الإثنين 13 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

موجة تضخم جديدة للاقتصاد المصري تتجاوز 15%

موجة تضخم جديدة للاقتصاد المصري تتجاوز 15%
29 يناير 2011 21:56
أجمعت مؤشرات اقتصادية وتوقعات محللين على أن الاقتصاد المصري سيتعرض لموجة تضخم جديدة مع استمرار تراجع قيمة العملة المحلية “الجنيه” في مواجهة العملات الرئيسية وفي مقدمتها اليورو والدولار وتستند هذه المؤشرات الى الضغوط البيعية التي تتعرض لها البورصة المصرية من المستثمرين الأجانب والمتوقع أن تتواصل خلال الفترة المقبلة مما يؤدي الى لجوء المستثمرين لتحويل قيمة مبيعاتهم في البورصة الى حساباتهم بالخارج بالعملات الأجنبية -لاسيما اليورو والدولار- وهو ما يشكل ضغوطا وطلباً متنامياً على هذه العملات لترتفع أسعارها مقابل العملة المحلية. كما تستند المؤشرات الى مبادرة وزارة المالية المصرية الخاصة بإطلاق قروض الموظفين والبالغ حجمها 15 مليار جنيه والمتوقع انفاقها في السوق المحلية خلال العام الجاري 2011 مما يشكل مزيدا من الضغوط الاستهلاكية على السلع لترتفع أسعارها لاسيما وأن نحو 80 بالمئة من هذه السلع يتم استيراده وبالتالي سوف تزداد فاتورة الاستيراد ونمو العجز في الميزان التجاري الى جانب موجة تضخم تغذيها حركة استهلاكية قوية تدفع بالأسعار لأعلى مع رفع متوال لسعر الدولار عملة الاستيراد الرئيسية بالبلاد. ومن العوامل الدولية الصانعة لهذه الموجة الجديدة تأتي الزيادات المتوالية في أسعار السلع الرئيسية ـ لاسيما الحبوب والسكر ـ في البورصات العالمية على خلفية تغيرات مناخية وزيادة الطلب في بعض مناطق العالم مثل بلدان شرق أسيا والحظر المفروض في بلدان أخرى على تصدير القمح والأرز والذرة وفول الصويا وهو ما ينعكس بالسلب على أسعار هذه السلع في السوق المصرية خاصة وأن الفجوة بين انتاج واستهلاك هذه السلع في مصر تتراوح بين 60 ، 80 بالمئة وتصل الى 90 بالمئة في زيوت الطعام. وستبلغ موجة الارتفاع التي شهدتها البورصات العالمية في أسعار هذه السلع ذروتها خلال الشهور الثلاثة القادمة حسب توقعات اتحاد الغرف التجارية المصرية ومؤشرات وزارة التجارة للسلع الرئيسية ومن ثم سوف تظهر آثار الأزمة على هيكل أسعار السلع في السوق المصرية من يونيه القادم الذي يتزامن مع بدء موسم الصيف والاجازات وارتفاع معدلات الاستهلاك بشكل موسمي. وكشفت المؤشرات -حسب مصادر احصائية متعددة منها التقارير الشهرية الصادرة عن اتحاد الغرف التجارية وتقارير الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والاحصاء ومؤشر أسعار السلع والتضخم الذي يصدره تباعا البنك المركزي المصري- عن ارتفاع المؤشر العام للأسعار في بداية العام الجاري بنسبة 16 بالمئة وارتفاع أسعار السلع الغذائية 24 بالمئة وأسعار مواد البناء 17 بالمئة والحلويات 10 بالمئة مع توقعات بوصول سعر كيلو اللحوم الى 100 جنيه رغم انخفاض المبيعات من اللحوم على مدى الشهور الستة الماضية بنحو 60 بالمئة. وتستند المؤشرات المصرية الى استمرار ارتفاع أسعار النفط عالميا ليلامس مئة دولار للبرميل مما يترتب عليه ارتفاع أسعار العديد من السلع المرتبطة بمشتقات البترول مثل البتروكيماويات وغيرها خاصة المنتجات التي يحتاج إليها القطاع العقاري مثل مواد العزل والبويات والبلاستيك وقطاع صناعة السيارات مثل الكاوتشوك