هذا وعيك هذا غيك هذا طغيانك وبغيك، هذا حلمك وهمك وفهمك وعلمك في أن تطأ منازل الحب وأن تفرش الدرب، بأجنحة الفراشات ورائحة القهوة المقندة، ولون العشب.. وللهوى نساك يفيضون، ويستفيضون، ويوفضون ويفضفضون، ويغضون طرفاً وينصرفون لتلاوة ما قبل الأغماض، وما بعد الانفضاض من جلسة سرية عفوية، مع ذات ما ساورها السبات، ولا غضت طرفاً ولا أجفلت جفناً..
هذا مساؤك وأنت المعني بالهوى، أنت الناشد عن قصيد فريد، والمريد قلباً، يخطف ويقطف، ويتلف ويُتلفُ، ويَكْلف ويُكلف ويتلطف، ويدنف، ويعطف، ويعرف أنه المضغة الغضة، وأنه الطفل العابث في سكون الليل، اللابث كأرنب مذعور، في ثنايا الوقت وسجايا المراحل المتلاحقة الساحقة الماحقة، الفائقة في تألقها، وضجيجها وعجيجها، وفجاجتها ورجاجتها.
هذا صباحك، يحثو في عينيك رذاذ الندى ويبلك بالأشواق، وما جنته الأحداث من أشواق وحرقات، تشظت على أثرها جينات الكون، حتى صار الكوكب الدري نجمة خائرة، حائرة في مدارات التيه، وصارت المسألة معضلة، والحلم البهي أشبه بالزلزلة، يقض المضجع ويفجع ويهزع ويقرع أجراس اللوعة، لوجه سكن واستوطن، ثم طار بأجنحة التمرد والتجرد والتبدد والتكبد، تحاول أنت أن تبحث عن معنى أن يكره الإنسان ولا يحب، وأن تسقط ثمرات فؤاده في جب، وأن يخب في درب وعورته، إنه شائه تائه، لا نباهة في أسئلته، ولا مفاصل لفاصلته ولا فواصل لجملته، ولا تواصل لعبارته.. تحاول أنت أن تستفهم لماذا يكره الإنسان ويعرف أن كراهيته نهايته، وبدايته تنتهي ببداية الاستيطان المزري، لذات تتلوى وتتكوى بفراغات مفعمة بكائن بغيض رضيض اسمه الحقد.
تحاول أنت وتستدعي الملائكة والأنبياء والنبلاء والأتقياء، لعلهم يجدون ما يفسر هذا الغليان في قِدر ليس به ماء ولا هواء، لعلهم يحللون وينظرون ويشفون الغليل من هذا العليل، والدليل على أن بعض الكائنات خُلقت من نار، لظاها حبل مسد وحطبها الحقد والحسد.
تحاول أن تتجرد من أنانيتك، وتصالح الذات بحزمة من مشاعر مطهرة من درن وعفن، مغسولة بماء زمزم، تحاول بكل ما أمكن لتقول للعالم، إن الحياة أجمل وأنبل بالحب، لأنه الزهرة التي ترتادها الفراشات، وأنه النبع الذي تورده غزلان الحياة، ولا حياة من دون فراشة تلون المقل، ولا حياة من دون عين غزل تشيع البريق.. تحاول أنت أن تطور نفسك بالحب، تلف قلبك بقماشته الشفيفة، وتجنح للسلام والوئام والانسجام وتقول: سلام سلام سلام، سلام وألف سلام، لمن باحت بالحب وأباحت، عن كلمة هي سر اليقظة، أصل اللحظة حين نفخ الله الروح في أبدان الأنام.. سلام، سلام، سلام عليها بنت التراب، سيدة الكلام، هي البوح هي الجرح، هي النهار السابق للظلام.


marafea@emi.ae