الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«رجل أوروبا القوي» يواجه اختبارات صعبة خلال 2011

«رجل أوروبا القوي» يواجه اختبارات صعبة خلال 2011
29 يناير 2011 21:55
ربما تكون الأزمة الأوروبية بمثابة نقمة لسمعة العملة النقدية الأوروبية الموحدة، إلا أنها بالنسبة لألمانيا أهم عضو في الاتحاد النقد الأوربي ثبت أنها نعمة. ورغم اضطرار أعضاء في منطقة اليورو مثل اليونان وايرلندا والبرتغال الى اللجوء لبرامج تقشف شديدة لطمأنة المستثمرين على قدرتها على الوفاء بديونها تعافى اقتصاد ألمانيا سريعاً من ركود عام 2009 مدفوعاً بتعاف ملحوظ لصادراتها الى اقتصادات صاعدة مثل الصين. لن يعترف صراحة سوى القليل من المعنيين في دولة طالما اشتهرت بعملة مستقرة وقوية هي المارك الألماني بأن تضاؤل سعر اليورو ميزة كبرى للمصدرين الألمان. وبعد أن حمل اسم رجل أوروبا المريض في أواخر أربعينيات القرن الماضي، سرعان ما استرد الاقتصاد الألماني قوته تدريجياً ثم تعاظم في الأشهر الاثني عشر الماضية ليغدو القوة المحركة للاتحاد الأوروبي بمعدل نمو 3.6 في المئة هو الأعلى منذ توحيد ألمانيا عام 1990. في ذلك قالت المستشارة أنجيلا ميركل في خطابها بمناسبة العام الجديد: “أدارت ألمانيا الأزمة على نحو أفضل من أي دولة أخرى تقريباً، وقد تعافينا من الأزمة لنعود أقوى من ذي قبل”. هناك العديد من العوامل التي ساهمت في ذلك، من ضمنها القيود الحذرة على الأجور والاتقان الهندسي المعهود والاهتمام الشامل بقطاع الشركات الصغيرة المزدهرة في ألمانيا المسمى ميتلستاند والتركيز على بضائع الاستثمار التي يحتاجها الغير ليصنع منتجاته النهائية. ويضاف الى هذه العوامل بلا شك ضعف اليورو. يؤكد طوماس ماير كبير خبراء الاقتصاد في دويتش بنك أن النمو فيما يبدو سيتراجع الى ما دون 3 في المئة نظراً لتحول الحكومة الألمانية من الحوافز المالية الى عمليات التعزيز الاقتصادي، وبالنظر أيضاً الى أن الاقتصاد الصيني من المنتظر أن يتباطأ، أما إذا استمرت أزمة منطقة اليورو فربما يتبين أنها لن تكون في مصلحة الألمان. ويضيف ماير: “ليس كافياً الاعتماد على الصادرات وحدها، إذ تحتاج ألمانيا الى أن تكون كباق دول اليورو دافعاً للنمو”. وللمرة الأولى من سنوات يحدث بفضل تعاف الاستثمار واستمرار توفير فرص العمل (تقلصت البطالة من 5 ملايين الى 3 ملايين عاطل عن العمل) أن تنمو ثقة المستهلك، إذ يطمح الاقتصاديون الى زيادة الطلب المحلي في ألمانيا عوضاً عن تناقص الصادرات. ويرى ستيفن كامبيتر نائب وزير المالية الألماني أن هناك ما يثبت أن النموذج الألماني يحقق النجاح، إذ قال مؤخراً رداً على المنتقدين الأميركيين لصرامة ميزانية ألمانيا: “إن التعزيز الاقتصادي والنمو يتوافقان معاً، وأنه ليس من الضروري تراكم الديون من أجل الإسراع بالنمو”. غير أن تعافي ألمانيا الاقتصادي ينطوي على انقسام غريب في الاثني عشر شهراً الماضية. وهناك أيضاً قلق على عواقب ذلك الانقسام، ذلك أن تعافي ألمانيا يدفعها الى مركز القائد في الاتحاد الأوروبي وهو مركز لا يرى الساسة الألمان أنه يناسب ألمانيا في الوقت الحالي. ويكمن هذا الانقسام في أن الأداء الاقتصادي الجيد ينبغي أن تواكبه عودة القوة السياسية لحكومة ائتلاف يمين الوسط التي ترأسها ميركل. وهي تواجه ما لا يقل عن سبع انتخابات ولايات في الولايات الاتحادية الستة عشرة العام المقبل. فالتجميعة “السوداء - الصفراء” لحزب الاتحاد الديمقراطي الليبرالي متراجع عن تحالف “الأحمر - الأخضر” البديل المؤلف من الحزب الديمقراطي الاشتراكي يسار الوسط وحزب الخضر المعني بالبيئة. وربما تلحق بالمستشارة هزيمة محرجة في شهر مارس في معقل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي باندنووريمبرج الولاية الجنوب غربية المزدهرة موطن العديد من مصدري ألمانيا الناجحين. وقد شهد الخضر في استطلاعات الرأي خلال الأشهر القليلة الماضية تأييداً شعبياً متزايداً. أما الحزب الديمقراطي الحر فقد تضاءل تأييده دون مستوى 5 في المئة اللازم للفوز بمقاعد سواء في برلمانات الولايات أو في البرلمان الاتحادي. فإن لم تسترد الأحزاب الحاكمة (وخصوصاً الحزب الديمقراطي الحر) قوتها مع مرحلة التعافي الاقتصادي ينبغي على ميركل الاستمرار في مصالحة أحزاب المعارضة لكي تحظى بالمصادقة على أي مبادرات تشريعية أخرى. ومع بزوغ حزب الخضر وحزب لينكي في أقصى اليسار (المعتمد على تأييد التيار الشيوعي في ألمانيا الشرقية السابقة) فإن مصير السياسة الألمانية فيما يبدو سينتهي الى طريق مسدود. كما تعتبر أوروبا عاملاً صعباً آخر. في ذلك قالت المستشارة إن أوروبا تواجه اختباراً صعباً ولابد لنا من تقوية اليورو. إن المسألة لا تقتصر على أنها نقودنا لأن اليورو أكثر كثيراً من مجرد عملة. فأوروبا الموحدة ضمان لسلامنا وحريتنا، واليورو يعتبر أساس ازدهارنا”. إنها رسالة يصعب استيعابها على الناخبين الألمان الذين يكرهون فكرة أن تكون ألمانيا المسؤول الضامن. وقد ثبت صعوبة التفاوض على رد ميركل التي تصر على آلية توازن أوروبية دائمة تضع قواعد أكثر صرامة لاستخدام الميزانيات مقابل ضمانات مالية ألمانية، ولا تحب ألمانيا أن تكون بمثابة المستأسد في الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن المستشارة من توفيق متطلبات ألمانيا مع متطلبات الاتحاد الأوروبي ككل. نقلاً عن فايننشيال تايمز ترجمة عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©