضان في أستراليا مثلما تشعر به في الإمارات، ومع أنها تعاني من عدم وجود بيئة اسلامية محيطة تساعدها في قضاء الشهر الكريم، خاصة أن الجميع يأكل ويشرب أمامها، فإنها مع ذلك تؤكد أن رمضان له روحانية خاصة تصل إلى قلب المسلم أينما كان «نعم أكيد كوني صائمة والكل يأكل، ذلك صعب في بعض الأوقات ولكن الحمد لله سواء في الامارات أو في أستراليا، رمضان له وحي خاص وروحانية لن نجدها في غير هذا الشهر الكريم». ولظروف الدراسة والمحاضرات تضطر ليلى للإفطار وحيدة في بعض الأحيان، ومع الأصدقاء في أحيان اخرى موضحة: «أفطر بمفردي أحياناً، كما أفطر أحياناً مع الاخوة والأخوات في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا حيث ينظم الطلبة في الجامعة إفطارا جماعيا يوميا، ما جعل الافطار له لذة خاصة بحكم تواجدنا مع بعضنا البعض، ما عوضنا ذلك البعد عن الأهل». وتحاول ليلى أقصى جهدها التوفيق بين دراستها وبين أداء الواجبات الدينية، وتضيف «هناك أماكن مخصصة للعبادة، وكانت لفتة جيدة من قبل جامعه كوينزلاند للتكنولوجيا بتوفيرها مصلى للصلاة، ومكان مخصص للأعياد والمناسبات الدينية، كما أننا لم نواجه أية ممارسات من غير المسلمين، كان الجميع يعاملوننا بكل احترام». في الذاكرة يحدثني بالهندية ولن تنسى ليلى بعض المواقف التي تعرضت لها في ابتعاثها، ولكن هناك من يبقى في الذاكرة ولن يغادرها، ومع كثرتها إلا أن الموقف الذي لن تنساه حين حاولت التملص من أحد الفضوليين عندما أصر على معرفة من أي بلد هي قائلة: «كنت أتسوق، واستوقفني أحد الأستراليين وسألني من أين أنت، ولماذا ترتدين العباءة، ولتجنب الجواب قلت له (no English) أي لا أتكلم الأنجليزية، وكرر سـؤاله مستفسراً: عربية؟ قلت له: لا هندية.. لأفاجأ بأنه صار يحدثني بالهندية، أحسست بالغباء والتوتر عندها، وقلت له انا مولودة في دبي ولا أعرف اللغة الهندية، فصار يحدثني باللغة العربية، وحاولت التهرب منه بأني من أصول إسبانية، فوجدته يحدثني بالإسبانية»..!! وتضيف «استغربت كثيراً من اتقانه كل هذه اللغات، وتركته وانصرفت». كما تعرضت لمواقف أخرى لن تنساها وتبتسم كلما تذكرتها، وذلك حين كانت تتحدث مع الأجانب، وتقول عنها البلوشي: «تعرضت لعدة مواقف مضحكة وكنت كما يقولون باللهجة الاماراتية «أتحرطم أمام الأجانب» ولم أكن انتبه لوجود طلاب عرب إلا بعد ان انتهي من «التحرطم» وأسمع ضحكات وابتسامات خفية على وجوههم، كان ذلك يحرجني كثيراً ولكن لتلك اللحظات ذكرى طيبة ورائعة في قلبي». تعلمت الكثير وهناك العديد من الفروق التي وجدتها البلوشي في طريقة العيش والعلاقات الاجتماعية فيما بين الإمارات وأستراليا، مؤكدة: «طبعا هناك اختلاف شاسع، لكوني في دولتي لم اضطر لاستخدام المواصلات العامة ولكن هنا تعلمت كيفية استخدامها وبالعكس أفضل استخدام الحافلات على سيارات الأجرة لكونها أرخص وأسهل وآمنة ومتوفرة». كما تضيف عن الأعمال التي تعلمتها في الغربة ولم تكن تفعلها وهي في المنزل في الإمارات «أقوم بجميع الأعمال المنزلية من طبخ وتنظيف وتجميع وغسيل وتسوق، حياة لم اعتد عليها في السابق ولكن أشعر بلذتها حالياً، لقد تعلمت الكثير». وتحاول ليلى في زحام انشغالاتها الدراسية ممارسة بعض هواياتها، وأحيانا لا تستطيع ممارستها نتيجة انشغالها، وتقول: أحب القراءة ولكن للأسف لا مجال ولا وقت لدي هنا لممارسة هذه الهواية كثيراً، كما أني لم أشارك في أية أنشطة طلابية. وعن تواصلها مع الطلبة الاماراتيين توضح: يوجد على ما اعتقد قرابة 200 او 300 مبتعث هنا، وأتواصل مع بعض الطالبات الإماراتيات في ملبورن وسيدني وبيرث عن طريق الهاتف أو التزاور أو الشبكة العنكبوتية». طموحات تزور ليلى البلوشي الأهل والوطن مرتين في السنة تقريباً، وأكثر ما تحن إليه في غربتها هو المنزل وتفتقد كثيراً عائلتها، وكثيرا ما كانت تبكي نتيجة ذلك، وخاصة في حالة تعرضها لوعكة صحية مثلا، أو عند الاحساس بضغط الامتحانات، كما تفتقد كثيراً صوت الأذان وأداء المناسك الدينية، وتشتاق للعديد من المأكولات الإماراتية «البرياني وصالونة السمك والمجبوس والهريس». وتطمح بعد تخرجها أن تعود إلى الدولة لتتابع عملها في هيئة الصحة بدبي قائلة «لي طموحات كثيرة وأولها استلامي لشهادة الماجستير، ورجوعي إلى رأس عملي وتطبيق ما تعلمته لتقديم الأفضل لدولتي». ولا تفكر ليلى في إكمال دراستها للحصول على الدكتوراه، لأنها وبكل بساطة تقول باللهجة الإماراتية «لو يعطوني مليون ما بكمل.. الغربة جدا صعبة وخاصة لفتاة بمفردها».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©