والمكونات الأخرى. وفي حالة استمرار هذا الارتفاع في أسعارالنفط سوف تزداد فاتورة الدعم الذي تقدمه الدولة لأسعارالبنزين والسولار والمازوت رغم تنامي أصوات داخل الحكومة وخارجها في الفترة الأخيرة تطالب بإعادة النظر في دعم المنتجات البترولية بعد أن تجاوز دعم هذه المنتجات نحو 65 مليار جنيه في الموازنة الأخيرة وسوف يرتفع الى 100 مليار جنيه بنهاية العام المالي الجاري في 30 يونيه القادم اذا تواصل ارتفاع أسعار البترول عالميا. أما موجة الغلاء القادمة في أسعار السلع الغذائية فسوف تجبر الحكومة المصرية على التدخل عبر زيادة الدعم المخصص لهذه السلع في الموازنة العامة وفتح اعتمادات اضافية لمواجهة الزيادات السعرية المتوقعة لحماية محدودي الدخل الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن ملاحقة هذه الزيادات السعرية لاسيما وأن تصريحات رسمية صدرت في الفترة الاخيرة سواء عن رئيس الوزراء أو وزارة المالية تؤكد التزام الحكومة باتخاذ اجراءات استثنائية لحماية محدودي الدخل من الموجة التضخمية القادمة. وهذه العوامل تصب في خانة انفلات مؤشر التضخم الذي يتراوح حاليا بين 10 ، 11 بالمئة حسب قياسات متعددة لأسعار المستهلكين ولكن التوقعات تشير الى أن هذا المعدل ربما يكسر حاجز 15 بالمئة خلال الشهور القليلة المقبلة مدفوعا بارتفاع أسعار الحبوب والبترول عالميا مما يستلزم اجراءات غير تقليدية للتعامل معه في ظل عامل مواز آخر هو استمرار تراجع قيمة الجنيه. ويؤكد وزير الاقتصاد المصري الأسبق الدكتور سلطان أبو علي أن المخاوف من استمرار تراجع قيمة الجنيه في مواجهة الدولار واليورو قد تكون مبالغا فيها استناداً الى امكانية استعادة البورصة لأوضاعها القوية السابقة خلال فترة وجيزة اذا ظهرت مؤشرات ايجابية أخرى تتعلق بمعدلات النمو في الاقتصاد الكلي خلال الربع الثالث من العام المالي الجاري وبالتالي سوف تتراجع ضغوط الأجانب على تحويل العملة ويسترد الجنيه بعض قوته الى جانب توافر احتياطي نقدي كبير لدى البنك المركزي يتجاوز 35 مليار دولار يبعث برسالة ثقة للجميع بإمكانية توفير الدولار بأي كميات في أي توقيت لمن يطلبه وعبر القنوات الرسمية مثل الجهاز المصرفي. ويقول سلطان أبو علي ان التضخم يمضي الى الاتجاه الأعلى وهذا من شأنه التأثير السلبي على حياة المصري العادي ومعدلات النمو وتكلفة الاستثمار لأنه اذا تجاوز معدل التضخم في أي بلد نقطة معينة يتردد الاستثمار الأجنبي في الدخول حيث لا يضمن أن يحافظ على قيمة الأموال التي دخل بها الى البلد لذلك يجب اتخاذ اجراءات احترازية لمواجهة هذه الموجه التضخمية القادمة التي لن تفلت منها أي من بلدان المنطقة لأنها تعتمد على الخارج في احتياجاتها من الغذاء. ويشير الخبير الاقتصادي رائد علام إلى أن تنامي عجز الموازنة عبر زيادة فاتورة الدعم يؤثر سلبا على خطط التحفيز الاقتصادي التي تطبقها الحكومة للحفاظ على معدل معقول من النمو وقد يؤدي الى توقف العمل في مشروعات البنية التحتية الضخمة والمسؤولة عن الحفاظ على معدل جيد للتشغيل وتوليد فرص العمل. ويؤكد أن الحل يكمن في اتباع اجراءات تقشفية تسهم في خفض الاستهلاك حتى يمكن تلافي هذه الموجه التضخمية التي أصبحت مؤكدة على ضوء تطورات أسعار السلع الرئيسية في البورصات العالمية.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©